“نعيش في الظل، ندرك تمامًا فكرة أن يقيم الإنسان كجزء من أقلية في مجتمع لا يتقبله بشكل كامل، وأناس يتعاملون معه من منطلق الاستعلاء الديني، لذلك نهتم بالعمل ونندمج في الحياة المهنية بشكل كبير لتعويض فراغات التفاعل الاجتماعي، ونتجنب الوقوع في أي مشكلة أو مناقشة ذات أبعاد دينية، ربما تحمل نتائج لا يحمد عقباها، ونرضى بالحقوق المقدمة إلينا ومظلة الحماية القانونية”. يلخص لمواطن مينا عبده، مسيحي مقيم بدولة الكويت طبيعة حياة المسيحيين داخل دول الخليج.
تتشابه غالبية الرؤى الرسمية لدى حكومات الخليج، حول أهمية التعايش السلمي بين كافة الأديان، كما تسعى عدة دول مؤخرًا، ربما أبرزها السعودية والإمارات إلى توسيع مساحة الحقوق الممنوحة لأبناء الديانات من خارج الإسلام، لكن الإشكالية الحقيقية التي يواجهها المسيحيون المقيمون داخل الدول الخليجية، ترتبط إلى حد كبير بالنبذ المجتمعي، وعدم التقبل المغلف بالكثير من شعارات الاستعلاء الديني؛ خاصة أن المجتمعات الخليجية أو معظمها، لم تتخلص حتى اليوم من صبغة التمييز على أساس الدين والعرق.
المسيحية والمسيحيون في الخليج
يعود تاريخ التواجد المسيحي، في دول الخليج ما بين عامي 309 و 379 ميلاديًا، تزامنًا مع نزوح، قبائل مسيحية عربية من وطنها الأصلي بالحيرة وسط العراق إلى الخليج؛ حيث انتشرت المسيحية في المنطقة، وكان للبحرين النصيب الأكبر منها.
وبعد عام 410 م رصد وجود مسيحي مكثف في المنطقة، ممثلاً في كنائس وأديرة وكهنة، وتركزوا بشكل أساسي في شمال شرق شبه الجزيرة العربية، وفي الجنوب كانت هناك كنيسة بيت قطرابي والتي امتد مجالها من قطر إلى صحار في سلطنة عُمان، وتم العثور على آثار لمجتمعات مسيحية في هذه المنطقة أيضًا.
وفي القرن السابع الميلادي انتشر الإسلام في منطقة الخليج العربي؛ حيث بات الدين هو المهيمن حتى اليوم، مقابل مئات آلاف من المسيحيين الوافدين.
تتعدد الآراء حول موقع المسيحيين الإنساني على سواحل الخليج العربي، وتأثيرهم في البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إلا أنها تكاد تجمع بأن وجودًا مسيحيًا مبكرًا كان في الكويت والبحرين وسواحل عُمان؛ إذ يعودون إلى ما قبل العصر الإسلامي، وكان أبرز تواجد لهم في البحرين، وسجل ذلك فيما قبل بعثة النبي محمد حين اعتنقت قبيلة عبد القيس المسيحية الإسلام.
تضم البحرين أقدم الكنائس في منطقة شبه الجزيرة العربية، وهي الكنيسة الإنجيلية الوطنية ذات المرجعية البروتستانتية، التي تم إنشاؤها في عام 1906، فضلًا عن أكبر كنيسة كاثوليكية في منطقة الشرق الأوسط، تسمى "سيدة العرب"، وهي المقر الرئيسي للكنيسة الكاثوليكية في المنطقة.
ويعود وجود المسيحية في الإمارات إلى قرون خلت، وأظهرت الاكتشافات الأثرية عام 1992 في جزيرة صير بني ياس، المأهولة منذ آلاف السنين، وجود دير مسيحي بني في القرن السابع الميلادي.
وعلى الرغم من كثافة المسيحيين غير المواطنين؛ فإن الكويت والبحرين وسلطنة عُمان هي الدول الوحيدة التي يوجد بعض من مواطنيها من يعتنق المسيحية ولديهم كنائسهم الخاصة.
