فتحت عبير الرسائل الواردة من غير الأصدقاء على تطبيق الفيسبوك، لتكتشف أن معظم الرسائل الواردة منهم تحتوي على صور أعضاء جنسية لرجال، الأمر جعلها تشعر بالإهانة، وتتسأل: “لماذا تصلني هذه الرسائل؟ ما الذي ظهر مني كي يرسلوا صورًا لأنفسهم أعضائهم بهذه طريقة؟”.
وتحكي لمواطن أنها ذات مرة بعدما كتبت تعليقًا على أحد المنشورات، أنها فتحت بريد الرسائل فوجدت ما لا يقل عن 10 أشخاص، بحسابات وهمية، أرسلوا لها رسائل تحتوي على صور جنسية أو مقاطع فيديو إباحية، أو صور قضيب.
وتضيف: “كثيرًا ما تصلني رسائل من مجهولين، أو حتى أناس أصدقاء بالفعل على مواقع التواصل الاجتماعي لا أعرفهم في الواقع، يرسلون صور أعضائهم الذكورية، أعتبر هذه الرسائل نوعًا من الخلل العقلي”؛ خاصة مع عدم وجود أية مجال لهذا المنحى الجنسي مع هؤلاء.
بينما قالت مها، (20عامًا)، طالبة جامعية، إن كثيرًا ما يرسل إليها رجال صور القضيب، يسبقه أو يلحق به مقطع فيديو إباحي، وأنها تشعر بالاشمئزاز من هذه المناظر، وتقوم بحظر هؤلاء الأشخاص على الفور.
الرجال الذين لديهم ميول استعراضية إلى الإثارة، يرسلون صور أعضائهم التناسلية للنساء، يشعرون بالفخر، بمعرفة أن قضيبهم قادر على توليد ردود فعل قوية كالغضب، والهواجس المتعلقة بالفحولة.
أما وفاء، والتي كانت على علاقة عاطفية بابن عمها، وبسبب خلافات أسرية، لم تستمر العلاقة وتزوجت من شاب آخر، لكن ابن العم لم يتركها تهنأ في حياتها الجديدة، وظل يلاحقها على حسابات التواصل الاجتماعي، وتضيف: “أرسل لي صور قضيبه على كل حساباتي”؛ ما دفعها إلى فضحه أمام العائلة.
ويرى الاستشاري النفسي د. طارق الحبيب، أن أسلوب ملاحقة النساء من قبل الرجال على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت، عن طريق إرسال صور الأعضاء التناسلية للنساء، أحد أشكال الاضطراب النفسي والجنسي عند الرجال. ويضيف لمواطن: “هذه الظاهرة معروفة باسم ظاهرة التعري، وهذا انحراف جنسي يكون الشخص لديه رغبة مستمرة بالتعري أمام الآخرين”.
لماذا القضيب تحديدًا؟
كشفت دراسة أن 53% من النساء تلقين صورة للقضيب، وأن 47% من الرجال اعترفوا بإرسال صور يظهر فيها القضيب، وعلى الرغم من أن كل شخص لديه دوافع مختلفة، إلا أن جميعهم لديه أمل بالحصول على رد يرضيه، أي إن المرسل يتوقع الحصول على صورة عارية للمرأة.
وقام الباحثون بتحليل إجابات عدد 1087 رجلًا أكملوا استطلاعًا عبر الإنترنت، تضمن استبيانًا ديموغرافيًا يغطي كل شيء؛ بدءً من مقاييس النرجسية والتمييز الجنسي، والدوافع وراء إرسال صور القضيب غير المرغوب فيها، للنساء، دون سابق معرفة، وردود الفعل التي كانوا يأملون في الحصول عليها من النساء.
وأشارت الدراسة، إلى أنه غالبًا ما يتم استخدام صورة القضيب “لعرض الجنس الذكري بشكل عام، ومجموعة متنوعة من الموضوعات الذكورية التقليدية مثل القوة والسلطة والرجولة”.
وأوضحت أن الرجال يميلون إلى المبالغة في تقدير اهتمام النساء بتلقي صور عارية، وهذا يعني أن صور القضيب هي في الأساس تقوم بإسقاط رغبات الرجال نحو النساء، أي أن سبب إرسال صور القضيب لأكبر عدد من النساء، هو زيادة فرصة الاستجابة الإيجابية المتوقع حدوثها من قبل أي امرأة.
