إصلاحات قانون الجنسية مطلوبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدعم المواطنة المتساوية للمرأة، وإفادة المجتمع ككل
دعا قادة المجتمع المدني من أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى إصلاح قوانين الجنسية في العديد من البلدان لتعديل الأحكام التي تحرم المرأة من المساواة في الحقوق مع الرجل. خلال ندوة عقدت في شهر مارس في معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة بالجامعة الأمريكية في بيروت، تحدث خبراء وخبيرات من البحرين والعراق ولبنان وليبيا، بالإضافة إلى ممثلة عن مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR)، وممثلين عن الحملة العالمية للمساواة في حقوق الجنسية (GCENR)، ولفتوا الانتباه إلى الأضرار واسعة النطاق التي يسببها التمييز بين الجنسين في قوانين الجنسية. وشدد المتحدثون على أن هذه القوانين التمييزية لا تضر فقط بالأشخاص المعنيين وأسرهم؛ ولكنها تمنع التنمية المستدامة وتؤثر سلبًا على المجتمع ككل في البلدان المتضررة.
ساهمت الندوة في إطلاق العدد الأول من مجلة “مناصرة”: “جنسيتي حق لي ولأسرتي” التي نشرتها مواطن بالشراكة مع الحملة العالمية للمساواة في حقوق الجنسية، وتم إنتاج المجلة بمساهمة أكثر من ثلاثين صحفيًا وصحفية ومنظمة مجتمع مدني، وناشطين وناشطات من مختلف أنحاء المنطقة. يركز العدد الأول من المجلة على قضية التمييز ضد المرأة في حقوق الجنسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من منظور الأشخاص المعنيين بالقضية، ونشطاء وناشطات المساواة بين الجنسين. تروي المجلة قصص جهود المناصرة الماضية والمستمرة من قبل المجتمعات لبناء زخم للإصلاح في العديد من البلدان، بما في ذلك تلك التي حصلت فيها النساء على حق منح الجنسية لأطفالهن على قدم المساواة مع الرجال، وتلك التي اتخذت فيها بعض الخطوات نحو الإصلاح.
وقال عباس طالب منسق تحالف الحملة العالمية للمساواة في حقوق الجنسية ،ومدير الشراكات والمناصرة في مواطن: “إن أفضل ما يمكن استخلاصه من هذه المجلة هو أنه في كل بلد من البلدان التي تميز ضد المرأة في قوانين الجنسية، يناضل الناس ضد هذا التمييز، وهذا يدل على قدر كبير من الإيمان بحقوقهم”.
افتتحت الندوة مديرة معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة، لينا أبو حبيب، بتكريم الناشطة الأردنية الراحلة في مجال حقوق المرأة، والمحامية في مجال حقوق الإنسان أسماء خضر، وهي رائدة إقليمية وعالمية في الكفاح من أجل إنهاء التمييز بين الجنسين في قوانين الجنسية، بالإضافة إلى قضايا أخرى مهمة تتعلق بالمساواة بين الجنسين. وعلقت “هذه المحادثات حول الإصلاحات القانونية، والمحادثات حول “القضايا المحظورة “، والمحادثات حول كل ما لا يحدث بشكل صحيح في مجتمعاتنا، بدأت بصوت أسماء. لقد نقلت العديد من المحادثات المحظورة المهمة من المجال الخاص لتصبح قضايا سياسية وجزءً من الحوارات الاجتماعية، وكانت قوة دافعة؛ ليس فقط بفكرها والتزامها ولكن أيضًا بشغفها ولطفها.
أشارت كاثرين هارينجتون، مديرة الحملة العالمية للمساواة في حقوق الجنسية، إلى أن هناك 14 دولة من أصل 24 دولة على مستوى العالم ما زالت تحرم النساء من حق منح الجنسية لأطفالها على قدم المساواة مع الرجل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والجزائر هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعطي حق المرأة المتساوي مع الرجل في منح الجنسية للزوج غير المواطن، وتجدر الإشارة إلى إن الدول المتبقية التي تعطي الحق في المنطقة تعطيه فقط للأطفال.
وأضافت كاثرين هارينجتون: ” أن 90% من البلدان في العالم تؤيد الحق المتساوي للمرأة والرجل في منح الجنسية لأطفالهم. ويؤيد 75% من البلدان على مستوى العالم حق المواطنين المتساوي في منح الجنسية للزوج غير المواطن. لا ينبغي الخوف من إصلاحات قانون الجنسية لدعم المساواة بين الجنسين؛ بل يجب احتضانه، لأنه ليس الشيء الصحيح الذي يجب القيام به فحسب؛ بل هو الشيء الذكي الذي يجب القيام به. لا يمكن دعم تمكين المرأة بشكل فعال، أو مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، أو تحقيق التنمية المستدامة، دون التمسك بالمساواة بين الجنسين في قوانين الجنسية”.
