يهربن بشرفهن إلى الموت.. يمنيات ضحايا الحرب والمجتمع الذكوري
تتزايد الجرائم والانتهاكات المروّعة بحق النساء في اليمن، يومًا بعد آخر في ظل غياب أجهزة الدولة، وتعطّل العدالة والقانون، وتدهور الأوضاع الأمنيّة في البلاد؛ نتيجة الحرب الدائرة لأكثر من ثماني سنوات.
شكّل الوضع الإنساني والأمني المتدهور الذي تمر به اليمن، مرتعًا لارتكاب الجرائم ضدّ النساء والفتيات، واستهداف شرفهنّ وعفّتهن، وهتك أعراضهنّ، من قِبل من يصفهم كثيرون بأنهم وحوشٌ بشريّة، نهشت أجساد النساء، وألقت بهنّ بين جحيم الأسى ونار الوجع، في مجتمعٍ يرى بعينٍ تُحمّل النساء والفتيات كل التبعات الأخلاقية والمجتمعية، ويقف في صفّ الجلاد ضدّ الضحية.
وهو ما دعا كثيرًا من النساء للهروب بشرفهنّ إلى الموت خلال السنوات الأخيرة، حاملات معهنّ “الطُهر والعفاف”، تاركات للمجتمع لعنة العيب ووصمة العار، لتُبيّن هذه الجرائم ما آلت إليه البلاد نتيجة الحرب، وما أفرزته من آثار صادمة، ومخلفات مقيتة، تحمّلت النساء العبء الأكبر منها.
1. الهروب من الاختطاف إلى الموت
1. الهروب من الاختطاف إلى الموت
أفاق اليمنيون في 19 من يونيو/ حزيران 2022، على جريمة مروعة هزّت الرأي العام المحلي، حين اضطرت فتاة عشرينية تدعى رباب بدير، إلى النجاة “بشرفها” مفضلة الموت، قفزًا من على متن سيارة نقل عام (باص)، عندما حاول السائق زيادة سرعة السيارة محاولًا التحرش بها واختطافها، وفق ما أظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة في الشارع الذي حدثت فيه الجريمة، وماتت على الفور.
دقّت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان -غير حكومية- ناقوس الخطر بشأن اختطاف الفتيات والطالبات في اليمن، في بيان صدر عنها منتصف ديسمبر من العام 2019م، قالت فيه: “إنّ ظاهرة اختطاف الفتيات والطالبات والنساء في العاصمة اليمنية صنعا،ء وفي المناطق التي تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي، تصاعدت بصورة غير معهودة وغير مسبوقة في اليمن، وأنّها سجلت اختطاف أكثر من 35 فتاة وطالبة من أماكن للدراسة، ومن شوارع في العاصمة صنعاء خلال فترة قصيرة ماضية”.
وطالبت “رايتس رادار” سلطة الأمر الواقع لجماعة الحوثي في صنعاء بالتحقيق السريع في تلك الجرائم والانتهاكات، والكشف عن مرتكبيها ومحاكمتهم، كون تلك الأعمال تمثل سابقة خطيرة وتمس بالشرف والعرض، وتسيء لذوي الضحايا المختطفات إساءة بالغة، مؤكدةً أنّها تمثل عارًا وجريمة كبرى في المجتمع اليمني، وتتنافى مع كافة الشرائع والأديان والقيم والأخلاق والمروءة، ومع الأعراف القبلية السائدة ومع المواثيق الدولية؛ فهي جريمة غير مسبوقة، في اليمن على وجه الخصوص، ومؤشر خطر قد تؤدي لردود أفعال مجتمعية معاكسة دفاعًا عن شرف المرأة وكرامتها وعرضها. على حدّ تعبير البيان.
