لا تبدو دول الخليج حتى اللحظة منخرطة بشكل مباشر في الصراع مع جماعة الحوثي، التي تخوض حربًا ضد القوات الأمريكية والبريطانية المشاركة بتحالف حارس الازدهار بمنطقة البحر الأحمر، عقب عملية طوفان الأقصى أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لكن ثمة تهديدات متزايدة تواجه دول الخليج العربي مع استمرار التحذيرات المباشرة من جانب الجماعة اليمينة باستهدافها، ردًا على دعمها للتحالف أو مشاركتها فيه سرًا، الأمر الذي يهدد بحرب إقليمية واسعة يقودها حلفاء إيران ضد الخليج، ويهدد أمن واستقرار تلك الدول.
ونقلت وكالة شيبا، عن مصادر استخباراتية يمنية، تخطيط الجماعة لاستهداف أهداف حيوية في الخليج العربي؛ خاصة السعودية والإمارات، بينها قاعدة الظفرة الجوية الإماراتية، والتي تقع على مسافة 32 كم جنوب غربي أبو ظبي.
ولم تصرح أي مصادر رسمية؛ سواء من الإمارات أو السعودية حول التهديدات الحوثية، ما يصفه لـمواطن، محلل سياسي سعودي، فضل عدم ذكر اسمه، بأنه محاولة لتجنب الانزلاق في مواجهة مباشرة مع جماعة الحوثي.
وبسؤاله عن الرد المتوقع على مشاركة البحرين ضمن قوات تحالف الازدهار، لم يستبعد القيادي بالجماعة محمد علي الحوثي الانخراط بمواجهة مباشرة مع أي دولة خليجية قد تدعم هذا التحالف أو تشارك فيه، وقال: “إن الرد سيكون على قدر المشاركة والتواجد”.
مرمى نيران الحوثي
وأضاف: “أي تضامن عربي مع الدعوات الأمريكية لتشكيل تحالف لحماية الملاحة في البحر الأحمر كما يدعون، سوف يشعل الاحتجاجات في الوطن العربي بصورة كبيرة، وبالتالي نحن نمتلك كل الأوراق التي يمكنها إسقاط أي من تلك التحركات الأمريكية والإسرائيلية والمتحالفين معهم، لأن باب المندب هو ممر استراتيجي عربي”.
ويقول لمواطن، السياسي البحريني والبرلماني السابق جلال فيروز: “إذا نفذت الولايات المتحدة ضربات قوية وخطيرة على مناطق نفوذ جماعة الحوثي في اليمن؛ فمن المتوقع أن توجه الثانية ضربات للقواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة في الدول الخليجية؛ خاصة قاعدة الجفير والشيخ عيسى في البحرين، والقواعد الأمريكية في الإمارات؛ خاصة في ضوء التأكيدات الحوثية على مشاركة الإمارات والسعودية في الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا؛ ولا سيما الطائرات العسكرية التي انطلقت من قاعدة حفر الباطن بالسعودية نحو الجماعة”.
مشاري الإبراهيم لمواطن: عمليات البحر الأحمر لا يجب أن نراها بشكل منفصل عن أحداث غزة، كما أن كيان الاحتلال، لا يمكن في يوم من الأيام أن يكون سببًا للسلام في المنطقة.
ويرى أن الدول الخليجية قد أظهرت مواقف متفاوتة في التعاطي مع أزمة التوترات الراهنة بمياه البحر الأحمر الإقليمية، والمواجهة بين الحوثي وقوات الازدهار؛ فالحكومة في سلطنة عمان تبدو مؤيدة لجماعة الحوثي.
بينما تقف الكويت وقطر على الحياد، في المقابل هناك تحالف مساند للولايات المتحدة والتحالف الغربي يمثلها البحرين والسعودية والإمارات، وأن السبب في ذلك ربما هو الالتزام باتفاقيات التطبيع، ويشير إلى أن السعودية تحاول ألا تكون في خط المواجهة الأمامي، حتى لا تكون في قلب المواجهة مع جماعة أنصار الله. حد قول السياسي البحريني.
