يصل سعر تذكرة مباراة الافتتاح في بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، إلى 2250 ريال قطري (618 دولار أمريكي) فيما يصل سعر مباراة النهائي إلى 5850 ريال قطري (1607 دولار أمريكي) وهي أسعار ثابتة ومتوفرة على موقع الفيفا الرسمي، ولكن هذه الأسعار الباهظة الثمن ليست هي الوحيدة تكلفة حضور المونديال، فهناك تكلفة السفر والسكن وتكاليف أخرى على الزائرين/ات، فماذا عن المقيمين/ات في البلد؟
ارتفاع الأسعار
فيما يتعلق بأسعار السلع الاستهلاكية الأساسية، أكدت وزارة التجارة القطرية مراقبتها وحفاظها على الأسعار، وهي المنتجات الغذائية والخضراوات والفواكه، وأعلن جهاز التخطيط والإحصاء القطري ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في قطر خلال شهر يوليو/ تموز الماضي بنسبة 4.98% على أساس سنوي، حيث تأثر مؤشر التضخم بارتفاع أسعار 8 مجموعات رئيسية بقيادة الترفيه والثقافة بنسبة 32.38% ثم مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 6%.
أما بالنسبة للعقارات فقد بيّن تقرير “بروبرتي فايندر” ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب على الإيجارات في النصف الأول من العام الجاري، وتفوق حجم الطلب على العرض للمرة الأولى هذا العام، بينما سجلت الاستثمارات في الشقق أعلى مستوياتها على الإطلاق، مما رفع الأسعار في جميع المناطق وأنواع الوحدات السكنية، بسبب مستويات العرض المحدودة؛ فسجل متوسط سعر الوحدة المخصصة للإيجار في الدوحة زيادة بنسبة 23% على أساس سنوي في النصف الأول من العام الجاري، فيما سجلت مدينة الخور زيادة في الأسعار بنسبة 38% في الفترة نفسها. ويأتي ارتفاع الطلب نتيجة اقتراب موعد انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر، حسب التقرير.
كما توقع التقرير أن يكون ارتفاع الأسعار مؤقتًا، مع تراجع طفيف في الطلب خلال العام المقبل، ما يؤدي إلى استقرار مؤشر أسعار الوحدات المخصصة للإيجار. ومن جهة أخرى، يتواصل ارتفاع الطلب على الشقق، وتحديدًا الوحدات المجهزة والمخصصة للإيجارات قصيرة الأمد في الوقت الحالي.
فعاليات ضخمة
قال الفنان البحريني الذي يعمل في “مؤسسة قطر” عثمان خنجي: “لم أحس بأي زيادة في ارتفاع أسعار المعيشة في قطر، كما لم أحس حتى الآن بالازدحام، وقد يكون ذلك راجعًا لمكان إقامتي البعيد عن أماكن إقامة الفعاليات المتعلقة بالمونديال، ولكن بالإمكان أن نحس بأن البلد على أعتاب استقبال حدث ضخم، والعديد من الفعاليات الترفيهية والفنية والمعارض بالإضافة لازدهار المطاعم وقطاع التموين بالكامل”.
وأكد الإعلامي اللبناني جمال كرّيم، الذي يعيش في قطر أنه متحمس لأجواء المونديال: “نحن اليوم في مرحلة التحضير لاستقبال الجماهير، بدأنا نشهد بعض الازدحام، ونتوقع المزيد عندما تبدأ البطولة، ونحس بأن هناك زائرين جددًا بالبلد، ونحن سعيدون/ات بذلك، وبانتظار مشاهد الحياة المختلفة، كما شهدت البلد تحسينات كبيرة بالشوارع والأحياء والبنى التحتية، وهو ما يعني أننا المستفيدين/ات الأكبر لما بعد كأس العالم”.
وأضاف كرّيم خلال حديثه لـ “مواطن”: “كما إننا بانتظار كل الفعاليات المصاحبة لهذا الحدث الكبير، البعض منها أسعاره خيالية، تبدأ من الـ 104 دولار أمريكي، ولكن بالتأكيد هناك فعاليات وحفلات مجانية أو بأسعار معقولة للجميع”. أما بالنسبة للأسعار بشكل عام فقال: “ارتفعت الأسعار كثيرًا، ولكن الرقابة تتدخل وتحاول ضبط الموضوع، شهدنا ارتفاعًا في الأسعار في السوبر ماركت والمطاعم ولو طفيف، ولكن هذا الارتفاع يؤثر على بعض العائلات بالطبع”.
العقار نار
وأكد كرّيم ارتفاع أسعار إيجارات البيوت والشقق، “حتى أن بعض المباني والشركات العقارية طلبت إخلاء البيوت أو الرضوخ لشروط جديدة تتضمن زيادة الإيجار وتمديد فترة العقود من سنة إلى سنتين لضمان الربح، ولكن القطاع شهد رقابة أيضًا من الدولة وبدأت هذه الظاهرة في التلاشي”. ويرى جمال كرّيم أنه من الطبيعي أن ترتفع الأسعار في هكذا مناسبات؛ “سواء كانت هذه الفعالية في قطر أو غير قطر، والذي يعود لطبيعة الإنسان الجشعة”.