يعيش في دول الخليج ما بين ٣ أو ٤ ملايين مسيحي، يخدمهم عدد متفاوت ما بين دولة وأخرى من دول الخليج، ويوجد حوالي ٤٥ كنيسة في الإمارات ، و20 كنيسة مسجلة في البحرين، بينما في الكويت نحو 8 كنائس معترف بها، وعلى الرغم من تواجد الكنائس في دول الخليج بما فيها قطر وعمان، إلا أن السعودية وإلى اليوم خالية تمامًا من أي كنيسة على أراضيها.
تؤكد ابتسام الصائغ، الناشطة الحقوقية البحرينية لمواطن، على أن تاريخ المسيحيين في البحرين قديم جدًا، وما يدل على ذلك وجود آثار أديرة، وكنائس ونقوش بلغات سريانية، وآرامية، كما أن أسماء بعض القرى يستدل منها أنها مستوحاة من الإرث المسيحي؛ مثل (الدير، قللي وسماهيج)، وهي قرى تقع في جزيرة المحرق، وتعد ثاني أكبر جزيرة من جزر البحرين. كما يصل عدد العوائل البحرينية قرابة المائة والخمسين عائلة.
وعن أصل التواجد المسيحي تعلق بأن “موقع البحرين الجغرافي ساهم بأن يجعلها محطة وصول إلى الكثير من القوافل، ومنها كانت قوافل تنتمي لأديان مختلفة، منهم من بقي في البحرين وأساس عائلته، ومنهم من جاء للحصول على فرص عمل وتمكن من التعايش مع المجتمع، لكون المجتمع البحريني كمجتمع مثقف واعٍ ومسالم”.
وعن أوضاع المسيحيين في الخليج بشكل عام؛ يقول الباحث السياسي في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فادي عيد، لمواطن: “إن أعداد المسيحيين في دول الخليج متفاوتة، معظمهم من الوافدين، وهؤلاء تتلخص مشاكلهم في الشعور بالاغتراب وعدم القدرة على ممارسة الشعائر بحرية، وهذا أكثر ما يعانون منه”. وهو ما يعتبره فادي غيابًا للمشاكل الكبرى، بحسب وصفه.
ومن المفارقات أن تكون السعودية التي يقيم بها أكبر عدد من المسيحيين بين دول مجلس التعاون الخليجي، لا تسمح بممارسة أي شعائر دينية علنية للمسيحين، ولم تقم أية كنائس على أراضيها، كما تمنع المسيحين، وجميع أتباع الأديان الأخرى، من دخول مكة.
وعلى العكس من فادي يرى خالد إبراهيم، رئيس مركز الخليج لحقوق الإنسان، وجود مشكلات كبرى، وأن هناك فرقًا متشددة دينيًا، تمتلك نفوذًا ومدارس خاصة بهم، ويقومون بنشر الفكر التكفيري بعيدًا عن مبادئ التسامح و الشراكة الإنسانية.
وبينما تروج معظم الحكومات في دول الخليج إلى منح المسيحيين حريات واسعة لإقامة دور العبادة وممارسة الشعائر الدينية؛ إلا أنها حريات مقيدة في حقيقة الأمر، لا تخلو من الاشتراطات التي تعقد حرية العقيدة، وتجعل الأمر لا يخرج عن كونه مظهرًا اجتماعيًا هشًا لا يتفق مع مبادئ العيش السلمي.
يعلق القس يينس هيلر الذي ترأس الجماعة البروتستانتية الألمانية بالإمارات في تقرير منشور على موقع DW بعنوان “دول الخليج تتسامح بشكل محدود مع سكانها المسيحيين”، بإنه من المعتاد إقامة الكنائس في ضواحي المدينة وليس في مراكزها، وألا تحمل صلبانًا واضحة في سقوفها، وألا تدق الأجراس بصوتٍ عال، وألا تُرفع الصلبان على علوٍّ شاهق، ولا تزال قرارات الحكّام بإقامة كنائس تثير حفيظة بعض رجال الدين”.