والذي يضيف، أن الإمارات تخشى استهدافها من جانب الحوثيين؛ خاصة أنها تستضيف قواعد أمريكية، لذلك تتمادى الحكومة الإماراتية في تقديم كافة أشكال الدعم لهذا التحالف ماديًا ولوجستيًا وعسكريًا، ومع ذلك لا تريد الإمارات أن تكون في قلب المواجهة.
ويكمل حديثه: “مرارًا كررت المصادر الإماراتية والسعودية أن بلادهما لا ترغب في أن تكون بالخطوط الأولى، لذلك كلفا البحرين بهذه المهمة باعتبارها الحلقة الأضعف، كونها تستقبل العديد من المساعدات الاقتصادية من البلدين”.
وفي مسعى لتحييد نفسها عن الاتهامات الحوثية، أصدرت وزارة الخارجية الإماراتية، بيانًا بعد الضربات الأمريكية- البريطانية على مواقع للحوثيين في اليمن، في الثاني عشر من كانون الثاني/يناير الماضي، أوضحت خلاله قلق الإمارات من تبعات الهجمات على الملاحة البحرية في باب المندب والبحر الأحمر.
وقالت الوزارة في بيانها: “تعرب دولة الإمارات عن قلقها البالغ من تداعيات الاعتداءات على الملاحة البحرية في منطقة باب المندب والبحر الأحمر، والتي تمثل تهديدًا غير مقبول للتجارة العالمية ولأمن المنطقة والمصالح الدولية”.
وأضافت وزارة الخارجية الإماراتية: “تؤكد دولة الإمارات في هذا الإطار على أهمية الحفاظ على أمن المنطقة ومصالح دولها وشعوبها، ضمن أطر القوانين والأعراف الدولية”، طبقًا لوكالة وام.
في الكواليس، ما الذي يحدث؟
ويقول نائب الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي، مشاري الإبراهيم لمواطن: “إن ما يحدث في البحر الأحمر ليس إلا دليلاً على عنجهية القوى الاستعمارية ممثلة بأمريكا والغرب؛ ففي الوقت الذي تحاصر فيه غزة ويمنع عنها الغذاء الدواء، وتقصف بشكل همجي، ويقتل الأطفال والنساء والمدنيون، تتحرك هذه القوى لقصف اليمن، فقط لأن اليمن منعت عبور السفن المتجهة للكيان الصهيوني.
ويضيف، أن حرية الملاحة ليست إلا مبررًا لنجدة الكيان الصهيوني؛ فوفق منطق الاستعمار وقواه، مسموح للكيان الصهيوني بتجويع وحصار الأبرياء، ولكن متى ما تم تهديد وصول المساعدات لهذا الكيان؛ فهذه القوى مستعدة لتحريك الأساطيل والقطع البحرية لحماية وصول هذه المساعدات.
ويعتقد أن الموقف الأولى اتخاذه بالنسبة للدول العربية والإسلامية، هو الضغط وتعليق العمل الدبلوماسي لإيقاف العدوان على غزة، ويؤكد على نقطتين، الأولى إن عمليات البحر الأحمر لا يجب أن نراها بشكل منفصل عن أحداث غزة، والثانية أن كيان الاحتلال، لا يمكن في يوم من الأيام أن يكون سببًا للسلام في المنطقة.
يرى الزميل الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR) كورادو كوك، السبب الرئيسي وراء تنحي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والجهات الفاعلة الإقليمية البارزة الأخرى عن الانخراط في التحالف ضد الحوثيين، هو الخوف من الانتقام العسكري.
يقول كوك طبقًا لتقرير منشور في أمواج ميديا: “أوضحت قيادة الحوثيين أن الدول المنضمة إلى التحالف، أو التي تقدم أي مساعدة له تعتبر أهدافًا مشروعة، والسعودية ليست على استعداد لتعريض مفاوضات السلام مع الجماعة اليمنية للخطر، وهي حجر الزاوية في تطبيعها مع إيران”.
