تسارعت وتيرة الإنفاق العسكري لدول الخليج العربي، على مدارِ أكثر من عقدٍ من الزمن، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التي سجل إنفاقها العسكري أربعة أضعاف المتوسط العالمي، تليها الإمارات العربية المتحدة، وقطر. ويعود جزء من هذا التسارع إلى التهديدات التي تواجهها الدول الخليجية من النظام الإيراني، إضافة لتراجع الدور الأمريكي في المنطقة، وتنامي الدور الصيني في الشرق الأوسط.
ورغم التزام الولايات المتحدّة الأمريكية في البدايات الأولى بعد خفوت نار الحرب الباردة بحماية أمن الخليج، حتى تدّخلت بشكل مباشر لحماية مصالحها في المقام الأوّل؛ إلا أنّه مؤخرًا ومع ارتفاع تكلفة الحروب التي خاضتها واشنطن في الشرق الأوسط، تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، وتوترت علاقتها بدول الخليج.
وأشار معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام «سيبري» في تقريره الصادر في مارس الماضي، إلى أنَّ السعودية وقطر والإمارات، احتلت المراكز الأولى في واردات الأسلحة؛ فيما اعتبرت السعودية وحدها ثاني أكبر مستورد للأسلحة في الفترة من 2018 إلى 2022، بينما أصبحت قطر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم؛ حيث زادت وارداتها من الأسلحة بنسبة 311 % بين 2013-2017 و2018-2022.
اللافت في الأمر هو انخفاض واردات الإمارات من الأسلحة بنسبة 38 % في الفترة من 2018-2022، مقارنة بالفترة بين 2013 و2017، بينما زادت واردات الكويت من الأسلحة بنسبة 146 % بين عامي 2013 و2017، وعامي 2018- 2022.
البيانات التي تظهر التسارع الكبير في واردات الأسلحة إلى الدول الخليجية، تتزامن في الوقت ذاته مع إنفاق دول الخليج وعلى رأسهم السعودية والإمارات وقطر، على الشركات الحكومية للتصنيع المحلّي، وهو الأمر الذي أسهم في تهيئتها لخوض غمار المنافسة في الأسواق العالمية، ويظهر ذلك جليًّا في مشاركات تلك الشركات في المعارض العالمية الكبرى المتخصصة بالمعدّات والآلات العسكرية الثقيلة منها والخفيفة.
لماذا يتسارع الإنفاق العسكري الخليجي
يعدد الخبير في العلاقات الدولية والباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور أيمن سمير؛ في حديثه لـ«مواطن» أسباب تسارع وتيرة الإنفاق العسكري؛ فيرى أنَّ سبب ارتفاع الإنفاق العسكري لدول الخليج هي تعقد الظروف الإقليمية المحيطة، جنبًا إلى جنب مع زيادة وتيرة الصراع بين إيران والسعودية، قبل عقد الاتفاق على إعادة تطبيع العلاقات بينهما.
يؤكّد سمير أنَّ تفجُّر أزمات ما يسمى بالربيع العربي، واندلاع أزمة اليمن، ساهمت بشكل أكبر في تسارع وتيرة الإنفاق، مع الوضع في الاعتبار أيضًا تحديث غالبية جيوش العالم، خلال العقد الماضي، لأسلحتها وذخيرتها، ولم تكن دول الخليج بمنأى عن ذلك؛ فعملت على تحديث وتطوير قوّاتها البحرية والجويّة.
ويستطرد قائلاً: «مع اندلاع أزمة اليمن، احتاجت دول مجلس التعاون الخليجي لكميات كبيرة من الأسلحة، والتحديّات التي شهدتها المنطقة العربية منذ 2011، وتحوّل الصراعات الداخلية في الدول المحيطة، لعبت دورًا كبيرًا في ارتفاع وتيرة الإنفاق العسكري لدول الخليج منذ 2011 إلى 2022»، مشيرًا إلى أنَّ «السعودية تأتي في المرتبة الأولى، تليها الإمارات، وبعدهما تتفاوت اهتمامات الدول العسكرية؛ فمثلًا سلطنة عمان تهتم بالسلاح البحري، وقطر تولي اهتمامًا بشراء الأسلحة الجويّة الحديثة».
