يقول المرشح الأمريكي لسباق الرئاسة في الحزب الجمهوري رون ديسانتس: “إن الجيش الإسرائيلي (جيش الاحتلال) يفعل ما لا يفعله أي جيش في العالم؛ فهو يحذر السكان قبل تفجير منازلهم، إذًا فكل مشكلة الغرب مع بوتين أنه لم يحذر الأوكرانيين قبل تفجير منازلهم؛ فماذا لو قام بتحذيرهم هل سيكون مناسبًا لكم”.
كان هذا هو رد الكوميديان المصري باسم يوسف في برنامج “TALK TV” مع بيرس مورغان، وهو الرد الذي صدم مورغان ومتابعيه؛ ففي هذا الرد البسيط وضع يوسف يده على مربط الفرس، ألا وهو التناقض الغربي في التعامل بين حالتين متشابهين لحد كبير؛ فبينما تسعى روسيا وهي دولة كبيرة في الحجم والقوى إلى ابتلاع دولة جارة صغيرة لها، بحجة أنها تمثل خطورة أمنية، يسعى جيش الاحتلال المدجج بكل أنواع الأسلحة لإبادة قطاع غزة، وهو شريط ساحلي صغير يسكنه أكثر من مليوني إنسان، ويعتبر الأعلى كثافة سكانية على كوكب الأرض، ولا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم ضد القوة الغاشمة التي تقصفهم ليل نهار على مرأى ومسمع من العالم كله.
في الحالة الأوكرانية ثارت ثائرة الدول الغربية “الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”؛ فسخروا كل إمكانياتهم من أجل كييف؛ ففتحوا لها مخازن أسلحتهم، وضخوا عشرات مليارات الدولارات في عصب الاقتصاد الأوكراني ليظل صامدًا، وسخروا آلاتهم الإعلامية لترصد كل صغيرة وكبيرة ترتكبها روسيا ضد الأوكران، ولكن في حالة غزة كان العكس؛ اصطفت الدول الغربية التي تدعي مناصرة حقوق الإنسان إلى جانب إسرائيل، ليس هذا فقط؛ بل سخّروا إعلامهم لتبرير آلة القتل الإسرائيلية التي لم تراعِ لا طفلاً ولا مسنًا ولا امرأة، ولم تراع مستشفى ولا مسجدًا ولا كنيسة.
وهو الأمر الذي دفع منظمة هيومن رايتس ووتش لاتهام الولايات المتحدة وحلفائها بالنفاق فيما يخص إدانة الأفعال الإسرائيلية في قطاع غزة، وقال توم بورتيوس، نائب مدير البرامج في المنظمة في بيان يوم 19 أكتوبر: “إن رد الفعل الصادر من واشنطن – مع بعض الاستثناءات القليلة – من العواصم الأوروبية تجاه الأفعال الإسرائيلية في غزة منذ السابع من أكتوبر كانت صامتة“. وتساءل بورتيوس: أين الدعوات الواضحة والصريحة لإسرائيل لاحترام المعايير الدولية في هجومها على غزة، ناهيك عن المساءلة؟ مشيرًا إلى أن اشتراطات القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين يجب أن تطبق على الجميع.
وأشار بورتيوس إلى الوضع المتعلق بالغزو الروسي لأوكرانيا، والذي شددت فيه الدول الغربية على أهمية احترام قواعد الصراع المسلح في جهودها لكسب الدعم الدولي لأوكرانيا وعزل روسيا، منتقدا الغرب بأن “النفاق والمعايير المزدوجة للدول الغربية أمر صارخ وواضح“.
تناقض لا ينتهي
في 13 من أبريل 2022، اتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بارتكاب “إبادة جماعية” في أوكرانيا، وعزز بايدن من اتهاماته، وقال إن بوتين كان يحاول القضاء على فكرة أن يكون المرء أوكرانيًا، مشبهًا الوضع بأنه “إبادة جماعية”.
ولكن الرئيس الأمريكي دائم النسيان؛ فنسى تصريحه السابق وهو يجلس بجوار رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي توعد بالقضاء على سكان قطاع غزة، والأدهى من ذلك أنه راح يلقى اللوم على حركة الجهاد الإسلامي بالتسبب فى مذبحة مستشفى المعمداني التي راح ضحيتها قرابة 500 قتيل.
