إسرائيل؛ سردية نُسجت من خيال تيودر هرتزل، ومعه بدأ الحلم الصهيوني لجمع شتات اليهود من أصقاع العالم وتأسيس وطن قومي لهم، ولسوء الحظ صُبّت لعنتهم على أرض وشعب فلسطين. ولدعم هذه السردية كرّست إسرائيل معركتها الإلكترونية التي ما برحت تستمد بقاءها من الأكاذيب والإشاعات والفتن، وهذا ما جاء على لسان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد قائلًا: “الحقيقة لا تفيدنا”.
وبات معروفًا أن معظم الدول تعتمد حرب المعلومات كركيزة أساسية خلال الأزمات من أجل حماية صورتها، وكسب الشعبية والشرعية لما تقوم به من ممارسات، وهذا ما تؤكده رئيسة الرابطة العربية لعلوم الاتصال الأستاذة في الجامعة اللبنانية الدكتورة مي عبدالله في حديثها لـ”مواطن” عن دور وسائل الإعلام كأداة أساسية ومهمة في الأزمات والحروب، لكن الجديد اليوم هو تخصيص ميزانيات لتمويل هذه الحملات عبر الإنترنت، تستهدف بلدانًا وفئات سكانية محددة. وحسب الباحث في معهد الأبحاث الرقمية في المجلس الأطلسي إيمرسون بروكينغ؛ فإنّ إثارة الرأي العام بهدف كسب التأييد للحرب هي ممارسة قديمة، لكن ما يحصل خلال الصراع الحالي من حرب دعائية على منصات التواصل الاجتماعي لم يسبق له مثيل.
ويشير تقرير “إسرائيل تُغرق مواقع التواصل الاجتماعي لتشكيل الرأي العام العالمي حول الحرب“، المنشور في “بوليتكو” أن الحكومة الإسرائيلية قد روّجت بعد هجوم حماس مباشرة، مقاطع فيديو ممولة إلى ملايين الأشخاص في الدول الغربية لحشد الدعم لأفعالها العسكرية ضد قطاع غزة.
وفي الثاني عشر من أكتوبر الماضي عرضت وزارة الشؤون الخارجية الإسرائيلية ثلاثين إعلانًا مدفوعًا وبموجب البيانات الصادرة عن منصة (x) فقد ركزت هذه الإعلانات على صور عنيفة كوضع امرأة عارية في شاحنة صغيرة، وأطفال بوجوه محترقة وغيرها من الصور المفبركة التي تصف حماس بأنها “جماعة إرهابية شرسة”.
والأمر سيان بالنسبة لموقع يوتيوب، وحسب قاعدة بيانات الشفافية في جوجل؛ فقد قامت وزارة الخارجية الإسرائيلية بتوجيه أكثر من 75 إعلانًا ممولاً إلى المشاهدين في الدول الغربية، تحديدًا فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وفي المقابل رفض العديد من المشاهدين استهدافهم من قبل هذه الحملة، لكنهم واجهوا صعوبة في التخلص من هذه الإعلانات، وحسب الخبراء في هذا المجال فإنّ هذا الواقع الجديد للحروب لا يمكن تجاهله.
كيف تستغل إسرائيل الدعاية في حروبها؟
يعتقد مؤلف كتاب التضليل والخداع في الشرق الأوسط، وأستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة حمد بن خليفة، مارك أوين جونز: “إنّ الدعاية الإسرائيلية تشمل مجموعة من الجهود والتكتيكات لتعزيز وترويج صورتها ومواقفها في الساحة الدولية وتشمل الآتي:
تستخدم إسرائيل وكالات الإعلام والعلاقات العامة لنشر المعلومات التي تبرز الجوانب الإيجابية لسياساتها وأفعالها، كذلك تقوم بنشر محتوى إعلامي عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام، للتواصل مع الجمهور الدولي وتقديم وجهة نظرها بشكل مباشر، وتعمل على تنظيم حملات كبيرة لتسليط الضوء على مواقفها أو لمواجهة الانتقادات الدولية، ولا تتوقف عن سعيها الحثيث لبناء تحالفات مع دول ومنظمات تدعمها في القضايا الدولية المهمة، كل هذا بالإضافة إلى التأثير على القرارات الدولية وتحقيق الدعم لقضاياها ومواقفها من خلال دبلوماسييها.
