لجأ حسين الحكمي -اسم مستعار-، وهو ثلاثيني سعودي الجنسية، لأحد التطبيقات المعروفة باسم “الخاطبة للزواج الإسلامي” رغبة منه في البحث عن عروس تناسبه، لكنه بعد محاولات استمرت لأيام وجد أن كل ضغطة زر تتطلب سداد اشتراك يقدر بـ 215 ريال سعودي، وهو ما لا يتناسب مع قدراته المادية، يصف الحكمي تجربته لـ”مواطن” بـ”السيئة للغاية” قائلًا: “يفترض أن يطلق التطبيق ثلاث رسائل مجانية، بعد ذلك يطبق مدشنو التطبيق تسعيرتهم والتي أجدها مبالغًا فيها بما يفوق قدرة الكثيرين. بينما وصف أحمد عبد الله، سعودي الجنسية، تجربته بالسيئة أيضًا وأنها أداة نصب واحتيال من أجل المال على حد وصفه دون تقديم خدمة، متسائلاً: “هل يعقل أن يكون مبلغ الاشتراك 215 ريالاً وكل ضغطة زر يشترط دفع مبلغ كبير؟؟
يعرف مدشنو تطبيق الخاطبة أنفسهم بأنهم: “أول تطبيق لزواج المسلمين في العالم، أطلق ليراعي عاداتنا وتقاليدنا حسب وصفهم، كما يعرفون أنفسهم بأنهم أول وأنجح تطبيق زواج للمسلمين يهدف إلى توفير مناخ تعارف جاد وزواج شرعي معلن لمستخدميه؛ حيث يقوم خبراء في العلاقات الزوجية والمبرمجين في مساعدة مستخدمي التطبيق من شباب وبنات مسلمين في الخليج ومختلف الدول الإسلامية على إيجاد شريك حياة، دون الحاجة إلى أرقام خطابات ممن حولهم.
لم يكن تطبيق الخاطبة الوحيد الذي اتخذ من الدين شعارًا له؛ فقد انتشرت خلال السنوات الماضية تطبيقات للزواج مؤخرًا عبر المتجر يمكن لحامل الهاتف المحمول نسخة الأندرويد أو الآيفون تحميله والبحث عن عروس من خلاله، ولكن بمقابل مادي؛ فهناك العديد من الصفحات والمجموعات التي انتشرت على فيسبوك كـ”الخاطبة أونلاين للتعارف والزواج الحلال” ، إلى جانب انتشار العديد من الحسابات التي حملت أسماء عدة عبر تطبيق تويتر كـ” الخطابة، والخاطبة أم عمر” والتي تتقاضى عربون 200 ريال للجدية وبعد الزواج 3000 ريال، والخاطبة أم محمد للزواج المعلن والمسيار سري وشرعي الخاطبة أم محمود للشيوخ ورجال الأعمال وتتقاضى ذات أتعاب أم محمد، وتلك التطبيقات أو الحسابات يلجأ إليها الكثير من الشباب والفتيات الراغبين في الزواج، حيث يقومون بتعبئة بياناتهم ولكن بمقابل مادي مبالغ فيه، كتطبيق الخاطبة الذي يبلغ مقابل الاشتراك فيه 215 ريالاً، وفقًا لمستخدمي لتلك التطبيقات أكدوا تعرضهم للنصب الإلكتروني تحت مسمى الزواج الإسلامي، وانتشرت تلك التطبيقات إلى حد كبير في دول الخليج العربي ومصر.
هذا التطبيق لا يسمح لك بإرسال أو استقبال رسائل غير بشحن مبلغ مالي، كما أن الباركود الذي يعلنه القائمون على التطبيق للولوج إليه في أغلب الأوقات غير صحيح، أما المستخدمون المتواجدون عليه فأغلبهم تافهون وكاذبون
علي الدرويش قطري الجنسية، اتفق هو الآخر مع الحكمي قائلًا: “تكلفة الاشتراك مرتفعة للغاية والحسابات مزيفة، وهو ما يعد احتيالاً، والمرأة لا تدفع ثمن الاشتراك؛ بل الرجل فحسب، كما أنه لا يستطيع مشاهدة صور النساء حتى بعد دفع الاشتراك؛ فصورهن محمية.