وفي 20 أغسطس الماضي، أدان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، القصف الروسي لوسط مدينة تشيرنيهيف في شمالي أوكرانيا والذي أسفر، بحسب كييف، عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة 110، وقال بلينكن في تغريدة: “ندين بأشد العبارات هجومًا مروعًا آخر بالقذائف على مدنيين أبرياء في تشيرنيهيف”، داعيًا روسيا إلى “إنهاء حربها الوحشية الآن”.
وخلال الأسبوع الأول من الحرب على غزة التي بدأت في 7 من أكتوبر، وكان عدد القتلى من سكان قطاع غزة قد تخطى 2000 قتيل، كان تصريح بلينكن لقد جئت أمامكم ليس فقط كوزير خارجية الولايات المتحدة، ولكن أيضا كيهودي”؛ حيث تحدث عن كيفية فرار جده من المذابح في روسيا، وكيف نجا زوج والدته من معسكر أوشفيتز النازي”، ونسي الحرب الوحشية ووقف القتال وأعلن دعمه التام لإسرائيل.
أين الدعوات الواضحة والصريحة لإسرائيل لاحترام المعايير الدولية في هجومها على غزة، ناهيك عن المساءلة؟
توم بورتيوس، نائب مدير البرامج في هيومن رايتس ووتش
بدورها أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، يوم 18 من أكتوبر، إن لإسرائيل الحق بالدفاع عن النفس، بما يتماشى مع القانون الدولي”. وأضافت: أن “أوروبا تقف إلى جانب إسرائيل في هذه اللحظة المظلمة، وهذه هي نقطة البداية الأساسية، وأعتقد أنه كان من المهم إطلاق رسالة التضامن هذه شخصيًا في إسرائيل”.
لكن رئيسة المفوضية الأوروبية، التي كانت تزور تل أبيب وهي تقطع عن قطاع غزة المياه والكهرباء والوقود، وتقصف البنية التحتية المدنية، نسيت ما قالته يوم 19 من أكتوبر 2023؛ حيث وصفت الهجمات على البنية التحتية المدنية الأوكرانية، وخاصة الكهرباء بأنها تعتبر “جرائم حرب”، وقالت إن “حرمان الرجال والنساء والأطفال من الماء والكهرباء والتدفئة مع قدوم الشتاء تمثل أعمال إرهاب خالص”.
وفي 31 من مارس، ومع مرور عام على تحرير مدينة بوتشا الأوكرانية من القوات الروسية، طالب المستشار الألماني أولاف شولتس بمعاقبة مرتكبي جرائم الحرب هناك، وقال: “أظهرت فظائع بوتشا قبل عام للعالم ما تعنيه حرب بوتين؛ الصور لا تزال في ذاكرتي، هذه الجرائم لا يمكن أن تمر دون عقاب، هذا هو السبب في أننا نقف متحدين وراء أوكرانيا، روسيا لن تفوز!”.
ولكن خلال زيارة “شولتز”، لتل أبيب التي جرت يوم 17 من أكتوبر، لم ير المستشار الألماني أن إسرائيل ارتكبت من المجازر ما يكفي للإدانة، وصرح قائلاً: “إسرائيل وألمانيا تربطهما خلفية مشتركة، نحن دولتان ديمقراطيتان ودولتا قانون”، مضيفًا “لدينا مسؤولية تاريخية لحماية إسرائيل”.
كما يرى الأوكرانيون هجوم حماس على إسرائيل في نفس ضوء العدوان الروسي على بلادهم، ولا يعارضون الهجوم البري الإسرائيلي على غزة؛ حيث دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، زعماء العالم إلى إظهار التضامن والوحدة في دعم إسرائيل وإدانة حركة حماس، قائلا “إن إسرائيل لها كل الحق في حماية نفسها”.
يقول مدير مركز القدس للدراسات المستقبلية، الدكتور أحمد رفيق عوض: “كان لافتًا أن الرئيس الأمريكي قد تبنى الرواية الإسرائيلية حول مذبحة المشفى في غزة دون تحقيق، وبذلك حولها إلى سردية عالمية لها قوة الانتشار والتصديق والاغتيال؛ فالرواية الإسرائيلية تتناسب وتلائم مثيلتها الغربية الاستعمارية والعنصرية، لأن رواية تل أبيب تقدم عدوًا كامل الأوصاف للذهنية الغربية يخدم أهدافها”.
