قررت سميرة علي، سيدة ستينية مقيمة بمحافظة القاهرة الاستفادة من زيوت الطعام المستعملة لديها، بإعادة تدويرها لتصنيع صابون المواعين، بهدف تخفيض نفقاتها الشهرية على المنظفات، تقول سميرة لـ”مواطن“: “اعتدت كغيري من ربات البيوت على إلقاء مخلفات الزيوت في بالوعات الصرف الصحي؛ ما يسبب انسدادها بصورة دورية، ويكلفني ضياع الوقت والجهد والمال، فضلًا عن إصابات في اليد في كل مرة كنت أحاول تسليكها بنفسي، لكن قبل 8 أعوام بدأت في تصنيع الصابون منها بعد أن شاهدت أحد مقاطع الفيديو يشرح كيفية تصنيعها؛ ما جعلني أوفر ما لا يقل عن 100 جنيه شهريًا كنت أنفقها على شراء الصابون، وما أقوم بتصنيعه الآن أفضل جودة من المباع بالمحلات، وينظف الأواني بصورة أفضل”، ترفض سميرة بيع المخلفات الزيتية للباعة الجائلين معللة: “أخشى قيامهم بتنقيتها من الشوائب وإعادة طرحها كزيوت طعام مجددًا”.
باعة جائلون للجمع
سارة صلاح ربة منزل أربعينية من مواليد محافظة دمياط، اعتادت هي الأخرى التخلص من مخلفاتها الزيتية في أحواض غسيل الأواني، لكن في 2021 بدأت تتخلص منها ببيعها لجامعي الزيوت من المنازل مقابل مبالغ نقدية أو هدايا عينية، تقول لـ”مواطن”: “أول مرة بعته بسعر 6 جنيهات للتر الواحد، وفي 2023 بعته مقابل 15 جنيهًا للتر، أما المرة الأخيرة فقد حصلت على مقابل عينيّ، بادلته بمسحوق غسيل يكفى استهلاكي مدة شهرين؛ ما وفر عليّ إنفاق ما لا يقل عن 200 جنيه على المنظفات”، وطالبت سارة بافتتاح المزيد من الشركات العاملة في إعادة تدوير الزيوت بدلًا من اقتصار غالبيتها على محافظات القاهرة والجيزة فحسب، والتوسع في تدوير البلاستيك والورق والكرتون والزيوت كما تفعل البلدان الأجنبية بدلًا من هدرها وتلويث بيئتنا بها”، ورفضت مؤخرًا سارة التعامل مع المندوبين كي لا يعاد تدوير الزيت وبيعه مجددًا للمطاعم.
مخاطر بيئية
تدوير الزيوت المستعملة وإن كان حلاً للتخلص منها؛ فهناك خطر إعادة استعمالها بعد تصفيتها. في هذا الصدد يكشف الدكتور صالح عزب، استشاري التنمية المستدامة ومستشار وزير البيئة الأسبق، لـ”مواطن” مدى خطورة تدوير الزيوت المستعملة بعد تصفيتها من الشوائب لإعادة استخدامها في الطهي، بدلاً من تحويلها لوقود حيوي، كما يُعلن جامعو الزيوت المستعملة من البيوت؛ حيث تجمع في مصانع عشوائية لإعادة بيعها مرة أخرى لمحلات الفول والطعمية أو مصانع الشيبس، كما تنقى ويحسن لونها لتباع كزيت خليط استغلالاً لارتفاع أسعار الزيوت، كما تؤثر عمليات التخلص منها في بالوعات الصرف الصحي أو القمامة سلبًا على البيئة، لإمكانية تسربها للأراضي الزراعية بعد اختلاطها بالترع والمياه الجوفية. يأتي ذلك في وقت يعيش فيه الفلاحون على المياه الجوفية بالقرى؛ فضلًا عن عدم إمكانية إعادة استخدام مياه الصرف في عملية الري للتشجير، لتبقي رواسب سامة يمكن أن تصل للمياه الجوفية إذا صرفت في بالوعات الصرف الصحي.
