منذ اندلاع الحرب بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، تصدرت قطر المشهد بقوة بعد قيادتها عملية الوساطة من أجل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة، وخروج أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال أغلبهم من النساء والأطفال؛ حيث تتمتع الدوحة بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة، وتعد حليفًا لها، كما تستضيف أكبر قاعدة عسكرية لها في المنطقة العربية، ومن جهة أخرى تستضيف المكتب السياسي لحركة حماس.
فبعد مفاوضات طويلة وقاسية، تم التوصل إلى هدنة إنسانية استمرت لسبعة، أيام قبل أن تتجدد الحرب مرة أخرى. ملف المفاوضات بين دولة الاحتلال وحماس ليس هو الملف الوحيد الذي تتولاه الخارجية القطرية بين طرفين متحاربين أو بينهما صراع؛ فأثناء الحرب في غزة، أعلنت قطر عن نجاح وساطتها في استعادة أربعة أطفال أوكرانيين من روسيا، وفي شهر سبتمبر الماضي توسطت لدى إيران من أجل الإفراج عن سجناء أمريكيين في طهران، مقابل الإفراج عن أموال إيرانية مجمدة في الخارج.
ملفات مختلفة
أعلن مسؤول قطري في نوفمبر الماضي، أن ستة أطفال أوكرانيين سيعودون إلى وطنهم من روسيا بموجب اتفاق توسطت فيه قطر، وذكر مصدر مشارك في تنظيم عملية الإعادة، أنهم كانوا يقيمون مع أقارب لهم في روسيا أو أراضٍ تحتلها روسيا. وقبلها؛ في 16 من أكتوبر الماضي، ساعدت قطر أربعة أطفال أوكرانيين في العودة لوطنهم من روسيا، بموجب آلية أنشأتها الدوحة بالتعاون مع الجانبين بهدف إعادة مزيد من الأطفال من روسيا إلى أوكرانيا مستقبلًا. كما وصل خمسة سجناء أمريكيين سابقين لدى إيران إلى الدوحة في 18 سبتمبر الماضي، قادمين من طهران، في إطار صفقة تبادل سجناء مع الولايات المتحدة، تم إبرامها بوساطة قطرية، أسفرت عن تحويل أموال إيرانية مجمدة من كوريا الجنوبية مقدارها ستة مليارات دولار.
المحلل السياسي القطري، صالح الغريب، يقول: “إن قطر منذ اليوم الأول للحرب، حاولت لعب هذا الدور المحوري للوصول إلى هدنة واتفاق، ولا شك أنه في هذا الدور سعت قطر ألا يكون القصف بالطريقة التي هي عليها، واستهداف منازل المواطنين والمستشفيات والجهات الصحية، والتي هدفت للانتقام وليس البحث عن الرهائن لدى حركة حماس”. وأضاف الغريب، لـ”مواطن“: “لدى قطر تاريخ طويل في قضية التفاوض، وأصبح المفاوض القطري له تجربة، وباع طويل وأساليب إقناع قوية، ورغم طول فترة التفاوض تم الوصول للهدنة، وهو ما يعيدنا للفترة التي تم التفاوض فيها مع حركة طالبان؛ حيث كان هناك رفض أمريكي لمجرد الجلوس مع الحركة، ولكن في نهاية الأمر تم التوقيع على اتفاق الدوحة للسلام، وطلبوا من قطر أن تقوم بنقل جنودهم من كابول.
برغم الدور الذي لعبته قطر في الوصول إلى هدنة إنسانية في غزة، لم تسلم الدوحة من الاتهامات الغربية بكونها داعمة لحركة حماس وممولاً لها
وتابع: “لا شك أن خوض المفاوض القطري لتجارب مختلفة تكللت بالنجاح، أصبح لديهم خبرة كبيرة في هذا المجال، وقبل اتفاق الرهائن تم إطلاق سراح عدة رهائن لأسباب إنسانية بوساطة قطرية، مشيرًا إلى أن الوساطة القطرية حققت نجاحات لتحرير الرهائن في دول مختلفة؛ منها إيران ليبيا وسوريا وأفغانستان والسودان ولبنان، بعد الطلب من جهات مختلفة بدخول الدوحة للتوسط لدى الخاطفين”. ويرى الغريب أن “هناك مصداقية وقبولاً لقطر من المجتمع الدولي، وفي قطر نقول إنها كعبة المضيوم، وهي تقف بجانب كل من ترى أنهم يحتاجون للمساعدة، وقد أثبت أنها شريك لا غنى للولايات المتحدة عنها في حل كثير من المشاكل في المنطقة”.