وهو ما يؤكد عليه البحريني أحمد الحربان الذي يعيش في قطر: “ارتفعت أسعار تأجير الشقق قبل عام تقريبًا؛ فالشقة التي كانت تؤجر بـ 5000 ريال (1374 دولار أمريكي) شهريًا مثلاً قفزت إلى 6000 ريال (1648 دولار أمريكي)، وكان هناك شح في المعروض، أما الآن فأسعار تأجير الشقق تضاعفت، ولكن نحن المقيمين/ات لا نشعر به لأننا عادة ما نؤجر بعقود سنوية، هذه العقود لم تتأثر بالارتفاعات الحالية، إلا في حالات نادرة، أنهى المؤجرون العقود التي تتيح لهم الحق في ذلك، وطلبوا من السكان إخلاء المبنى لكي يؤجروه لضيوف المونديال بأسعار مضاعفة، ولكن هذه حالات نادرة جدًا”.
وهذا أيضًا ما ذكره خنجي خلال حديثه لـ “مواطن”: “شهدت قطر ارتفاعًا مهولاً في أسعار العقارات، فمُلّاك العقارات رفعوا أسعار الإيجارات للانتفاع من زوار المونديال، ولكن البعض منهم/ن رفعوها بشكل غير طبيعي، وهذا ما تسبب بأزمة للأشخاص الذين يبحثون عن مسكن في الوقت الحالي في قطر، قد يتغير ذلك بعد المونديال، ولكن لمدة عام هناك أزمة في توفر الشقق والبيوت ما عدا تلك ذات الأسعار المرتفعة جدًا”.
ازدحامات متوقعة
ويرى الحربان، الذي يعمل في قطاع العلاقات العامة في قطر، “أن الأجواء على أعتاب استضافة المونديال رائعة جدًا، والعمل في بعض المواقع على قدم وساق لإنهاء تشطيبات أخيرة، وتشهد بعض الفعاليات والمهرجانات التي يتم تنظيمها الآن حضورًا كثيفًا مع اعتدال الجو، يبدو أن المونديال نقطة تحول في انفتاح هذا البلد أكثر؛ فلم نشهد سابقًا مثل هذه الاحتفالات والفعاليات في الأماكن العامة وبحضور المواطنين والمقيمين”.
وأضاف في حديث لـ “مواطن”: “كنا نتوقع أن الازدحام سيكون شديدًا بعد إغلاق عدد من الطرق الرئيسية، وعلى رأسها الكورنيش، إلا أن الناس اختارت الطرق البديلة سريعًا، وعدد غير قليل بدأ في استخدام المترو للوصول إلى وسط المدينة تجنبًا لأي ازدحام محتمل، كما أن افتتاح عدد من المشاريع الجديدة خفف أيضًا من الازدحامات المحتملة، منها درب لوسيل، والمجمع التجاري الأكبر والأحدث، بلاس فاندوم”.
أما اللبناني خبير الاتصالات وائل نسيم الذي يعيش في قطر قال لـ “مواطن”: “أدى إغلاق بعض المناطق خلال فترة كأس العالم وتغيير دوام المدارس والدوائر الرسمية من السابعة صباحًا وحتى الثانية عشرة، إلى أزمة سير خانقة، كما زادت أسعار الشقق السكنية 20٪ وأيضًا تكاليف المعيشة وارتفعت أسعار المأكولات في المطاعم”.
زيادة العرض
وبيّن الحربان: “هناك ازدياد ملحوظ جدًا في بعض الوافدين العرب، الذين استقدمتهم شركات كبرى للعمل خلال المونديال، منها المتعلقة بتشغيل المطار، وفي قطاع الضيافة والفندقة”.
وعن الأسعار قال: “لم ألحظ ارتفاعًا في الأسعار، وعندما تم إغلاق الكورنيش في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، قفزت أسعار سيارات الأجرة أوبر إلى ثلاثة أضعاف تقريبًا نظرًا للضغط المفاجئ على الطلب، إلا أنه سريعًا وفي نفس اليوم أو اليوم الذي يليه، أعلنت الشركة عن فتح الباب لمن يمتلك سيارة، أو لديه سيارة لا يمانع صاحبها أو الشركة المالكة لها (شركات الليموزين) من استخدامها من قبل السائق، على أن يملك رخصة قيادة محلية، فتحت له الشركة الباب لأن ينضم للتطبيق كسائق ليخفف من الضغط ويستفيد ماديًا من هذه المناسبة، كما أن أسعار المطاعم والمقاهي التي أرتادها عادة، لم تتغير، حتى الآن على الأقل”.
