“وصل حجم تجارة المنشطات الجنسية في مصر خلال عام 2020 إلى ما يقارب 2 مليار جنيه”
لا تتعجب عزيزي القارئ فالرقم السابق وفقًا لإحصائيات رسمية أكدت أن المنشطات الجنسية تمثل 2.82% من حجم سوق الدواء المصري، بشكل أكثر دقة، تم بيع خلال عام 2020 بالضبط 41 مليون و985 ألف و422 علبة منشطات جنسية.
ليس هذا حال مصر فقط، فإذا ذهبنا إلى السعودية سنجدها تصنف السادسة عالميًا على مستوى العالم في استهلاك المنشطات الجنسية، فنسبة استهلاك السعوديين للمنشطات زادت عشرة أضعاف فوق ما يستهلكه الروسيون، رغم أن سكان روسيا أكثر من سكان المملكة بعشرة أضعاف، وحين تُترجم الأرقام والنسب السابقة إلى أموال سنكتشف أن حجم مبيعات المنشطات الجنسية في السعودية يصل إلى نصف مليار ريال سنويًا، وتُصرف 96% من المنشطات دون وصفات طبية.
لكن الأزمة؛ عندما نعلم أن الكثير من الرجال في العالم يشترون المنشطات الجنسية دون أن تكون ذات جدوى لهم، فبحسب الدكتور البريطاني جفري هاكت أخصائي الصحة الجنسية والمسالك البولية، هناك نسبة كبيرة من الرجال الذين يعانون من ضعف الانتصاب يهدرون أموالهم في شراء أشهر منشط جنسي وهو الفياجرا، رغم أن السبب الحقيقي لضعفهم الجنسي قد يكون انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون.
الأمر لا يتوقف عند حدود ضياع المال؛ فأحيانًا يتجاوزه إلى ضياع الصحة، فبعض الأشخاص لا يكون من الآمن لهم أخذ أي منشطات جنسية، وحين يحدث ذلك فالخطر قد يصل إلى الوفاة، لكن من أين أتت إلينا تلك المنشطات؟ وكيف ظهرت في عالمنا؟ سنذهب سويًا للبحث عن الإجابة.
عودة إلى الجذور في كتب التاريخ
عثر الباحثون في التاريخ على إشارات ذات صلة بالمنشطات الجنسية في المصادر التاريخية الطبية الخاصة بالعصور القديمة مثل مصر القديمة واليونان وروما والهند، بالإضافة إلى تواجدها في الكتب الخاصة بالصيدلة لثقافة أفريقيا القديمة وكذلك أمريكا الجنوبية.
على سبيل المثال لطخ قدماء المصريين قضبان الرجال بمزيج من دماء قلوب التماسيح لزيادة الانتصاب، وأكل الصينيون القدماء الأعضاء التناسلية للحيوانات، وشرب عواجيز الرومان السوائل المنوية للشباب بدعوى اكتساب قوتهم الجنسية.
وإذا ما تصفحنا كتب التاريخ سنجد في ترجمات الطبيب المستعرب قسطنطين الإفريقي الذي عاش بين عام 1020 و1087 ميلادية مساحة كبيرة للحديث عن قائمة أطعمة وأدوية تحفز الرغبة الجنسية وتزيد المتعة، اعتمد فيها على الأعمال اليونانية القديمة لأطباء مشاهير مثل جالينوس وابقراط.
ليس ذلك فحسب؛ بل إن ابن سينا الطبيب المسلم المشهور وصف في كتبه الكثير من المواد المثيرة للشهوة الجنسية، والتي كانت سائدة في الشرق الأوسط خلال العصور الوسطى، دون وجود أي استهجان ديني تجاهها.
جاء بعد ذلك عصر تجارة التوابل تحديدًا من سنة 1400 ليشهد انتقال الكثير من الأغذية والمنتجات الطبية من شرق آسيا والهند والشرق الأوسط إلى أوروبا، لذا بدأت المنشطات الجنسية تتواجد على صفحات دساتير الأدوية اللاتينية، لكن ضمن سياقات محددة مثل؛ زيادة الخصوبة وتجديد شباب كبار السن، ومكافحة أعمال السحرة التي تسبب العجز الجنسي.