وأضاف “عوض” لـ”مواطن” أن العدو هو عربي ومسلم وإرهابي، يكره الحضارة الغربية والليبرالية، والأهم من كل ذلك أنه يطالب بحقوق ليست له ولا تليق به وهي صورة نموذجية للعدو الذي يجب مقاومته أو قتله أو نفيه، ورغم تعدد أعداء الغرب، إلا أن العدو العربي والمسلم والإرهابي وكاره الحضارة، هو العدو المفضل لدواع ثقافية وتاريخية وجغرافية. كما أشار إلى أنه لم يكن من المستغرب أن يركز نتنياهو على فكرة أنه رسول الحضارة أمام جمهور من المتوحشين، أما وزير دفاعه يؤاف غالانت؛ فقال إن المعركة هي بين أبناء النور و بين أبناء الظلام.
أما المحلل السياسي الكويتي، غازي العنزي؛ فيقول: “لا شك أن هناك تمايزًا في موقف المجتمع الدولي بين الحرب الدائرة في غزة ونظيرتها في أوكرانيا، وما هو إلا تأكيد على عدم عدالة المجتمع الدولي وانحيازه ضد العرب والمسلمين تحديدًا؛ فقد رأينا الدعم الكبير الذي يقدمه لأوكرانيا في مواجهة روسيا؛ سواء عبر التسليح أو الدعم الاقتصادي”.
وأضاف العنزي، لـ “مواطن“، أن العكس هو ما جرى تمامًا في غزة؛ فقد تجاهل القادة الغربيون المجازر التي تقوم بها قوات الاحتلال في قطاع غزة المحاصر، وراحوا يقدمون دعمهم غير المشروط إلى تل أبيب، ومشكلة المجتمع الدولي اليوم هو عنصريته العرقية والدينية ضد كل ما هو شرقي أو إسلامي؛ فهم لا يرون أن الدماء واحدة ويجب الحفاظ عليها؛ بل دماء الغربيين مقدسة، ودماوؤنا مهدرة”.
وأشار إلى أن ما تقوم به الدول الغربية الآن، هو مخالف للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحتى الفلسفة التي قامت عليها الحضارة الغربية، التي رفعت شعارات الحقوق والحريات والأكواد الأخلاقية التي تتحدث عن المساواة وتساوي كل المواطنين وحقوق الشعوب، ولكن هذا اتضح أنها شعارات تختفي حين تتضارب مع مصالهم.
حرية التعبير نسبية
أما الجزء الآخر من القضية فهو حرية التعبير، وهو مبدأ غربي لا يتزحزح، ولكن يبدو أنه تزحزح قليلاً – ربما كثيرًا في الحقيقة– وسنظل على نفس الخط بمقارنة ما حدث مع أوكرانيا بما يحدث في غزة على مستوى كرة القدم؛ فبعد الغزو الروسي لأوكرانيا راحت كثير من الدوريات الاوروبية تقف دقيقة حداد على أرواح الضحايا، وتم وضع العلم الأوكراني على الشاشات.
ولم يكن شعار الدعم لكييف فقط حاضرًا في الملاعب؛ بل ارتفع شعار الجيش الأوكراني بدوري أبطال أوروبا، عن طريق الأوكراني رومان ياريمتشوك لاعب بنفيكا البرتغالي، وبعد تسجيله هدفًا في مرمى أياكس أمستردام الهولندي، احتفل ياريمتشوك بالكشف عن قميص يحمل شعار جيش بلاده، ولم يتعرض اللاعب لأي عقوبة أو تأنيب أو حتى إنذار.
لكن ما حدث مع اللاعبيين العرب واللاعبين من أصول عربية كان مغاير تمامًا؛ حيث تعرض النجم الفرنسي كريم بنزيما إلى تهديد من بعض النواب الفرنسيين بسحب جنسيته وسحب الكرة الذهبية منه، وذلك بعد إعلانه عن دعم ضحايا الهجوم جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة، كما طالب نائب في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني يُدعَى يوهانس شتاينيغر، بطرد المغربي نصير مزراوي نجم بايرن ميونخ من ناديه وألمانيا كلها، بسبب دعمه لفلسطين، وبدوره أصدر النادي بيانًا يندّد فيه بموقف اللاعب، اضطُرّ مزراوي إلى الرد لتوضيح موقفه، برسالة مطوَّلة عبر منصة انستغرام.
وتعرض اللاعب الجزائري يوسف عطال إلى الإيقاف من قبل ناديه نيس الفرنسي، بسبب مزاعم حول منشور معاد للسامية، كما فتحت النيابة العامة في مدينة نيس تحقيقًا أوليا ضد نجم المنتخب الجزائري بتهمة “الدفاع عن الإرهاب” و”التحريض على الكراهية أو العنف على أساس دين معين”. أما النجم الهولندي من أصول مغربية أنور الغازي فقد تعرض لعقوبة رادعة بتجميده (منعه من اللعب) من قبل نادي ماينتز الألماني بسبب المساندة للقضية الفلسطينية.