السلطة الذكورية جزء من الأسباب
وصفت الناشطة الحقوقيّة والصحفيّة منيرة الطيار، جريمة محاولة اختطاف الشابة رباب بدير، التي أدت في نهاية المطاف إلى وفاتها نتيجة القفز من سيارة النقل العام “الباص”، عندما حاولت النجاة بشرفها، بالجريمة البشعة، والبشعة جدًا”.
وقالت: “إنّ الحرب أسهمت بشكل كبير في تزايد الجرائم ضدّ النساء”، وأردفت لـ “مواطن“: “إنّ الحرب عزّزت الفكرة الذكورية، وأنّ الذكر هو القوي والمسيطر، ويجب على النساء أن يكنّ في طوعه وتحت إمرته، وإن خالفت المرأة أي أمر، عليها أن تواجه غضبه (أي الذكر)؛ في إشارة إلى السلطة الذكورية لدى المجتمع اليمني.
كما يرى الصحفي والناشط في الأمن الرقمي عاصم الخضمي، “إنّ هذه الجرائم تتضاعف في ظل عدم وجود الدولة والأمن، والقضاء الذي سينصف الفتيات، وغياب القضاء والعدل بشكل أكبر، جعل المجرمين يرتكبون المزيد من الجرائم، لأنّ العدالة لا تأخذ مجراها ويفلتون من العقاب، غالبًا”.
غياب إجراءات الحماية
تكرّرت الحادثة المأساوية بطريقة أكثر بشاعة، وأفظع دناءة من سابقتها، في الوقت الذي لا زالت فيه النساء اليمنيات يعايشنَ الكوابيس التي خلفها قاتل الشابة “رباب”، والذي ظل يرافقهنّ مع كل يوم يذهبنَ فيه إلى الدراسة أو العمل، خوفًا من الاختطاف والتحرش، وفق فتيات يمنيات تحدثنَ لـ “مواطن” وتحفظن على ذكر أسمائهنّ.
حدثت الصدمة الثانية، في الرابع من سبتمبر في العام الحالي، حين قفزت الشابة بثينة السمة (23 عامًا) وهي طالبة في إحدى كليات جامعة صنعاء، من على متن سيارة نقل عام (باص)، أيضًا، محاولةً الهروب من قبضة “وحش بشري” حاول التحرش بها واختطافها، بمساعدة آخرين تلك المرّة، ما أدى بها إلى الموت نتيجة الإصابات البالغة التي تعرّضت لها جراء ارتطام جسدها بالأرض، وفق روايات غير رسمية تحوّلت إلى رأي عام.
ترى الناشطة الحقوقية وضحى مرشد، في تدوينة نشرتها على منصة “اكس” أنّ “بثينة السمة ضحية التحرش في مجتمع ذكوري مبرر للعنف ضد المرأة، مجتمع مريض مختل الموازين كاره للنساء”. على حدّ تعبيرها، مردفة: “ثم جاءت الحرب والانقلاب الحوثي السلالي (حسب وصفها) ليقضي على ما بقي من أخلاقياته”. وواصلت “مرشد” في تدوينتها: “ليست بثينة الضحية الأولى ولن تكون الأخيرة”.
#بثينة_السمة ضحية التحرش في مجتمع ذكوري مبرر للعنف ضد المرأة مجتمع مريض مختل الموازين كاره للنساء
— وضحى مرشد (@wadhamurshed) September 13, 2023
ثم جاءت الحرب و الانقلاب الحوثي السلالي ليقضي على مابقي من أخلاقياته
ليست بثينة الضحية الأولى ولن تكون الأخيرة#كلنا_بثينة_السمة#me_too pic.twitter.com/Jj7B9P0NKy
من جانبها تقول عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان إشراق المقطري، إنّ من الأسباب الرئيسية لتزايد ضحايا التحرش والاختطافات، هو “عدم اكتمال البنية القانونية المتعلقة بحماية حقوق النساء وخاصة الفتيات، وتعرضهنّ للكثير من أشكال العنف والتمييز، والإقصاء، وأيضًا النظرة الدونية من قبل المجتمع للنساء والفتيات، لأنه ينظر إليها للأسف كأنها تتحمل جزءً من عملية تعرضها لأي عنف”.
