تمر العلاقات بين تركيا ودول الخليج بواحدة من أفضل فتراتها التاريخية، بعد قرابة العقد من الاختلاف في وجهات النظر على خلفية أحداث الربيع العربي، ما أحدث شروخًا كبيرة في العلاقات خلال تلك الفترة، ولكن قبل عامين أخذت تلك العلاقات منحى جديدًا، وذهبت أنقرة لتغيير لهجتها تجاه دول الخليج حتى وصلت إلى التطبيع الكامل معها.
المتغير الرئيس الذي أدى إلى هذا التحول كانت كلمة السر فيه هي “الاقتصاد”؛ فقد عاني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال ولايته السابقة من أزمات الاقتصاد التركي؛ ما أجبره على تغيير خطه السياسي الذي اتبعه نحو بعض الدول الخليجية، والكف عن الهجوم العلني على السعودية والإمارات؛ بل راح يدعو للتقارب معهم، وهو الأمر الذي تحقق قبل عام من الانتخابات الرئاسية التي جرت مايو الماضي، وتمكن من الفوز فيها بشق الأنفس.
التقارب مع الدول الخليجية قبيل الانتخابات وفر لأردوغان دعمًا اقتصاديًا، مكنه من المحافظة على سعر الليرة في حدود 19 ليرة مقابل الدولار الأمريكي، وتراجع التضخم الذي وصل إلى نسبة قياسية تخطت في شهر نوفمبر الماضي 80 في المائة، إلى 43 في المائة خلال شهر أبريل الماضي، أي قبل شهر واحد من الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وبعد شهر من فوزه في الانتخابات قام أردوغان بزيارة إلى الخليج شملت السعودية وقطر والإمارات على الترتيب خلال الفترة من 17 حتى 19 يوليو الماضي، وهي الزيارة التي قال عنها: “إن بلاده ستعزز تعاونها مع دول الخليج، الأمر الذي سيعود بالفائدة على اقتصاد تركيا”، كما اصطحب معه نحو 200 رجل أعمال تركي من قطاعات متفرقة، على رأسها العقارات والمقاولات والصناعة والزراعة والأغذية والمعلوماتية والمدن الذكية والموانئ والمصارف.
يقول الخبير التركي إسلام أوزجان، لـ”مواطن“: “إن العلاقات بين تركيا ودول الخليج كانت متوترة جدًا خلال السنوات الماضية، إلى أن بدأت في التحسن السريع خلال السنة الماضية، و الخطوات التي اتخذها أردوغان، والتي تضمنت بيع أصول تركيا بأسعار منخفضة، تم استقبالها بإيجابية من قبل الإمارات، ويمكن أن نقول الشيء ذاته عن السعودية”.
ولكن هنا يحضر السؤال الأهم، من هو الطرف الأكثر استفادة اقتصاديًا؛ تركيا أم دول الخليج؟ فهل تركيا هي الفائزة بجذب استثمارات خارجية تعيد الحيوية إلى القطاعات الاقتصادية التركية التي تعاني بشكل كبير جراء التضخم وتراجع سعر صرف الليرة؟ أم هي دول الخليج التي ستلقي بثقلها في سوق تركي في أضعف حالاته مما يمكنهم من تحقيق أكبر هامش من الربح؟ خاصة وهم يعلمون أن الأتراك لا يملكون رفاهية رفض الشروط الخليجية؟ والسؤال الثاني هل هذه الاستثمارات الخليجية قادرة على انتشال أنقرة من أزمتها الاقتصادية فعلاً؟
للإجابة على هذه التساؤلات سنعمل على رصد واقع التعاون الاقتصادي بين دول الخليج الثلاث “السعودية وقطر والإمارات”، ثم التوقعات المستقبلية لهذه العلاقة، وكيف أن تؤثر على الوضع الاقتصادي؟
حجم العلاقات التجارية
منذ توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني في 1973، شهد التعاون بين تركيا والسعودية في المجال الاقتصادي “تطورا ونموًا مستمرًا حتى وصل حجم التبادل التجاري بينهما في 2006 إلى نحو 3 مليارات دولار”، وتشكَّلَت على ضوء تلك الاتفاقية اللجنة السعودية التركية المشتركة، لتُضاف إلى مجلس رجال الأعمال التركي السعودي، والذي أسهم منذ إنشائه في أكتوبر 2003؛ في تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
ومن ذلك الحين، شهدت العلاقات الاقتصادية “تطورًا سريعًا وملحوظًا؛ إذ أصبحت المملكة شريكًا اقتصاديًا مهمًا لتركيا، ومن ضمن أكبر 8 شركاء تجاريين لها على مستوى العالم”. كما نجحت المملكة في استقطاب 390 شركة تركية للاستثمار في قطاعات عديدة بالسعودية، أهمها الإنشاءات والصناعة التحويلية وتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم؛ فيما يبلغ عدد الشركات ذات رأس المال السعودي المستثمرة في تركيا 1140 شركة في قطاعات متنوعة.