ويمكن اعتبار مكافحة أعمال السحرة عنصرًا رئيسيًا في انتشار المنشطات الجنسية، فقد انتشرت في فرنسا خلال القرن السابع عشر محاكمة الأشخاص الذين اتهموا بالقيام بأعمال شعوذة تحرم الرجال من قدراتهم الجنسية، من خلال منع انتصاب أعضائهم الذكورية أو إفقادها حرارتها أو حبس تدفق المني منها، لذا كان هناك حاجة لشيء يقاوم تلك الأعمال فظهرت المنشطات.
في البداية كانت الأعشاب والنباتات
قديمًا لم تكن هناك شركات أدوية عالمية تتنافس في إنتاج المنشطات الجنسية، لذا كان اللجوء إلى ما تجود به الطبيعة على الإنسان هو الحل الأول والأخير، لكن العجيب أن النباتات والأعشاب التي استخدمها قدماء البشر أثبتت الأبحاث والدراسات الحديثة كفاءتها في التغلب على الضعف الجنسي، ومن أشهرها:
- الحلبة
شاع عن الحلبة في كتب الطب الهندي استخدامها كعلاج يزيد الرغبة الجنسية، وذلك مفهوم نتيجة احتوائها على مركبات يستخدمها الجسم لإنتاج الهرمونات الجنسية مثل الإستروجين والتستوستيرون، ووفقًا لدراسة علمية أجريت أكد الرجال الذين خضعوا للتجربة وتناولوا 600 ميليغرام من الحلبة يوميًا لمدة 6 أسابيع أنهم وجدوا زيادة في الإثارة الجنسية وتضاعفت مرات وصولهم إلى الرعشة الجنسية، وبحثت دراسة مثيلة في تأثير الحلبة لدى النساء اللواتي كن يعانين من انخفاض الرغبة الجنسية، وتوصلت إلى زيادة الرغبة الجنسية لديهن وارتفاع مستوى الإثارة.
- الفستق
يعد الفستق من أغنى المكسرات بالفوائد الصحية؛ فهو يساعد في خفض ضغط الدم ويقلل خطر الإصابة بأمراض القلب ويحسن الانتصاب أيضًا، فبحسب دراسة علمية تناول فيها الذكور 100 جرام من الفستق يوميًا لمدة 3 أسابيع، ظهر تأثير واضح يتمثل في تحسن أدائهم الجنسي ووصولهم إلى انتصاب أقوى، وربط الباحثون بين هذا التأثير وقدرة الفستق على تحسين نسبة الكوليسترول في الدم وتحفيز تدفقه بشكل أفضل في جميع أنحاء الجسم.
- الزعفران
يعرف عن هذا النوع من التوابل غلاء ثمنه ويستخدم غالبًا في تحسين المزاج وتقليل التوتر، إلى جانب قدرته على تنشيط الأداء الجنسي بالأخص عند من يتناولون مضادات الاكتئاب، فقد توصلت دراسة تناول فيها الرجال 30 ميليغرام من الزعفران يوميًا لأربع أسابيع إلى أن الزعفران يمكن أن يحسن الانتصاب بشكل مؤكد، واُستكملت هذه الدراسة بدراسة أخرى أجريت على النساء وجدت أن الزعفران يمكن أن يساعد من يعانين من انخفاض الإثارة الجنسية ويزيد من إفراز المزلقات الطبيعية لديهن.
- الجنكة
تعتبر الجنكة واحدة من أقدم الأشجار وتستخدم أوراقها بغرض تقوية الأداء الجنسي منذ مئات السنين، وبحسب دراسات علمية أجريت فقد اكتشف الباحثون أن لها تأثيرًا على تحسين الانتصاب، ويزداد تأثيرها عند الرجال الذين يعانون من الضعف الجنسي بسبب تناول أدوية معينة مثل أدوية الاكتئاب، فوفقًا لتجربة علمية أكد 76% من المشاركين أن أدائهم الجنسي تحسن بعد تناولها.
- الجنسنج
يمتد تاريخ الجنسنج في عالم المنشطات الجنسية إلى ألفي عام، فقد ظهر في الطب الصيني والكوري كمقوٍ جنسي عالي التأثير، فهو يزيد من صلابة القضيب ومدة انتصابه ويحسن الرغبة الجنسية، والمثير للاهتمام أنه يمكن استخدامه من جانب الجنسين.