من جهته، اعتبر الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة أن إلقاء الزيوت المستخدمة في مياه الصرف واحدة من العادات السيئة التي تشمل تخلص البعض من زيوت السيارات والكيماويات ومخلفات المصانع والورش والجامعات مباشرة، في وقت يُفترض التخلص منها بطريقة آمنة نظرًا لعدم استيعاب محطات المعالجة هذه المخلفات، كما حذر خلال حديثه لـ”مواطن” من وصولها لمياه الشرب حال صرفها في الترع، وأشار لأهمية وجود آلية واضحة لإنتاج الوقود الحيوي، أو تصنيع الصابون من الزيوت، مع ضرورة وضع رقابة مشددة من وزارة البيئة على الورش والمصانع للحيلولة دون إلقاء المخلفات.
تستهلك مصر سنويًا 2.7 مليون طن زيت طعام وتستورد 98% منها؛ فيما يقدر حجم مخلفات زيت الطعام سنويًا 500 ألف طن
John Doe Tweet
بحسب شراقي تعجز محطات مياه الشرب عن تنقيتها من الزيوت والعناصر الثقيلة كالرصاص والنحاس والزنك؛ خاصة إذا صرفت في مياه الصرف الصناعي، مشيرًا إلى أهمية عدم إلقاء الزيوت والمخلفات في الأحواض العادية كي لا تؤثر على المزروعات، وهو ما اتفق معه “عزب” الذي قال: “تعمل وزارة البيئة على وضع استراتيجية خاصة بها للتخلص من المخلفات؛ خاصة وأن إعادة تدوير المخلفات تشكل أحد المشاريع التي تحتاج دعمًا ماليًا ضخمًا، ولا بد من دخول الدولة بقوتها فيها لحاجتها لصناعات ضخمة لاستخلاص غاز الميثان من الزيوت، حتى تستخدم كوقود لتدفئة المنازل. وأضاف أن هذا النوع من الاستثمارات لا يُقبل عليه القطاع الخاص عادة، لأن عوائده لا تأتي إلا بعد فترة، يأتي ذلك في وقت يؤدي فيه حرق الزيوت لمزيد من الاحترار العالمي في وقت نحتاج لتقليل استخدامه.
مخاطر صحية
ويفسر الدكتور محمد عز العرب أستاذ الباطنة والكبد بالمعهد القومي للكبد، المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، المخاطر الصحية لإعادة تدوير الزيوت المستعملة في حديثه لـ “مواطن” قائلًا: “ينتج عنه مركبات كيميائية خطيرة كـالأكريلاميد، وهي مادة سامة تكون نتيجة طهي بعض الأطعمة النشوية والقلي والتحميص في درجات الحرارة المرتفعة، والتي تؤثر على الحمض النووي للخلايا مسببة أورامًا سرطانية، لتستهدف الجهاز الهضمي كـ “القولون والكبد”، كما تسبب أمراض الغدد الليمفاوية، وتؤثر على معدلات الخصوبة. وفي حال تسخين الزيوت في درجات الحرارة المرتفعة والتي تتراوح من 180 لـ 200 درجة ينتج عنها مادة البيروكسيد المسببة لتلف الخلايا والمحدثة لأضرار بالجهاز العصبي، كـالزهايمر والشيخوخة المبكرة، فضلًا عن تأثيرها البالغ على كافة أعضاء الجسم كـ “القلب، الكبد والكلى “وإحداثها للجلطات.
شركات لإعادة تدوير الزيوت
اعتادت ربات البيوت في مصر على إلقاء ملايين الأطنان من زيوت الطعام المستعملة في بالوعات الصرف الصحي أو القمامة أو الترع؛ بخاصة في القرى المصرية التي تنتشر فيها الأمية مقارنة بالمدن؛ ما يتسبب في سد شبكات الصرف، بما يحمل الدولة ملايين الدولارات سنويًا لتطهيرها؛ ما يجعل زيوت الطعام المستعملة طاقة مهدرة في دولة تحتل مركزًا متقدمًا في استهلاك الزيت لطهى “الفلافل ” و”الكشري”، الوجبات الأشهر التي تعد من التراث المصري.
