تحت ضغط الحاجة الماديّة الملحّة لجأت، العديد من السوريات إلى تأجير أرحامهنّ لتحقيق مردود مادي يمكنهنّ من العيش في ظل الأوضاع القاسية التي تحيط بالمجتمع السوري، بفعل الحرب المستمرة وانعكاساتها الاقتصادية القاسية.
لا يبيح القانون السوري تأجير الأرحام، وإن كان لا يجرّم الأمر بنصٍّ قانوني صريح، ما يدفع راغبات تأجير/استئجار الأرحام، في ظل تحريم ديني للأمر، إلى عيادات الأطباء والمخابر والإجراءات السرية
رحم مستأجر
ريم شدّاد، سيّدة من دمشق، متزوجة من رجلٍ يكبرها ببضع سنين، تعذر عليها إتمام عملية الحمل لسنوات طوال، جربت مع زوجها مختلف الطرق الطبية العلمية والشعبية، ولكن دون نتيجة، وافقت أن تتحدث لـ “مواطن” عن تجربتها الغريبة التي لجأت إليها، وانتهت بنزاع أخلاقي طويل أعتى من أن يتمكن أحدٌ من أن يبت به بصورة قطعية.
بعد مشكلة ريم الصحية في الحمل والإنجاب، اتفقت مع زوجها على استئجار رحم سيدة ولودٍ أخرى، وقد وجدوا تلك السيدة بالفعل، واتفقوا معها على أن تحمل بطفلهما مقابل أن يتكفل الزوجان بكامل مصاريف الحمل وتبعاته الطبية وما إلى ذلك، وعلى أن ترعى صاحبة الرحم الطفل الوليد لفترة قصيرة بعد الولادة ثم تسلمه لوالديه، وكل ذلك لقاء مبلغ ألف دولار أمريكي، وهذا الرقم وإن بدا بسيطًا في حسابات الأشخاص حول العالم، ولكنّه مهول في سوريا.
تلك المرأة صاحبة الرحم والتي سنستخدم لها اسمًا مستعارًا، وهو “لمى”، والتي رفضت بشكل تام الحديث معنا، حملت طفل أولئك الزوجين في رحمها المستأجر تسعة أشهر، وولدته بشكل طبيعي ورعته خير رعاية. وافقت على زرع البويضة الملقحة داخلها وعلى كل شروط الزوجين، وعلى تسليم الطفل وانتهاء دورها كحاضنة ضمن زمن محدد ومتفق عليه، لكنّ شيئًا حصل وغيّرت رأيها بعدما وُلد الطفل، فقد تمسّكت به والدته (التي ولدته) رافضة تسليمه لأبويه البيولوجيين.
تُرجع ريم، الأم البيولوجية صاحبة البويضة، تمسك لمى بالطفل ونقضها للشروط بما أسمته: “تحرك غريزة الأمومة لدى صاحبة الرحم واستصعابها الاستغناء عن طفلها الذي نما داخل رحمها وسهرت لأجله بعد ولادته”.
تتفاوت أسعار الرحم المستأجر في سوريا، واتضح أنّ من يقدم على هذه التجربة هو من يمتلك المقدرة المادية ليستأجر رحم امرأة لا تمتلك قوت يومها، وهو الدافع شبه الوحيد الذي يجعل امرأة توافق على تأجير رحمها كسلعة ليحمل داخله طفلًا لا ينتمي إليها، ومن ثمّ عليها التخلي عنه.
اشتريا طفلهما
تمكنت “لمى” صاحبة الرحم المستأجر -أو ما يطلق عليه “الرحم البديل“- من الضلوع بالمهمة عبر إجراءات طبية، تبدأ بإخصاب البويضة الأساسية خارج الجسد المحتضن الجديد، ويتم ذلك عبر نطاف الرجل الأب في المختبر المخصص لذلك الغرض، وفي ذلك المختبر يتم إخصاب بويضة أو أكثر حسب الحاجة، ومن ثم تجري زراعة ما تم إخصابه داخل الجسد المُضيف، لتُصبح ريم صاحبة البويضة هي “الأم البيولوجية”، ولمى صاحبة الرحم الحاضن هي “الأم البديلة/المؤقتة”.
لم تتمكن ريم ولمى من إيجاد حلٍّ لتلك المعضلة لوقتٍ طويل، علمًا بأن ريم عرضت الكثير من الأموال على لمى، لكن دون جدوى، ولا يحق لهما اللجوء إلى دور الإفتاء التي تحرم الأمر بصورة قطعية، ولا إلى القضاء الذي لا يملك نصوصًا واضحةً في التشريع والأحكام على مثل تلك الحالات، والتي قد يطول البتُّ فيها بانتظار اجتهاد قضائي خارج قانون العقوبات المنصوص عليه.