وخلال السنوات الثلاث الماضية؛ بلغت قيمة صادرات المملكة إلى تركيا 37.5 مليار ريال (نحو 9.9 مليارات دولار)، وكانت أهم السلع المصدرة اللدائن ومصنوعاتها ومنتجات كيماوية عضوية ورصاص ومصنوعاتها؛ فيما بلغت قيمة واردات المملكة من تركيا خلال السنوات الثلاث الماضية، 21.7 مليار ريال (حوالي 5.7 مليارات دولار)، وكانت أهم السلع المستوردة: السجاد والأرضيات والتبغ والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاءها والآلات والأثاث والمباني المصنعة.
وقبل أيام، أفاد وزير التجارة التركي عمر بولاط بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 6.5 مليارات دولار في 2022، ووصل حتى النصف الأول من 2023 إلى 3.4 مليارات دولار، متحدثًا عن هدف لرفعه إلى 10 مليارات دولار على المدى القصير و30 مليارًا على المدى الطويل.
وتتمتع الإمارات وتركيا بعلاقات تجارية واستثمارية وثيقة؛ ففي مارس الماضي وقع البلدان اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما، ودشنت الاتفاقية حقبة جديدة من الشراكة والتكامل الاقتصادي؛ إذ ارتفعت التجارة البينية غير النفطية بنسبة 40% لتبلغ قيمتها 18.9 مليار دولار في عام 2022 ما يجعل تركيا أحد أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات حول العالم، بحصة تبلغ أكثر من 3% من التجارة الخارجية غير النفطية للدولة. ووصل إجمالي حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا إلى نحو 7.8 مليار دولار نهاية العام 2021 في قطاعات متنوعة، شملت الخدمات المالية والعقارات والنقل والمواصلات والطاقة المتجددة والموانئ والخدمات اللوجستية.
وفور دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة حيز التنفيذ، سيتم بموجبها إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على 82% من المنتجات والسلع، وهو ما يمثل أكثر من 93% من قيمة التجارة الثنائية غير النفطية، إلى جانب إزالة الحواجز غير الضرورية أمام التجارة، وخلق مسارات جديدة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الثنائية، وتعزيز وصول المصدرين المحليين إلى الأسواق؛ بما في ذلك القطاعات الرئيسية؛ مثل البناء والمنتجات المعدنية والبوليمرات والمنتجات الصناعية الأخرى.
وتهدف الاتفاقية إلى زيادة التجارة البينية غير النفطية من قيمتها الحالية التي تبلغ 18.9 مليار دولار إلى أكثر من 40 مليار دولار سنويًا في غضون 5 أعوام، وزيادة الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7%، وزيادة تدفقات الاستثمار في القطاعات الرئيسية مثل الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية والأمن الغذائي والطاقة المتجددة.
وفيما يخص التعاون بين تركيا وقطر؛ فهناك ما يزيد عن 700 شركة تركية تعمل في قطر في مختلف القطاعات، بجانب 200 شركة قطرية تعمل في مجموعة واسعة من القطاعات في تركيا. كما زادت استثمارات قطر المباشرة في تركيا بشكل كبير، بـ 33.2 مليار دولار، بينما بلغت قيمة المشاريع التي نفذتها شركات الانشاءات التركية في البنية التحتية في قطر 22 مليار دولار أمريكي، حتى عام 2022. وفي مجال السياحة، وصل عدد الزائرين القطريين لتركيا نحو 30 ألفا في 2016، ثم تزايد في 2019 إلى نحو 110 آلاف، بينما وصل 2022 إلى 140 ألف سائح.