ومثل هذه الظاهرة وهذه الحوادث لم تعد حوادث فردية، وإنما حدثت أكثر من محافظة، لأكثر من ضحية ولأكثر من شريحة من الفئات العمرية من الفتيات”، والاعتراف بوجودها أول هذه الأمور التي يجب أن يقف عليها الجميع. بحسب اعتقادها للحد من هذه الجرائم المتكررة، كما أشارت في حديثها لـ “مواطن”.
دواعٍ اجتماعية
تحمّل الصحفية منيرة الطيار، الأهل والمجتمع جزءً من المسؤولية تجاه ما تتعرض له النساء والفتيات اليمنيات من جرائم، وتحدثت حول الدواعي التي جعلت الفتاتين (رباب، وبثينة) يفضلن النجاة بالشرف ولو إلى الموت، بالقول: “المجتمع والأهل لن ينصفها أو يتعامل معهما على أنهما ضحيتان، ويجب أخذ حقهنّ حال تمّ الاعتداء عليهنّ، بل سيتم تلطيخ سمعتهنّ وشرفهنّ ومعاقبتهنّ، للأسف”.
ويرى “الخضمي” أنّ “الذي دعا الفتيات إلى النجاة بشرفهن إلى الموت، حتى لا تتحول جريمة التحرش أو الاغتصاب إلى وصمة عار ترافقهنّ مدى الحياة”. وأردف بالقول لـ “مواطن”: “الفتاة في كل الأحوال في عداد الموتى، حتى وإن نجت من الموت، ستظل تموت في اليوم ألف مرّة، نتيجة العادات والتقاليد اليمنية التي تحمّل الضحايا من الفتيات كل تبعات مثل هذه الجرائم”.
أسهمت الحرب في تزايد الجرائم ضدّ النساء كما عزّزت الفكرة الذكورية، وأنّ الذكر هو القوي والمسيطر، ويجب على النساء أن يكنّ في طوعه وتحت إمرته، وإن خالفت المرأة أي أمر، عليها أن تواجه غضبه
وصنفت منظمة العفو الدولية اليمن من أسوأ البلدان في العالم للنساء، مشيرةً، في تقرير حقوقي صادر عن المنظمة نهاية العام 2019م، إلا أنّ النتيجة التي ترتبت عن المرحلة الراهنة جعلت النساء يتعرضن أكثر وأكثر للعنف.
وأوضحت “العفو الدولية” في التقرير: أنّ النساء في اليمن ظللن يعانين من عدم المساواة في النوع الاجتماعي المترسخ بشدّة في مجتمع موغل في النزعة الذكورية، وذي أدوار صارمة بين الجنسين. وقالت إنّ الصور النمطية السلبية بشأن أدوار النوع الاجتماعي والمواقف الذكورية، والنظام القانوني التمييزي، وانعدام المساواة الاقتصادية، أدت إلى مفاقمة الوضع الهش للمرأة فيما يخص تعرضها للعنف.
بعد الجرائم التي ارتكبت بحق الفتاتين “رباب وبثينة” تعيش النساء والفتيات في اليمن حالة من الخوف المتواصل، إضافةً إلى كل الانتهاكات التي يتعرضن لها، نتيجة الوضع الاجتماعي والأمني في البلاد، وهو ما أكدته الصحفية منيرة الطيار بالقول: “إنّ الفتيات يشعرن بعدم الأمان والخوف، ودائمًا ما يلقينَ اللوم على ملبسهنّ وشكلهنّ وخروجهنّ من المنزل كمبرر للتستر على الجريمة، وتأمين المعتدين من العقوبة، معززين سلطتهم وناشرين الخوف والرعب بين أوساط الفتيات والنساء”.