كما أن الرجال الذين لديهم ميول استعراضية إلى الإثارة، يرسلون صور أعضائهم التناسلية للنساء، يشعرون بالفخر، بمعرفة أن قضيبهم قادر على توليد ردود فعل قوية كالغضب، والهواجس المتعلقة بالفحولة، أو مظهر أعضائهم التناسلية، والإثارة لردود الفعل المهينة للنساء مثل الاشمئزاز.
ووجد الباحثون أنه بالنسبة لبعض الرجال، يتم استخدام صورة القضيب كوسيلة للمغازلة؛ فمن الواضح أن إرسال صور القضيب للمرأة، يجده بعض الرجال طريقة سهلة للتعبير عن اهتمامه الجنسي بالنساء بدلًا من التواصل الفعلي.
وبحسب د.إبراهيم مجدي، طبيب نفسي؛ فإن أحد أهم الأسباب التي تجعل الرجال يرسلون صورًا للعضو الذكري إلى النساء هو الاستمناء، و الشعور بالنشوة الجنسية من ناحية الرجل؛ في المقام الأول. فيما يوضح أن هذا السلوك يعد اضطرابًا جنسيًا. ويضيف لمواطن: “لا يمكن لهؤلاء عرض الصور الجنسية بين الناس، لذلك يلجؤون لاستخدام التكنولوجيا كبديل لهم”.
ويوضح الطبيب النفسي، أنه عندما يرسل الرجل صورة قضيبه لامرأة يشعر بالإثارة، إذا شاهدت امرأة صورة عضوه الذكري، ولا يهمه إن كانت هي ستشعر بنفس الشعور أم لا، ويضيف: “ليس شرطًا أن ما يفعل هذه التصرفات يهمه أن تثار المرأة أو لا، بقدر ما يهمه أن يشعر هو بالمتعة”.
وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لملاحقة النساء
تؤكد دراسة بحثية بعنوان الانتهاكات الجنسية بين الجنسين عبر الإنترنت، أجراها قسم علم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بالجامعة البريطانية بمصر، أن 50% من الشباب؛ إما أرسلوا أو تلقوا “رسالة جنسية”، ويبدو أن الرجال ينظرون إلى “الرسائل الجنسية” بشكل أكثر إيجابية مقارنة بالنساء؛ فيما أن الفتيات والنساء قد يشعرن بالضغط، أو حتى بالإكراه عندما تصل إليهن رسائل تحتوي على مواد جنسية.
تخيل بعض الرجال الذين يظهرون أعضاءهم الجنسية للنساء؛ سواء بالتعري في الشارع، أو بإرسال صورة العضو للنساء عبر الإنترنت، أن المرأة شعرت بالسعادة.
وتشير الدراسة إلى ممارسات الرجال المتعلقة بالتحرش الجنسي عبر الإنترنت، والتي تحدث باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أو عبرها، اعتبرها الباحثون أحد أشكال الهيمنة الذكورية، وتعتبر النساء إلى حد كبير ضحايا ناجيات من التحرش الجنسي؛ فيما تعتبر كراهية النساء إطارًا آخر لتفسير هيمنة الرجال عبر الإنترنت، وسببًا لجرأتهم على إرسال مواد إباحية للنساء.
فيما ترى الدراسة أن تكنولوجيا وسائل التواصل الاجتماعي، نشأت من المواقف والممارسات الجنسية تجاه النساء في الحرم الجامعي؛ إذ اخترع مارك زوكربيرج الفيسبوك “لنشر صور الفتيات ليقيمها أصدقاؤه في الكلية وينتقدوها”.
كما أرسل إيفان سيجل، مخترع تطبيق سناب شات، رسائل تشير إلى النساء على أنهن عاهرات خلقن للتبول عليهن، وناقش جعل الفتيات في حالة سُكر لممارسة الجنس معهن.
أما شون راد وجاستن ماتين، مؤسسا تطبيق المواعدة Tinder الذي تم تقديمه في حرم الكليات، أتهما في شكوى تحرش جنسي، بإرسال رسائل جنسية لرئيس التسويق في الشركة الخاصة بالتطبيق، تصفها بالعاهرة، والباحثة عن الذهب والفاسقة.
