نزح سكان قطاع غزة لـ مدينتي رفح وخان يونس عقب اندلاع الحرب في قطاع غزة، وقصف قوات الاحتلال الإسرائيلي المتواصل للمنازل والمصانع منذ السابع من أكتوبر الماضي، لتبلغ معاناة سكان القطاع أشدها في ظل عدم توفر مياه الشرب؛ خاصة وأن إسرائيل هي المتحكم الأساسي في كافة الخدمات المقدمة لسكان فلسطين؛ ما جعلها تستخدمها كسلاح ضد الشعب الأعزل.
شح المياه دفع الغزاويين لشراء المياه المعبأة من عربات “الكارو” التي تجوب الشوارع -إن توفرت- بأسعار باهظة، يأتي ذلك في وقت لم تكن المياه النظيفة متوفرة، ليشكو المواطنون من تسبب المياه في مشاكل صحية كـ(بكتيريا المعدة والإسهال)، إلى جانب زيادة الإقبال على شراء خزانات المياه، -إن توفرت هي أيضًا- بأسعار باهظة. ورغم تزايد الطلب على الخزانات، إلا أن العمل بالمصانع والشركات المتخصصة في صناعتها وصناعة الأدوات الصحية وغيرها من الصناعات قد توقف منذ اندلاع الحرب، نتيجة القصف المتواصل على القطاع؛ فضلًا عن انتهاء المخزون الاستراتيجي منها عقب أسبوعين من اندلاعها.
بحسب حازم حسن (اسم مستعار)، مسؤول مصنع متخصص في تصنيع خزانات المياه بنطاق الخليل في الضفة الغربية، أكد لـ”مواطن” أن ارتفاع الإقبال على خزانات المياه الحيوية (البلاستيكية) منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة ليستغل التجار الموقف ويرفعوا أسعار الخزانات 300%. كما أشارت اليونيسف في 20 من ديسمبر الماضي إلى عدم حصول الأطفال المشردين حديثًا في جنوب قطاع غزة على 1.5 إلى 2 لتر من المياه يوميًا، وهو أقل بكثير من المتطلبات الموصي بها للبقاء على قيد الحياة، كما أشارت المنظمة إلى أن خدمات المياه والصرف الصحي في مرحلة الانهيار، مع تفشي الأمراض على نطاق واسع.
إصابات وسط الغزاويين بسبب المياه
نزهة أبو ظاهر 39 عامًا، فلسطينية مواليد قطاع غزة، دفعتها الحرب للنزوح لخان يونس، إلا أنها انتقلت مؤخرًا للإمارات العربية لعلاج أولادها، الذين تراجعت حالتهم الصحية لمعاناتهم من الهيموفيليا، لا تنسى نزهة معاناتها من المياه الملوثة التي كانوا يحصلون عليها من عربات “الكارو” التي تجوب الشوارع، تقول في حديثها لـ “مواطن” :”إن المياه الملوثة أثرت سلبًا على صحة أولادي، وحفيدي الوحيد الذي انتقل للإمارات العربية المتحدة للعلاج في الـ 26 من ديسمبر الجاري بعد تدهور حالته الصحية؛ حيث أصيب بالتهابات في الدم وبكتيريا المعدة وجفاف؛ فضلًا عن تسجيل درجة حرارته 40 درجة مئوية، يأتي ذلك في وقت يعاني الهيموفيليا هو الآخر أسوة بأشقاء والدته”.
أكثر من 96% من موارد المياه في غزة "غير صالحة للاستهلاك البشري
John Doe Tweet
بحسب مصدر طبي مسؤول بقطاع غزة طلب عدم ذكر اسمه خشية تعرض الأجهزة الطبية للاستهداف من جيش الاحتلال، أكد لـ”مواطن” قائلاً: “نحن نعاني حاليًا من شح مياه الشرب ومياه الاستخدام المنزلي بصورة جلية داخل القطاع”، ويضيف: “نقص مياه الشرب يؤدي إلى زيادة احتمال تكوّن الحصوات الكلوية وزيادة الالتهابات البولية، واستخدام مياه الشرب التي تُعَبَّأ يؤدي إلى حدوث التهابات معوية حادة ينجم عنه جفاف شديد قد يؤدي إلى فشل كلوي حاد، وللأسف؛ معظم النازحين تعرضوا للإصابة بالتسمم الغذائي، وقد يكون ذلك بسبب تلوث مياه الشرب، كما يؤدي نقص مياه الاستحمام إلى الإصابة بأمراض جلدية معدية بسبب قلة النظافة الشخصية”.