تستهلك مصر سنويًا 2.7 مليون طن زيت، حسب تصريحات الدكتور فنجري صديق رئيس قسم بحوث المحاصيل الزيتية بمعهد المحاصيل الحقلية بوزارة الزراعة، تستورد مصر 98% منها حسب تصريحات السيد البسيوني عضو اللجنة العليا للزيوت؛ فيما يقدر حجم مخلفات زيت الطعام سنويًا 500 ألف طن بحسب منتدي مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي OUDA، ثم ظهرت مبادرات فردية لتجميع الزيوت المستعملة، بعضها نجح واستمر، والآخر توقف لعدم تلقيه الدعم. وظهرت كذلك شركات ناشئة تخصصت في تحويل الزيوت لوقود الديزل الحيوي، ليتحول الزيت لمنجم ذهب بعد أن ظل طاقة مهدرة لسنوات. وقد تم خلق العديد من الشركات المماثلة في اليابان والبرازيل وإسبانيا.
بحسب مبادرة انفايرونير، المنصة الإلكترونية الأولى في مصر المعنية بالإدارة البیئیة للمخلفات، والتي تربط كافة العاملين والمھتمین بمجال إعادة التدوير في مصر ودعمھم، عن طريق خلق شبكة تواصل بين الشرائح المختلفة في ذلك القطاع، يقدر عدد الشركات العاملة في إعادة التدوير 314 شركة عاملة في إعادة التدوير كـ”المخلفات الزراعية، زيوت الطعام، البلاستيك، المخلفات الإلكترونية، الصناعية، إدارة مخلفات الطعام، تجميع المخلفات والغاز العضوي”، رغم انطلاق 21 مبادرة وشركة لإعادة تدوير زيوت الطعام المستعملة بحسب المبادرة، إلا أن الشركات العاملة في مجال تدوير زيوت الطعام المستعملة 15 شركة في مصر.
تعمل الشركة المصرية الناشئة دلتا أويل، تأسست سنة 2018، لإدارة نفايات الزيوت في قطاع التكنولوجيا الزراعية النظيفة على تقديم خدماتها في جمع زيت الطهي المستخدم من المنازل، وتعمل على خلق نظام صديق للبيئة في صناعة وقود الديزل الحيوي، من خلال توفير مادة خام مستدامة رخيصة من زيت الطهي المستخدم، تقوم الشركة بجمع الزيت المستعمل عن طريق مندوبيها مقابل عوائد عينية. في هذا السياق، يقول المهندس سراج موسى المدير التنفيذي، لـ “مواطن”: “دشنت وشريكي الشركة في 2018، بعد أن بدأنا مشروعنا بمخزن صغير، إلى أن وصلنا لمصنع نقوم من خلاله بالتصدير لـ 9 دول أوروبية حاليًا بعد الدعم الذي تلقيناه من وزارة التعاون الدولي، التي ساعدتنا في التعرف على أسواق جديدة”، ويضيف: “يعد تجميع الزيوت المستعملة من المنبع عائقًا لنا في بعض الأوقات بعد اتساع نشاطنا، بدأنا المشروع بتجميع نحو 10 طن إلى أن وصلنا لمئات الأطنان شهريًا، ونغطي حاليًا 23 محافظة”.
ويُبين سراج: “نستهدف مساعدة ربات البيوت في التخلص من الزيوت المستعملة بصورة آمنة”، مشيرًا لتأثير زيادة أسعار الزيوت خلال 2023 في مصر على شركتهم؛ حيث يُفضّل المواطنون تسليم مخلفاتهم الزيتية لمندوبين مجهولي الهوية لدفعهم أسعارًا تفوق المعروض عليهم من قبل الشركات العاملة في إعادة تدوير الزيوت لتحويلها لوقود حيوي.