ويضيف: “كما أن خطر هجمات الحوثيين الجديدة بطائرات بدون طيار وصواريخ من شأنه أن يعرض استثمارات الرياض الهائلة للخطر في نيوم وغيرها من المشاريع العملاقة في البحر الأحمر، ونتيجة لذلك، قللت السلطات السعودية من أهمية هجمات الحوثيين في وسائل الإعلام وتجنبت إدانتها رسميًا”.
وفي الوقت نفسه، يشير الضوء الأخضر الذي قدموه للبحرين للانضمام إلى التحالف، إلى أن السعوديين لا يعارضون المبادرة من حيث المبدأ، ويتوقعون من إيران احتواء حلفائهم اليمنيين.
كما تبنت دولة الإمارات العربية المتحدة موقفًا مماثلاً تجاه هجمات الحوثيين، مبتعدة عن الإدانات العلنية أو تأييد عملية حارس الازدهار، لتجنب جولة جديدة من هجمات الحوثيين على أراضيها، كما حدث في أوائل عام 2021. ومع ذلك، يعتقد كوك أن أبو ظبي تبدو وراء الكواليس أكثر تفضيلاً بكثير من الرياض تجاه الرد القوي ضد الحوثيين، كون الإماراتيين أكثر حرصًا على دحر الحوثيين في منطقة استراتيجية مثل البحر الأحمر.
وتحاول الإمارات تقديم طرق بديلة لمساعدة إسرائيل، وتوصيل الموارد إليها في ضوء التهديدات الحوثية، إلى ذلك أفاد موقع والا العبري، أن دفعة أولى من الشحنات التجارية وصلت إلى إسرائيل عبر جسر بري جديد، يمتد هذا الجسر من الإمارات إلى تل أبيب، ويمر عبر السعودية والأردن وصولاً إلى ميناء حيفا.
جلال فيروز لمواطن: "مرارًا كررت المصادر الإماراتية والسعودية أن بلادهما لا ترغب في أن تكون بالخطوط الأولى لمواجهة الحوثي، لذلك كلفا البحرين بهذه المهمة"
وذكر الموقع العبري، أن المراحل التجريبية لخط النقل البري الجديد عبر موانئ دبي، مرورًا بالسعودية والأردن توجت بالنجاح، مشيرًا إلى أن عشر شاحنات وصلت من موانئ الخليج العربي إلى إسرائيل، وتستغرق الرحلة البرية من دبي إلى حيفا مدة أربعة أيام، وتمتد على مسافة تبلغ 2550 كيلومترًا، أما الرحلة من البحرين فتستغرق يومين وسبع ساعات لقطع مسافة تبلغ 1700 كيلومتر.
كما سبق أن عرضت وزارة الخارجية الإسرائيلية خطة إنشاء هذا الطريق البري على المبعوث الأمريكي الخاص، آموس هوكشتاين، بحسب يديعوت أحرنوت في يوليو/تموز الماضي، ونقل المسؤولون في إدارة بايدن الخطة للدول المعنية؛ الإمارات والسعودية والأردن، بالإضافة للبحرين وسلطنة عمان، وبالفعل، وقعت شركة تراكنت الإسرائيلية، في أيلول/ سبتمبر الماضي اتفاقية مع كل من الإمارات والبحرين، في المنامة، تمهيدًا لبدء تشغيل الخط البري.
ما السيناريوهات المحتملة؟
يتصاعد القلق يومًا تلو الآخر من احتمال اندلاع حرب إقليمية واسعة في الشرق الأوسط منذ بداية الأزمة بين حماس وإسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويرى نورمان رول المسؤول السابق في المخابرات الأمريكية لشؤون إيران أنه “لا توجد دوافع استراتيجية للجهات الفاعلة الإقليمية أو الخارجية الرئيسية لإشعال حرب إقليمية، لأن أهداف مثل هذا الصراع ستكون غير واضحة، وهذا من شأنه أن يعطل على الفور استقرارهم السياسي والاقتصادي الكبير”.