لم يكن شباب الخليج وحدهم من استخدموا تلك التطبيقات أو لجأوا لتلك الصفحات؛ فهناك مصريون أيضًا، من بين هؤلاء حسين محمد “اسم مستعار” 40 عامًا، طرق كافة الأبواب بحثًا عن عروس تناسبه، وكلما طرق بابًا وجد إحداهن تشترط شراء شبكة بما يتجاوز الـ100 ألف جنيه، بينما تشترط الأخرى حصوله على الشهادة الجامعية، وهو نجار يعمل بمنطقة المناصرة في محافظة القاهرة العاصمة المصرية حتى فقد الأمل، بحث حسين على الشبكة العنكبوتية الفيس بوك لعله يجد حب عمره والعروس المناسبة له؛ فلم يعد يشغل باله إلا تكوين أسرة، حتى دخل على صفحة خاطبة في المملكة العربية السعودية منحها بياناته وأوصاف العروس التي يرغبها، مر خمسة أشهر دون أن ترد عليه حتى علم أن أغلب تلك الصفحات وتطبيقات الزواج عبر المتجر ما هي إلا أدوات نصب بشكل أو بآخر، قرر أن يعزف عن استخدام تلك الوسائل مجددًا ليطلب من والدته وشقيقاته أن تبحث له عن عروس مناسبة ليتزوج بطريقة “جواز الصالونات”.
عادل حسين مصري الجنسية مقيم في روسيا حاليًا، لجأ هو الآخر لتطبيق الخاطبة الشهير في دول الخليج، يصفه بالتطبيق المبتز ماديًا قائلًا: “هذا التطبيق لا يسمح لك بإرسال أو استقبال رسائل غير بشحن مبلغ مالي، كما أن الباركود الذي يعلنه القائمون على التطبيق للولوج إليه في أغلب الأوقات غير صحيح، أما المستخدمون المتواجدون عليه فأغلبهم تافهون وكاذبون -على حد وصفه-. تجربة عادل لم تدم طويلاً؛ فبعد أن قام بتحميله قبل عام وجد أنه غير مجدٍ، والهدف منه جمع المال وليس تزويج الشباب المسلم كما يعلن عن نفسه، لذا قام بإزالته من على هاتفه المحمول ولم يعد يستخدمه مجددًا.
في حديثها لـ” مواطن” تقول الدكتورة نوران فؤاد أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس وعضو اتحاد كتاب مصر إن بعض الشباب العربي يلجؤون لتطبيقات الزواج بحثًا عن الشريك المتوافق معهم علميًا واجتماعيًا، أو المتكامل معهم رغبة في تكوين أسرة، في السابق ظهرت مكاتب الزواج في مصر، وكان البعض يتعرض للنصب من خلالها، أما الآن تطور الأمر لظهور تطبيقات الهواتف والبعض أيضًا يلجأ لوضع بيانات وصور غير صحيحة، إن كانت تلك التطبيقات وسيلة للتعارف لكن لابد من لقاء الطرفين بعضهما ببعض، وعن فكرة الصبغة الدينية التي تتخذها بعض التطبيقات، تقول نوران: “القيم الدينية جزء من صورة الأسرة وليست الصورة كاملة؛ حيث يتم استمالة الشباب تحت شعار الصبغة الدينية، في وقت نحن مجتمع يحوي المسلمين وغير المسلمين”، وترى خبيرة علم الاجتماع “أن مثل تلك التطبيقات إن لم تصمم لصالح أسرة تضيف للمجتمع فحسب، واستهدفت الربح المبالغ فيه فلن تنجح” .
ويعرف تطبيق الخاطبة نفسه باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمة العُزّاب المسلمين ليضاعف من فرصهم في إيجاد شريك الحياة المناسب، مقارنةً بطرق الزواج التقليدية، بدأ التطبيق رحلته في 2012 كتطبيق زواج سعودي، بعد نجاحه انتشر في بقية دول الخليج، ووصل عدد المستخدمين إلى أكثر من 5 مليون مستخدم حتى الآن في العديد من الدول الإسلامية الأخرى، منها مصر وباقي دول الشمال الإفريقي فضلًا عن تركيا.