معيار ربات المنازل في اختيار الشركات
تحدثنا مع ربات منازل تعاملن مع شركات متخصصة في إعادة تدوير الزيوت للتعرف على انطباعهن عن تجاربهن. تقول مها مصطفى، 40 عامًا، ربة منزل، مواليد محافظة القاهرة، “قبل 3 سنوات توقفت عن عادة التخلص من الزيوت في تواليت المنزل، بعد أن علمت بأضرار ذلك على البيئة، عانيت سابقًا من سد الأحواض بصفة مستمرة واستهلاك كميات كبيرة من المياه الساخنة لتسليكها من الدهون، تعاملت مع شركات تحول الزيوت لوقود bio diesel وتصدره، مقابل حصولنا على عوائد عينية كـ “المنظفات، الصابون، الكلور ومعطرات ملابس”.
فيما اعتادت سمر العلمي ربة منزل ثلاثينية على التخلص من مخلفاتها الزيتية في القمامة، لتتعامل في 2023 مع شركة أويل كاش المتخصصة في إعادة تدوير الزيوت. وتعتبر الالتزام بمواعيد الاستلام هو معيارها الرئيسي في التعامل مع شركة دون غيرها.
مبادرات شبابية للجمع
بعيدًا عن الشركات الناشئة، مثلت إعادة تدوير الزيوت المستعملة مصدر دخل على مستوى الأفراد العاملين في هذا المجال، ومن بينهم هند العراقي، 38 عامًا، حاصلة على بكالوريوس سياحة وفنادق من جامعة حلوان، التي احترفت في 2019 العمل في مجال إعادة تدوير زيت الطعام المستخدم من مسقط رأسها بمحافظة السويس المصرية، بعد أن عُرض عليها العمل في هذا المجال، تحكي هند قصتها، قائلة: “بدأت عملي في تجميع الزيوت المستعملة من السيدات مقابل تسليمهن سلعًا غذائية ومنظفات، بعد أن اقترضت 500 جنيه من أحد الأقارب، وقمت بسدادها بعد تسليم أول كمية من الزيوت للشركة التي أتعامل معها، والمتخصصة في إنتاج الوقود الحيوي البيوديزل في القاهرة، وتوسعت بعد ذلك في عملي إلى أن افتتحت في 2021 أول مركز تبديل زيوت مستعملة”. تحرص هند على وضع مادة الصودا الكاوية على الزيوت المستلمة من النساء لمنع تكرار إعادة تدويرها واستعمالها كزيت طعام مجددًا. كما أن عملها ازدهر لتفتتح فرعًا ثانيًا لمركزها، وتعمل كذلك في إعادة تدوير “البلاستيك، الصفائح، الكرتون، الكتب، الحديد والنحاس”. ويضم فريق عملها 6 أفراد “.
معوقات تواجه المبادرين
واجهت هند صعوبات في عملها في إعادة التدوير قائلة: “اقتحم المجال مندوبون مجهولون يجمعون الزيوت من ربات المنازل بأسعار باهظة دون معرفة المجال الذي ستستخدم فيه، أو الجهات التي سيتم التعامل معها، ليدفعوا مقابلاً ماديًا للمواطن يفوق المقابل المدفوع من العاملين لصالح الشركات المرخصة؛ ما جعل المواطنين يحبذونهم”، كما صرّحت لنا بتعرضها لمضايقات على يد منافسيها كتمزيق لافتات محلاتها.
نجاح هند واستمرارها في المبادرة لا يعني أن كل من عمل في إعادة التدوير استمر؛ فمن بين هؤلاء إسماعيل محمد، 34 عامًا، وهو مسؤول جرافيك وتسويق إلكتروني، الذي دشن في 2017 مبادرة لتجميع الزيوت المستعملة من المنازل بهدف حماية البيئة، ومعه اثنان من أصدقائه بتمويل ذاتي يُقدّر ب 10000جنيه، إلى أن زاد عددهم لـيبلغ 15 فرًدا. توقفت المبادرة في 2020 بعد فشل أعضائها في الاستمرار نظرًا لارتفاع تكلفة تجميع الزيوت والنقل قائلًا: “كنا نجمع الزيوت ونسلمها لمصنع متخصص في إعادة تدوير الزيت لـ “صابون جلسرين”، مقابل دفع مبالغ مالية للمواطنين الذين نشتري منهم الزيوت، كنا ندفع في بادئ الأمر 4 جنيهات للتر، إلا أن المقابل كان غير مجزٍ بالنسبة لهم؛ خاصة وأن هناك منافسين يدفعون مبالغ أكبر تصل لـ 8 جنيهات للتر”.