يهربن بشرفهن إلى الموت.. يمنيات ضحايا الحرب والمجتمع الذكوري
تتزايد الجرائم والانتهاكات المروّعة بحق النساء في اليمن، يومًا بعد آخر في ظل غياب أجهزة الدولة، وتعطّل العدالة والقانون، وتدهور الأوضاع الأمنيّة في البلاد؛ نتيجة الحرب الدائرة لأكثر من ثماني سنوات.
شكّل الوضع الإنساني والأمني المتدهور الذي تمر به اليمن، مرتعًا لارتكاب الجرائم ضدّ النساء والفتيات، واستهداف شرفهنّ وعفّتهن، وهتك أعراضهنّ، من قِبل من يصفهم كثيرون بأنهم وحوشٌ بشريّة، نهشت أجساد النساء، وألقت بهنّ بين جحيم الأسى ونار الوجع، في مجتمعٍ يرى بعينٍ تُحمّل النساء والفتيات كل التبعات الأخلاقية والمجتمعية، ويقف في صفّ الجلاد ضدّ الضحية.
وهو ما دعا كثيرًا من النساء للهروب بشرفهنّ إلى الموت خلال السنوات الأخيرة، حاملات معهنّ “الطُهر والعفاف”، تاركات للمجتمع لعنة العيب ووصمة العار، لتُبيّن هذه الجرائم ما آلت إليه البلاد نتيجة الحرب، وما أفرزته من آثار صادمة، ومخلفات مقيتة، تحمّلت النساء العبء الأكبر منها.
1. الهروب من الاختطاف إلى الموت
1. الهروب من الاختطاف إلى الموت
أفاق اليمنيون في 19 من يونيو/ حزيران 2022، على جريمة مروعة هزّت الرأي العام المحلي، حين اضطرت فتاة عشرينية تدعى رباب بدير، إلى النجاة “بشرفها” مفضلة الموت، قفزًا من على متن سيارة نقل عام (باص)، عندما حاول السائق زيادة سرعة السيارة محاولًا التحرش بها واختطافها، وفق ما أظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة في الشارع الذي حدثت فيه الجريمة، وماتت على الفور.
دقّت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان -غير حكومية- ناقوس الخطر بشأن اختطاف الفتيات والطالبات في اليمن، في بيان صدر عنها منتصف ديسمبر من العام 2019م، قالت فيه: “إنّ ظاهرة اختطاف الفتيات والطالبات والنساء في العاصمة اليمنية صنعا،ء وفي المناطق التي تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي، تصاعدت بصورة غير معهودة وغير مسبوقة في اليمن، وأنّها سجلت اختطاف أكثر من 35 فتاة وطالبة من أماكن للدراسة، ومن شوارع في العاصمة صنعاء خلال فترة قصيرة ماضية”.
وطالبت “رايتس رادار” سلطة الأمر الواقع لجماعة الحوثي في صنعاء بالتحقيق السريع في تلك الجرائم والانتهاكات، والكشف عن مرتكبيها ومحاكمتهم، كون تلك الأعمال تمثل سابقة خطيرة وتمس بالشرف والعرض، وتسيء لذوي الضحايا المختطفات إساءة بالغة، مؤكدةً أنّها تمثل عارًا وجريمة كبرى في المجتمع اليمني، وتتنافى مع كافة الشرائع والأديان والقيم والأخلاق والمروءة، ومع الأعراف القبلية السائدة ومع المواثيق الدولية؛ فهي جريمة غير مسبوقة، في اليمن على وجه الخصوص، ومؤشر خطر قد تؤدي لردود أفعال مجتمعية معاكسة دفاعًا عن شرف المرأة وكرامتها وعرضها. على حدّ تعبير البيان.