الفياجرا.. الاختراع الذي غير قواعد اللعبة
رغم تربع الفياجرا اليوم على عرش المنشطات الجنسية، إلا أن هناك أمرًا شديد الطرافة، ألا وهو أن عملية اكتشافها لم يكن الغرض منها الجانب الجنسي إطلاقًا، فقد تم تطوير مادة السيلدينافيل وهي المادة الفعالة في الفياجرا بهدف علاج مشكلات القلب والأوعية الدموية، وبعد تجربتها على الحيوانات انطلقت في أوائل التسعينيات التجارب السريرية لها على البشر لقياس مدى فاعليتها.
وجرت الأمور على ما يرام باستثناء شيء غريب ظهر في كون الرجال الذين خضعوا للتجارب كانوا يفضلون الاستلقاء على بطونهم، مما جعل إحدى الممرضات شديدة الملاحظة تحاول الاستفهام عن السبب وراء ذلك، فأخبروها أن توسع الأوعية الدموية لم يكن في القلب إنما في القضيب وهو ما انعكس على حدوث انتصاب أقوى من المعتاد، ما يعني ببساطة أن الدواء عمل بكفاءة عالية لكن في الجزء الخاطئ من الجسم.
بعد ذلك وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في مارس 1998 على استخدام عقار الفياجرا لعلاج ضعف الانتصاب، وكانت النتيجة اقتصاديًا مثيرة للاهتمام، فقد أكد الصيادلة الأمريكيون أنهم صرفوا في الأسابيع التالية للموافقة على العقار أكثر من 40 ألف وصفة طبية له، ورافق انتشار الفياجرا عملية دعائية وصلت إلى حد اعتراف السياسي الأمريكي بوب دول المرشح الرئاسي السابق أنه شارك في تجارب اختبار الفياجر واصفًا إياه بأنه عقار عظيم.
ولم تتح الفياجرا عند ظهورها سوى في أمريكا والبرازيل والمغرب والمكسيك، إلا أن ذلك لم يمنع وجودها في السوق السوداء بالبلدان الأخرى، وقد أشارت صحيفة الواشنطن بوست في إحدى المقالات إلى أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية استخدمت الفياجرا لكسب أصدقاء في أفغانستان، فأصبحت وسيلة مساومة جديدة لكسب الدعم هناك إلى جانب المال.
لكن هناك جانب مظلم للفياجرا فيما يبدو تم التعتيم عليه؛ ففي عام 2000 قدم الدكتور سانجاي كول بحثًا في الجلسة العلمية السنوية التاسعة والأربعين للكلية الأمريكية لأمراض القلب، أشار فيه إلى وفاة 522 مريضًا جراء تناولهم الفياجرا في العام الأول من طرح العقار بالأسواق.
يمكن فهم ما حدث من الصيدلي اللبناني محمد بيضون الذي يصف تأثير الفياجرا قائلًا بأنه يزيد دقات القلب بشكل كبير، ومن الممكن أن يؤدي إلى غثيان وألم شديد في الرأس، وذلك ليس له علاقة بالسن فهناك بحسب الصيدلي اللبناني حالة لشاب ثلاثيني تناول حبة فياغرا واحدة سببت له تقيؤًا وألمًا مستمرًا في الرأس.
واليوم لم تعد الفياجرا وحدها في السوق، فقد تعددت الأسماء لأدوية أخرى لها نفس التأثير والآثار الجانبية أيضًا، مثل دواء سيالس الذي وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام 2003، وينصح الرجال الذين يعانون من مشكلات في القلب أو ضغط دم غير طبيعي بعدم تناوله، وكذلك دواء ستيندرا الذي تمت الموافقة عليه عام 2012 ويؤخذ قبل العلاقة الحميمية بنصف ساعة.
المنشطات الجنسية المجهولة تدخل على الخط
تنتشر في الصيدليات والسوق السوداء الكثير من المنشطات الجنسية المزيفة سواء التي يتم تسويقها باعتبارها فياجرا أصلية وهي ليست كذلك، أو تلك التي تُسوق بأسماء تجارية أخرى مع ادعاء أنها تؤدي إلى تأثير مماثل أو أفضل.