يبلغ حجم المخلفات المتولدة 22 مليون طن سنويًا، بما يتراوح من 55 لـ 60 ألف طن يوميًا (كافة أنواع المخلفات)
John Doe Tweet
ركز “إسماعيل” وزملاؤه عملهم على المناطق الشعبية في القاهرة، بالإضافة لمناطق “التجمع” و”مصر الجديدة”، وقاموا بتوزيع هدايا عينية على المواطنين؛ ممثلة في سكر أو زيت، وقاموا أيضًا برفع السعر في المقابل ليصل إلى لـ13 جنيهًا للتر، لكن منافسيهم كانوا يدفعون ضعف المبلغ. “رغم حلمنا بافتتاح مصنع متخصص في تدوير الزيوت مستقبلًا، إلا أن المعوقات أجهضتنا لنتوقف بعد 3 سنوات من العمل، بعد استفادة نحو 2000 عميل من مشروعنا”، يقولها إسماعيل بأسف.
عوائد الوقود الحيوي المُدار
بحسب مستشار البيئة الأسبق، الدكتور صالح عزب، لم تسعر الدولة الزيوت المجمعة من المنبع، وهذا ما يفسر التفاوت في الأسعار. وعن الفرق بين الوقود المستخرج من الزيوت المستعملة والوقود العادي يقول “عزب”: “ينظف أولاً من الشوائب ويتم هدرجته، ويعد أكثر وفرة من الوقود العادي الذي تستورده الدول الأوروبية خاصة بمبالغ طائلة، على سبيل المثال دول كـ “بريطانيا، ألمانيا؛ فرنسا، هولندا وإيطاليا” عقب الحرب الروسية الأوكرانية، واجهت أزمة كبيرة في استيراد الطاقة من روسيا؛ ما دفعها لاستيرادها من الأسواق الخليجية، مع محاولتها توطيد العلاقات مع مصر والجزائر لفتح أسواق جديدة لاستيراد الوقود”. وعن الامتيازات التي تمنحها مصر لجذب الاستثمارات في مجال إعادة التدوير، يقول “عزب” منحهم امتيازات كـ “الإعفاءات الضريبية، الإقراض بفوائد منخفضة، والتدريب ومساعدتهم على فتح أسواق خارجية”.
22 مليون طن حجم المخلفات سنويًا
وتعد زيوت الطعام المستعملة من المخلفات البلدية الصلبة والمواد غير الخطرة؛ حيث تسعى الدولة لتنفيذ مشروع الإدارة المتكاملة للزيوت المستعملة، والتي تخضع لقانون ترخيص مزاولة نشاط جمع ونقل المخلفات غير الخطرة، ويشترط للترخيص أن توفر الشركة بيانات ورخص المركبات المملوكة أو المستأجرة عن طريق المنشأة، مع تقديم السجل التجاري والبطاقة الضريبية والموافقة البيئية، هذا ويبلغ رسم الترخيص السنوي 5500 طن للكميات الأقل من 19 طن شهريًا، و200 ألف جنيه سنويًا رسم الترخيص لما يزيد عن 1200 طن مخلفات صلبة يومي.