السلطة الذكورية جزء من الأسباب
وصفت الناشطة الحقوقيّة والصحفيّة منيرة الطيار، جريمة محاولة اختطاف الشابة رباب بدير، التي أدت في نهاية المطاف إلى وفاتها نتيجة القفز من سيارة النقل العام “الباص”، عندما حاولت النجاة بشرفها، بالجريمة البشعة، والبشعة جدًا”.
وقالت: “إنّ الحرب أسهمت بشكل كبير في تزايد الجرائم ضدّ النساء”، وأردفت لـ “مواطن“: “إنّ الحرب عزّزت الفكرة الذكورية، وأنّ الذكر هو القوي والمسيطر، ويجب على النساء أن يكنّ في طوعه وتحت إمرته، وإن خالفت المرأة أي أمر، عليها أن تواجه غضبه (أي الذكر)؛ في إشارة إلى السلطة الذكورية لدى المجتمع اليمني.
كما يرى الصحفي والناشط في الأمن الرقمي عاصم الخضمي، “إنّ هذه الجرائم تتضاعف في ظل عدم وجود الدولة والأمن، والقضاء الذي سينصف الفتيات، وغياب القضاء والعدل بشكل أكبر، جعل المجرمين يرتكبون المزيد من الجرائم، لأنّ العدالة لا تأخذ مجراها ويفلتون من العقاب، غالبًا”.
غياب إجراءات الحماية
تكرّرت الحادثة المأساوية بطريقة أكثر بشاعة، وأفظع دناءة من سابقتها، في الوقت الذي لا زالت فيه النساء اليمنيات يعايشنَ الكوابيس التي خلفها قاتل الشابة “رباب”، والذي ظل يرافقهنّ مع كل يوم يذهبنَ فيه إلى الدراسة أو العمل، خوفًا من الاختطاف والتحرش، وفق فتيات يمنيات تحدثنَ لـ “مواطن” وتحفظن على ذكر أسمائهنّ.
حدثت الصدمة الثانية، في الرابع من سبتمبر في العام الحالي، حين قفزت الشابة بثينة السمة (23 عامًا) وهي طالبة في إحدى كليات جامعة صنعاء، من على متن سيارة نقل عام (باص)، أيضًا، محاولةً الهروب من قبضة “وحش بشري” حاول التحرش بها واختطافها، بمساعدة آخرين تلك المرّة، ما أدى بها إلى الموت نتيجة الإصابات البالغة التي تعرّضت لها جراء ارتطام جسدها بالأرض، وفق روايات غير رسمية تحوّلت إلى رأي عام.
ترى الناشطة الحقوقية وضحى مرشد، في تدوينة نشرتها على منصة “اكس” أنّ “بثينة السمة ضحية التحرش في مجتمع ذكوري مبرر للعنف ضد المرأة، مجتمع مريض مختل الموازين كاره للنساء”. على حدّ تعبيرها، مردفة: “ثم جاءت الحرب والانقلاب الحوثي السلالي (حسب وصفها) ليقضي على ما بقي من أخلاقياته”. وواصلت “مرشد” في تدوينتها: “ليست بثينة الضحية الأولى ولن تكون الأخيرة”.
#بثينة_السمة ضحية التحرش في مجتمع ذكوري مبرر للعنف ضد المرأة مجتمع مريض مختل الموازين كاره للنساء
— وضحى مرشد (@wadhamurshed) September 13, 2023
ثم جاءت الحرب و الانقلاب الحوثي السلالي ليقضي على مابقي من أخلاقياته
ليست بثينة الضحية الأولى ولن تكون الأخيرة#كلنا_بثينة_السمة#me_too pic.twitter.com/Jj7B9P0NKy
من جانبها تقول عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان إشراق المقطري، إنّ من الأسباب الرئيسية لتزايد ضحايا التحرش والاختطافات، هو “عدم اكتمال البنية القانونية المتعلقة بحماية حقوق النساء وخاصة الفتيات، وتعرضهنّ للكثير من أشكال العنف والتمييز، والإقصاء، وأيضًا النظرة الدونية من قبل المجتمع للنساء والفتيات، لأنه ينظر إليها للأسف كأنها تتحمل جزءً من عملية تعرضها لأي عنف”.