تاريخ من مفاوضات الرهائن
يعود تاريخ الوساطة القطرية في الإفراج عن الرهائن إلى عام 2004، حين ساهمت في الإفراج عن الصحفيين الفرنسيين، جورج مالبرونو وكريستيان تشيسنو، الذين تم اختطافهما في العراق، على يد جماعة أطلقت على نفسها اسم الجيش الإسلامي في العراق، وتم إطلاق سراحهم بعد أربعة أشهر مقابل فدية تقدر بملايين الدولارات. كما كللت الجهود القطرية بإنهاء أزمة الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات في ليبيا عام 2007، بعد صفقة تم بموجبها الإفراج عنهم بعد 8 سنوات في السجن.
وفي سبتمبر 2014، تفاوضت الدوحة مع جبهة النصرة في سوريا للإفراج عن 45 جنديًا من دولة فيجي بقوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الجولان، ثم خاضت مفاوضات مع ذات التنظيم للإفراج عن 13 راهبة سورية احتجزن نحو ثلاثة أشهر. وفي العام نفسه، توسطت قطر للإفراج عن جندي أميركي تحتجزه طالبان في أفغانستان مقابل الإفراج عن خمسة من المحتجزين الأفغان في غوانتانامو، وفي اليمن تفاوضت الدوحة مع الحوثي من جهة والقاعدة من جهة أخرى، إلى الإفراج عن رهائن، من بينهم أميركي ومعلمة سويسرية.
وفي لبنان، قادت الدوحة في ديسمبر 2015، مفاوضات الإفراج عن الجنود اللبنانيين المختطفين في جرود عرسال، ونجحت في إطلاق سراح 16 من الجنود اللبنانيين المختطفين، مقابل 25 سجينًا بينهم 17 امرأة وأطفالهن. كما نجحت المساعي القطرية في الإفراج عن أسرى جيبوتيين لدى إريتريا ضمن وساطة بين الطرفين، ليعود الأسرى إلى بلدهم برفقة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على متن طائرة خاصة في مارس 2016.
الباحث في العلاقات الدولية، هاني الجمل، يقول إن قطر تمتلك مهارات الوساطة الدبلوماسية القابلة للتسويق؛ فتاريخ الإمارة الخليجية الطويل في التفاوض بين اللاعبين الدوليين، هو ما جعلها لاعبًا مخضرمًا في الوساطة بين أطراف النزاع في بقاع العالم المختلفة، لأنها تستطيع التحدث إلى كلا الجانبين بطريقة لا يستطيع الآخرون القيام بها. وأضاف الجمل، لـ”مواطن“، أن الوساطة القطرية في النزاعات الدولية تعود إلى سنوات عديدة؛ حيث لعبت دورًا كوسيط خلال أواخر تسعينات القرن الماضي، وكانت القارة السمراء من أهم محطات نجاح دبلوماسية الوساطة القطرية منذ عام 2007؛ حيث نجحت في الإفراج عن الممرضات البلغاريات في ليبيا عام 2007، ومن ثم اتفاق السلام في إقليم دارفور في السودان في 2011، ومن بعدها المصالحة بين جيبوتي وإريتريا، ثم اتفاق التبو والطوارق في ليبيا 2015؛ فضلاً عن اتفاق بين حكومة السودان وحركة “جيش تحرير السودان- الثورة الثانية” عام 2017.
