Logo
ar

"التكسير الهيدروليكي في تونس"

الأرباح للشركات الأجنبية والخسائر على المجتمعات المحلية

قبل أكثر من عشرة أعوام، تصدع منزل "حمدة منصوري" الواقع في قرية "أولاد نصير" التابعة لولاية "القيروان"، بعدما بدأت شركة "ديالكس" الكندية في الحفر لاستكشاف الغاز الصخري في الأراضي الزراعية المجاورة لمنزله.

يقول منصوري لمعدي التحقيق: "بين عامي 2011 و 2012، بدأت الشركة عملية حفر بئر على أراضٍ مجاورة لمنازلنا، لاستكشاف واستخراج الغاز، ووعدونا بأن يتم إقامة مشاريع لتحسين البنى التحتية بالمنطقة، لكن فجأة ظهرت تشققات في حوائط منزلي واضطررت لمغادرته، نظرًا لتدهور وضعه وأحساسي بالخوف على سلامتي وسلامة أسرتي من أن ينهار فوق رؤوسنا، وصرنا أنا وعائلتي نقيم في غرفة واحدة شيدتها كبديل عن منزلي، وفيها نطهو وننام ".

على بعد خطوات بسيطة، يعيش محمد المثناني، جار منصوري، الذي يتحمل أمطار الشتاء فوق رأسه بسبب ما حدث لمنزله أيضًا في 2011. يقول المثناني لمعدي التحقيق: "عندما وصلت آلات المسح الخاصة بالاستكشاف، وبدأت الحفر، تضررت منازلنا، وظهرت عليها لاحقًا شقوق في السقف، تتسرب منها مياه الأمطار فوق رؤسنا في الشتاء".

منصوري والمثناني ليسا المتضررين الوحيدين، من عمل الشركة الكندية (DualEx Energy International)؛ في أراضي منطقة بوحجلة بالقيروان (217.6 كم من العاصمة التونسية)، ولكن معظم أهالي منطقة "أولاد نصير" تضررت منازلهم وأراضيهم الزراعية، بسبب قيام الشركة بحفر بئر في وسط الأراضي الزراعية -مازال موجود حتى الآن- مع وعود بتقديم تعويضات عن الأضرار الناجمة عن عمل الشركة، ولكن حتى الآن وبعد مرور أكثر من عشر سنوات لم يتحصل عدد من المتضررين على تعويض، رغم شكواهم المستمرة ورفع قضية ضد الشركة بالمحكمة الابتدائية بالقيروان رقم 62025.

تحدث معدو التحقيق مع 10 مواطنين مقيمين في منطقة أولاد نصير، أكدوا جميعهم أن الشركة استخدمت -أو كانت بصدد استخدام "التكسير الهيدروليكي"- (مرحلة الاستكشاف) لاستخراج الغاز الصخري من منطقة بوحجلة. وبعد تضرر منازلهم وأراضيهم في عملية الاستكشاف الأولية، رفض سكان المنطقة ما تقوم به الشركة، وقاموا بعمل احتجاجات ساندهم فيها عدد من الجمعيات، وطالبوا بتعويضات لما لحق بهم من أضرار.

لم يحصل الأهالي على تعويضات، لكن توقفت أعمال الشركة بعد انتهاء عملية الحفر، وبعد أن قاموا بعمليات الفحص المستهدفة للتأكد من مخزون البئر، وتركت الشركة المنطقة لحين استكمال خطوات الحصول على التراخيص الضرورية، تاركين وراءهم دمارًا عجز الأهالي عن فهم أسبابه.

تاريخ ديالكس

وفقا للعقد المبرم بين الحكومة التونسية والشركة الكندية والذي حصل معدو التحقيق على نسخة منه، تأسست شركة DualEx Energy International في عام 2006 في كندا.

وبدأت نشاطها في تونس بعد ثلاثة أعوام من تأسيسها؛ ففي عام 2009، منحت تونس رخصة التنقيب عن النفط والغاز لشركة DualEx Energy International في منطقة بوحجلة، والتي تقع بالمنطقة الغربية للحوض البيلاجي شمال شرق تونس، وتبلغ مساحتها حوالي 135 ألف فدان.