ومثل هذه الظاهرة وهذه الحوادث لم تعد حوادث فردية، وإنما حدثت أكثر من محافظة، لأكثر من ضحية ولأكثر من شريحة من الفئات العمرية من الفتيات”، والاعتراف بوجودها أول هذه الأمور التي يجب أن يقف عليها الجميع. بحسب اعتقادها للحد من هذه الجرائم المتكررة، كما أشارت في حديثها لـ “مواطن”.
دواعٍ اجتماعية
تحمّل الصحفية منيرة الطيار، الأهل والمجتمع جزءً من المسؤولية تجاه ما تتعرض له النساء والفتيات اليمنيات من جرائم، وتحدثت حول الدواعي التي جعلت الفتاتين (رباب، وبثينة) يفضلن النجاة بالشرف ولو إلى الموت، بالقول: “المجتمع والأهل لن ينصفها أو يتعامل معهما على أنهما ضحيتان، ويجب أخذ حقهنّ حال تمّ الاعتداء عليهنّ، بل سيتم تلطيخ سمعتهنّ وشرفهنّ ومعاقبتهنّ، للأسف”.
ويرى “الخضمي” أنّ “الذي دعا الفتيات إلى النجاة بشرفهن إلى الموت، حتى لا تتحول جريمة التحرش أو الاغتصاب إلى وصمة عار ترافقهنّ مدى الحياة”. وأردف بالقول لـ “مواطن”: “الفتاة في كل الأحوال في عداد الموتى، حتى وإن نجت من الموت، ستظل تموت في اليوم ألف مرّة، نتيجة العادات والتقاليد اليمنية التي تحمّل الضحايا من الفتيات كل تبعات مثل هذه الجرائم”.
أسهمت الحرب في تزايد الجرائم ضدّ النساء كما عزّزت الفكرة الذكورية، وأنّ الذكر هو القوي والمسيطر، ويجب على النساء أن يكنّ في طوعه وتحت إمرته، وإن خالفت المرأة أي أمر، عليها أن تواجه غضبه
وصنفت منظمة العفو الدولية اليمن من أسوأ البلدان في العالم للنساء، مشيرةً، في تقرير حقوقي صادر عن المنظمة نهاية العام 2019م، إلا أنّ النتيجة التي ترتبت عن المرحلة الراهنة جعلت النساء يتعرضن أكثر وأكثر للعنف.
وأوضحت “العفو الدولية” في التقرير: أنّ النساء في اليمن ظللن يعانين من عدم المساواة في النوع الاجتماعي المترسخ بشدّة في مجتمع موغل في النزعة الذكورية، وذي أدوار صارمة بين الجنسين. وقالت إنّ الصور النمطية السلبية بشأن أدوار النوع الاجتماعي والمواقف الذكورية، والنظام القانوني التمييزي، وانعدام المساواة الاقتصادية، أدت إلى مفاقمة الوضع الهش للمرأة فيما يخص تعرضها للعنف.
بعد الجرائم التي ارتكبت بحق الفتاتين “رباب وبثينة” تعيش النساء والفتيات في اليمن حالة من الخوف المتواصل، إضافةً إلى كل الانتهاكات التي يتعرضن لها، نتيجة الوضع الاجتماعي والأمني في البلاد، وهو ما أكدته الصحفية منيرة الطيار بالقول: “إنّ الفتيات يشعرن بعدم الأمان والخوف، ودائمًا ما يلقينَ اللوم على ملبسهنّ وشكلهنّ وخروجهنّ من المنزل كمبرر للتستر على الجريمة، وتأمين المعتدين من العقوبة، معززين سلطتهم وناشرين الخوف والرعب بين أوساط الفتيات والنساء”.
التعليقات 1