وأضاف لـ CNN : “في الوقت نفسه، لدى إيران ووكلائها حوافز متعددة للحفاظ على -بل وزيادة- شدة وتواتر الإجراءات الحالية ضد إسرائيل، ويجب أن يكون القلق من أن أي من هذه الأنشطة، قد ينتج عنه حدث يتطلب الانتقام أو المشاركة من قبل جهات فاعلة أخرى، تقوم بعد ذلك بالبناء على بعضها بعضًا، مما يؤدي إلى الصراع التقليدي الذي نرغب جميعًا في تجنبه”.
يصف جلال فيروز هجمات التحالف بأنها غير مؤثرة في نشاط جماعة الحوثي، بدليل أن هجماتهم لم تتوقف، وما زالوا يستهدفون السفن في منطقة البحر الأحمر، على الرغم من تنفيذ الولايات المتحدة نحو 20 عملية، ربما يعود السبب في ذلك إلى أن الولايات المتحدة قد أخطرت الحوثيين مسبقًا عبر وسطاء روس بالمواقع التى سيتم ضربها.
ويرى أن هناك محاولة لاحتواء وتحديد مقدار معين من الردع الأمريكي دون الرغبة من جانب الطرفين في تصعيد محتمل، وإن كانت جماعة الحوثي قد كثفت من استهداف السفن مؤخرًا، وهو أمر يحرج الولايات المتحدة، التي لا تريد توسيع رقعة الصراع إقليميًا حفاظًا على مصالحها بمنطقة الشرق الأوسط.
تشير بعض التقارير -وفق فيروز- إلى أن الولايات المتحدة قد طلبت من الصين التدخل لدى اليمن لاحتواء الأزمة والحد من الضربات، في محاولة لحفظ ماء وجه الطرفين، أيضًا هناك تواصل دبلوماسي أمريكي روسي في مسعى لاحتواء التصعيد.
كما توقع السياسي السعودي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، على الأغلب عدم نشوب حرب، وأن هناك مباحثات تجري في الوقت الراهن مع ممثلين عن الجماعة لتحييد الدول الخليجية ومحاولة احتواء الأزمة، وهو توجه لا تعارضه طهران صاحبة القرار الأهم بالنسبة للحوثي.
بينما يشير تحليل نشرته RT للكاتب والمحلل السياسي ألكسندر نزاروف، أن الوضع برمته في البحر الأحمر يبدو غامضًا وخطيرًا في الوقت ذاته؛ فمن ناحية؛ بذل التحالف الغربي قصارى جهده لإبلاغ الجميع في اليمن بضرورة الاختفاء، وإخفاء كل ما يمكن أن يكون هدفًا للضربات، وكان حجم الضربات التي وجهتها بريطانيا وأمريكا للحوثيين محدودًا للغاية.
ومن الناحية الأخرى يطلق الحوثيون تصريحات غامضة؛ فهم يعدون بإحراق المنطقة لكنهم يسمحون من ناحية أخرى، بصيغ خفض التصعيد على غرار؛ “إذا استمرت الضربات فسنهاجم”، “لا يوجد تهديد على الشحن الدولي”، “ستستمر الهجمات ضد السفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية”.
فربما تواجه دول الخليج خطرًا متصاعدًا يتعلق باحتمال انزلاق الوضع في أي وقت مع جماعة الحوثي، في ضوء التهديد المتبادل بين الجماعة والتحالف الغربي الذي تدعمه دول عربية سرًا- وفق تقارير-، وتشارك فيه البحرين علنًا، لكن القوى الفاعلة في هذا الصراع، وهي الولايات المتحدة وإيران، تبدو متزنة وتميل لاحتواء الموقف، ولا ترغب بانزلاق الصراع.
Security and fairness are non-negotiable when it comes to online gambling. I’ve discovered an article that dives deep into the safest online casinos, examining their licensing, encryption technology, and fairness audits. For peace of mind when playing online, this detailed review is invaluable
I enthusiastically began reading this awesome website a couple days ago, they have really good content for their followers. The site owner has a talent for captivating readers. I’m delighted and hope they maintain their excellent efforts.