ويتابع: “كان من أهم محطات النجاحات القطرية توسط الدوحة في اتفاق تاريخي بين إيران والولايات المتحدة، والذي شهد إطلاق سراح خمسة أميركيين من السجون الإيرانية، وكان إطلاق سراح السجناء جزءً من صفقة أوسع شملت إفراج واشنطن عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية لدى كوريا الجنوبية، والتي تقدر بـ 13 مليار دولار”. وحول الوساطة في حرب غزة، يقول الجمل: “تعد قطر الوسيط الأكثر استيعابًا لحركة حماس؛ فهي داعم وفيّ لها، وكانت صلات قطر مع حماس عنصرًا رئيسيًا في استراتيجية الوساطة؛ حيث تقوم قطر بتمويل رواتب موظفي الخدمة المدنية في قطاع غزة الخاضع لسيطرة الحركة، كذلك تستضيف منذ أكثر من عشر سنوات مكتبها السياسي، وتحظى في الوقت نفسه بتقدير الولايات المتحدة أكبر حلفاء إسرائيل، كما حافظت قطر أيضًا على اتصالات عبر القنوات الخلفية مع إسرائيل”.
اتهامات بدعم حماس
وبرغم الدور الذي لعبته قطر في الوصول إلى هدنة إنسانية في غزة، لم تسلم الدوحة من الاتهامات الغربية بكونها داعمة لحركة حماس وممولاً لها، وهو الأمر الذي استدعى من سفيرها في واشنطن، الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني، كتابة مقال في صحيفة وول ستريت جورنال؛ في 29 أكتوبر الماضي، قال فيه: “على مدى العقدين الماضيين، اكتسبت دولتنا سمعة طيبة في التوسط في النزاعات المعقدة، ولا يمكن تحقيق السلام الدائم إلا من خلال بناء الثقة والتفاهم، ولقد كان أساس نجاحنا هو قدرتنا على التعامل مع جميع الأطراف”.
وأضاف “في أعقاب التصعيد في غزة، تواصلت قطر مع كافة الأطراف وحثت على التهدئة، وقد طلب منا شركاؤنا الدوليون، مثل الولايات المتحدة، التوسط لتأمين إطلاق سراح المزيد من الرهائن، ولقد تعاملنا مع إسرائيل ودول أخرى وحماس من أجل تحقيق ذلك، وأن إطلاق سراح العديد من الرهائن نتيجة للوساطة القطرية يعد خطوة إيجابية، لكن الوضع لا يزال حساسًا، ولذلك؛ فمن المقلق للغاية ظهور روايات كاذبة بشأن قطر في وسائل الإعلام بنية واضحة لتصعيد الصراع”.
كما أشار إلى أنه “لا ينبغي الخلط بين وجود مكتب حماس وبين التأييد لها؛ فالمكتب ينشئ قناة مهمة للاتصال غير المباشر؛ حيث إن سعي قطر للحوار كان دائمًا يتم بالتنسيق مع شركائنا الدوليين، وكانت أولويتنا دائمًا هي السلام والاستقرار في منطقتنا”. وكشف أن “تسليم جميع المساعدات الإنسانية من قطر إلى غزة مباشرة إلى الأسر الفلسطينية؛ في حين يوفر التمويل القطري الإضافي الكهرباء لإضاءة منازل سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، ويتم توزيع المساعدات القطرية بالتنسيق الكامل مع إسرائيل والولايات المتحدة ووكالات الأمم المتحدة؛ مثل برنامج الغذاء العالمي، والمنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، وهي تخضع لضمانات وضوابط صارمة على طول طريقها عبر إسرائيل إلى غزة”.