ويشير المصدر إلى أنه في معظم الأماكن تشتري مياه الاستخدام المنزلي معبأة في جالونات 20 لترًا، وتكون مالحة في معظم الأحيان، وقد يستخدم بعض العائلات عبوة واحدة طول اليوم، أما بالنسبة لمياه الشرب تتُشْتَرَى من باعة متنقلين، ولا تكون محلاة بشكل جيد، وقد لا يكون طعمها مستساغًا في كثير من الأحيان، ليصل صف مياه الشرب لمسافات طويلة، علمًا بأنه يتم وصول مياه شرب من ضمن المساعدات، ولكن لا تكفي لـ 2 مليون مواطن.
بحسب الأمم المتحدة فإن أكثر من 96% من موارد المياه في غزة “غير صالحة للاستهلاك البشري”. وبحسب “سلطة المياه الفلسطينية” فقد تعطلت شبكات مياه الصرف الصحي ومنشآت تحلية مياه البحر منتصف أكتوبر/تشرين الأول؛ بسبب النقص في الوقود والكهرباء؛ ما عطّلها إلى حد كبير منذ ذلك الحين.
عربات "الكارو" تنشط، والخزانات للقادرين فقط
وتضيف “نزهة“: “عانينا عدم توفر المياه منذ اندلاع الحرب -إن توفرت-، نعثر عليها ملوثة لنبتاعها من الباعة الجائلين ممن يجوبون الشوارع بعربات “الكارو”، لم تقف معاناتنا عند هذا الحد؛ حيث بتنا نحصل عليها بثلاثة أضعاف سعرها منذ اندلاع الحرب، أما الخزانات البلاستيكية فتضاعفت أسعارها بنسبة 300%، ولم نعد قادرين على اقتنائها، يأتي ذلك في ظروف اقتصادية صعبة يعيشها أبناء القطاع، لا يستطيع الكثير منهم تدبير تكلفتها حاليًا. وتضيف نزهة: “منذ زمن تجوب عربات “الكارو” لبيع المياه بالقطاع، إلا أن الأمر قد تفاقم بصورة فجة عقب اندلاع الحرب، نتيجة عدم توفر السولار أو البنزين لتشغيل السيارات، وحال توفرت السيارات فتكلفتها باتت باهظة، ولا يمكن للمواطنين تحملها؛ سواء في نقل المياه أو التنقل، ليضطر المواطنون لاستقلال “الكارو” في تنقلاتهم من مكان للآخر”. وعن الأسعار تقول “نزهة“: “500 لتر مياه للاستخدام المنزلي أو الشرب تكلفتها 50 شيكل؛ أي ما يعادل 13.81 دولارًا”.
لم تكن “نزهة” أول من عانوا عدم توفر المياه، ياسمين أمين 26 عامًا هي الأخرى عانت من هذا الأمر بشكل أكثر ضراوة؛ نظرًا لمعاناتها من فشل كلوي، وهي بحاجة إلى عملية زراعة كلى، وتعيش على جلسات الغسيل الكلوي المستمرة، تعاني هي الأخرى من عدم توفر المياه بعد اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر الماضي وقصف قوات الاحتلال الإسرائيلي منزلهم ونزوحهم إلى رفح؛ ما دفعهم لشراء جراكن المياه لتدبير احتياجاتهم منها، تقول لـ”مواطن”: “ارتفع سعر جالونات المياه من 7 لـ 20 شيكل خلال أيام وجيزة عقب اندلاع الحرب، مشيرة لاستغلال التجار الأزمة، ورفعهم الأسعار بصورة مبالغ فيها، ويعتمد أهالي قطاع غزة على شراء المياه -إن توفرت- بأسعار باهظة تفوق قدراتهم المادية، في وقت خسر هؤلاء أموالهم وقصفت ممتلكاتهم، مشيرة إلى عدم قيام الجمعيات الأهلية والمؤسسات المجتمعية الدولية بتوزيع المياه عليهم، عدا مرة واحدة قامت فيها إحدى الجمعيات بتوزيع زجاجة مياه معدنية على كل فرد، علاوة على توزيعهم “حرمات” خفيفة لا تناسب الطقس القارص الذي نعيش فيه بعد انتقالنا إلى مراكز إيواء في رفح”.
المرض والألم أهلكا جسدي، والحرب أكملت على ما تبقى: معاناة 1200 مريض فشل كلوي يموتون ببطء في غزة
مرضى نزف الدم في غزة.. الموت بالقصف أو بنقص الدواء
وعن حاجة الإنسان اليومية من المياه يقول المصدر الطبي: “معدل شرب الماء يختلف من شخص لآخر حسب حرارة الجو؛ نظرًا لأننا حاليًا في فصل الشتاء، وتقل حاجتنا إلى مياه الشرب، وتزيد في فصل الصيف بسبب التعرق الشديد، ليتراوح معدل شرب الماء في فصل الشتاء من نصف لتر إلى لتر، ويرتفع معدل الاستهلاك لدى مرضى السكري، ويزيد الاستهلاك إلى لترين في فصل الصيف، يأتي ذلك في وقت يعاني سكان رفح من شحّ مياه الاستخدام المنزلي في المنازل، لتُعَبَّأ يدويًا في جالونات وتحمل إلى المنازل، هذا وارتفع سعر المياه غير المفلترة بشكل كبير، كما تُقْطَع مياه البلدية في الكثير من الأحيان بسبب إصابة الخطوط نتيجة القصف المتواصل”.