أحمد وحيد -اسم مستعار- مصري الجنسية مقيم بالمملكة العربية السعودية كان هو الآخر أحد مستخدمي تطبيق “الخاطبة”، يصف الشاب الثلاثيني الذي استخدم هذا التطبيق بعد أن تعرف عليه بمحض الصدفة: “وجدت فيه ضالتي لأتعرف على شريكة حياتي؛ خاصة وأن أغلب وقتي أقضيه في العمل ولا أجد الفرصة أمامي متاحة للتعرف على فتاة، فقال لنفسه لأجرب حظي، يقول أحمد: “التطبيق استغلالي حرفيًا؛ كل ضغطة زر تحتاج لشحن أموال؛ فوجدته غير مناسب لي بالمرة فقمت بحذفه. ياسر عبد الرحمن -اسم مستعار- هو الآخر مقيم في السعودية، يعتبر تجربة استخدامه لهذا التطبيق ليست بالمثلى، فتعرف على فتيات وجد بعضهن يطلبن منه تحويل أموال لهن ليتسنى له التعرف عليهن بهدف أن يجد من تتناسب معه ليتزوجها، لكنه -وفقًا لقوله-. هذا التطبيق يجمع العديد من الفتيات الملتزمات اللاتي يبحثن عن شريك حياتهن وأخريات يتخذونه مصدر رزق لهن.
بعد أن تخطى عمرها الـ35 عامًا قررت نسمة محمود مواليد محافظة القاهرة أن تبحث عن شريك حياتها عبر أحد التطبيقات الحديثة الخاصة بالزواج، خاصة وأن من تقدموا لها في السابق لم يكونوا مناسبين لها تعليميًا أو اجتماعيًا، تقول لمواطن: “عائلتي محافظة، وفرص الاختيار قليلة أمامي، الفتاة التي تعمل بالكادر الجامعي وجدت ضالتها مؤخرًا في تطبيق الخاطبة الذي انتشر إلى حد كبير في نطاق البلدان العربية؛ وبخاصة دول الخليج لعلها تجد شريك الحياة المناسب لها، خاصة أنها سليلة إحدى العائلات المرموقة مجتمعيًا، لكن تجربتها كانت قاسية بعد أن تعرضت للنصب من قبل شاب سعودي أوهمها بالارتباط بها لتتحول رحلة البحث عن زوج مناسب برحلة تسببت لها في أزمة نفسية كبيرة جعلتها تتردد على الأطباء النفسيين.
تحكى نسمة تفاصيل تجربتها قائلة: “رغبت في اللقاء بشريك مناسب لي ليظهر هذا التطبيق أمامي على فيسبوك كأنه طوق نجاة، العديد من أصدقائي نصحوني بتجربته نظرًا لعدم وجود زوج مناسب في دائرة معارفي، تحدثت للكثير عبر التطبيق وتعبت حرفيًا من أن أجد شخصًا محترمًا وذا أخلاق ودين، وفقًا لها: “الغالبية العظمى عبر هذا التطبيق داخلين يضيعوا وقت ويهرجوا”، تعرفت على أحدهم مقيم في المملكة العربية السعودية، وجدته متوافقًا معي في الطباع، فضلًا عن التوافق الثقافي والاجتماعي والديني.
رغبت في اللقاء بشريك مناسب لي ليظهر هذا التطبيق أمامي على فيسبوك كأنه طوق نجاة، العديد من أصدقائي نصحوني بتجربته نظرًا لعدم وجود زوج مناسب في دائرة معارفي
قال لي: “إنه جاد للتعرف، لكنه سيجد صعوبة في النزول لمصر بسبب ظروف عمله”. قلت له: أنا وأسرتي هنسافر السعودية لأداء العمرة، والفرصة سانحة للقائنا في وجود الأسرتين بعد العمرة، وبعد وعود عدة ولعب بمشاعري أنا وأهلي اختفي تمامًا قبل السفر بأسبوع، وهو ما تسبب في صدمة لي؛ حيث ادعى مرضه، وبعد أن ذهبنا لم يرد على الهاتف، وبعد عودتنا للقاهرة ادعى مجددًا تعبه السبب في عدم لقائنا طوال فترة السفر. تجربة نسمة تعتبرها الأقسى في حياتها وسببت لها متاعب نفسية عدة وجعلتها تتردد على الأطباء النفسيين.