إذ لا يخرج الوجود المسيحي في الخليج عن كونه “مظاهر” لا تتعدى بناء كنائس لخدمة العاملين المسيحيين وعائلاتهم الذين يتوافدون للعمل، ويقيمون مؤقتًا في الخليج، دون أن يكون لإقامتهم الطويلة أو القصيرة تأثير واضح في الحياة الاجتماعية؛ فالمكون السكاني في الخليج إسلامي وسيبقى كذلك، نتيجة لعمقه في وجدان أهله، حسبما ذكر الكاتب السعودي محمد الساعد في مقاله المنشور بموقع العربية بعنوان “المسيحيون في الخليج”.
سعودية بلا كنائس
يوجد في السعودية حوالي 2165000 مسيحي، أي 6% من النسبة العامة للسكان، وتقع في المرتبة الـ 13 عالميًا من بين الدول الأكثر خطورة على حياة المسيحيين، بحسب منظمة “أبواب مفتوحة” المعنية بالدفاع عن حقوق المسيحيين.
ومن المفارقات أن تكون السعودية التي يقيم بها أكبر عدد من المسيحيين بين دول مجلس التعاون الخليجي، لم تكن تسمح بممارسة أي شعائر دينية للمسيحين، ولم تقم أية كنائس على أراضيها، كما تمنع المسيحين، وجميع أتباع الأديان الأخرى، من دخول مكة.
يقول باسم حنا لمواطن، اسم مستعار لمسيحي يقيم في السعودية منذ 15 عامًَا، إن السعودية لم تكن الوجهة الأفضل للمسيحيين قبل سنوات، كانوا يفضلون العمل في دول عربية أو خليجية أخرى، خشية التعرض لمضايقات أو تنمر على الدين، أيضًا عدم السماح بممارسة الشعائر الدينية كان يزيد من حالة الاغتراب، كان الوضع في مجمله “محزنًا”.
ويضيف: “خلال شهر رمضان، من المعروف أنني لا أصوم، وربما يفطر المسيحيون بنهار رمضان في عدد كبير من الدول العربية، لكن الأمر مرفوض مجتمعيًا في السعودية، وربما يعرضك للإيذاء أو التنمر بمخالفة القانون، ويمكن القياس على ذلك مواقف عديدة، مثل إظهار الديانة بزي أو إكسسوار معين”. ويكمل: “لا يحب أصدقائي السعوديون أن يروا الصليب على صدري”.
هناك حالة من الترقب حول تحسن أحوال المسيحيين في السعودية، شهدت المملكة أول قداس احتفالاً بعيد الميلاد في يناير هذا العام. وتأمل بعض الأصوات الدينية المسيحية أن تكون تلك الخطوة بداية في طريق بناء أول كنيسة في المملكة.
الأمر نفسه ينطبق على الحجاب والزي الرسمي للدولة، مثلاً تقول دميانة مسعد لمواطن، وهي مديرة مبيعات لدى أحدى الشركات البارزة، إنها كنت مجبرة على ارتداء (الزي الشرعي) ممثلاً في العباية السعودية وحجاب الرأس، طوال فترة عملها في السعودية، والتي استمرت نحو (6 سنوات) قبل أن تنتقل إلى الكويت، مشيرة إلى أن الأمر وإن كان يبدو سطحيًا لدى البعض، إلا أنه مقيد للحرية، ويبدو أحيانًا “مُهينًا” بشكل لا يمكن تحمله، تخيل أن يشعر الإنسان أنه لا حرية لديه في الحصول على أبسط حقوقه (الزي المناسب له).
وتشير “أبواب مفتوحة” إلى أن السعودية تعتبر بلدًا محافظًا، وأغلب المسيحيين الوافدين بها هم عمالة من آسيا، ويتعرضون للاستغلال وتدني الأجور والتمييز الديني.