أنفقت إسرائيل ملايين الدولارات على جهاز "الهاسبرا"؛ ففي شهر نوفمبر 2023 دفعت فاتورة تتجاوز 7 ملايين دولار على إعلانات واسعة الانتشار لفيسبوك وإنستغرام ويوتيوب، والهدف منها مهاجمة المجموعات المؤيدة لفلسطين
John Doe Tweet
وسعيًا من الكيان الإسرائيلي لتحقيق هذه الأهداف فقد جنّد جهازًا متكاملًا موجّها لغسل الدم عن صورة الكيان الغاصب، وتببيض تاريخه الأسود، هذا الجهاز يعرف بــــ “الهاسبرا“.
ما هو جهاز "الهاسبرا"؟
يترجم مصطلح Hasbara في اللغة العبرية إلى معنى “الشرح”، وعلى نقيض معناه فهو يستخدم لتضليل الرأي العام وتعطيل الجهود الرامية إلى كشف تلاعب الاحتلال بالمعلومات، وإخفاء الجرائم التي يقوم بها وضمان الدعم الدولي له، من خلال الجهود التي يبذلها في مجال السياسة والإعلام الدولي والعلاقات الدبلوماسية.
تأسس جهاز الـ “الهاسبرا” في العام ١٩٨٣، وحتى اليوم لا تألو إسرائيل جهدًا في تطوير هذا الجهاز وتوسيع مهامه في مجالات عديدة وعلى جميع المستويات؛ عالمية وإقليمية ومحلية (في الداخل الإسرائيلي).
تفسر المهندسة في الذكاء الاصطناعي لارا وهبي لـ”مواطن” كيفية عمل جهاز “الهاسبرا”، الذي يعتمد على الحملات الإلكترونية لتلميع صورة إسرائيل، والترويج للسردية الإسرائيلية التي تسوق لمفهوم الدفاع عن النفس، بهدف تبرير الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وتقوم بذلك من خلال الحملات الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ مثل Instagram وX وYouTube و Tik-tok من خلال تزييف الحقائق وإشاعة المظلومية اليهودية، واعتبار أي انتقاد للصهيونية هو معاداة للسامية التي أصبحت تهمة جاهزة ضد أي شخص أو أي جهة أو حساب الكتروني، وبناء على ما سبق يقوم جهاز “الهاسبرا” بالإبلاغ وحظر هذه الحسابات الإلكترونية، بذريعة أنها تروج للعنف والإرهاب، وهذا ما حدث مؤخرًا مع صفحة “حملة مقاطعة إسرائيل” على فيسبوك.
ولأجل ذلك، أنفقت إسرائيل ملايين الدولارات على جهاز “الهاسبرا”؛ ففي شهر نوفمبر 2023 دفعت فاتورة تتجاوز 7 ملايين دولار على إعلانات واسعة الانتشار لفيسبوك وإنستغرام ويوتيوب، والهدف منها مهاجمة المجموعات المؤيدة لفلسطين ضمن حملة إعلامية بعنوان “حقائق من أجل السلام”.
تجزم المهندسة لارا وهبي خلال مقابلتها مع “مواطن” بأنّ “هذه الحملات الترويجية تحتاج إلى تمويل كبير جدًا، لأنها تعتمد على جهود بشرية وبرامج تقنية، بالإضافة إلى سعيها الحثيث لبناء علاقة متينة مع شركات تكنولوجية كبرى مثل مايكروسوفت وغوغل وميتا، والتي تبنت السردية الإسرائيلية وتعمل لصحالها، وخير دليل قرار شركة ميتا حذف التعليقات التي تحوي كلمة صهيوني باعتبارها نوعًا من معاداة السامية”.
وتعقيبا على قرار ميتا انتقدت المستشارة المختصّة بالذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان بمنظمة العفو الدولية علياء الغصين سياسات المحتوى الخاصة بميتا، وشدّدت على أهمية أن لا تكون هذه السياسة تمييزية أو متحيزة ضد الأصوات المؤيدة للفلسطينيين، معتبرة أن فرض حظر شامل على انتقاد “الصهيونية” أو “الصهاينة” سيكون بمثابة تقييد غير متناسب وتعسفي لحرية التعبير، وسيؤدي إلى خنق الأصوات الفلسطينية واليهودية وغيرها من الأصوات التي تحاول لفت الانتباه إلى الجرائم الفظيعة على يد القوات الإسرائيلية في غزة.