وتهدف الاتفاقية إلى زيادة التجارة البينية غير النفطية من قيمتها الحالية التي تبلغ 18.9 مليار دولار إلى أكثر من 40 مليار دولار سنويًا
الخبير الاقتصادي الكويتي نادر العبيد، يقول: “مر الاقتصاد التركي بتحديات خلال السنوات الماضية، مرتبطة بارتفاع التضخم وانخفاض قيمة الليرة أمام الدولار الأمريكي، وقد أثرت هذه التحديات على خروج كثير من رؤوس الأموال من تركيا مما أثر على اقتصاد البلاد”.
وأضاف العبيد، لـ”مواطن” “أن الرئيس التركي كان يريد استقرار الوضع داخليًا أولًا ثم الالتفات خارجيًا، ومن هنا أتى التوجه التركي نحو الاقتصادات الخليجية و صناديقها السيادية، وهي عامل محرك كبير لاقتصادات الدول، ويحتل اقتصاد دول الخليج الرقم 12 عالميًا، كما أنه غني ومتنوع، وكذلك حدث توحيد للرؤي الاقتصادية داخل مجلس التعاون الخليجي”.
وتابع الخبير الاقتصادي: “هناك تواجد سعودي وإماراتي وكويتي في السوق التركي؛ حيث تستثمر الإمارات في أسواق المال والطاقة، وتحاول الإمارات تنشيط مناطقها الحرة من خلال استهداف المنتجات التركية، كما ستسعى تركيا جاهدة لإيجاد مساحة لشركاتها في المنطقة؛ لا سيما شركات الإنشاءات التي قد تستفيد من خطط رؤية السعودية 2030، أو رؤية الكويت 2040، ومن المهم حاليًا تفعيل الاقتصاد السياسي بين دول الخليج وتركيا، وربط المصالح مع بعضها، لأن هذا سيؤدي إلى تحسين مستوى العلاقات، وخلق أسواق مشتركة، وهو ربما نراه في المرحلة القادمة”.
وأشار إلى أن توتر العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي، وحالة المد والجزر التي تعاني منها، أتاحت فرصة للرئيس أردوغان للتركيز على بدائل أخرى وعلى رأسها السوق الخليجي.
الآفاق المستقبلية
صرح الرئيس التركي، عقب زيارته: “سنعزز تعاوننا مع دول الخليج عبر مشاريع ملموسة في الفترة المقبلة، وآمل أن ينعكس ذلك على اقتصاد تركيا بشكل إيجابي بأقرب وقت، وخصوصًا في مجالات الصناعات الدفاعية والطاقة والسياحة والمقاولات، سنقوم بتنفيذ الجوانب التي تم الاتفاق عليها بسرعة”. ولفت إلى أن تركيا والإمارات وقعتا 13 اتفاقية تعاون في قطاعات مختلفة بقيمة 50.7 مليار دولار، مضيفا أن العلاقات بين البلدين تدخل عامها الـ 50 العام الجاري.
بدوره علق مصطفى جول، رئيس مجلس المصدرين الأتراك، بأنه بفضل مذكرة التفاهم التي أُبرمت بين مجلسه ودائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي على هامش زيارة أردوغان، سيتم بسهولة رفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 25 مليار دولار. وذكر أن تركيا تولي اهتمامًا بالغًا لعلاقاتها التجارية مع دول الخليج، مبينًا أن الإمارات تعتبر من أهم الشركاء الاقتصاديين والتجاريين لأنقرة.
خلال الزيارة وُقعت العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم؛ بلغت قيمتها الإجمالية 50.7 مليار دولار. وقبيل زيارة الرئيس أردوغان إلى الرياض، عُقد ملتقى الأعمال التركي السعودي، وأسفر عن توقيع 16 اتفاقية تعاون بقيمة تتجاوز 2.3 مليار ريال (حوالي 613 مليون دولار) في مجالات استثمارية؛ بينها التطوير العقاري والإنشاءات والاستشارات الهندسية.