وفقًا للعقد، حصلت شركة DualEx Energy International Inc، على 100% من حصة المقاول في رخصة التنقيب، بالتعاون مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (ETAP) بصفتها المالك.

وفي وقت لاحق عام 2011، أشار التقييم الأولي لتصريح بوحجلة التابع لشركة DualEx في تونس إلى احتمال وجود حوالي مليار برميل من النفط.

ومنذ إنشائها، شاركت شركة DualEx Energy International بشكل فعّال في أنشطة الاستكشاف والإنتاج في تونس. في عام 2012 منحت الشركة الكندية عقد حفر لشركة التونسية للتنقيب ( منشأة عمومية خاضعة لإشراف الوزارة المكلفة بالصناعة) Tunisienne de Forage لجهاز الحفر الأرضي CTF-06 لحفر بئر استكشاف BHN-1، على عمق إجمالي قدره 2500 متر، في منطقة بوحجلة الشمالية ضمن عملياتها في تونس، وهو نفس التوقيت الذي شكا سكان منطقة بوحجلة من تصدع منازلهم وتدمير أراضيهم بسبب الحفر بالقرب منها.

وبحلول يونيو 2016، قررت تونس عدم تجديد تصريح بوحجلة لشركة DualEx؛ ما دفع الشركة إلى البحث عن شركاء جدد لمشاريعها في المنطقة، ومازالت مشروعاتها متوقفة في المنطقة وفقا لسكانها.

وفي عام 2020، قامت شركة Dualex، بتغيير اسمها إلى Spartan Delta Corp.


تدهور المنطقة

يؤكد سكان المنطقة، انخفاض منسوب المياه منذ بدء عمليات شركة ديالكس في بوحجلة؛ حيث يقول حمدة منصوري: "أصيب التين الشوكي بمرض جراء عمليات الحفر، وانتقل المرض منه إلى شجر الزيتون، وشحّت مياه الآبار التي نعتمد عليها في ري أشجار الزيتون، ولم يعد فيها ما يكفي للري، كما زادت ملوحة المياه؛ فعندما نروي بها الزيتونة تترك طبقة بيضاء رفيعة على السطح؛ ما يدل على أنها طبقة ملح خلفتها تلك المياه".

ويضيف منصوري: "وتدريجيا زادت ملوحة الماء المتوفر، وحتى إذا استخدم للتنظيف يخلف وراءه قشرة بيضاء "ملح"، هي حالة مستجدة لم تحدث إلا بعد عملية الحفر، لأعوام طويلة كنا نعتمد على الآبار في التزود بمياه الشرب غير انها شحت تماما".

يؤكد رضوان الفطناسي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالقيروان لمعدي التحقيق، إن شركة ديالكس اختارت منطقة بوحجلة، بعد أن قامت بدراسة سيزمية "زلزالية" فى المنطقة القريبة من نقطة بترولية أخرى في ولاية المهدية، وبعد ذلك قامت الشركة بوضع "سياج" حول المنطقة المختارة ومنعت الاقتراب منها، وقد تواصلت الحفريات إلى أواخر 2012، ثم تركت البئر التي قيل إنها بترولية، ومنسوبها ضعيف، لتعود الشركة مرة أخرى في 2014 لترابط بجانب أنبوب البئر المُسيج.

يؤكد الفطناسي لمعدي التحقيق أن الشركة استخدمت التكسير الهيدروليكي في مراحل الاستكشاف والاستخراج، وكانت تخطط للتوسع في استخدامه لولا توقف أعمالها.

يضيف الفطناسي الذي شارك في زيارات ميدانية مع المجتمع المدني لمنطقة بوحجلة في ذلك الوقت، أنه أثناء عملية التنقيب لاحظوا تأثيرات الغبار على أشجار الزيتون، وعلى المزروعات التي جفت بفعل استخدام المياه الموجودة بالمنطقة في عملية التكسير، مع العلم أن المنطقة جافة ومواردها المائية شحيحة.