وبحسب تحقيق استقصائي أجرته إحدى الصحف المصرية، ففي مدينة الإسكندرية وحدها وجدوا 33 من 40 صيدلية تعرض منشطات جنسية مجهولة غير مسجلة بوزارة الصحة، ويكون مصدرها إما التهريب من الصين أو الهند أو التصنيع في مصانع محلية غير مرخصة، ويسوق لها عبر الإعلانات المنتشرة على شبكة الإنترنت والفضائيات.
لكن الأمر من الناحية المادية للصيدلي مغري للغاية فربح المنشطات الجنسية المجهولة يصل إلى 800% مقسمة على سلسلة يحصل الصيدلي منها على نصيب الأسد؛ وذلك لمواجهته خطرًا كبيرًا حال ضبط الأدوية، وبحسب أحد الصيادلة فربحه من بيع تلك المنشطات يصل إلى 200%، بينما يتراوح هامش ربحه من وراء بيع المنشطات المحلية بين 50 و70%، أما منتجات الشركات الأجنبية مثل الفياجرا فلا يتجاوز ربحها 21% ما يجعله يتحمس لترويج المنشطات المجهولة.
هذا المكسب المغري يسعى وراءه الصيدلي غير عابئ بالأضرار المحتملة لمستخدمي هذه المنشطات المجهولة، فوفقًا للدكتور السعودي أشرف أبو سمرة استشاري جراحة المسالك البولية والأورام والذكورة، فإن تلك المنشطات تؤدي للإصابة ببعض أنواع السرطانات؛ مثل سرطان البروستاتا والكبد، إلى جانب كونها سببًا قويًا لحدوث العقم نتيجة احتوائها على هرمون الذكورة، ومن أعراضها الجانبية الشائعة الصداع الشديد وآلام العضلات وجلطات القلب والدماغ وهبوط الضغط المفاجئ.
هل هناك منشط جنسي فعال للنساء؟
بما أن الرجال أصبح لديهم أكثر من اختيار ليتغلبوا على الضعف الجنسي فماذا عن النساء؟ ما الذي يمكن أن تفعله المرأة عندما تشعر بانخفاض قدرتها الجنسية؟ السؤال السابق شغل بالفعل عقول القائمين على شركات الأدوية وكانت النتيجة طرح شركة بوهرنجر إنجلهايم عام 2015 دواء فليبانسرين، والذي يعمل بشكل مختلف عن الفياجرا من خلال التأثير في أعصاب وأنسجة الاستقبال الدماغية في الخلايا، مُغيرًا الحوافز باتجاه إرسال انبعاثات عصبية لتحسين الأداء الجنسي، إلى جانب كونه يحجب إنتاج هرمون السيروتونين المسؤول عن تثبيط الدافع الجنسي، ويحفز إفراز هرموني الدوبامين والنويبينفرين المنشطين للدورة الدموية، لكن هذا الدواء رغم سماح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بتداوله، إلا أن صرفه ما زال محدودًا على المصابات اللواتي يعانين من اختلال الرغبة الجنسية الحاد.
لكن فيما يبدو، فإن النتائج الخاصة بتأثير الدواء مبشرة فالنساء اللواتي عولجن به أكدوا أنهن مارسن الجنس بمعدل 2.5 مرة خلال فترة 28 يومًا، مقارنة بـ 1.5 مرة عند النساء اللواتي يعانين من العجز الجنسي ولم يتناولن العقار.
ومن أجل التأكد من فعاليته أعطيت إحدى المريضات وكانت تعاني من العجز الجنسي عقارًا وهميًا لم يكن له أي مفعول رغم جهود تنشيط حياتها الجنسية، وبعد ذلك تناولت دواء فليبانسرين فظهر التأثير الذي تصفه خلال أسبوعين بقولها إنها كانت تستيقظ في منتصف الليل وتعانق زوجها، فالدواء زاد عندها الرغبة في الجنس بنسبة مائة في المائة على حد تعبيرها، إلا أن ذلك لم يمنع وجود بعض الآثار الجانبية مثل النعاس والدوار والغثيان.
اقرأ أيضا:
Wow Thanks for this piece of writing i find it hard to track down decent important information out there when it comes to this material appreciate for the information site
Wow Thanks for this post i find it hard to realize awesome info out there when it comes to this material thank for the blog post site