عقد “مواطن كافيه” ندوة حوارية تحت عنوان “إلى متى بدون؟”، بمشاركة الناشط الحقوقي عبدالصمد التميمي، والناشط في قضية البدون محمد البرغش، والمحامي هاني حسين، وبإدارة الكاتب في مواطن بدر النعيمي، وذلك في تاريخ 17 أكتوبر 2021 عبر مساحة تويتر الصوتية Twitter Spaces.
وناقش المشاركون أبرز مستجدات قضية الكويتيين المحرومين من الجنسية بدءً بما يتم طرحه في وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة حول وجود نقاط تفاهم في “الحوار الوطني” المقام حالياً بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بالإضافة إلى مشروع القانون الذي قدمه رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم كحل مقترح لقضية البدون، وموقف القوى السياسية الكويتية في ظل الأزمة السياسية الراهنة تجاه قضية البدون، وذلك بهدف تحليلها وتفكيكها وقراءة مسارات المشهد السياسي – هل يتجه المشهد السياسي نحو حل حقيقي لقضية الكويتيين البدون؟ أم نحو المزيد من التعقيد والتأزيم؟
فيما يتعلق بما طرحته وسائل الإعلام بخصوص وجود ملف البدون كإحدى الملفات قيد النقاش في “الحوار الوطني” بين السلطتين التنفيذية والتشريعية تحت رعاية الديوان الأميري، أشار الناشط محمد البرغش أن الحوار الوطني يعقد “وراء أبواب مغلقة” ولا توجد شفافية حقيقية حول ما يتم مناقشته، وأضاف “لا الحكومة الكويتية ولا أعضاء مجلس الأمة بقدر من الكفاءة اللازمة لحل قضية البدون وإهمالهم لقضية البدون على مدى 70 سنة دليل على عدم كفاءتهم لإدارة البلد.”
كما ركز المشاركون بشكل مفصل على دور الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، الجهة الحكومية المعنية بالتعامل مع فئة البدون وقضاياهم، والانتهاكات الحقوقية التي يمارسها بشكل ممنهج ضد البدون.
وفي هذا الصدد، أوضح المحامي هاني حسين، عبر مستندات كشف عنها، أن “الجهاز المركزي” يعمل على إجبار البدون على القبول بالتجنس بجنسيات دول أخرى يتهمهم بالانتماء لها مثل العراق والسعودية ودول أفريقية عن طريق تزوير مستندات الرسمية والادعاء بتأكيد سفارات تلك الدول صحة المعلومات ما أدى إلى مشاكل على المستوى الدبلوماسي مع بعض هذه الدول.
ومن جانبه، أكد البرغش أن مشروع القانون المقدم من رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم يأتي استكمالاً لسياسة الجهاز المركزي بالادعاء أن البدون يخفون مستندات تثبت انتمائهم إلى جنسية دولة أخرى بهدف التضليل والمطالبة بالتجنس بالجنسية الكويتية، وهو ادعاء “مخالف للواقع”، حسب تعبيره.
الجدير بالذكر أن السياسات التعسفية التي يتبعها “الجهاز المركزي” اليوم تعود إلى ما كشفته وثيقة حكومية سرية نصت على “التضييق” على البدون، على اثرها تم تعديل قانون الإقامة لشرعنة تحويل فئة البدون من فئة تصنف كـ “عديمي الجنسية” إلى “مقيمين بصورة غير قانونية”.
ومن نتائج هذه السياسة، حسب ما صرح به أحد المشاركين في الحوار، أن البدون باتوا يعاملون كقوى عاملة رخيصة بديلة عن العمالة المهاجرة لدى القطاع الخاص (حيث القطاع الحكومي لا يوظف البدون) بفعل الحاجة المادية للوظيفة وصعوبة الحصول على المستندات الرسمية من الجهاز المركزي، ما يدفع البعض منهم للقبول بعمل متدني الأجر والحقوق، أو التوجه إلى العمل في الأعمال الحرة غير مستقرة المدخول.
وتعليقاً على ذلك، يرى التميمي أن مشروع القانون الذي قدمه رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ربط حل قضية البدون بالجهاز المركزي، وهو ما يخالف رغبات البدون لكون الجهاز المركزي، في رأي العديد من البدون، هو المسؤول عن الانتهاكات الممارسة ضدهم. كما أوضح أن مشروع القانون يضفي الشرعية القانونية والسياسية على سياسات الجهاز المركزي التعسفية ويكرس الاتهامات الموجهة للبدون بأنهم يخفون جنسياتهم الحقيقية من أجل التكسب الشخصي. بينما رأى أنه يجب الأخذ بمشروع القانون المقترح من قبل جمعية المحامين الكويتية لأنه اعتمد وصف “عديمي الجنسية” بدل مصطلح الجهاز المركزي “مقيمين بصورة غير قانونية”، وأوجب إنهاء عمل الجهاز وتسليم مسؤولية معالجة أوضاع البدون إلى القضاء.
وأكد التميمي أن البدون “محرومون من الجنسية، وليسوا عديمي الجنسية فحسب”.
كما أضاف البرغش أن تعسف الجهاز قد يصل إلى محاولة الضغط على النشطاء البدون عبر ابتزاز عوائلهم، حيث أشار أن جميع المعاملات الحكومية لأفراد عائلته تم توقيفها تعسفياً بسبب نشاطه السياسي.
فيما يخص مواقف القوى السياسية الكويتية والدور المطلوب منها لإيجاد حل لقضية البدون، رأى البرغش أن القوى السياسية الكويتية ومجلس الأمة والحكومات الكويتية المتعاقبة فشلت على مر عقود من الزمن في حل القضية، وعلى البدون اليوم تحلي المسؤولية الرئيسية في حل قضيتهم وعدم الاعتماد على أطراف أخرى.
ومن جانبه، شدد المحامي هاني حسين على ضرورة اتخاذ جميع سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية مسؤولياتها تجاه حل قضية البدون، حيث أشار أن الجهاز المركزي ينفرد برسم السياسات المفروضة على البدون ودون أن تكون هناك رقابة شعبية أو نيابية فعلية عليه. ورأى أن بسط سلطة القضاء على مسائل الجنسية الخاصة بالبدون والسماح بالتقاضي المباشر لإثبات الضرر وعدم انتساب البدون إلى جنسيات معينة سيكون خطوة ايجابية في حلحلة الأزمة بالنسبة لعدد كبير من البدون.