ومنحت الوزارة 16 شركة على مستوى مصر تراخيص لإعادة تدوير المخلفات؛ سواء الصلبة أو الخطرة؛ منهما شركتان متوقفتان. ويحكم عمليات النقل والإتجار في المخلفات القانون رقم 202 لسنة 2020 الخاص بإصدار قانون تنظيم المخلفات، إذا بدأ التنفيذ الرسمي في تحويل المخلفات لطاقة، وتشجيع الشركات الوطنية على دخول هذا المجال بإجمالي استثمارات تتراوح بين 340 لـ 400 مليون دولار أمريكي؛ خاصة بالمرحلة الأولى، فيما أعلنت وزارة البيئة في 2023 إعادة استخدام زيوت الطعام المستعملة لإنتاج البيوديزل مع إنتاج الوقود البديل من مرفوضات المخلفات البلدية، فضلاً عن تسجيل 4200 فرد على مستوى الجمهورية بياناتهم على الموقع الإلكتروني لتسجيل العاملين في المخلفات حتى عام 2023، وذلك ضمن بروتوكول التعاون بين وزارتي البيئة والتضامن الاجتماعي لتسـجيل العاملين في مجال إعادة تدوير المخلفات.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور ياسر عبد الله، مساعد وزير البيئة لشؤون المخلفات لـ “مواطن”: “يبلغ حجم المخلفات المتولدة 22 مليون طن سنويًا، بما يتراوح من 55 لـ 60 ألف طن يوميًا (كافة أنواع المخلفات)، ونقسم مصانع تدوير المخلفات في مصر لمصانع تدوير معالجة بيولوجية ميكانيكيًا بهدف تدوير المخلفات وإنتاج السماد العضوي لاستصلاح الأراضي الزراعية والوقود البديل لمصانع الأسمنت؛ حيث يعالج 60% من المخلفات بيولوجيًا و20% حراريًا لإنتاج الطاقة الكهربائية، و20% لإنتاج أي طاقة أخرى”، ويضيف: “نجاح أي مبادرة لتدوير المخلفات يأتي من نجاح عملية التجميع بشكل جيد، وفقًا لاشتراطات بيئية جيدة وصحية، نسقنا مع وزارتي الصناعة والبترول لتدوير الزيوت لإنتاج وقود؛ سواء لتشغيل الطائرات وخلافه، كما نفكر في إنشاء مصانع بذات الآلية لخلق قيمة مضافة من الزيوت المستعملة”.
ويضيف ياسر قائلاً: “تضع الوزارة إطارًا عامًا للمنظومة؛ بحيث يتولى قطاع رسمي مرخص له تجميع الزيوت بعد الترخيص، لأشخاص محددين للقيام بتلك المهمة. وبموجب ذلك، تتم مصادرة معدات التجميع لغير المرخصين مع محاسبتهم قانونيًا، ولا يحصل على الترخيص إلا من يتقدم بخطة لتجميع الزيوت وإعادة تدويرها بشكل سليم، مع تتبع الحاصلين على التراخيص للتأكد من عدم استخدام الزيوت المجمعة في غرض مخالف للمعلن عنه، ويتم العمل في هذا الإطار لإعداد بيان متكامل بالشركات العاملة في إعادة تدوير الزيوت بعد حصولها على رخصة من جهاز تنظيم إدارة المخلفات.
من جهته طالب عز العرب بتدشين المزيد من مبادرات إعادة التدوير السليم كـ جرين بان بشكل منظم ومرخص، وتجميع الزيوت المستعملة عبر أفراد وسيارات مرخصة مع التفتيش المنتظم من قبل وزارة الصحة والبيئة على مطاعم الفول والفلافل والمخازن التابعة لها، ومصانع الشيبس التي يعتمد بعضها على شراء تلك الزيوت ومراقبتها للتأكد من حصولهم على الشهادات الصحية، كما يدعو إلى ضرورة تشجيع الاستثمار في الزيوت بشكل منهجي كي لا يتم التخلص منها في المصارف المائية ما يتسبب في سدها، مطالبًا مجلس النواب بسن قانون يجرم تجارة الزيوت المستعملة في غير محلها، وتغليظ العقوبة بالسجن والغرامة لردع ضعاف النفوس ممن يتاجرون فيها بالطرق غير الآمنة على صحة المواطنين، مع زيادة زراعة النباتات المنتجة للزيوت كعباد الشمس وفول الصويا.
- أنتجت هذه المادة ضمن زمالة المناخ برعاية مؤسسة Free press Unlimited والاتحاد الأوروبي. والاتحاد الأوروبي غير مسؤول عن مضمونها.