احتلت السعودية وقطر والإمارات المراكز الأولى في واردات الأسلحة في العام الماضي
ووفقًا لورقة بحثية صادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات؛ فإنَّ أهمية دول الخليج الاستراتيجية تتركز فيما تمثّله من ثقل طاقوي- اقتصادي عالميًّا؛ حيث إنّ وجود 54% من احتياطي النفط العالمي، و23 % من احتياطي الغاز العالمي، يشكّل حافزًا كبيرًا للاهتمام بأمنّها ومستقبلها.
تمثل ميزانيات الدفاع لدول مجلس التعاون الخليجي 7.9% من نفقات الدفاع العالمية، وتتجاوز ميزانيات الدفاع المشتركة للمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا، ويتجاوز المتوسط العالمي للإنفاق الدفاعي 2% بقليل، وتنفق دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من أربعة أضعاف.
يبرر الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري «إنيغما»، رياض قهوجي، هذا الإنفاق بوصفه شعورًا بالتهديد الذي بدأ مع 2015، بعد اندلاع الحرب اليمنية بقيادة سعودية-إماراتية، وكان يتمركز تحديدًا في الإنفاق على الذخائر والأسلحة، ومن قبل هذه الحرب؛ كان التهديد الإيراني هو المحفّز الرئيسي والأساسي لهذا الإنفاق، والذي تركّز جنبًا إلى جنب مع الذخائر والأسلحة على منظومة الدفاع الجوّي، والتهديد المبكّر.
في ورقة بحثية أخرى لشبكة PWC، أشارت إلى أنَّ هذه الميزانيات الدفاعية الضخمة لدول مجلس التعاون الخليجي، ساهمت في بناء ترسانة عسكرية هائلة، إلا أنّ هذه الميزانيات لم تؤدِ فائدة مماثلة لاقتصاداتها من حيث الاتجاه الصناعي الدفاعي المحلي.
يشير العميد ركن طيار متقاعد محمد جاسم السري، الخبير الاستراتيجي الكويتي في شؤون الخليج، في حديثه لـ«مواطن» إلى أنَّ وتيرة تسليح المتسارع لدول الخليج كانت بدايتها في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، منوّهًا إلى أنَّ «هذه المشاريع سواء الطائرات المقاتلة، أو البوارج الحربية أو الصواريخ ربما تحتاج الآن لتبديل وتطوير وتكثيف العدد لتطوُّر حجم الجيوش الخليجية».
تؤكّد الورقة على أنَّ الجزء الأكبر من القدرة الصناعية الدفاعية في السعودية والإمارات -أهم اللاعبين- يركز بشكل أساسي على التصنيع ذي القيمة المضافة المنخفضة، كتجميع السلع الجاهزة أو الإنتاج المرخص، أو الصيانة أو الإصلاح، أو الإصلاح الشامل.
تشير الورقة البحثية إلى أنَّ دول مجلس التعاون الخليجي على مدى السنوات العشرين الماضية، حاولت تحسين هذا الأداء، من خلال عقود المشاريع المشتركة، ولكن رغم أن هذه الإجراءات لها بعض المزايا؛ إلا أنَّها محدودة في مقدار ما يمكن أن تحققه.
ويؤكّد “السري” أنَّ دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج الآن لتنسيق عمليات الشراء وتوحيدها، بدلًا من شراء الأسلحة والأنظمة مجزأة، كما تفعل حاليًا، ومن خلال هذه الطريقة يمكنها تعزيز قابلية التشغيل البيني بين القوات الوطنية وتقليل التعقيد في سلاسل الصيانة والإمداد».
لكنه في آنٍ يرفض ربط تسارع وتيرة التسليح في الشرق الأوسط بأحداث الربيع العربي، على النقيض من الدكتور أيمن سمير، لكنّ “السرّي” يدعّم بشدة ربطها بالتطورات الجيوسياسية في المنطقة، التي تحدث بين الخليج والشمال والجنوب، ما دفع الحُكّام في دول الخليج لتطوير الأسلحة بسرعة كبيرة، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي الهائل ودخول استراتيجيّات جديدة في سباق التسلُّح العالمي، كالطائرات المُسيّرة.
مجالات التصنيع الدفاعي
عملت المملكة السعودية، ودولة الإمارات على تطوير قدراتهما الدفاعية المحلية على مدى العقد الماضي، بهدف الاكتفاء الذاتي في مجالات التصنيع المحلّي؛ وهو ما وضح جليًّا في التقنيات الجديدة التي أعلنت عنها الإمارات، متمثلة في الشركة المدعومة حكوميًّا «ايدج»، وفي السعودية «SAMI».
