لم أكن مثل البقية ممن هم في سني أثناء فترة المراهقة، وعندما كان يتحدث الأصدقاء فيما بينهم عن الأفلام ومقاطع الفيديو الجنسية التي يتداولونها، لم أكن مهتمة، ولم أشعر بأي حماس للاطلاع مثلهم على هذه الأمور. لم أدرك وقتها أن اهتماماتي المختلفة، تعني بأنني سأكون ضمن مجتمع اللاجنسيين.
كانت اهتماماتي تدور حول التحصيل العلمي والرياضة والموسيقى، بينما كانت صديقاتي منشغلات بقصص الحب والجاذبية للجنس الآخر، والأحاديث عن الجنس، الاكتشاف الجديد لمن هم في هذا السن.
اللاجنسية، توجه جنسي كالمثلية وثنائية الجنس ومغايري الجنس، تعني قلة أو انعدام الانجذاب الجنسي لأي من الجنسين، عدم الاهتمام بالرغبة الجنسية، أو الاكتفاء باللمسات والاحتضان والقبلات كنوع من الحميمة.
قد يخطر في ذهن البعض عند سماعهم باللاجنسية أول مرة، بأنها مرادف للعفة أو التبتل، وهي فكرة مغلوطة؛ فالعفة والتبتل هما نتاج قرار واعٍ من الشخص بعدم ممارسة الجنس.
اللاجنسية، واكتشافي لها
بدأت اكتشاف نفسي في العام الأول من الجامعة عندما أفصح زميلي عن رغبته في الارتباط بي، لم أهتم وقتها ورفضت اقترابه مني، وكان في داخلي تدور تساؤلات، لماذا لا أخوض هذه التجربة؟ لماذا لا أكون مثل الباقين!
لم يكن الرفض الأخير، لتقرب أحدهم مني، ومع تكرار مواقف الانجذاب من الجنس الآخر، واستمرار موقفي الرافض، توجهت إلى شبكة الإنترنت، كتبت في محرك البحث عدم الانجذاب الجنسي، والذي كان شعوري الدائم والمسيطر علي.
ومع البحث تعرفت على ما يعرف باللاجنسية، وجدت مقالات عنها وتجارب لاجنسيين، وهو ما كان يتطابق مع ما أشعر به. كنت في بعض الحيرة إلى أن تيقنت من خلال اختبار “هل أنا لا جنسية؟”
ماذا لو قمت بالمصارحة وإعلان توجهي اللاجنسي؟. أحاول تخيل كم التقليل والتنمر مني ومهاجمتي، كما لو قامت قيامتي، وبدأ وقت حسابي.
كان الاختبار عبارة عن مجموعة من الأسئلة، باختيارات محددة للإجابة، ومقابل كل اختيار هناك عدد من النقاط يحتسب، وطبقًا للمجموع النهائي، يتم تحديد توجهك بناء على إجابتك للأسئلة.
جاءت الأسئلة من نوعية، ماذا تشعر عند رؤية شخص جذاب للجميع؟ وكيف تتفاعل مع الأحاديث الجنسية في الفصل المدرسي؟ وماذا لو بقيت عذراء مدى الحياة؟ وعدد من الأسئلة الأخرى المتعلقة بالجنس عامة والعلاقات.
“ربما تكون الشخص الذي يشعر بنقص في الانجذاب أو الرغبة الجنسية؛ هذا ليس سيئًا! كل ما في الأمر أنك قد تشعر أحيانًا بعدم الاندماج بسبب الطبيعة الجنسية المفرطة لوسائل الإعلام”. وجدت هذه الكلمات في مقدمة الاختبار، وكانت تعبر عن حالي كثيرًا، كنت لا أشعر بالاندماج مع من حولي، حائرة لا أعرف أن كان هذا أمرا سيئًا أم جيدًا.
كانت نتيجة الاختبار أنني نصف جنسية؛ أي أنني لن أدخل في علاقة كاملة، ما لم أشعر بارتباط قوي عاطفيًا مع هذا الشخص، لا أعتقد أن الاختبارات الالكترونية كافية لتحديد هوية الشخص، وأن الطبيب النفسي قادر على تقديم مساعدة أكبر وتوجيه وإرشاد.
عن نفسي لم أذهب إلى الطبيب النفسي لمساعدتي أكثر في اكتشاف هويتي، أؤجل تلك الخطوة لاعتبارات شخصية؛ فليس بالأمر اليسير أن أكشف لأهلي ومجتمعي اختلافي عنهم.