ويرى رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نائل أولباك أن العلاقات السياسية بين تركيا والسعودية والإمارات وقطر تتقدم بإيجابية كبيرة في الفترة الأخيرة. وأشار أنهم بدؤوا برؤية انعكاسات هذا التقدم بشكل ملموس، واصفًا الفترة الحالية بأنها فترة ربيع بين تركيا والسعودية والإمارات. وأضاف أن القطاع الخاص التركي وقع 26 اتفاقية منفصلة عن الاتفاقيات الرسمية.
كما صرح سعيد ثاني حارب الظاهري، سفير دولة الإمارات في أنقرة، بأن “اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة” الموقعة بين أنقرة وأبو ظبي في 3 مارس 2023 ستوفر فرص عمل لـ 100 ألف شخص في تركيا، و25 ألف شخص في الإمارات، بمجموع 125 ألف فرصة عمل.
كما أشار السفير إلى أنه تلقى إشارات خلال الزيارة الأخيرة بأنه سيكون هناك تطورات استراتيجية بين البلدين، وأن حجم التجارة الثنائية يمكن أن يرتفع إلى 10 مليارات دولار في المستقبل، مع توسع نطاق التعاون في مجالات مثل السياحة والتكنولوجيا والصحة.
جولة أردوغان في الخليج، غير كافية لإنقاذ الاقتصاد التركي.
من ناحيته، قال الباحث القطري في الشؤون الدولية، علي الهيل: “إن الاستثمارات هي العنوان العريض لجولة الرئيس أردوغان الخليجية، وقبل زهاء 22 سنة كان التبادل التجاري بين تركيا ودول المنظومة الخليجية لم يتعدَّ 1.6 مليار، اليوم وصل زهاء 23 مليار دولار”. وأضاف: “حسب المعلومات التي لدي فقد حصلت تركيا على ما يقارب المئتي مليار دولار من الدول الثلاث على شكل استثمارات مباشرة وغير مباشرة للسنوات الأربع المقبلة”.
وأشار إلى أن “تركيا تستطيع أن تمنح رجال وسيدات الأعمال الخليجيين امتيازات كثيرة؛ منها إزالة حواجز البيروقراطية والروتين للإسراع بالعمل والإنجاز، فضلاً عن منح خصومات للخدمات”.
كما يرى المحلل الاستراتيجي السعودي، محمد صالح الحربي، أن الفرص القادمة بين الرياض وأنقرة “واعدة وضخمة”، لافتا إلى البلدين يهدفان لأن يصل حجم التبادل التجاري بينهما بحلول 2030 إلى 30 مليار دولار. ووصف الحربي جولة أردوغان الخليجية وبدايتها من المملكة العربية السعودية بـ ” زيارة التحولات والأعماق الاستراتيجية”، واعتبر أنها تأتي في مرحلة مهمة للغاية.
وتابع: “هناك نقاشات عديدة، ولكن الآن بدأنا بالتحولات والانطلاق نحو اقتصاديات القرن الواحد والعشرين، والتوازن في الشراكات، والتنوع في مصادر الدخل والاستثمارات؛ فالملفات مرتبطة مع بعضها البعض؛ سواء سياسيًا، أو أمنيًا، أو دفاعيًا، أو استثماريًا، أو اقتصاديًا.”
دول الخليج أم تركيا، من الرابح الأكبر؟
يقول الخبير التركي، إسلام أوزجان: “تعتمد الفائدة المتحققة من هذا التقارب ومن سيربح أكثر، على الشكل الذي ستتخذه هذه العلاقة، إذا قامت دول الخليج بإجراء استثمارات في تركيا تساهم في زيادة التوظيف، وتقدم مساهمات طويلة الأمد في الاقتصاد، وتساهم في حل المشكلات الهيكلية؛ فمن الواضح أن هذا التقارب سيكون في صالح تركيا ربما أكثر من دول الخليج، ولكن إذا بيعت الأصول أو الشركات في تركيا بأسعار منخفضة نتيجة للضائقة الاقتصادية التي تعيشها تركيا، وانخفاض قيمة الليرة التركية؛ فإن تركيا لن تستفيد من هذا التقارب مع الأسف الشديد.