تحركت الأمور قليلًا نحو الأفضل خلال السنوات الماضية؛ خاصة مع انطلاق رؤية 2030 لتحقيق العيش السلمي ومنح المسيحيين الحق في ممارسة الشعائر الدينية، “لكن الأمر المزعج الآن هو النبذ المجتمعي من جانب بعض الأشخاص، لا نعمم هذه الفكرة، لكن البعض ينظر إلينا باعتبارنا من “الدرجة الثانية”، ليس لنا حقوق؛ خاصة الحقوق التي تتعلق بحرية ممارسة الدين”. حسبما ختم حنا حديثه.
يعد اعتناق المسيحية أو أي ديانة أخرى من المحاذير التي تهدد الحياة، ما يجعل أعداد السكان الأصليين من المسيحيين تكاد لا تذكر، ولا تظهر إلا من خلال أسماء مستعارة على الإنترنت، أو أشخاص هاجروا للخارج. كما يشير تقرير المنظمة إلى عدد قليل من المسيحيين الوافدين الذين يضطرون إلى التحول للإسلام مع الاحتفاظ بإيمانهم سرًا.
وعن هذا العام لم ترد أي تقارير عن اعتقال مسيحيين أو إدانتهم أو إجبارهم على الزواج، أو عن مهاجمة منازل وممتلكات مسيحية. ومع ذلك ، لا يزال العنف الجسدي ضد المتحولين للمسيحية مرتفعًا، كما أجبر عدد منهم على مغادرة منازلهم. بحسب منظمة أبواب مفتوحة.
وعلى الرغم من ذلك يبقى هناك حالة من الترقب حول تحسن أحوال المسيحيين في السعودية، شهدت المملكة أول قداس احتفالاً بعيد الميلاد في يناير هذا العام. وتأمل بعض الأصوات الدينية المسيحية أن تكون تلك الخطوة بداية في طريق بناء أول كنيسة في المملكة، البلد الخليجي الوحيد الخالية أراضيه من وجود كنائس.
تشير منظمة أبواب مفتوحة إلى أن البحرين والإمارات هما الأكثر تسامحًا تجاه المسيحيين، وأن النظم الحاكمة في البلدين تسعى لتأمين المزيد من الحرية الدينية للمسيحيين، بما يتوافق مع إطارها الإسلامي.
وهو ما يتفق معه فادي عيد، مشيرًا إلى أن الأوضاع في الوقت الراهن تشهد تغيرات إيجابية على مستوى كبير، بدأت من السعودية، بعد الإجراءات الأخيرة بالسماح للمسيحيين بممارسة الشعائر، وأيضًا السماح ببناء الكنائس، وستنعكس تلك التأثيرات الإيجابية على بقية دول الخليج بشكل كبير؛ خاصة البحرين والكويت وعمان وقطر.
بينما لا يرى خالد إبراهيم أي أفق جديد لمستوى الحريات في المملكة، واصفًا الفترة الحالية بالأسوأ من ناحية القمع، مبررًا ذلك بتدني الوضع الحقوقي في المملكة.
ويضيف لمواطن: “لاشك أن حقوق الجميع منتهكة، فعلى سبيل المثال لا الحصر لايسمح للعمال الوافدين بتكوين نقابات خاصة بهم، ولايسمح مطلقاً بالتظاهر السلمي أو التعبير عن الرأي المخالف لآراء الحكومة، والسجن والتعذيب والإبعاد مصير كل من يخالف ذلك.
ويكمل: “الحريات والحقوق لا تتجزأ، وهي تشمل الجميع، وعندما ينتهك معظمها؛ فإن أي هامش ضيق توفره الحكومات لفئة ما من فئات المجتمع سيكون للاستهلاك المحلي”.
مستوى الحريات ومشاكل المسيحيين في دول الخليج
في عمان يبلغ عدد المسيحيين 193,000، أغلبهم من الوافدين، وتشير التقارير المعنية بحقوق المسيحيين في الخليج، إلى أن هناك تضييقًا على اعتناق المسيحية؛ إذ يواجه العمانيون الذين اعتنقوا المسيحية ضغوطًا من عائلاتهم، وعلى نطاق أوسع من المجتمع للتخلي عن عقيدتهم، وقد يتم طردهم من منزل الأسرة، وفي بعض الحالات يفقدون وظائفهم.