يتهم الفطناسي، الشركة الكندية بأنها لم تتخذ أي تدابير لضمان سلامة السكان، بل بالعكس؛ فإن الدراسة الزلزالية التي قامت بها الشركة ساهمت في تصدع عشرات المنازل، ولما أقام الأهالي دعاوى قضائية تدخلت الشركة بفعل مساندتها من الحكومة والسلطة الجهوية لدى خبير البناء لعدم إقرار تعويضات مالية للسكان، وقد أجبر العديد منهم على سحب القضية، إضافة إلى ذلك وعدت الشركة بحل أزمات محلية للسكان، لكنها لم تفِ بوعدها.

ويضيف: "عملية التكسير والحفر لم تكن مستدامة؛ بل كانت تعتريها فوضى في استعمال النفايات الأحفورية الكثيرة والتخلص منها؛ فكانت تنبعث من موقع الحفر رائحة كيماوية.

أرسل معدو التحقيق رسائل بريد إلكترونية لشركة "ديالكس" للحصول على رد بخصوص عملياتها في تونس، ولكن لم يحصلوا على إجابة حتى نشر التحقيق.

في دراسة أجرتها مؤسسة Heinrich Böll Stiftung عام 2015 بعنوان "غاز الشيست في تونس: بين الأساطير والواقع" ، تناول الباحثون الآثار البيئية والصحية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالتكسير الهيدروليكي في المنطقة.

أشارت الدراسة إلى احتمالات حدوث العديد من الآثار السلبية للتكسير الهيدروليكي ومنها تلوث المياه؛ حيث يشكل التكسير الهيدروليكي مخاطر تلوث مصادر المياه من خلال تسرب سوائل وغازات التكسير إلى المياه الجوفية؛ ما يؤدي إلى مشكلات محتملة مثل التملح والمواد السامة في مصادر المياه والنشاط الإشعاعي في سوائل التكسير المتبقية.

تقول صابرية بركة، مؤلفة مشاركة في الدراسة وأكاديمية متخصصة في علم السموم البيئية، لمعدي التحقيق: "الخطر الرئيسي هو نقص المياه، وتعاني تونس بالفعل من ندرة كبيرة في المياه مما يؤثر على أمنها الغذائي؛ فعلى سبيل المثال؛ نعاني في الوقت الحالي من انقطاع المياه بشكل يومي في البلاد منذ أشهر، وبما أن التكسير الهيدروليكي يستهلك كميات هائلة من المياه العذبة؛ فسيكون من غير المنطقي أن يقع الاختيار على الغاز أو النفط الصخري كمصدر توليد للطاقة في الدولة".

وتواجه تونس أزمة مياه حادة تفاقمت بسبب قلة هطول الأمطار والجفاف؛ حيث يبلغ نصيب الفرد من سحب المياه في تونس حاليًا أقل من 450 مترًا مكعبًا، وهو أقل بكثير من عتبة ندرة المياه المطلقة البالغة 1000 متر مكعب، وهذا يضع تونس في فئة "دولة تعاني من ندرة المياه بشدة".

يضيف نضال عطية، خبير في السياسات البيئية، ومنسق البرامج بمؤسسة هاينريش بول، لمعدي التحقيق، أن هناك مخاطر بيئية أخرى أيضًا للتكسير الهيدروليكي مثل الزلازل، والتسمم الكيميائي للآبار، وزيادة انبعاث الغازات الدفيئة (الاحتباس الحراري) وغيرها.

ويشرح قائلًا: "تتضمن تقنية التكسير حقن الماء بضغط عالٍ جدًا، ممزوجًا بمئات من المواد الكيميائية ذات السمية، لا تشكل هذه العملية مخاطر تلوث لمنسوب المياه التي تمر عبرها فحسب؛ بل تخاطر أيضًا بتعطيل النشاط الزلزالي المحلي عن طريق كسر الصخور تحت الأرض على أعماق تزيد عن 3000 متر لإطلاق الهيدروكربونات الثمينة".



في ورقة بحثية منشورة في سبتمبر 2019، بعنوان"ندرة المياه وآفاق الغاز الصخري في تونس - التأثيرات المحتملة للتكسير الهيدروليكي على الإجهاد المائي الإقليمي"، قامت الباحثة "ليزا موركين" بدراسة التأثير المحتمل لتطوير الغاز الصخري على الإجهاد المائي الإقليمي في تونس.

