الاثنين الـ 17 من يناير، الحوثيون ينفذون واحدةً من الهجمات النادرة طوال الحرب التي تستهدف الأراضي الإماراتية. أعلنت شرطة أبو ظبي لاحقًا عن اندلاع حريقٍ في منطقة الإنشاءات الجديدة في مطار أبو ظبي وانفجار ثلاثة صهاريج نفطية في منطقة المصفح، فيما أعلنت الإمارات لاحقًا عن تعرضها لضربةٍ بصواريخ وطائراتٍ مسيرة من قبل الحوثيين أسفرت عن مقتل ثلاثة مدنيين. الحوثيون من جهتهم أعلنوا مسؤوليتهم عن العملية في بيان للمتحدث الرسمي باسم قواتهم العسكرية.
مطلع يناير/ كانون الثاني أعلن التحالف عن اختطاف الحوثيين لسفينة الشحن روابي بالقرب من سواحل البحر الأحمر غرب اليمن والتوجه بها نحو ميناء الصليف بمحافظة الحديدة، والتي ادعى التحالف بأنها تحمل على متنها معداتٍ طبيةً متوجهة لجزيرة سقطرى. فيما قال الحوثيون بأنها سفينة شحن تحمل على متنها آليات وأسلحة إماراتية دخلت المياه الإقليمية، ونشروا صورًا لاحقةً لسفينة تضم آلياتٍ عسكريةً وأسلحة عليها شعارات دول التحالف.
في سياق ما سمي بردود الفعل الإماراتي، شن التحالف العربي هجماتٍ جوية مكثفة على أهداف في العاصمة اليمنية صنعاء ومدنٍ أخرى تقع ضمن مناطق سيطرة الحوثيين، ادعى فيها ناطق التحالف بأنها تستهدف قياداتٍ حوثية ومراكز عسكرية تابعةً لهم. وأضاف بأن هذه المناطق كانت مراكز انطلاق للهجمات الحوثية تجاه المملكة العربية السعودية والإمارات، فيما كان هذا حصادها.
حصاد هجمات التحالف
أسفرت الهجمات الجوية المكثفة التي أطلقها التحالف منذ ليل الاثنين الـ 17 من يناير وحتى الـ 22 من يناير عن سقوط ما يزيد على مائتي مدنيٍ بين قتيلٍ وجريح، ضمن استهدافها لمناطق سكنية مكتظةٍ بالسكان في العاصمة صنعاء والحديدة ومدنٍ يمنية أخرى. في صنعاء، كانت الضربة الأولى في منزل العميد عبد الله الجنيد، مدير كلية الطيران السابق، والذي يتهمه التحالف بأنه ضمن القيادات المسؤولة عن عمليات الطيران المسير. قصفت طائرات التحالف منزله في المدينة الليبية المكتظة بالسكان، ليسقط 12 شخصًا من نساء وأطفال أسرة الجنيد قتلى إلى جواره وعشرات الجرحى آخرين في منزله والمنازل المجاورة له. فيما لاقت الضربة استهجانًا واسعًا في الشارع اليمني جراء سقوط ضحايا مدنيين معظمهم نساء وأطفال.
طوال أيام منذ استهداف الحوثيين لمطار أبو ظبي، قامت طائرات التحالف باستهداف عدة أهداف ومنشأتٍ حكومية متفرقة في العاصمة صنعاء
طوال أيام منذ استهداف الحوثيين لمطار أبو ظبي، قامت طائرات التحالف باستهداف عدة أهداف ومنشأتٍ حكومية متفرقة في العاصمة صنعاء، معظمها سبق استهدافه، أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى والقتلى في صفوف المدنيين المجاورين لهذه المنشآت. فيما أفاد مواطنون لـ”مواطن” عن استمرار تحليق طائرات التحالف بكثافة في سماء العاصمة طوال الأيام الماضية.
في الحديدة في الساحل الغربي لليمن، استهدف طيران التحالف مبنى الاتصالات في المدينة الذي يمثل البوابة الدولية لشبكة الإنترنت في اليمن، وأسفر عن سقوط ثلاثة أطفال كانوا يلعبون بجوار المبنى الذي استهدفته الغارات وجرحى آخرين، كما تسبب في انقطاع شبه كامل لشبكة الإنترنت في اليمن. أما في صعدة شمال اليمن، فقد اتهم الحوثيون التحالف بشن غارةٍ على السجن الاحتياطي بالمدينة ونشروا صورًا جوية لمبنى السجن المدمر تمامًا وصورًا للضحايا العالقين في الأنقاض. من جهته أنكر التحالف مسؤوليته عن مجزرة سجن صعدة بتصريحه أنه لم يقم باستهداف السجن. وأفاد المتحدث باسم مكتب الصحة بمحافظة صعدة عن حصرهم لمقتل ما يزيد عن 140 شخصًا وجرح 60 آخرين كحصيلةٍ أولية، فيما تستمر الأرقام في الازدياد مع بقاء العشرات عالقين تحت الأنقاض.
في وقتٍ لاحق، أفاد رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود، أحمد مهات، عن تلقي المستشفى الجمهوري بصعدة وحده ما يزيد عن مئتي جريح، الأمر الذي وصفه بأنه يفوق الطاقة الاستيعابية للمستشفى، مضيفًا بأن المنظمة تبرعت بمعدات طبية عاجلة، إلا أنها لا تعتبر كافيةً أمام الأعداد الكبيرة للضحايا.
ردود الفعل الدولية
عقب إعلان الإمارات وتبني الحوثيين للهجوم على العاصمة الإماراتية أبو ظبي، أدان الأمين العام للأمم المتحدة الهجوم ودعا إلى خفض التصعيد. إلى جانبه تكررت ردود الفعل الإقليمية والدولية التي أدانت الهجوم الحوثي، فيما دعت بعض الأطراف الدولية والإقليمية إعادة تصنيف الحوثيين لقائمة وزارة الخارجية الأميركية للمنظمات الإرهابية، وهو القرار الذي كان قد أقره الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، لتتراجع عنه إدارة الرئيس بايدن إبان توليه الرئاسة العام الماضي، فيما اعتبرته بأنه قد يشكل عائقًا أمام جهود السلام والحل السياسي في اليمن.
وفي سياق ردود الفعل تجاه هجمات الحوثيين، أفاد الرئيس بايدن عن أن قرار إعادة إدراج الحوثيين في قائمة الإرهاب أصبح قيد الدراسة في البيت الأبيض. هذا وتدفع الأطراف اليمنية الأخرى في النزاع ودول التحالف العربي نحو إعادة إدراج الحوثيين كتنظيمٍ إرهابي، فيما سبق ووصفت مجموعة الأزمات الدولية بأن قرارًا مثل هذا سيعقد الأزمة في اليمن أكثر.
أما مجلس الأمن الدولي فقد ندد بالإجماع بهجمات الحوثيين في جلسته الجمعة 21 يناير/كانون الثاني، فيما لم يعلق حول التقارير المتعلقة بسقوط مئات المدنيين جراء غارات التحالف الأخيرة. فيما جدد وزير الخارجية الأميركي في اتصالٍ له الجمعة مع نظيره السعودي التزام الولايات المتحدة بدعم شركائها الخليجيين لتعزيز قدراتهم الدفاعية ضد هجمات الحوثيين.
الجدير ذكره أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنهى تفويض الخبراء الأممين المكلفين للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان أكتوبر الماضي، فيما اتهمت منظمات مجتمع مدني السعودية بإقناع الدول الأعضاء في المجلس للتصويت لرفض تمديد عمل فريق الخبراء للتستر على انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها التحالف في اليمن.