وأضاف أوزجان، لـ”مواطن”: “إنه من المتوقع أن تؤثر العلاقات بين تركيا ودول الخليج بشكل إيجابي على الوضع الاقتصادي لتركيا في الظروف العادية، ولكن، بسبب الأزمة الاقتصادية العميقة التي تمر بها تركيا وسوء إدارة الحزب الحاكم للشؤون الاقتصادية والسياسية في البلاد، أعتقد أن التطور والتحسن في العلاقات بين الطرفين لن يكون له تأثيرات إيجابية كما هو متوقع”.
كما يرى أن المشكلة الحقيقية في تركيا مرتبطة بشكل وثيق بسوء الإدارة وعجز الحكومة عن اتخاذ قرارات صارمة وصائبة في عديد من المجالات، ويمكن القول بأن المشكلة الأكثر إلحاحًا حاليًا هي الابتعاد عن المؤسساتية الذي أدى إليه نظام الرجل الواحد في البلاد.
وأشار أن تركيا استقبلت حوالي 32 مليار دولار كمقايضة من عدة بلدان؛ بما في ذلك دول الخليج والصين وروسيا خلال السنة الماضية، هذا المبلغ لم يكن كافيًا لحل مشكلات تركيا، ولا يبدو أن دول الخليج ستقدم مساهمات بمبالغ أكبر بكثير، بالإضافة إلى ذلك، لا يعرف أحد الإجمالي للاتفاقات التي تم الوصول إليها خلال الزيارة التي قام بها أردوغان إلى دول الخليج في يوليو 2023. ومع ذلك، حسب بعض مصادر الأخبار، تم التوقيع على اتفاقات هامة خلال الزيارات، وتوقعت أن تصل الاستثمارات في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والدفاع في تركيا إلى 30 مليار دولار. أيضًا تم الإشارة إلى أنه من المتوقع حدوث تطورات في الاستثمارات المباشرة، وأن تصبح تركيا كقاعدة إنتاج في الزراعة وتنفيذ مشروعات تستند إلى التوظيف. لذا، حتى لو تم التوصل إلى اتفاقات أكبر من الأرقام المذكورة بين الأطراف؛ فإن هذا سوف يساهم فقط في تحسين الظروف الداخلية لتركيا في المدى الطويل. لذا، أنا لا أتوقع أن تحدث أي تحسن في الأوضاع الاقتصادية لتركيا خلال السنوات القليلة المقبلة.
ويتفق معه الخبير الاقتصادي التركي، مصطفى كاراعلي أوغلو في أن جولة أردوغان في الخليج، غير كافية لإنقاذ الاقتصاد التركي. وفي مقالته بصحيفة “قرار” يقول: “إن تركيا تحتاج إلى برنامج اقتصادي محدد المسار، ويجب أن يكون مرتبطًا بدبلوماسية عقلانية وباقتناع ثابت بالتغيير، والخطوة الأولى لذلك هو ترك الاختيارات السابقة باهظة الثمن، والعودة إلى السياسات التقليدية التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة”. وشدد على أن “الاستثمارات الخليجية أو بيع الأصول، لن تخرج البلاد من الأزمة التي تمر بها”.
وبحسب صحيفة يني شاغ التركية؛ فإن الإمارات تدرس الأصول الرخيصة في تركيا، وستكون أول عملية شراء استحواذ شركة أبوظبي التنموية القابضة (ADQ)، على شركة الأدوية بيرجي ميفار.
خلاصة
العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج وتركيا، يسعى كل الأطراف فيها إلى تحقيق مصالحهم؛ فتركيا تسعى إلى جذب استثمارات إلى سوقها المحلي من أجل تنشيطه، في وقت يعاني فيه بشدة من آثار التضخم وتدهور قيمة الليرة، بينما تسعى دول الخليج إلى الاستثمار في هذا السوق، وهو في أضعف حالاته؛ مما يحقق لهم أكبر قدر من الاستفادة عن طريق الاستحواذ على بعض الأصول، أو الاستفادة من الخبرات التكنولوجية للشركات التركية، وكذلك الاستفادة من خبرتها الكبيرة في مجال الإنشاءات للمساهمة في خططها متوسطة وطويلة المدى.