حسب تقرير الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الأرض الفلسطينية المحتلة OCHA الصادر في 15 من نوفمبر الماضي، يتمثل المصدر الرئيسي لمياه الشرب في جنوب القطاع في خطين ممدودين من إسرائيل، ويوفران معًا نحو 1,100 متر مكعب من المياه في الساعة، لتتوقع المنظمة توقف عدد من الآبار ومنشآت تحلية المياه الخاصة بسبب نفاد الوقود. وفي شمال القطاع لا تعمل محطة تحلية المياه ولا خط الأنابيب الإسرائيلي، ولم توزع المياه المعبأة على المهجرين الذين يقيمون في مراكز الإيواء، مما يثير شواغل جدية إزاء الجفاف وانتشار الأمراض المنقولة بالمياه؛ بسبب تناولها من مصادر غير مأمونة”.
قصف المصانع يوقف الإنتاج
تواصلنا مع شركة “بشير سكسك” للخزانات المائية في قطاع غزة، والتي تعد أقدم الشركات المتخصصة في مجال البنية التحتية والصرف الصحي والخزف والسيراميك، والتي أنشئت عام 1974 لتنتج 9000 منتج، للاستفسار منهم حول حجم الطلب على الخزانات الحيوية وأسعارها، لم نتلق ردًا منهم، لكن بمراجعة موقعهم حصلنا على قائمة الأسعار الخزانات المائية؛ حيث سجل الخزان السكسك متعدد الطبقات أبيض اللون 300 متر 145 شيكل؛ ما يعادل 40.05 دولار، ويتراوح سعر الخزان الـ500 متر من 140 لـ 185 شيكل؛ ما يعادل من 38.67 لـ 51.10 دولار، أما الـ1000 لتر فيتراوح سعره من 210 لـ 290 شيكل؛ ما يعادل 58 لـ 80.10 دولار، أما الخزان 2000 لتر فيتراوح سعره من 410 لـ 495 شيكل؛ ما يعادل 113.24 لـ 136.71 دولار.
يشير حازم حسن في حديثه لـ”مواطن” إلى زيادة الطلب على مبيعات الخزانات البلاستيكية المنزلية، إلا أن الكميات المتوفرة في المخازن كانت قليلة، ولم تغط سوى طلبات أول أسبوعين من الحرب، كما كان هناك صعوبة بالغة للوصول إلى المصانع للتشغيل؛ حيث قُصِفَت مصانع المدينة الصناعية ودمرت الآلات، ويضيف أن “غالبية الصناعات دُمِّرَت بالكامل في قطاع غزة عن عمد للقضاء على الاقتصاد الفلسطيني”.
تعليقًا على ذلك يقول الخبير الاقتصادي الدكتور شريف الدمرداش لـ”مواطن”: “ما يحدث في قطاع غزة حرب إبادة جماعية ينفذها الكيان الصهيوني، ويستهدف القضاء على البشر مع تدمير كافة الممتلكات والكيانات الاقتصادية؛ حيث تتحكم إسرائيل على مدار عقود في القطاع من كافة المناحي، إلا أن هناك تجارة بينية بين الأردن وفلسطين في وقت سابق؛ حيث كان يمثل حجر الزاوية في الكثير من الصناعات، أما في الوضع الحالي بعد قصف القطاع الاقتصادي في غزة؛ فقد توقفت أي تجارة بينية بين فلسطين وأي دولة كانت تربطها بها حدود مشتركة؛ حيث تتعمد إسرائيل عدم توفير مقومات الحياة للشعب الفلسطيني، وتحديدًا لقطاع غزة”.
وكانت اليونيسف قد أعلنت في 10 منديسمبر/ كانون الأول الماضي قيامها وشركائها بتركيب خزانات مياه لتوفير ما لا يقل عن 10 آلاف لتر من المياه النظيفة للأطفال النازحين وأسرهم في قطاع غزة، لتدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية لتمكين إيصال المساعدات المنقذة للحياة بشكل عاجل.
I loved even more than you will get done right here. The overall look is nice, and the writing is stylish, but there’s something off about the way you write that makes me think that you should be careful what you say next. I will definitely be back again and again if you protect this hike.
Simply wish to say your article is as amazing The clearness in your post is just nice and i could assume youre an expert on this subject Well with your permission let me to grab your feed to keep updated with forthcoming post Thanks a million and please carry on the gratifying work