جنبًا إلى جنب مع هذا التطوّر؛ عمل الأفراد العسكريون في كلا البلدين على تعزيز تدريبهم وكفاءتهم العسكرية، والذي انعكس على تشغيل بعض أنظمة الأسلحة الأكثر تطوّرًا ، بالإضافة إلى إنفاق البلدين اللا محدود على الدفاع كجزء من الناتج المحلي، بحسب ما يؤكّد بلال صعب، كبير الخبراء في أمن الشرق الأوسط في مركز برنت سكوكروفت، التابع للمجلس الأطلسي في كتابه «صعود الخليج: التصنيع الدفاعي».
لكنّ بوجه عامٍ؛ فالتصنيع العسكري للدول العربية بشكل عام، ودول الخليج بشكل خاص، لا يزال في مراحله الأولية، على عكس الدول التي تمتلك قواعد صناعية ضخمة؛ إذ تتيح لها البنية التحتية أن تعتبر قطاع الصناعات العسكرية مصدر دخل حقيقي، وتجعله ضمن مؤسسات الإنتاج الاقتصادية؛ نظرًا للمردودات المالية الضخمة التي يوفرها هذا القطاع.
تسعى السعودية لتوطين في رؤية 2023 إلى توطين نصف إنفاقها العسكري
والاهتمام الخليجي بالتصنيع العسكري يتفاوت بين دولة وأخرى؛ فالسعودية مثلًا تتفوّق على نظيراتها من دول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية جميعًا ، بينما الإمارات تتبنى استراتيجيات تمكّنها من اللحاق بركب التصنيع العسكري العالمي، ومن خلال مجلس التعاون الخليجي، تتبنى الدول الخليجية بصفة عامّة، رؤية مشتركة لتحقيق تكامل أمني يشمل قطاع التصنيع العسكري.
في رؤية 2030؛ تسعى السعودية لتوطين نحو 50 بالمئة من الإنفاق العسكري؛ حيث تم البدء بتطوير بعض الصناعات الأقل تعقيدًا من قطع غيار ومدرعات، مع التركيز على ضرورة أن تصل إلى الصناعات المعقدة كصناعة الطيران وبناء منظومة متكاملة من الخدمات والصناعات المساندة؛ لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير فائض الإنتاج إلى دول المنطقة.
رُغم ذلك يرى معهد ستوكهولم أنَّ محاولات السعودية لبناء صناعة أسلحة محلية أسفرت عن نتائج محدودة، واصفًا رؤية 2030 بأنّها تنطوي على طموحات غامضة لتطوير صناعة الأسلحة، وأنَّ إمكانية تحقيق أهداف هذه الرؤية فيما يتعلّق بالصناعات العسكرية خلال فترة 14 عامًا أمر مشكوك فيه للغاية؛ معتمدًا في وصفه بأنَّ السعودية لا تزال تعتمد اعتمادًا كبيرًا على واردات الأسلحة، ويمكن توقع أن تعتمد صناعة الأسلحة السعودية المحلية النامية على التكنولوجيا والخبرات المستوردة لسنوات عديدة مقبلة.
في مارس 2016؛ قال رئيس المؤسسة العامة للصناعات العسكرية محمد الماضي في كلمته عن افتتاح مصنع للصواريخ: «أنتجت المنظمة مجموعة من المنتجات، من أهمها الأسلحة الخفيفة والذخائر بأنواعها والمدرعات وأجهزة الاتصالات العسكرية وطائرات الاستطلاع بدون طيار والملابس والمعدات العسكرية».
على الجانب الآخر؛ ركَّزت الإمارات جهودها في هذا القطاع على تطوير الصناعة الدفاعية المحلية؛ ففي العقد الأخير، أطلقت أبو ظبي إصلاحات عدة لإعادة تنظيم القطاع الدفاعي الإماراتي، وعلى سبيل المثال في العام 2014، دمجت الحكومة 16 شركة صغيرة في إطار شركة الإمارات للصناعات العسكرية «إديك»، والتي انضمّت بعد ذلك ضمن مجموعة «إيدج»، وهي الجهة الأكبر في البلاد في مجال تصنيع الأسلحة وتأمين الخدمات ذات الصلة.
الريادة الإماراتية
وتلعب الشركات الإماراتية المحلية على تعزيز خدمات الصيانة العسكرية والإصلاح والعمرة، لا سيما تلك المخصصة لسلاح الجو الإماراتي؛ ففي بداية عام 2018 تم عرض نسخة مسلّحة جديدة عن مروحية «سيكورسكي يو إيتش-60 بلاك هوك» على المستوى التقني، وهي ليست فريدة من نوعها؛ لكنّها تشير لدعم وتوطين الصناعات الدفاعية.