الفدية لتمويل جماعات متطرفة
نشر الصحفيان الفرنسيان، جورج مالبرونو وكريستيان تشيسنو، كتابًا صدر عام 2019 بعنوان “أوراق قطر”، قالا فيه إن قطر واستنادًا إلى وثائق سرية، كانت تساعد بشكل غير مباشر في تمويل الجماعات الإسلامية –بما في ذلك تلك المتورطة في احتجاز الرهائن– بينما كسبت امتنان الحكومات الأوروبية لفوزها بالإفراج عن رهائن هذه البلدان. كما أثارت ممارسات قطر حفيظة الحكومات في الشرق الأوسط؛ ففي عام 2017، تم إطلاق سراح مجموعة من صائدي الصقور القطريين الذين أسرهم أعضاء ميليشيا شيعية مدعومة من إيران في جنوب العراق، بعد مفاوضات شاقة أسفرت عن تحويل قطر مئات الملايين من الدولارات إلى العراق، وبعد فترة وجيزة من الصفقة، أطلق تحالف من الدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، حصارًا إقليميًا ضد قطر بسبب قائمة طويلة من المظالم، من بينها الادعاء بأن البلاد تمول الجماعات الإسلامية في سوريا والعراق.
أصبح السؤال بشأن مدى استمرار قطر في ممارسة “اللعبة المزدوجة” أكثر إلحاحًا، مع تطور نهج الولايات المتحدة في مفاوضات الرهائن، بحسب جريدة نيويورك تايمز. تقول الصحيفة الأمريكية، إن إدارة أوباما في عام 2014 بدأت بمراجعة المبادئ التوجيهية الخاصة بالرهائن، وظلت سياساتها المتعلقة بالتنازلات أو الفديات دون تغيير، لكن المراجعة التي اكتملت في العام التالي، أوضحت أن المفاوضات ليست محظورة، وأصبحت قطر بعد ذلك لاعبًا أساسيا في مثل هذه المناقشات، ومنذ ذلك الحين، أصبح المشاركون في جهود الاستجابة للرهائن؛ سواء داخل الحكومة أو خارجها، يصفون دور قطر بأنه لا غنى عنه.
إن شبكة العلاقات الواسعة التي تمتلكها قطر، تسمح لها بممارسة النفوذ ولعب دور مهم على الساحة العالمية
كريستوفر أوليري، الذي شغل منصب مدير عملية استعادة الرهائن في الحكومة الأمريكية من مارس 2021 حتى سبتمبر 2023، يرى إن “القطريين وسطاء استثنائيون، ولديهم دوافع كبيرة ومستعدون للغاية للمساعدة في حل النزاعات”. أوليري، الذي يعمل الآن في شركة استشارات أمنية تشارك في العديد من جهود استعادة الرهائن، قضى معظم حياته المهنية كعميل في مكتب التحقيقات الفيدرالي يركز على مكافحة الإرهاب، ويتذكر الفترة التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر، وفي حرب العراق عندما كان المسؤولون الحكوميون قلقين بشأن الدعم القطري المحتمل لتنظيم القاعدة في العراق الناشئ عن شخصيات مؤثرة في قطر، ولم تكن التحقيقات التي أجرتها الولايات المتحدة في ذلك الأمر حاسمة، ولم يتم فرض عقوبات على قطر.
الدور القطري من منظور عالمي
مع قيام قطر بدور الوسيط بناء على طلب أوكرانيا، فقد وافقت روسيا على إعادة أربعة أطفال أوكرانيين إلى وطنهم، كما كان لقطر مؤخرًا دور هادئ في إطلاق سراح رهينتين أمريكيتين في أفريقيا، بما في ذلك راهبة وعامل إغاثة، وفقًا لمسؤول أمريكي سابق ومطلع على الجهود الدبلوماسية، والذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية القضية. وفي عام 2014، عملت قطر خلف الكواليس للإفراج عن صحفي أمريكي محتجز لدى جماعة تابعة لتنظيم القاعدة في سوريا. بحسب نيويورك تايمز. وكان إطلاق سراح ذلك الصحفي بمثابة نقطة مضيئة خلال فترة قاتمة؛ حيث اختطف أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية حوالي عشرين رهينة غربية، وتم قطع رؤوس بعضهم في نهاية المطاف، بما في ذلك صحفي آخر، هو جيمس فولي، وفي مرحلة لاحقة، حاولت قوات الكوماندوز الأمريكية تحرير الرهائن في سجن في الرقة بسوريا، ولكن بحلول الوقت الذي نزلوا فيه إلى المدينة، كان الأسرى قد تم نقلهم.