وأظهرت نتائج الدراسة أن تطوير الغاز الصخري في منطقتين رئيستين في تونس يمكن أن يزيد الطلب على المياه بشكل كبير، وبالتالي الضغط؛ خاصة في سنوات ذروة الحفر.

وتوقعت الدراسة أن يضيف التكسير الهيدروليكي ما يصل إلى 4-8% من الطلب الإضافي على المياه في القيروان و13-49% في تطاوين. وتشير نتائج الدراسة إلى أنه حتى الكميات المنخفضة نسبيًا من المياه في السنوات التي ستشهد حفرًا أقل، يمكن أن يكون لها عواقب مدمرة في المناطق التي تعاني من شح المياه مثل الجنوب والوسط التونسي.

الدراسة التي اعتمدت على مقابلات مع اثني عشر خبيرًا من خلفيات علمية وتخصصات مهنية مختلفة، بما في ذلك موظفون حكوميون سابقون، وموظفون في شركات النفط والغاز، وناشطون في مجال البيئة، وباحثون، أكدت: "على الرغم من الإجهاد المائي الحاد، قد يعطي صناع القرار التونسيين الأولوية للنجاح السريع في التوظيف وخلق الإيرادات على الإدارة المستدامة للمياه".

دراسات متوقفة

يؤكد الخبراء ممن أجرينا معهم لقائات، أنه حتى الآن لم يتم إجراء دراسات لرصد الآثار البيئية للتكسير الهيدروليكي في تونس، وبالتالي فعمليات التكسير التي جرت لم تخضع لدراسات الجدوى البيئية المطلوبة قبل الشروع في أي مشروع.

فيما يقول نضال عطية إنه قد جرى الشروع في إجراء دراسة علمية واحدة عام 2016، إلا أنها لم تكتمل، ويحكي كواليس هذه المحاولة: "في عام 2012، أعلن وزير الصناعة أنه تم الترخيص لشركة "شل" للقيام بأول عمليات التنقيب عن الصخر الزيتي في القيروان، ولكن في مواجهة العديد من الاحتجاجات من التلوث المحلي، أعلن الوزير أنه لم يتم منح أي ترخيص للعمليات، وقد تم تأجيل المشروع. في الوقت نفسه، أعاد هذا الوضع إحياء النقاش حول الإصلاح القانوني لقانون المحروقات، والذي أصبح ضروريًا لوقف هذه الأزمة. وهكذا وفي عام 2013، أطلقت الحكومة عملية إصلاح ركزت على جذب المزيد من الاستثمارات وإدماج أحكام الشفافية والحكم الرشيد في قانون المحروقات".

ويضيف عطية: "وفي مواجهة شكوك الرأي العام ومراقبي المجتمع المدني في تونس، الذين شككوا في الضرورة الاقتصادية لاستخراج المحروقات غير التقليدية، بالنظر إلى آثارها الضارة المحتملة على البيئة وصحة الإنسان، أطلقت وزارة الشؤون المحلية والبيئة في أبريل 2016 دعوة للمناقصة من أجل "دراسة تقييم بيئي استراتيجي لتخطيط التنقيب عن المواد الهيدروكربونية واستغلال الرواسب غير التقليدية في تونس"، على أن يتولى تحالف (كندي-تونسي) مسؤولية الدراسة، بمساعدة وحدة إدارة قائمة على الأهداف ولجنة توجيهية".

وهدفت الدراسة التي تنقسم إلى مرحلتين لتقييم إمكانية استخدام مصادر الطاقة المختلفة لتلبية الاحتياجات الوطنية على المدى القصير والمتوسط والطويل. انتهت المرحلة الأولى والتي شملت "الإطار المؤسسي والقانوني، وحالة سوق الطاقة في تونس، وتقرير حالة عن الموارد والاحتياطات الهيدروكربونية التقليدية وغير التقليدية". وحصل معدو التحقيق على نسخة منها.