فتاة منعزلة مثلي، يقترب عمرها من أواخر العشرين، في مجتمع يعتبر الزواج والإنجاب غاية، لن تكون المواجهة سهلة، ماذا لو قمت بالمصارحة وإعلان توجهي، أحاول تخيل كم التقليل والتنمر مني ومهاجمتي، كما لو قامت قيامتي، وبدأ وقت حسابي.
الحب بالنسبة لي لا يعادل الجنس، ولا أعرف هل يعطيني المجتمع والعائلة والأصدقاء والشركاء حق تقرير مصيري بالطريقة التي خلقت عليها؟
يمكن أن يقوموا بعلاجي، مع أنني لست مريضة؛ بل الأصعب، ماذا لو تم إجباري على الزواج، وتيسير اغتصابي يوميًا بغطاء شرعي على ذنب لم أقترفه، ذنب الاختلاف.
جل ما أريده أن أجعل الاعتراف باللاجنسية، أمرًا يسيرًا، أريد أن أتحلى بالجرأة اللازمة للقول، دون أن يتم اعتباري معقدة أو بحاجة إلى العلاج.
كـ "لاجنسية". هل يمكنني خوض علاقة؟
حاولت خوض علاقة بالفعل، أبدى أحد الأشخاص إعجابه بي، وقلت نعم للتجربة، كنت أحاول اختبار ذاتي وتصرفاتي مع توجهي، لكن الارتباك كان سيد الموقف، ولم أملك الجرأة أبدًا لكشف ميلي اللاجنسي.
الحب بالنسبة لي لا يعادل الجنس، ولا أعرف هل يعطيني المجتمع والعائلة والأصدقاء والشركاء حق تقرير مصيري بالطريقة التي خلقت عليها؟ ظللت مكبلة لا أستطيع البوح بحقيقتي، ولا أعرف متى يمكنني أن أبوح بما داخلي؟
أنا لست ضد العلاقات، لكن ما احتاجه هو التواصل الصريح والثقة، أحتاج إلى التواصل المنفتح مع شريكي إن وجد، حول هويتي اللاجنسية، بلا خجل، بلا خوف.
يشعر بعض اللاجنسين في مرات نادرة وحالات خاصة بالانجذاب الجنسي، وينتمون لما يعرف بالرمادية الجنسية، بينما قد يشعر البعض منهم بالانجذاب إثر العلاقات الجنسية الطويلة، وهم فئة النصف لاجنسين.
كوني لا جنسية لا يعني غياب الانجذاب الجنسي، تمامًا؛ فقط الانجذاب الجنسي بالنسبة لي هو الشعور بالدفء، هذا الشعور الذي أختبره بعد أن أصبح في علاقة مقربة جدًا.
على الرغم من أنه لا مانع لدي من الارتباط والزواج بشخص متفهم وواعٍ، لديه القدرة على أن نبني معًا أرضية مشتركة للمضي قدمًا، إلا أن لدي مخاوف جمة من أن يفرض علي أمر الزواج، ولكن أدرك إذا حاول شخص فرض الأمر علي بدون وجه حق، وصادر حقي في اختيار نمط الحياة التي أريدها لذاتي، إنني سأكون قادرة على المواجهة، أو أتمنى أنني سأكون كذلك.
يختلف مفهوم اللاجنسية عن اللا إنجابية، ولا يشترط بالضرورة أن يكون لدى اللاجنسيين موقف معين تجاه الإنجاب، أو خوض العلاقات.
ترعرت في مجتمع يعتبر الحديث عن الجنس “تابو؛، مع إن كل حياتهم تدور حوله، وهو أكثر ما يتحدثون عنه بالخفاء، شخصيًا لا أملك موقفًا سلبيًا من الجنس عامة، ولم أمارسه لأن لي توجهات تخصني، لكن بصفتي اللاجنسية؛ فتفكيري فيه ذو ندرة؛ لكن مجتمعي لن يقبل مني هذا التوجه الجنسي، وها أنا أنتظر الوقت المناسب الذي يمكنني العيش فيه بين مجتمعي، وعلى طبيعتي، ومثلما أشعر، ومثلما أكون.
أحترم هويتك اللاجنسية جداً وطبعاً حقك الا تقدمي علي الزواج أبداً لا تفعلي الا ما تريديه ولا تأبهي للمجتمع واسمعي فقط صوت عقلك
Hi there! Just wanted to let you know how much I enjoyed reading this post. Your approach to the subject was unique and informative. It’s clear that you put a lot of effort into your writing. Keep up the great work, and I can’t wait to see what else you have in store.