بينما قال لانشال فوهرا في مقال بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية؛ في 28 أكتوبر: “منذ توليه السلطة قبل عشر سنوات، ظل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني البالغ من العمر 43 عامًا، مصرًا على وضع بلده الصغير – كواحد من أغنى دول العالم، مع ثالث أكبر احتياطيات الغاز، وسادس أعلى دخل للفرد – كلاعب رئيسي في الساحة الجيوسياسية العالمية. وأضاف فوهرا: “تتنافس قطر مع آخرين في المنطقة متحمسين أيضًا للظهور بمظهر بطل القضية وإثبات أهميتهم للغرب”.
وفي مجلة نيويوركر، كتب جويل سايمون، بتاريخ 20 نوفمبر: “في العقود التي تلت أحداث 11 من سبتمبر، أصبح احتجاز الرهائن عنصرًا بارزًا بشكل متزايد في الحرب الحديثة، بعد أن قامت الحكومات؛ بما في ذلك حكومات إيران وروسيا والصين وفنزويلا، باحتجاز مواطنين أجانب بتهم جنائية ملفقة، كوسيلة لكسب النفوذ السياسي. ويضيف سايمون: “يقارن المسؤولون القطريون دورهم بالدور الذي يلعبه الدبلوماسيون السويسريون؛ فقد شارك السويسريون لعقود من الزمن في المفاوضات الدولية بشأن الرهائن، ولكن في المشهد الجيوسياسي الحالي، أصبح القطريون في وضع أكثر فائدة”. وتابع: “قدمت قطر نفسها في الشرق الأوسط على أنها محايدة؛ حيث تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية كبرى، بينما تحافظ أيضًا على خطوط اتصال مفتوحة، وفي بعض الحالات، علاقات مباشرة مع الجماعات التي كانت القوات تقاتل ضد واشنطن”.
من جهته يقول أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور فرانك فارنيل: “تم تسليط الضوء على موقع قطر الاستراتيجي في الدبلوماسية العالمية من خلال إبحارها الناجح في حرب غزة، على الرغم من النكسات التي واجهتها خلال أزمة الخليج في عام 2017، وللحفاظ على مكانتها، يجب على قطر أن تساهم بنشاط في حل أزمات الشرق الأوسط على المدى الطويل. وأضاف فارنيل، لـ “مواطن“: “تاريخيًا، أدركت القوى الكبرى أهمية التعامل مع الخصوم عند الضرورة. على سبيل المثال، استخدمت الولايات المتحدة مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في لندن أثناء أزمة الرهائن الإيرانية لإجراء المفاوضات. ولعبت قطر أيضًا دورًا محوريًا في محادثات السلام، بما في ذلك تسهيل إنشاء مكتب لطالبان بناءً على طلب الولايات المتحدة. إن استضافة الخصوم السياسيين، على الرغم من أنها مثيرة للجدل، يمكن أن تكون حاسمة لتحقيق نتائج دبلوماسية ناجحة”.
وتابع: “تضع قطر نفسها كدولة قادرة على حل المشكلات على الساحة الدولية، وأقامت شراكات مع مؤسسات مرموقة؛ مثل جامعة جورج تاون. ومن خلال التعاون وتوفير التعليم في المنطقة، تعمل قطر على تعزيز المهارات الدبلوماسية القوية والتكيف الثقافي”. كما أشار إلى إن شبكة العلاقات الواسعة التي تمتلكها قطر، تسمح لها بممارسة النفوذ ولعب دور مهم على الساحة العالمية. وتشير التقارير الأخيرة إلى أن كبار المسؤولين القطريين قد شاركوا في مناقشات مع رؤساء الموساد ووكالة المخابرات المركزية، مع التركيز بشكل خاص على تأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. إن الوقت عامل جوهري، لأن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة، والإصابات بين المدنيين يمكن أن تؤدي إلى تعقيد المفاوضات، وربما تؤدي إلى هجمات تستهدف المصالح الإسرائيلية خارج المنطقة.