وضمن هذه المساعي الدعائية لا يمكن تجاهل القمع الإسرائيلي للصحافيين ومنعهم من الدخول إلى غزة، وقد وضّحت رئيسة الرابطة العربية لعلوم الاتصال مي عبدالله لـ”مواطن” تداعيات عرقلة عمل الصحافيين ومنعهم من التغطية على أرض الميدان وتعريض حياتهم للخطر، الأمر الذي يشكّل رهانًا كبيرًا أمام وصول الناس للمعلومة الصحيحة، لأن وكالات الأنباء تبقى المرجع الأساسي للمعلومات الصحيحة بسبب المبادئ المهنية التي تلتزم بها، وتدقيق ومراقبة الأخبار المنشورة، وعندما تمنع هذه الوكالات من أداء دورها فإن الحملات الدعائية على مواقع التواصل تنجح الى حد ما بنشر المعلومات المزيفة.
المواضيع التي يركّز عليها جهاز "الهاسبرا"
على الصعيد العالمي، ينشر جهاز “الهاسبرا” شائعات عن انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين، والعنف ضد النساء وغياب العدالة الاجتماعية، وغيرها من المواضيع التي تنال إعجاب الجمهور الغربي الليبرالي، وهذا ما تجلّى بشكل واضح في كلام المذيعة البريطانية جوليا هارتلي بروير للأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي قائلة: ” أنت لم تعتد وجود امرأة تتحدث في بلدك”.
يركز إيدي كوهين أحد أذرع عملية التضليل الإعلامي الإسرائيلي الذي ينشط على تويتر، -وخصوصًا باللغة العربية- في تغريداته على إثارة الجدل حول قضايا الاستبداد والفساد والمشاكل التنموية في الوطن العربي، ويقارنها بالوضع السياسي والاقتصادي في إسرائيل، ليرسّخ بذلك فكرة تشتت العرب وعدم قدرتهم على النجاح في إدارة بلدانهم، مغيّبًا الأسباب الحقيقية التي جعلت الدول العربية محور المطامع الغربية في ثرواتها الطبيعية.
وبموازاة ذلك تشمل الجهود الدعائية لهاسبرا إثارة الشعور بالنصر لدى الجمهور الإسرائيلي من خلال نشر فيديوهات تظهر مدى الدمار الواقع على قطاع غزة وعمليات أسر وتعذيب للفلسطينيين، الأمر الذي يؤدي في نفس الوقت إلى بث الرعب بين الفلسطينيين وثنيهم عن المشاركة في أي عمليات مقاومة.
كذلك تصّر “الهاسبرا” على إخفاء الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني في فلسطين المحتلة، من خلال تجهيل الأسباب الحقيقية للصراع وحصره بهجوم أكتوبر الماضي؛ فمن السهل إقناع الجمهور الغربي بأن إسرائيل تحاول القضاء على حماس بدلًا من مواجهة الحقيقة، وهي أنها تحاول الاستيلاء على المزيد من الأراضي وطرد الفلسطينيين من منازلهم.
العوامل التي أعاقت "الهاسبرا" من تحقيق أهدافه
لم يسبق على مدى التاريخ أن حصلت إبادة جماعية لشعب كامل أمام أعين الكاميرا، ولأول مرة يستطيع العالم رؤية ما يحدث رأي العين، وما شاهده في غزة كان صادمًا لدرجة لا يمكن تصديقه، وبدا الارتباك في كل شيء؛ في المواقف الرسمية، في التغطية الإعلامية، في ردود الفعل الشعبية، الأمر الذي وضع الإنسانية أمام اختبار صعب، وصعّب على جهاز “الهاسبرا” تحقيق أهدافه.
عجز جهاز “الهاسبرا” في السيطرة على الفيديوهات المباشرة من غزة التي ينشرها الصحفيون والناشطون لكشف واقع العيش تحت الحصار الإسرائيلي، ولتوثيق جرائم الاحتلال ضد المدنيين العزل والأبرياء، في المقابل انتشرت مئات المقاطع التي يظهر فيها الجنود الإسرائيليون وهم يضحكون ويرقصون على أنقاض ودمار بيوت غزة، وينامون على أسرّة أطفال غزة ويركبون دراجاتهم، ويكتبون على ألواح الصفوف المدرسية، بالإضافة إلى الصور المخزية التي تبجحوا بها ونشروها على صفحة جيش الاحتلال الرسمية لعمليات أسر لفلسطينيين مجردين من ملابسهم، متروكين في العراء أو مُكوّمين داخل شاحنات، وعوضًا عن كسب التأييد إلى جانب إسرائيل ظهرت ردّات الفعل الغاضبة على معظم منصّات التواصل الاجتماعي.
