كاثرين هارينجتون، مديرة الحملة العالمية للمساواة في حقوق الجنسية.
لجميع البشر الحق في أن يعاملوا على قدم المساواة دون تمييز على أساس نوع جنسهم، ولا يلزم تقديم أي مبرر آخر لدعم المساواة بين الجنسين خارج نطاق الكرامة الإنسانية لكلّ شخص. وفي الوقت نفسه، نعلم أن المساواة بين الجنسين ليست فقط قضية عادلة؛ بل هي في الواقع تصب في مصلحة المجتمع بأكمله. وسواء تم النظر إليه من منظور اقتصادي أو أمني أو اجتماعي؛ فالدليل واضح على أن المجتمعات التي تدعم المواطنة المتساوية للرجل والمرأة، وتعزز الاندماج، هي التي تحمل في طياتها أكبر قدر من الأمل لتحقيق الازدهار والاستقرار والرفاهية لسكانها.
إنّ الثمن الذي يدفعه الكثير من الأفراد والمجتمعات ككلّ نتيجة التمييز بين الجنسين الوارد في القوانين المتعلقة بالجنسية، قد وُثِق بوضوح؛ فعدم تكافؤ قدرة المرأة على منح الجنسية إلى أطفالها يؤدي إلى معاناة وتهميش لا داعي لهما، فكم من مراهق سيعجز عن تحقيق أحلامه المهنية بسبب حرمان غير المواطنين من الفرص التعليمية، وكم من الأزواج الشباب الذين يحلمون ببناء أسرة، لكنهم يخشون من التهميش الذي سيواجه أطفالهم في المستقبل، كما أن القوانين الخاصة بالجنسية التي تميز بين الجنسين تشكل عائقًا أمام البلدان حين تمنع أطفال المواطنين من المساهمة الكاملة في تنمية البلد الذي يطلقون عليه موطنهم.
يمكننا أن نرى بوضوح كيف استطاعت الإصلاحات الداعمة للمساواة بين المرأة والرجل في إعطاء الجنسية داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن تفيد المجتمعات وأن تؤكد على مبادئ المواطنة المتساوية المكرسة في الدساتير، وأن تحترم التعهدات التي ترعاها الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. كما يمكننا أيضًا أن نلمس الآثار المأساوية للتمييز الجنسي في القوانين الخاصة بالجنسية في عدد من البلدان في مختلف أنحاء المنطقة؛ إذ يؤدي التمييز الجنسي في القوانين الخاصة بالجنسية إلى عنفٍ قائم على نوع الجنس، ويزيد من ضعف السكان المشردين والمتأثرين بالصراعات، كما يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر والشعور باليأس.
كم من الأزواج الشباب الذين يحلمون ببناء أسرة، لكنهم يخشون من التهميش الذي سيواجه أطفالهم في المستقبل
يفرض التنوع بين البلدان الواقعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فرصًا وتحديات مختلفة تحدد مسارها في المستقبل، ولا يهم أي مسارٍ سيختارونه لتحقيق السلام والعدالة والازدهار المستدام، طالما سيؤدي ذلك المسار إلى مكان تُحترم فيه قوانين الجنسية المواطنة المتساوية بين المرأة والرجل، ويكون أطفال المواطنين مرحّبًا بهم كأعضاء في الأسرة الوطنية على قدم المساواة.
غالبًا ما يكون الإصلاح القانوني أمرًا صعبًا بعض الشيء، لكن عندما ننظر إلى المشكلات التي تواجه العالم ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وجه الخصوص اليوم؛ فالكثير من هذه المشكلات تتطلب حلولًا صعبة وموارد كثيرة لحلّها، إلا أنها ليست المسألة عندما يأتي الأمر إلى الضرر والمعاناة الناجمين عن التمييز الجنسي في قوانين الجنسية؛ فهذه المشكلات هي من صنع الإنسان، وتعود جذورها إلى حدٍّ كبير إلى الإرث الاستعماري، لذلك يمكن حلّها دون الحاجة إلى موارد مالية كبيرة أو دراساتٍ مكثفة لإيجاد الحلول. وقد كانت البلدان التي سنت تلك الإصلاحات بالفعل، خيرَ دليلٍ على ذلك؛ فكل ما نحتاجه هو الإرادة السياسية وحسب.
وقد أبدى القادة السياسيون مسبقًا هذه الإرادة في عدة سياقات، كما يسعى الأشخاص المتضررون وفئات المجتمع المدني بلا كلل، ليعي صانعو القرار بشكل أكثر الضررَ الناجم عن التمييز الجنسي في قوانين الجنسية والفائدة الكبرى للإصلاح. لكن ما دامت قوانين الجنسية التي تميز بين الجنسين موجودة؛ سيعاني المزيد من الناس دون داعٍ. لقد حان الوقت للتعاون بشكلٍ عاجل من أجل وضع قوانين الجنسية التي تساوي بين الجنسين.
سنواصل في الحملة العالمية للمساواة في حقوق الجنسية عملنا مع الأشخاص المتضررين والمجتمع المدني وصانعي القرار والجهات المعنية الأخرى من أجل بلوغ عالم تدعم فيه قوانين الجنسية جميعها المواطنة المتساوية للمرأة والرجل على حدٍّ سواء. ونحن ندعوكم للانضمام لنا.