كما يطال المتحولين للمسيحية أمور مثل الحرمان من الميراث، والطلاق، حال كانوا متزوجين، وبعدها يكافحون لرؤية أطفالهم، ويجدون أنفسهم في الجانب الخاسر من معركة الحضانة، وتعد جميعًا أشكالاً من الضغط للتخلي عن عقيدتهم الجديدة.
وفي قطر يبلغ عدد المسيحيين 409,000، ما يعادل (13.7%) من إجمالي السكان، ولا يختلف الأمر في قطر عن بقية دول الخليج؛ إذ إن الدعوة للمسيحية غير مسموح بها، وتؤدي إلى ملاحقات قضائية وترحيل.
كما تؤكد منظمة أبواب مفتوحة، تعرض الكنائس للرقابة، بالإضافة إلى أن التحول للمسيحية غير معترف به، ومن المرجح أن يؤدي إلى فقدان المكانة والمشاكل القانونية في الممتلكات والشؤون المحلية. وتقريبًا جميع المسيحيين القطريين تحولوا إلى الخارج، ومعظمهم لا يعودون إلى البلاد.
أما الكويت هناك 520,000 مسيحي (11.9%) من السكان، توجد 12 عائلة مسيحية تحمل الجنسية الكويتية، ولا يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة للمسيحيين في الخليج؛ فالتحول إلى المسيحية غير معترف به، ويقود إلى نفس التبعات الموجودة في قطر وعمان، كما أن هناك محاذير حول الدعوة للمسيحية، بالإضافة إلى مظاهر التعبير عن الإيمان بها.
واللافت، أنه بالرغم من تواجد عدد قليل من العوائل الوطنية في قطر والكويت وعمان، إلا أن البحرين هي الدولة الوحيدة التي تمنح المسيحيين من مواطنيها، حقوق التمثيل النيابي أو المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية.
وتشير تقديرات إلى أنهم يمثلون نحو ألف مواطن بحريني تقريبًا، يتركز تواجدهم في المنامة، بالقرب من مناطق العوائل الحاكمة في البحرين، كما تعود أصول هؤلاء في الغالب إلى هجرات عمل عراقية في وقت سابق.
ويقول البحريني صموئيل* اسم مستعار، وهو أحد أبناء الأسر البحرينية المسيحية: “على الرغم من الحريات الممنوحة من جانب الدولة للمسيحيين؛ سواء الوافدين أو أبناء البحرين، إلا أن التعامل المجتمعي به الكثير من المشاكل، ومن الأفضل عدم الإفصاح عن الديانة أمام الكثير من الناس.
ويضيف لمواطن: “ربما يوفر القانون حماية للأقباط واليهود أيضًا المقيمين داخل دولة البحرين، لكن المجتمع لم يتقبل أبدًا فكرة التنوع الديني، وهناك اعتقاد سائد بأن غير المسلمين من أصحاب الديانات السماوية الأخرى “كفار”، لذلك نجد صعوبة في الاندماج المجتمعي”.
ويستطرد: “حتى اللحظة يرفض الكثير من مواطني البحرين التعامل معنا باعتبارنا مواطنين لنا حقوق مشتركة، ويصرون على فكرة أننا وافدون، ولسنا من سكان البلد الأصليين، وللأسف لا يوجد حملات أو توعية مجتمعية كافية حول الموضوع، يفضل جميع الأطراف السكوت وإبقاء الموضوع في الظل، والاكتفاء بفكرة التعايش بما يفرضه الدستور والقانون دون اندماج مجتمعي حقيقي”.
ويضيف الباحث السياسي في شؤون الشرق الأوسط فادي عيد: “إن المسيحيين من مواطني البحرين والكويت، يعاني غالبيتهم من تضييقات، ويضطر بعضهم للعيش بأسماء مسلمة خشية تعرضهم للعنصرية أو التضيق المجتمعي.”