هذا التباين بين مشهدين، مشهد الموت ومشهد اللهو، دعّمته بيانات موقع Axios التي أفادت بأن المنشورات المؤيدة لفلسطين على Tik-tok تمت مشاهدتها أربع مرات أكثر من المنشورات المؤيدة لإسرائيل على الصعيد العالمي، وقد كان هناك 210,000 منشور يستخدم هاشتاغ StandwithPalestine#، و17,000 منشور يستخدم هاشتاغ StandwithIsrael# حتى 16 من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ومن غير المستغرب -نسبة لما ذكرته المهندسة لارا وهبي- أن حجب بعض الدول المنشورات المرتبطة بغزة من على وسائل التواصل الاجتماعي، مذكّرة بمنع كندا صفحة “EYE ON PALSTINE ” بعد تصنيفها كصفحة معادية للسامية وتشجّع على العنف، وهو في رأي الدكتورة مي عبد الله تأكيد بإنّ السيطرة على وكالات الأنباء العالمية والصحف الكبرى وصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت تعتبر المنبر الحر للمواطنين.
علاوة على ما سبق؛ لعب جيل الشباب (جيل z) دورًا بارعًا في استخدام وسائل التواصل؛ فقد نجح معتز عزايزة (24 عامًا) الذي يتابعه 18 مليون مشترك على إنستغرام (أكثر من متابعي الرئيس الأميركي جو بايدن) في قلب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل، من خلال نشره صورًا عكست حجم الوحشية الإسرائيلية في تدمير البنية التحتية في غزة وتعمد قتل المدنيين، وأيضا حصل الشاب عبود (17 عامًا) على نحو 3 ملايين مشترك على إنستغرام؛ حيث لاقت منشوراته الساخرة فرصة للضحك والحياة في وجود ذلك الجحيم المروع الذي يشهده القطاع الفلسطيني. أما لمى أبو جاموس (9 سنوات) والتي تقدم نفسها كصحفية فلسطينية تعمل على نقل الأحداث من الميدان فتحظى بما يقرب من 800 ألف مشترك على إنستغرام.
نجحت الرواية الفلسطينية في استقطاب الرأي العام العالمي لشدّة ما تفضحه من أهوال يعيشها المدنيون في غزة
John Doe Tweet
ومن المهم تسليط الضوء على القدرات التي أتاحتها الهواتف المتطورة لكشف الدعاية والتضليل الإسرائيلي؛ حيث شارك مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي لقطات الشاشة الخاصة بهم لتصريحات أدلى بها مسؤولون إسرائيليون وحذفت عن الانترنت في وقت لاحق، والتي استخدمت كأدلة لإظهار نوايا الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.
من الأسباب الأخرى التي أعاقت أهداف “الهاسبرا” هي لجوء الناس لوكالات الأنباء العالمية بسبب كثرة المعلومات المضلّلة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما قلّل من تعرّض الجمهور الغربي للحملات الإعلامية الإسرائيلية. تقول رئيسة الرابطة العربية لعلوم الاتصال والأستاذة في الجامعة اللبنانية د. مي عبدالله: “إنّ دور الوكالات العالمية هو توثيق الأحداث، وإظهار الأضرار البشرية بشكل موضوعي، وعلى الرغم من تحيز هذه الوكالات نحو الرواية الصهيونية بشكل واضح في المصطلحات المستخدمة والمناقشات المفتوحة؛ خصوصًا في الفترة الأولى من الحرب على غزة، كان على هذه الوكالات تدارك الأمر لاحقًا بعد التفاعل العالمي مع القضية الفلسطينية؛ فاضطرت للحفاظ على موضوعيتها المهنية وزيادة المساحة المخصصة في تغطيتها للآراء العربية التي شكلت لهم في كثير من الأوقات إحراجًا؛ خصوصًا بعد كشفهم انتهاك إسرائيل للقانون الإنساني الدولي وللمواثيق والاتفاقات الدولية “.
وفي نفس السياق لعبت شخصيات مؤثرة مثل سفيرة السلطة الوطنية الفلسطينية في فرنسا هالة أبو حصيرة، وسفير السلطة الوطنية الفلسطينية في بريطانيا حسام زملط، والسفيرة في كندا منى أبو عمارة، ومندوبة فلسطين السابقة في الاتحاد الأوروبي ليلى شهيد، والكوميدي باسم يوسف دورًا مهما في كشف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي من خلال تمكّنهم من النقاش باللغة الإنجليزية في البرامج الأجنبية؛ الأمر الذي جعل صوتهم مسموعًا وساهم في تحول الرأي العام الدولي نحو تأييد القضية الفلسطينية.