وجهت كريمة شبو، مديرة حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي“، في البداية تحية إلى لينا أبو حبيب أول من أطلق حملة المطالبة بحقوق النساء بالجنسية في لبنان والعالم العربي، ومن ثم إلى كاترين التي تابعت بالشراكة مع الحملة الإقليمية إلى تحويل المطلب إلى حملة عالمية، ومن ثم سلطت شبو الضوء على الإصلاحات التي اتخذتها بعض الدول في المنطقة مثل المغرب والجزائر ومصر وتونس بفضل جهود الحملة الإقليمية جنسيتي حق لي ولأسرتي التي انطلقت منذ عام 2000 بالعمل مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في جميع أنحاء المنطقة. وبالاشارة إلى الضرر الناجم عن قوانين الجنسية التمييزية، تقول شبو: “المرأة تحمل أطفالها لمدة تسعة أشهر، تمنحهم/هن الحياة، لكن لا يمكنها منحهم/ن جنسيتها، هذا التمييز لا يقع فقط ضد النساء، ولكن ضد عائلات بأكملها؟”.
تحدثت الدكتورة منى عباس فضل، الكاتبة والباحثة في العلوم الإنسانية من البحرين، عن كتابها الأخير “حق الأم البحرينية في منح جنسيتها إلى أبنائها”، وأكدت على الالتزامات الدولية للبحرين بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل، والحاجة إلى قانون الجنسية لدعم المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة.، وأضافت الدكتورة منى: “لا يكفي إعطاء حقوق معينة فقط دون الحق في الجنسية، يحتاج المواطنون -رجالًا ونساءً- إلى التمتع بحقوقهم الكاملة لكي يكونوا مواطنين متساوين في بلدهم “.
تحدثت نجلاء الفارسي، المديرة التنفيذية لمؤسسة الرونق للمرأة والطفل في ليبيا، ومنسقة حملة “الليبيات المتزوجات من أجانب نريد حقنا“، عن الجهود الأخيرة في ليبيا للدفاع عن حقوق الجنسية المتساوية، بما في ذلك آخر حملتين “حقي في التصويت” و “ابنتكم”. وأضافت نجلاء: “نجحت حملة” ابنتكم “في الجمع بين مختلف عناصر المجتمع في ليبيا، والمطالبة بحقوق جنسية متساوية”؛ مما أدى إلى بعض التطورات الإيجابية الأخيرة، على الرغم من استمرار الحاجة إلى إصلاحات إضافية لدعم المساواة بين الجنسين في حقوق الجنسية.
ناقشت أنسام العبايجي، المستشارة الإقليمية للنوع الاجتماعي في المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كيف أن التشريعات -بما في ذلك قوانين الجنسية- لم تشمل ولم تشرك النساء عند وضع وخلال صياغة التشريعات. بينما اليوم: “كل الأساطير التي أطلقها بعض صانعي القرار بشأن التمييز ضد المرأة في قوانين الجنسية غير مبررة. واليوم، تمارس النساء في المنطقة التزاماتهن الكاملة كمواطنات ويتحملن مسؤولياتهن، ولكن عندما يتعلق الأمر بالحصول على حقوقهن الكاملة، فهناك عقبة “.
وأضافت العبايجي أن الحملة الأخيرة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشأن حقوق الجنسية المتساوية في المنطقة، وبالتنسيق مع الحملات المحلية حددت الجهات الفاعلة المؤثرة في المجتمع، وعملت معهم لتسليط الضوء على هذه القضية من أجل إرساء الأساس للإصلاحات.
عرضت سهيلة الأعسم، نائبة رئيسة رابطة النساء العراقيات، الجهود الأخيرة لمنظمات المجتمع المدني والناشطين في العراق لتشكيل حملة “اسمي هو اسم أمي“، والتي تدعو إلى حق أطفال النساء العراقيات في التسجيل على أسماء أمهاتهم/هن، واكتساب جنسية الأم. وأشارت سهيلة إلى أن مثل هذه الإصلاحات لن تدعم حقوق المرأة المتساوية فحسب؛ بل “ستحل قضية أطفال الأمهات العراقيات والمقاتلين الأجانب”.
وأكدت كريمة شبو أن إنهاء التمييز بين الجنسين في قوانين الجنسية هو مسألة إرادة سياسية، يمكن حلها إذا كان السياسيون على استعداد للتحرك. كما أشارت إلى أن المرأة تلعب اليوم دورًا رئيسيًا في انتخاب البرلمانات والحكومات، لكن تمثيلها يعوقه التمييز القانوني ضدها. “لا توجد أولوية أكثر إلحاحًا اليوم من الحقوق الكاملة والمتساوية للمرأة وحقها في منح الجنسية لأسرتها على قدم المساواة مع الرجل”.