سيحضر أحمد مباراة تونس وفرنسا مع عائلته التي ستأتي من البحرين لحضور المباراة والاستمتاع بأجواء المونديال في قطر. كذلك هالة، اللبنانية التي تعيش في قطر وتعمل في القطاع الصحي ستحضر مباراتين، وقد قامت بشراء التذاكر بسلاسة، وقالت عن الأجواء: “نلاحظ تدفقًا للأشخاص من جنسيات مختلفة؛ سواء كانوا من المتابعين/ات للمباريات أو أشخاصًا يعملون في هذا الحدث، وهذا ما أدى إلى بعض الازدحام في حركة المرور أكثر من المعتاد، ولكن لا يزال تحت السيطرة”. واتفقت هالة مع بقية الذين تحدثوا مع “مواطن” بأن هناك ارتفاعًا للأسعار، “وخاصة إيجارات المساكن وكان ذلك ملحوظًا جدًا.
وفي حديثه قال نسيم: “بشكل عام، قطر بلد غالي، والأنشطة العائلية والترفيهية فيها تكلف كثيرًا، حتى إنه في بعض الأحيان تبلغ تكلفة زيارة بلداننا وقضاء وقت مع العائلة أرخص من قضائها في قطر”.
صرفت قطر ما مقداره 300 مليار دولار لبناء مستلزمات الدورة والبنية التحتية، عن ذلك يقول محمد إسلام، المصري الذي يعمل في القطاع المالي في قطر: "قطر مستعدة لاستقبال الحدث الكبير؛ فالشوارع كلها جديدة، تم إنشاء عدد ضخم من الجسور والشوارع لتستقبل الأعداد الكبيرة للزائرين/ات، بالإضافة للمترو، كما أن البلد في حالة تأهب، نرى الأعلام وشعار الدورة في كل مكان، ولا فتات الترحيب، كما تستعد لاستضافة الحفلات والعروض لفنانين/ات من كل أنحاء العالم".
ولم يشهد إسلام أي ارتفاع في الأسعار، ويرى بأن قطر خططت لاستضافة هذه الفعالية على أكمل وجه، وتمنى أن تكون أفضل نسخة من المونديال الذي تتشرف بلد عربي باستضافتها، حسب تعبيره. وبيّن أنه لا يتابع كرة القدم عادة، ولكنه ينوي الاستمتاع بالأجواء وخصوصًا في قرى المشجعين التي ستضم الكثير من الفعاليات هو وعائلته.
بروفات مصغرة
وقال إسلام إن قطر تفوقت على نفسها خلال استضافة بطولة كأس العرب العام الماضي، وهي بذلك كانت تستعد لاستضافة هذا الحدث الأهم والأكبر. وهو ما تتفق معه فيه أميرة رضي، الفنانة البحرينية التي تعيش في قطر والتي قالت لـ “مواطن”: “في السنوات الأخيرة وبطريقة ما، شهدنا عدة استضافات رياضية وثقافية في الدولة، وكانت بمثابة بروفات مصغرة تجهزنا لهذا الحدث الأكبر، واليوم نعيش الحدث الأساسي بأجواء حماسية واحتفالية”.
وقالت: “التغييرات أتت بصورة تدريجية هناك بعض العوامل التي ساهمت في ذلك، بالنسبة للزحمة، اعتدنا على الإغلاقات المرورية منذ 10 سنوات تقريبًا، وذلك بسبب تركيز الجهات المختصة على البنية التحتية في وقت قياسي وبشكل جذري، أما بالنسبة للجنسيات، فقد لاحظت ازدياد تواجدهم بشكل كبير وأساسي في جميع القطاعات مقارنةً بالسابق، وانا متأكدة أن هذا التنوع الثقافي يصب في مصلحة الدولة بالرغم من بعض التحديات الاخلاقية، وحتى الدينية بالنسبة للبعض كون المجتمع القطري فيما سبق مجتمع محافظ ونوعًا ما منغلق”.
وتشير “رضي” إلى أن “ارتفاع الأسعار أصبح خياليًا في بعض الأوقات، وبالرغم من صعوبته على المقيمين/ات على هذه الأرض أكثر من المواطنين/ات؛ إلا أنه ساهم وبشكل ملحوظ في تركيز الأفراد على القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة، فقد لا يستفيد المقيم 100٪ من هذه المشاريع؛ إذ لا تزال هناك بعض العوائق الاستثمارية للمقيمين/ات لكنها قد توفر فرصًا بشكل مختلف وعقود حرة، ونأمل أن تعود الاسعار إلى ما كانت عليه قبل فترة كأس العالم؛ وبالأخص في القطاع العقاري”. وأضافت رضي إنها ستشارك في المونديال رغم اهتمامها الضئيل بهذه الرياضة، “سيقتصر حضوري على مناطق المشجعين المنتشرة حول البلاد، ومن تجربة سابقة في حضور مناطق المشجعين لبطولات استضافتها قطر سابقًا، هذه المساحات لا تقل حماسًا عن الملاعب”.
على الرغم من الصعوبات التي قد تواجه المقيمين/ات في قطر بسبب الازدحامات المرورية أو ارتفاع الأسعار، إلا أن الجميع متحمس للمشاركة في هذا الحدث الرياضي الضخم الذي يستضيفه بلد عربي للمرة الأولى في تاريخ البطولة.