أما المرحلة الثانية التي كانت تدرس سيناريو استكشاف وإنتاج النفط والغاز غير التقليدي الذي تم تحديده في نهاية المرحلة الأولى، استمرت شهرين فقط، وتوقفت في يوليو 2018، بسبب طلب من الشركة الاستشارية التي احتاجت إلى أرقام وبيانات من وزارة الصناعة من جهة، ومن برنامج دعم الصادرات التونسية من جهة أخرى، مع رفض الأخيرة تقديمها وفقًا لنضال عطية. بالإضافة إلى ذلك، أدى عدم الاستقرار السياسي والظروف الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد-19 إلى تعقيد الوضع وتأخير استئناف المرحلة الثانية.

يوضح عطية لمعدي التحقيق": "خلال المرحلة الأولى، كان لعملية التشاور العام وبناء توافق الآراء المخطط لها عدة أهداف، وهي "جمع بيانات إضافية من الجمهور حول الوضع البيئي والاجتماعي الأساسي، وجمع التعليقات على صورة المكونات البيئية، وتوثيق أو التحقق من صحة المخاوف والتوقعات المتعلقة بنتائج تحليل السيناريوهات المقترحة، فضلًا عن الآثار البيئية والاجتماعية المبلغ عنها".

يتساءل "عطية" عن عدم تعاون المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (ETAP) خلال المرحلة الأولى، ولماذا لم يتمكن الفريق الذي أعد التقرير من الحصول على البيانات المطلوبة، ومن ثم تأجيل المرحلة الثانية حتى يتم الحصول على البيانات المطلوبة.

يشير التقرير إلى أنه من المقرر استئناف دراسة التقييم البيئي الاستراتيجي في يناير 2020، على أن يصدر التقرير في يونيو 2020. ومع ذلك، يؤكد عطية "أن المجتمع المدني لا يعلم أن هذه المواعيد النهائية لم يتم الوفاء بها، ولا نعرف شيئًا عن الجدول الزمني الجديد، ولم تبلغ وزارة الطاقة بأي شيء عن هذا الجدول الزمني الجديد".

تحدث معدو التحقيق مع أحد المشاركين في الدراسة وهو الجيولوجي، محمد غازي بن جمعة، والذي أكد توقف المرحلة الثانية بسبب عدم توفر المعطيات التقنية التي يجب أن يتم التزود بها من خلال المؤسسة التونسية ETAP، وتأخر الحصول على الخرائط الجيولوجية للحجر الجيولوجي (الحجر الأم، ويعني أن نسبة المواد العضوية تتجاوز 1%) في تونس.

يضيف "بن جمعة" أن معظم الباحثين القائمين على الدراسة أجروا عملهم على أتم وجه ولكن العائق الأكبر هو المدى الزمني للدراسة والذي وضع في العقد من البداية وهو إنهاء العمل خلال ثلاثة عشر شهرًا، ولكن بسبب ضيق الوقت لم يستطيعوا إنهاء العمل، ولم يتم تعديل شروط العقد، وهو ما يصفه "بن جمعة" بالغريب لأنه تم وعدهم بتعديله.

ديالكس ليست الوحيدة

تؤكد صابرية بركة، على قيام شركة ديالكس بالتكسير الهيدروليكي في بوحجلة قائلة: "في الجزء الأوسط من البلاد (القيروان)، حدث تكسير هيدروليكي في بوحجلة؛ حيث تمتلك بعض الشركات الأجنبية الكندية امتيازات في هذا المجال، وقد حدث زلزال وألحق أضرارًا ببعض المنازل".

ولكنها تؤكد أن ديالكس ليست الوحيدة؛ حيث تتهم شركات أخرى مثل: سيغام، سيرينوس، بيرينكو، شل، إيني. كما ذكرت الدراسة التي أعدتها صابرية بالتعاون مع مؤسسة هاينريش بول أن العديد من الشركات الأجنبية تستخدم التكسير الهيدروليكي سرًا أو تخطط لاستخدامه.