كراهية النساء، السبب
وأشارت إحدى الدراسات أن 53% من النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و35 عامًا، تلقين صورًا غير مرغوب فيها للقضيب. وبالنسبة لمن تتراوح أعمارهن بين 35 و54 عامًا، بلغت النسبة 35%، وأكدت الدراسة أن هناك ثلاثًا من كل أربع نساء من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يصلهن صور لأعضاء تناسلية للرجال دون موافقتهن.
وحسب دراسة أخرى، بحثت دوافع وتوقعات الرجال الذين يرسلون صور القضيب للنساء، بالإضافة إلى التركيبة السكانية الخاصة بهم، وكانت النتيجة بالنسبة للبعض، فكرة الرفض الجنسي هي المصدر الرئيسي للإثارة، أما البعض الآخر من الرجال الذين يعانون من خوف شديد من الرفض فيرسلون صور القضيب لقياس ما إذا كانت أجسادهم العارية تعتبر جذابة أم لا، معتقدين أن التفاعل عبر الإنترنت قد يكون أقل إيلامًا مما هو عليه في الحياة الواقعية.
وأظهرت نتائج الدراسة، أن الرجال الذين اعترفوا بأنهم أرسلوا صورة دون أن يُطلب منهم ذلك، أظهروا درجة أكبر من النرجسية والتمييز الجنسي. ومع ذلك، لا يمكن استنتاج كراهية النساء الصريحة إلا من خلال عدد قليل جدًا من الاستبيانات. وجد الباحثون هذه العقلية في 6% فقط من المشاركين، وأكدت الدراسة أن هذا السلوك غالبًا ما يعتمد على تفسير الرجال الخاطئ حول اهتمامات المرأة الجنسية.
يؤكد الطبيب النفسي د.جمال فرويز لمواطن، أن تعمد بعض الرجال ومحاولاتهم المستمرة لإجبار النساء على رؤية القضيب عن طريق تصويره، وإرسال صورهم عبر الإنترنت، يأتي بسبب الحرمان الجنسي الشديد، أو الضعف الجنسي”.
ويضيف: “قبل ظهور التكنولوجيا كان الرجل يتعرى ويخرج عضوه لامرأة أو أكثر حسب المجال؛ فيشعر بالسعادة أنها رأت عضوه الذكري، دون النظر إلى رد فعلها؛ سواء رفضت أو تقبلت هذا السلوك؛ إنما ما يعجبه أنه تراه فقط، وبعد سهولة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها يرسل الرجل صور عضوه للنساء لنفس السبب”.
فيما يرى أنه من المحتمل أن يكون الرجل الذي يرسل صور قضيب للنساء على الإنترنت على أساس أنه قضيبه، قد لا يوجد لديه عضو بالأساس، أي أنه قد يكون عضوه تم قطعه أثناء الختان أو حدث له تشوه؛ فيصبح لديه شعور بالنقص، وتكون هذه السلوكيات عملية تعويضية عما يعيشه؛ فيكون الاندهاش لدى المرأة أو الخوف أو التقزز والغضب يشعره بالرضى”.
لافتًا إلى نفس ما أشار إليه د. إبراهيم مجدي، إلى أن تخيل بعض الرجال الذين يظهرون أعضاءهم الجنسية للنساء؛ سواء بالتعري في الشارع، أو بإرسال صورة العضو للنساء عبر الإنترنت، أن المرأة شعرت بالسعادة أو أنها أثيرت جنسيًا إليه، فيتخيل أنها معه ويمارس العادة السرية.
ويضيف: “ربما هذا النوع من الرجال لا يتجرأون لإجراء علاقات جنسية واقعية، لأنهم يشكّون في أنفسهم ويكتفون بأن النساء ترى أعضاءهم”.
ختامًا، يظن بعض الرجال المهووسين بالجنس، إن النساء أيضًا يفكرن بنفس الطريقة، أو يمكنهن ممارسة الجنس دون أي نوع من رابط أو علاقة، وبسبب هذا الاعتقاد تمتلئ صناديق رسائل النساء الإلكترونية بصور القضيب، وهو ما يعد شكلًا من أشكال العنف والملاحقة التي تتعرض لها النساء بشكل مستمر.