كما تعرض عيسى العيدوني لاعب منتخب تونس ونادي يونيون برلين الألماني إلى هجمة شرسة، من قبل جماهير النادي الألماني بسبب إعلان تضامنه مع فلسطين، وطالب أنصار النادي بضرورة فسخ العقد وإبعاد اللاعب عن صفوف الفريق، وتواجه نجمة التنس التونسية أنس جابر خطر الإيقاف عن المشاركة في بطولات رابطة اللاعبات المحترفات ومسابقات اتحاد التنس، وذلك بعد الشكوى الرسمية التي تقدم بها الاتحاد الإسرائيلي للتنس إلى الاتحاد الدولي للتنس ورابطة المحترفات ضد اللاعبة التونسية بسبب موقفها المساند لفلسطين.
بدوره يرى الناقد الرياضي، محمد شرف الدين، أن من حق اللاعبين التعبير عن آرائهم في شتى المجالات؛ سواء السياسية أو غيرها، لا سيما إذا كان الأمر يمس انتماءهم الوطني أو الديني. وأضاف الناقد الرياضي، لـ “مواطن“: ” الأزمة الحالية ربما تكون أكثر حساسية بسبب الكيفية التي بدأت بها، وهو ما يتطلب الحذر من جانب اللاعبين العرب في الملاعب الأوروبية؛ فمع التأكيد على حقهم الكامل في التعبير عن آرائهم، عليهم أن يراعوا البيئة الأوروبية ونظرة الكثيرين فيها إلى القضايا الشائكة كالصراع العربي – الإسرائيلي، وألا يغالوا في ردود أفعالهم ويتخذوا مواقف صدامية”.
وتابع: “لكن في المقابل، على الأندية أيضًا أن تقطع نصف المسافة نحو اللاعبين وتفتح باب الحوار معهم، للوصول إلى اتفاقات معينة بشأن هذه الأمور، كما يُفضل أن تكون لوائح كل نادٍ واضحة ومحددة فيما يتعلق بالتعبير عن الآراء السياسية؛ فإذا كانت هناك محاذير محددة، لا بد من عرضها على اللاعبين وتوضيحها لهم منذ البداية، وبإمكان اللاعب حينها الموافقة أو الرفض، وذلك للحيلولة دون وقوع أي خلافات مستقبلًا بين الطرفين”.
وفي الفضاء الافتراضي، وجّه كثير من مستخدمي “فيسبوك” انتقادات لحذف منشورات تتناول التصعيد الراهن، بعدما جرى تقييد استخدام حسابات، وغلق أخرى لعدة ساعات أو أيام، على وقع تناولها ونشرها أخبارًا وصورًا للأحداث تخص المقاومة الفلسطينية منذ عملية “طوفان الأقصى”.
ووثّقت هيومن رايتس ووتش أن “إنستجرام”، التي تملكها شركة ميتا التي تمتلك أيضا فيسبوك، أزالت منشورات، بما فيها تلك التي تعيد نشر محتوى من مؤسسات إخبارية رئيسة؛ حيث أزيلت كل المنشورات لاحتوائها “كلامًا أو رموزًا تحض على الكراهية”، وفقا لإنستجرام، وقالت هيومن رايتش ووتش في تقريرها، أن حماية حرية التعبير في القضايا المتعلقة بإسرائيل وفلسطين تكتسب أهمية خاصة في ضوء تقلص مساحة النقاش.
تبنى الرئيس الأمريكي الرواية الإسرائيلية حول مذبحة المشفى في غزة دون تحقيق، وبذلك حولها إلى سردية عالمية لها قوة الانتشار والتصديق والاغتيال؛ فالرواية الإسرائيلية تتناسب وتلائم مثيلتها الغربية الاستعمارية والعنصرية
مدير مركز القدس للدراسات المستقبلية، الدكتور أحمد رفيق عوض
منصّة تيك توك أكّدت لصحيفة “واشنطن بوست” أن حماس ممنوعة على منصتها أيضًا. أمّا تيليغرام فمراقبته للمحتوى محدودة جدًا، في حين أصبحت منصة “إكس” مركزًا للمشاركات ومقاطع الفيديو التي تم حذفها من منصات أخرى بسبب انتهاكها لقواعد المنصات ضد العنف أو خطاب الكراهية.