تأثير غزة على الرأي العام العالمي
نسفت الحرب على غزة الكثير مما كان يعتبر مسلمات، وفي مقدمتها أنّ إسرائيل دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة؛ فقد نجحت الفيديوهات المباشرة التي تنقل من غزة عبر وسائل التواصل في إظهار الرعب الذي يعيشه الفلسطينيون بسبب جرائم الاحتلال، ولشدة قساوة هذه الصورة سرعان ما خرج الآلاف في معظم عواصم العالم للمطالبة بتحرير فلسطين، ووقف الحرب على غزة ومحاسبة المتورطين في قتل الشعب الفلسطيني مباشرة، أو عبر إرسال السفن والعتاد والذخائر الى إسرائيل.
تؤكد الدكتور مي عبد الله أن الرواية الفلسطينية نجحت في استقطاب الرأي العام العالمي لشدّة ما تفضحه من أهوال يعيشها المدنيون في غزة، ما حتّم التعاطف الإنساني معهم وجذب انتباه الجمهور العالمي، وعزّز التفاعل الشعبي مع المعاناة الفلسطينية، وهذا ما تُعزيه الدكتورة “عبدالله” إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام كأداة فعالة للتعبير عن التجارب الإنسانية والسياسية لتشكيل رأي عام من خلال إظهار وشرح الواقع على حقيقته.
ومن الأمور التي تسترعي الانتباه -بالإضافة الى المظاهرات في الشوارع-، امتدّاد النقاش حول القضية الفلسطينية إلى الأوساط الأكاديمية؛ فقد شهدت الجامعات الأميركية في الولايات المتحدة توترًا ملحوظًا منذ 7 من أكتوبر/ تشرين الأول، و أثار بيان مؤيد للفلسطينيين وقعته مجموعات طلابية في جامعة هارفرد غضب بعض المسؤولين تحت مزاعم معادة السامية، ونشر خطابات الكراهية والتحريض، وفي جامعة كولومبيا في نيويورك، قامت إدارة الجامعة بتعليق نشاط منظمتين طلابيتين مؤيدتين لوقف إطلاق النار في غزة، أمّا في جامعة كورنيل في شمال ولاية نيويورك؛ فقد تم إلغاء الفصول الدراسية في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني من أجل تهدئة الأجواء في الحرم الجامعي، وفي ظل هذه الأجواء أصبح مشهد طلاب يرفعون الأعلام الفلسطينية ويتشحون بالكوفيات مألوفًا في حرم جامعة مانهاتن.
هذا التيه الأكاديمي في الفصل بين حرية التعبير ومعاداة السامية زاد من مخاوف الباحثين، يقول جاك هالبرستام أستاذ الدراسات حول النوع الاجتماعي في جامعة كولومبيا بأنه لم يشهد يومًا “مضايقات كهذه للمساس بحرية التعبير”، ويرى أن الالتباس بين “معاداة الصهيونية ومعاداة السامية” يجعل “النقاش شبه مستحيل”، ولكنه يبرر هذه القرارات الصارمة من الإدارات الجامعية بسبب تعرضها لضغوط من الجهات المموّلة. ويفصح جوزيف هولي الأستاذ “اليهودي الأميركي” المحاضر في الأدب الكلاسيكي، والذي يؤيّد مقاطعة إسرائيل بأن “حالة الانزعاج” في أوساط الكادر الجامعي “بلغت مستويات غير مسبوقة”.
على الرغم من أن هذه الأصوات المؤثرة الداعمة لفلسطين واجهت ضغوطًا قوية بهدف إسكاتهم من خلال فصلهم من أعمالهم وإلغاء عقودهم واستجوابهم؛ فقد خضعت رئيسة جامعة بنسيلفانيا الأميركية إليزابيث ماغيل ورئيسة جامعة هارفرد كلودين جاي، ورئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، سالي كورنبلوث، لجلسة استماع في الكونغرس بعد موجة انتقادات واسعة بشأن سماحهن بمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية، إلاّ أنها كشفت هشاشة حرية التعبير وحقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.
I will right away take hold of your rss as I can’t in finding your
e-mail subscription hyperlink or e-newsletter service.
Do you have any? Kindly allow me recognize so that I may just subscribe.
Thanks.
I do not even know how I ended up here but I thought this post was great I dont know who you are but definitely youre going to a famous blogger if you arent already Cheers.
I do not even know how I ended up here but I thought this post was great I dont know who you are but definitely youre going to a famous blogger if you arent already Cheers.
ممتاز التحقيق