وعلى الرغم من ذلك تشير أبواب مفتوحة إلى أن البحرين والإمارات هما الأكثر تسامحًا تجاه المسيحيين، وأن النظم الحاكمة في البلدين تسعى لتأمين المزيد من الحرية الدينية للمسيحيين، بما يتوافق مع إطارها الإسلامي، بالإضافة إلى عدم التساهل مع خطابات الكراهية من قبل هذه الحكومات. إلا أن كل هذا لا ينفي وجود مشاكل اجتماعية للطوائف المسيحية، وتعرضهم لهجمات من المتشددين. حسب وصف المنظمة.
يعلق خالد إبراهيم رئيس مركز الخليج لحقوق الإنسان، على هامش التسامح الخليجي مع المسيحيين، “هو لذر الرماد على العيون، وللتغطية على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وإخفائها عن الرأي العام العالمي”.
بينما يضيف “عيد” أن الإمارات تشهد حالة من الانفتاح، بدأت منذ سنوات عديدة، فيما يتعلق بمنح حقوق متساوية لجميع من يعيش على أرضها، هذه السياسات أخذت في التنامي مؤخرًا بشكل كبير؛ فقد قطعت الإمارات شوطًا كبيرًا نحو الانفتاح، وربما أصبحت سابقة لمصر في مجال دعم حقوق المسيحيين وأصحاب الديانات الأخرى، من أجل إرساء قيم التعايش السلمي، وتقديم نموذج للتعايش الحضاري بين جميع الثقافات والأديان.
أما عن البحرين فتضيف لمواطن الحقوقية البحرينية ابتسام الصائغ: “يتمتع المسيحيون بحرية العبادة، ولديهم كنائس مرخصة ومسجلة رسميًا تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية تصل لـ 20 تقريبًا، وأكثر من 100 كنيسة صغرى موزعة في مختلف مناطق البحرين، متواجدة في الفنادق والمنازل، تمارس فيها طقوس العبادة دون مضايقات رسمية أو أهلية”.
وتستطرد بأن الوعي بوجود قواسم أخلاقية وإنسانية أساسية مشتركة، ساهم في ارتفاع نسبة الزواج؛ ليس بين الطوائف المختلفة؛ بل حتى بالنسبة للأديان المختلفة في البحرين. ويحظى في البحرين زواج المسلم من المسيحية بالقبول، وفي الغالب تكون حرة في الاحتفاظ بدينها ولا تجبر على تغييره.
وتضيف: “يتمتع المسيحي في البحرين بكل حرية لإظهار دينه، بشرط عدم استفزاز باقي الأديان، وهو قانون يلزم الجميع، وتضرب مثالاً موضحة: “يعد الإفطار جهرًا خلال ساعات الصيام في شهر رمضان أمرًا مخالفًا للدين الإسلامي والقانون، يعتبر ذلك جنحة تصل عقوبتها للحبس لمدة عام”.
وتكمل: “في السجون البحرينية لا يوجد كنائس، ولكن يتمكن من الوصول المسيحي للكتب الدينية”. كما تختم بأن “رأس السنة الميلادية إجازة رسمية في البحرين، ويوم عيد الميلاد تزين الكنائس ويحتفل المسيحيون دون مضايقات.
في النهاية وعلى الرغم من تباين الآراء حول حجم ضغوطات ومشاكل المسيحيين في الخليج، وحول مدى اتساع هامش الحريات الخليجي لهم ودلالاته، يبقى وضع المسيحيين في الخليج حذرًا، من جهة يصعب تقييمه، ومن جهة أخرى يصعب رصده، إلا أنه من الواضح الحاجة إلى زيادة مستوى الحرية الدينية والحماية من القمع المجتمعي وخطابات الكراهية.
Wow Thanks for this site i find it hard to locate good content out there when it comes to this blog posts thank for the write-up website
Wow Thanks for this page i find it hard to unearth smart resources out there when it comes to this blog posts thank for the review site