شوش سعيدة
شركة وينستار قامت باستكشاف إمكانيات الغاز الصخري التونسي في تكوين تانزوفت في الخزان السيلوري بهذه المنطقة سنة 2012
منطقة القيروان
أعلنت الحكومة التونسية عزمها منح تصريح التنقيب عن النفط والغاز في هذه المنطقة لشركة شل في عام 2012
منطقتي قبلي والجنوب
خططت شركة Serinus، وهي شركة بولندية مرتبطة بشركة Winstar، لأنشطة التكسير الهيدروليكي في هذه المناطق في 2013-2014
بسمة وجنوب توزر
حصلت شركة Cygam Energy الكندية على رخص التنقيب في هذه المناطق سنة 2012
* لاستعراض البيانات ، اضغط/ي على اسم المنطقة على الخريطة.
المصدر: "غاز الشيست في تونس: بين الأساطير والواقع"، Heinrich Böll Stiftung
شوش سعيدة
القيروان
قبلي
جنوب توزر
شوش سعيدة
القيروان
قبلي
جنوب توزر
Image

أيضا تحليل الأقمار الصناعية من مؤسسة هاينريش بول من عام 2015 يشير إلى أن شركة بيرنكو كانت تدير آبارًا بمرافق مميزة للتكسير الهيدروليكي. تُظهر الصورة أدناه، المأخوذة من التقرير، احتجازات السوائل في مرافق الحفر والتي تعتبر من سمات التكسير الهيدروليكي.

Image

تم أخذ تحليل صور الأقمار الصناعية في هذا التحقيق من برنامج رسم الخرائط والحرق المقدم من SkyTruth، وهي هيئة مراقبة بيئية غير ربحية مقرها في فرجينيا. ساعد جون آموس، مؤسس SkyTruth والمحلل السابق للتنقيب عن النفط والغاز، في تحديد الدلالات المرئية الرئيسية لعمليات التكسير الهيدروليكي.
يقول آموس: إن أي مسطح مائي اصطناعي كبير (سوائل محتجزة) بالقرب من عمليات الحفر يدل على التكسير الهيدروليكي. كما تعد الآبار المتعددة المحفورة بجوار بعضها البعض مؤشرًا واضحًا على الحفر الاتجاهي أو الأفقي، وغالبًا ما يرتبط بالتكسير الهيدروليكي لإنتاج النفط أو الغاز من الصخور منخفضة النفاذية مثل الصخر الزيتي.

Image

الصورة أدناه هي مثال آخر لأنشطة استخراج الغاز المأخوذة من حقل الصابرية في تونس، مع احتجازات مماثلة للسوائل المرتبطة بالتكسير الهيدروليكي. يتم تشغيله من قبل شركة وينستار تونس، وهي شركة تابعة لشركة النفط البريطانية سيرينوس للطاقة.

Image

وتجري عمليات التنقيب في الفرانيق والصابرية على بعد 20 كيلومترًا من العديد من القرى في المنطقة الوسطى الغربية من تونس، كما توضح صورة القمر الاصطناعي أدناه.

ولم تقدم شركة Serinus Energy أي رد عندما قام معدي التحقيق بالإتصال بها للتعليق على عملياتها في تونس.

وفي الوقت نفسه، حصلنا على رد من شركة بيرينكو؛ حيث قال متحدث باسم الشركة: "بعد مشاورات مكثفة، تم السماح بممارسة التكسير الهيدروليكي في تونس لتحفيز الخزانات التقليدية؛ فقبل البدء في مثل هذه العمليات، تسعى شركة Perenco باستمرار للحصول على موافقة السلطات المختصة من خلال تقديم دراسات التأثير، والحصول على موافقات من الهيئات البيئية ووزارة النفط: "قد تستخدم شركة Perenco، إلى جانب مشغلين آخرين في تونس هذه التقنية مرة أخرى وفقًا للقواعد الموضحة، للمساعدة في الحفاظ على إنتاجية حقول النفط والغاز لدينا."

في حواره محمد غازي بن جمعة مع معدي التحقيق عبر زووم، أكد أن شركة بيرنكو في الجنوب الغربي في منطقة قبلي، قامت بأعمال تكسير هيدروليكي في بئر عمودي، ولكنها استكشافية لاختبار القدرة على استخراج الغاز الصخري وتحديد جدوى المشروع.

كما استخدمته شركة ATOG التي تمتلك حقل بئر "بن ترتر"، وهو حقل للمحروقات التقليدية لتحسين الانتاج فقط وليس لاستخراج الغاز الصخري.