من جانبها ترى الدكتورة أمل محسن استشاري الصحة النفسية وعضو المجلس الأمريكي للمستشارين النفسيين لجوء البعض لاستخدام “تطبيقات الزواج” بحثًا عن الزواج المتكافئ: “استخدام تطبيقات الهواتف في حد ذاته فكرة محمودة، ولكن استخدام هذا النوع من التطبيقات دون ضوابط قد يجعل الأمر ينحرف عن مساره الصحيح، لذا لابد من اتخاذ الاحتياطات اللازمة”. وتعرف الاستشاري النفسي من يلجأ لتطبيقات غير مضمونة بحثًا عن شريك العمر ويتعلق به شخصًا يعاني من أزمة نفسية وضعيف الطاقة، كما أن هؤلاء يعانون من الوحدة ولديهم حرمان أو احتياج عاطفي، مما يعرضهم لصدمة، لأنهم كانت لديهم توقعات عالية لم تتحقق، فقد يصابون بصدمة مركبة، كما أن البعض قد يتعلق بالوهم بسبب الضغط الشديد والإغراءات على تلك التطبيقات على حد قولها، وتنصح “محسن” كل من يعانى الصدمة العاطفية باللجوء للمختصين النفسيين فورًا”.
في البلدان العربية وخاصة منطقة الخليج انتشرت التطبيقات المعروفة باسم الزواج الإسلامي والبحث عن الشريك المسلم؛ حيث اتخذ هؤلاء من الدين شعارًا يروجون به لأنفسهم ليكتسحوا في بلدان الخليج العربي المعروفة بـ الغالبية المسلمة، لكن بعد مرور فترة على ظهور تلك التطبيقات سرعان ما تطاردها شائعات النصب وعدم احترام الخصوصية، هوايا Hawaya الذي يعرف نفسه بأنه تطبيق تعارف جاد للمسلمين مصمم خصيصًا لتمكين العزاب المسلمين المستعدين لبدء قصة حب قائمة على الاحترام المتبادل بهدف تكليل الحب بالزواج، ظهر في عام 2017، لكنه واجه انتقادات المشتركين بعدم عمله في أغلب الأوقات. يقول محمود، وهو أحد المستخدمين أكد بعد تجربته للتطبيق: “قيام مشتركين بوضع بيانات وصور غير صحيحة. تجربة أحمد عمران -اسم مستعار- كانت الأسوأ قائلاً: “فوجئت بسحب أموال من الفيزا الخاصة بي دون إبلاغي، وكلما كان في حسابك مال يسحبون أموالك”.
مودة هو الآخر تطبيق للزواج، يعرّف مدشنوه أنفسهم بأنه تطبيق زواج إسلامي هو الآخر؛ فهو التطبيق الرسمي لموقع مودة.نت الرائد في مجال الـزواج على حد وصفهم، أعلن التطبيق عن نفسه بأنه استطاع تزويج 26 ألف شاب وفتاة خلال الـ 10 سنوات الماضية، ويعرف نفسه بأنه للزواج الشرعي فقط، انطلق الموقع في سبتمبر 2006، لكنه رغم ذلك واجه هو الآخر انتقادات عدة أهمها عدم احترام الخصوصية وتقديم الخدمة مقابل مبلغ مادي كبير.
أبو كيان أحد مستخدمي التطبيق يقول: “مشكلة مراقبة خصوصيات الآخرين، حال تمت محادثة بينك وبين آخرين يتم مراقبتك”. ياسين محمود -اسم مستعار- اعتبر البرنامج ما هو إلا أداة لجمع المعلومات الشخصية عن المشتركين. عبد الرحمن جواد -اسم مستعار- بعد تجربته السيئة في 2020 قرر عدم استخدام تطبيق مودة قائلاً: “لا يمكن إرسال رسالة إلا قبل الاشتراك بـ100 ريال شهريًا حسب قوله، ذات الشكوى أكدها مستخدمون آخرون منعوا من دخول التطبيق أو التسجيل عليه إلا بعد دفع مبلغ مالي كبير، وهو ما اعتبره المشتركون استغلال باسم الزواج الإسلامي؛ فأحد المستخدمين يقول: “تطبيق نصب واحتيال مسوين حسابات كثيرة بأسماء بنات، وعند تسجيلك يرسلون عليك رسالة من أحد تلك الحسابات، حال حاولت الرد على الرسالة يشترط الاشتراك بـ100 ريال شهري، بعد الاشتراك ولا بنت ترد عليك، وهكذا يتكرر الأمر شهريا”.