رُغم أنَّ دولة الإمارات تعتبر أقّل بكثير في إنفاقها مقارنة بالسعودية، إلا أنَّ الإمارات تبدو اليوم أكثر الواعدين في المنطقة وبين أقرانها من دول الخليج التي تسعى للحصول على مكانة متقدّمة في الأسلحة الناشئة، وبالفعل، كانت دولة الإمارات أكثر وضوحًا بأن تصبح مصدرًا صافيًا للأسلحة، وهو ما ظهر جليًّا في ميزانية سوق الدفاع الإماراتي 23.2 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن تحقق معدل نمو سنويًا مركبًا يزيد عن 3% خلال الفترة 2024-2028، جنبًا إلى جنب مع معارض الدفاع «آيدكس ونافدكس» الذي يُقام كل عامين.
أمّا في قطر؛ فالإنفاق العسكري، يملأ حيّزًا كبيرًا في ميزانيتها؛ فتبلغ ميزانية سوق الدفاع القطري 13.4 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن تزيد بمعدل نمو سنوي مركب يزيد عن 5% خلال الفترة 2024-2028؛ إلا أنّه وفقًا دييجو لوبيزا دا سيلفا فإنّ الإنفاق العسكري القطري ارتفع بمعدل نمو قدره 27% في عام 2022 ليصل إلى 15.4 مليار دولار، وتعود تلك البيانات المتضاربة نظرًا لعدم شفافية السلطات القطرية في الإعلان عن إنفاقها العسكري.
يؤكّد الخبير الاستراتيجي الكويتي في شؤون الخليج أنَّ «الدول الخليجية تمتلك رأس المال والعقول والبنية التحتية اللازمة لتطوير وتكثيف صناعة التسليح في دول الخليج»؛ لكنّه يطرح سؤالًا؛ هل من الصحيح صناعة كل شيء من الإبرة للصاروخ فيما يتعلّق بالتسليح؟، هل نمتلك أسوقًا كافية لتسويقها وبيعها؟ ماذا سنفعل بالمصانع في حالة الكفاية؟
يرى “السرّي” أنَّ القطاعات التي يوجد بها استهلاك كبير كالأسلحة الشخصية، والذخائر بمختلف عياراتها، أو الأسلحة المتوسطة والخفيفة، هو مجال بدأت فيه السعودية والإمارات بالفعل، لذلك يمكن لدول أخرى في الخليج أن توحّد الفكر، وتخصص لكل دولة ما يمكنها فعله، إعمالًا لاتفاقية الرؤية العسكرية المشتركة الصادرة عن مجلس التعاون الخليجي؛ فالدولة (أ) تختص بالأسلحة الخفيفة، الدولة (ب) تختص بالذخائر، يمكن الدولة (ج) تختص بالأسلحة الثقيلة.
يستطرد: «وفيما يتعلّق بالأسلحة الثقيلة؛ فإنّ أوّل وأهم خطوة بها هي الإصلاح والصيانة، واستحداث ورش مركزية للصيانة، يجب ألا نحتاج لنقل تسليحنا للخارج للصيانة؛ فتقريبًا نحو 70 أو 80 % من مصادرنا للتسليح هي واحدة».
يردف في حديثه مع «مواطن»: «إذا كان هناك مصنع أو مركز رسمي لصيانة المحركات النفاثة، وموجود بالخليج 10 أنواع منه؛ فإنّ أفضل مكان لصيانته بشكل أرخص اقتصاديًّا هو في المركز الرسمي بدولة من دول الخليج، ومنها تكون بداية ونواة لتصنيع المحركات، وصيانة الدبابات، وتكون هذه الدول لصيانة القطع التي نتعاقد عليها، بداية جيّدة لنقل العلم والتكنولوجيا، وبعد 10 أو 15 عامًا نستطيع إنتاجها بأيادٍ خليجية».