ومحاولة أخرى لشركة ANADARKO الأمريكية، والتي قامت بحفر بئرين لاستكشاف للمحروقات غير التقليدية، ولم يسمح لها باستعمال التكسير الهيدروليكي من طرف الحكومة، رغم أنها كانت تملك رخصة برج الخضراء الجنوبي.

أما عن شركة ديالكس؛ فينفي "بن جمعة" استخدامها للتكسير الهيدروليكي، ويرى أن ما اعتقد المواطنون أنه عمليات حفر لإجراء تكسير هيدروليكي، ما هو إلا بئر لاستغلال للهيدروكربونات التقليدية (الغاز الطبيعي)، وليست لغير التقليدية (للغاز الصخري).

يؤكد محمد غازي بن جمعة، أن قيام الشركات بعمليات تكسير هيدروليكي على الأراضي التونسية، ولكنه أيضًا يشدد أنها جرت على "نطاق ضيق جدًا".



سري للغاية

تتهم صابرية بركة، الشركات الأجنبية باستخدام التكسير الهيدروليكي سرًا، قائلة: "على الرغم من أن الحكومة السابقة أنكرت استخدام التكسير الهيدروليكي، والحكومة الحالية لا تتواصل بشأن ذلك، إلا أنني أظن أن بعض الشركات تقوم بالتكسير الهيدروليكي في الامتيازات التي تملكها بالفعل للنفط والغاز التقليدي سرًا؛ حيث يحيط الجنود العسكريون بمواقع الإنتاج، ولا توجد وسيلة للاقتراب أو المراقبة أو التقاط الصور".

وتابعت بالقول: " هناك العديد من الدراسات والخطط والتصريحات الصادرة من الشركات الأجنبية نفسها، أو من المحللين المتخصصين الذين يثبتون أن الشركات النفطية في تونس تستخدم تقنيات أكثر تقدمًا، بكثير مما تشير إليه الحكومة". وترى صابرية أن الشركات العاملة في تونس (سيغام، سيرينوس، بيرينكو، شل، إيني، إلخ) تصرح عن مشاريعها بما يتماشى مع الخطاب الرسمي. على سبيل المثال، جرى عمل تحديث للموقع الإلكتروني لشركة بيرنكو تونس، وإزالة المعلومات المتعلقة بعمليات التكسير الهيدروليكي في البلاد.

وكذلك أكد شرف الدين يعقوبي، خبير في الحوكمة ومكافحة الفساد، ورئيس الجمعية التونسية للمراقبين العموميين، في حوار مع معدي التحقيق: " أن موضوع الغاز الصخري في تونس تغيب عنه الشفافية وليس بالوضوح الكافي لتتبع الرخص؛ حيث إنه لا يوجد رخصة مباشرة لاستخراج الغاز الصخري، ولكن قد يحدث ذلك بدون الإعلان عنه في تونس".

يؤكد "يعقوبي" أنه لا يوجد أي نصوص قانونية تنظم عملية التكسير الهيدروليكي في تونس، إضافة إلى أن مجلة المحروقات هي مجلة قديمة تعود إلى 1999، ولم يكن الغاز الصخري موجودًا في هذا الوقت، ولم يتطور النص القانوني من حينها.

رغم سرية التكسير الهيدروليكي في تونس من قبل الشركات الأجنبية، يدفع السكان المحليون ثمنًا غاليًا لاستخدامه، فالكثير من مزارعي منطقة "أولاد نصير" فقدوا مصدرًا لري أراضيه وشرب مياه صالحة، ليس هذا فقط؛ بل طال الأمر منازلهم؛ فلم يعد هناك ما يؤويهم.

"لقد ماطولنا بوعود التنمية إلى حين قضوا شؤونهم، وغادروا دون الإيفاء بأي من تلك الوعود، تركوا المنازل متشققة، وصارت المياه شحيحة مالحة دون أن يعطونا أي تعويض"
حمدة منصوري

شارك في العمل الميداني من تونس، بهيجة بلمبروك.
تصوير فيديو: أيمن محرزي