الخبير التكنولوجي فادي رمزي، قال لــ”مواطن“: “إن منصات شركة ميتا “فيسبوك وانستغرام”، تقوم من فترة طويلة بالعمل على محاربة المحتوى الفلسطيني، وظهر الأمر بشكل فج مع عملية “طوفان الأقصى”؛ حيث تم العمل على حذف بعض المنشورات الداعمة أو توقيف جزء من هذه الحسابات وتوجيه تحذيرات للبعض الآخر”. وأضاف رمزي أن هناك بعض الطرق يمكن من خلالها التحايل على الذكاء الاصطناعي المستخدم في هذه العملية، ومنها ما يستخدمه بعض النشطاء من خلال كتابة الكلمات العربية دون نقاط أو وضع مسافات بين الحروف؛ فلم يتم التعامل معها بشكل آلي على أنها ذات الكلمات التي يجب محاربتها.
كما أشار إلى أن منصة “تيك توك”، تقوم بحذف بعض المحتوى الفلسطيني، ولكن ليس بذلك الشكل في “ميتا”. وشكلت منصة “إكس” (تويتر سابقًا) الوجهة النموذجية للمحتوى الفلسطيني، وما خلق مشكلة بين مالكها إيلون ماسك والاتحاد الأوروبي بسبب المحتوى الداعم لفلسطين.
خسائر محتملة
وحول التناقض في تعامل الاتحاد الأوروبي، بين أوكرانيا وغزة، يقول المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر سانتو: “إن بروكسيل تقف مع إسرائيل وتدعم حقها في الدفاع عن نفسها ضد حركة “حماس” وفق المعايير والقوانين الدولية، لأن “حماس” هي من بدأت القتال وقامت يوم 7 أكتوبر بقتل أكثر من ألف إسرائيلي، بطريقة مشابهة لما يقوم به تنظيم “داعش”، وربما يتخطاها.
وأضاف “سانتو” لـ”مواطن” أن الاتحاد برغم موقفه المناصر لإسرائيل، إلا أنه يدعو للحفاظ على حياة المدنيين، كما يدعو لوقف إطلاق النار والعمليات العدائية، ومن ضمنها إطلاق صواريخ من غزة على المدن الإسرائيلية، كما ندعو مع شركائنا الدوليين إلى تدفق المساعدات إلى القطاع من أجل منع حدوث كارثة إنسانية.
ونشرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، تقريرًا يوم 18 من اكتوبر، قالت فيه: “إن دعم الغرب لهجوم إسرائيل على غزة أفسد الجهود الرامية إلى توافق في الآراء مع الدول النامية بشأن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، وذلك بسبب اتهامات بالازدواجية في تبني المواقف والنفاق من خلال “تجاهل” حقوق المدنيين في فلسطين”.
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين والدبلوماسيين قولهم بأن توابع الهجوم الذي شنته “حماس” في 7 من أكتوبر الجاري على إسرائيل ورد الأخيرة، “أضاع شهورًا من العمل لتصوير موسكو على أنها منبوذة عالميًا لانتهاكها القانون الدولي، ويُعرّض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاءهما لاتهامات بالنفاق“. كما أشاروا إلى أن رد الفعل الإسرائيلي العنيف “عزز المواقف الراسخة في العالم النامي بشأن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني”؛ فيما حذروا من أن هذا قد “يعرقل الجهود الدبلوماسية المستقبلية بشأن أوكرانيا“.
وقبل 4 أسابيع فقط من هجوم حماس على إسرائيل، حضر قادة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والحلفاء الغربيون قمة مجموعة العشرين في العاصمة الهندية نيودلهي، وطالبوا الدول النامية بإدانة هجمات روسيا على المدنيين الأوكرانيين من أجل الحفاظ على احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
ونقلت الصحيفة البريطانية، عن أحد كبار الدبلوماسيين في مجموعة السبع، قوله: “لقد خسرنا بالتأكيد المعركة في الجنوب العالمي، لقد ضاع العمل كله الذي قمنا به معهم بشأن أوكرانيا، عليكم نسيان القواعد ونسيان النظام العالمي، لن يستمعوا إلينا مرة أخرى“، مضيفًا: “ما قلناه عن أوكرانيا يجب أن ينطبق على غزة، وإلا فإننا نفقد كل مصداقيتنا، لماذا يجب أن يصدق البرازيليون والجنوب إفريقيون والإندونيسيون ما نقوله عن حقوق الإنسان؟“.