تمتلك الدول الخليجية رأس المال والعقول والبنية التحتية اللازمة لتطوير وتكثيف صناعة التسليح في دول الخليج
تشير الورقة البحثية المنشورة في مارس 2017؛ إلى أنَّه رغم عدم وجود ذكر لبناء أسلحة محلية في رؤية قطر الوطنية 2030، إلا أنَّ القطريين يرغبون في اتبّاع النموذج الإماراتي؛ ففي الوقت الحاضر تفضّل قطر صراحة المعدات الدفاعية الغربية خاصة من الولايات المتحدة، وبفضل غياب تحفيز التنمية الصناعية الدفاعية في هذه الرؤية؛ فإنّ ذلك أدى لإحالة الدولة إلى مصاف إنتاج الأسلحة من الدرجة الرابعة على الأقل على المدى المتوسط.
وتشير الورقة إلى أنّه على المدى الطويل؛ فإنَّ الاستفادة من العلاقات مع السعودية والإمارات من الممكن أن تؤثر على القدرات الدفاعية القطرية، إذا أصبحت قطر بالفعل أكثر جدية بشأن تعزيز إنفاقها العسكري على تطوير البنية الصناعية التحتية العسكرية.
بينما الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري «إنيغما» يؤكد على «امتلاك الإمارات والسعودية برنامجًا متكاملًا لتطوير الصناعات الدفاعية المحلية، ويتم الاستثمار فيها بشكل دائم، من قِبل القوات المسلحة، أو من قِبل الجهات الحكومية».
ويشدد على وجود تقدُّم في مجال الآليات المُصفّحة، والطائرات بدون طيار، والذخائر، جنبًا إلى جنب مع الخطط الطموحة للتوسع في مجال تصنيع الطائرات، والمنظومات الإلكترونية ودمج الأنظمة، موضّحًا أنّه «برنامج يتطلب وقتًا لينضج بشكل أكبر في السعودية والإمارات بصفة خاصّة».
أمّا عن تحديّات تطوير الصناعات العسكرية في دول الخليج؛ فيشير إلى عامل الزمن، وضرورة الاستثمار في الطاقة البشرية الصحيحة، مما يؤدي لتطوير الصناعات المحلية العسكرية، والذي يستدعي أيضًا ضرورة توجيه دراسات الكوادر الشابة بالجامعات، وتوجيه اختصاصاتهم بما يفيد وينمّي هذه الصناعات الدفاعية المحلية.
ويشدد أيضًا على وجود تحدٍّ آخر؛ وهو الحصول على التكنولوجيا من الدول الخارجية إلى المنطقة، لتسريع تطوير التكنولوجيا الدفاعية؛ خاصّة وأنّ هذه الدول بدأت منذ عقود، وتتقدم على الدول العربية في التقنيات العسكرية، وفي حالة حدوث ذلك؛ يوفّر عقودًا للتطوير والانتقال لمرحلة أخرى في هذه الصناعات، بالإضافة إلى الاستثمار في قطاعي البحث والتطوير لمواكبة تطوير وتصنيع منتجات تحمل تكنولوجيا حديثة ومستقبلية.
هل سيقل هذا الإنفاق؟
يرى الدكتور أيمن سمير أنَّ الإنفاق العسكري في الدول الخليجية سيقل في الفترة المقبلة، موضّحًا أسبابه التي استند إليها قائلًا: «تراجع فكرة الاستقطاب العسكري بين السعودية وإيران بشكل جذري، كما أنّه من المتوقع أن تقلّ حدة الخلافات في اليمن وسوريا والعراق، الأمر الذي سيؤدي لتراجع مشتريات السلاح من الخارج، لكن يمكن تعويض هذا الأمر بالاعتماد على فكرة تعميق خلجنة صناعة الأسلحة».
يختم حديثه بالقول: «هناك توجّه في السعودية والإمارات لتصنيع السلاح في الداخل بشكل محلي، لذلك نشاهد معارض كآيدكس ونافدكس للسلاح والذخيرة، اتفاقيات التصنيع المشترك بين السعودية وشركة لوكهيد مارتن الأمريكية، كما أنّه سبق للسعودية توقيع اتفاقيات للتصنيع العسكري مع دول سواء في أوروبا أو مع الصين أو الهند أو حتى جنوب إفريقيا للتصنيع العسكري أو الذخائر؛ لذلك فالدول العربية يمكنها المشاركة في تصنيع الذخائر التي يعاني من نقصانها العالم وهي ذخائر 155M، التي تحتاجها المدفعية في أوكرانيا وفي الحرب الروسية الأوكرانية بشكل عام، لذلك تعميق الصناعة المحلية في الدول الخليجية تزداد وتيرتها يومًا بعد يوم، ويمكن للدول الخليجية الوصول للاكتفاء الذاتي في مرحلة قريبة جدًا ربما 2030 أو 2035».