أخيرًا وافقت لمى على تسليم الطفل لأبويه البيولوجيين، لكن مقابل مبلغ تخطى سبعة آلاف دولار أميركي.
شروط استئجار الرحم
تتفاوت أسعار الرحم المستأجر في سوريا، واتضح أنّ من يقدم على هذه التجربة هو من يمتلك المقدرة المادية ليستأجر رحم امرأة لا تمتلك قوت يومها، وهو الدافع شبه الوحيد الذي يجعل امرأة توافق على تأجير رحمها كسلعة ليحمل داخله طفلًا لا ينتمي إليها، ومن ثمّ عليها التخلي عنه.
بحسب ما توصلت إليه “مواطن” عبر البحث الميداني؛ فإنّه ثمّة نسوة يبعن أرحامهنّ مقابل مئتي دولار، وأخريات مقابل آلاف، الأمر يخضع للعرض والطلب، وإيجاد الرحم البديل وهو أمرٌ صعب للغاية، إذ إنّه يخضع لجملة من الشروط والاعتبارات الخاصة.
من بين تلك الشروط وأبرزها هو أن تكون المرأة متزوجة وأنجبت سابقًا، في الغالب لضمان خصوبة الاحتضان داخل رحمها، وأن يوافق زوجها، وهو شرط مركزي، والأصعب من ذلك أن يكون لديها أولاد باتوا يافعين؛ فعليها إيجاد شيء ما تقوله لهم بعد تسليم الطفل الوليد إلى ذويه، والأهم من كل ذلك هو السرّية، والأخطر ألّا يقع الأبوان البيولوجيان ضحية ابتزاز من أي شكل
حيلٌ لتبدو ولادة طبيعية
بعض النسوة غير القادرات على الحمل، واللاتي يلجأن لاستئجار رحم سيدة أخرى قد يطلقن شائعات في لحظة ما أنّهنّ في الشهر الثاني أو الثالث من الحمل، ثم يحتجبن ويحاولن عدم الظهور مجتمعيًا إلا نادرًا، وفي أماكن محددة ونطاق ضيق، وبعضهنّ يضعن وسائد صغيرة محشوة تحت ملابسهنّ في تلك الفترة، وذلك تجنبًا للتصريح عن كيفية إنجابهنّ، ولئلا يترك الوالدان لابنهما القادم مشاكل اجتماعية في بيئة لا تعترف بالأرحام المستأجرة ولا تتقبلها، وقد تعتبرها حرامًا، ونتاجها من الأولاد حرامٌ استنادًا لفتاوى دينية متعددة في هذا الشأن.
من أجل الزمن
هدى اسم مستعار لسيدة عانت مشاكل في الحمل قبل أن تستأجر رحم سيدة أخرى، فعلت كلّ ما باستطاعتها لإقناع كل من حولها بأنّها نجحت أخيرًا بالحمل؛ حتى أهلها، وذلك بالاتفاق مع زوجها.
تقول لـ “مواطن”: “من حسن حظي أنني تعاملت في ذلك الاستئجار مع ألطف امرأة يمكن أن يقابلها إنسان، لم تزعجني أو تبتزني أو تساومني في أي لحظة، ومنذ سلمتني ولدي اختفت من حياتي تمامًا، وكان ذلك قبل أعوام طويلة، أنا جدًا محظوظة لأجل ذلك”.
وتتابع: “ولكون زوجي طبيبًا كنا نقوم بتزوير التحاليل شهريًا، وكذلك الفحوصات المخبرية وصور إيكو للجنين، وكل ما من شأنه أن يقنع الناس بحملي ولو بعد خمسين عامًا، وكذلك أن ينمو ويكبر ويشبّ ولدي وهو لا يملك أيّه فكرة عن كيفية مجيئه إلى هذه الدنيا، لئلا تخطر بباله أفكار سيئة تجاهي أو تجاه والده، ولو حتى نظرة عتب”.
وتختم حديثها بالقول: “أبلغنا المقربين أنني سألد في بيروت، لئلا يزورنا أحد في المستشفى لو كنا في دمشق، وحصلت على أوراق ولادة من إحدى المستشفيات، صحيح أنّ تلك الأوراق والصور والتحاليل وغيرها لم يرها أحد، وكذلك لا يطلب أحد رؤيتها، ولكنّها ستحمي علاقتنا بولدنا إذا ما حصل شيء سيء في أيّة لحظة في المستقبل، لذا أمنت نفسي وأحطت صغيري بكل تفاصيل الولادة الطبيعية، وبأنّه جاء من صلب والده ورحمي أنا”.
من حسن حظي أنني تعاملت في ذلك الاستئجار مع ألطف امرأة يمكن أن يقابلها إنسان، لم تزعجني أو تبتزني أو تساومني في أي لحظة، ومنذ سلمتني ولدي اختفت من حياتي تمامًا
دينيًا
تحدّثت “مواطن” إلى الشيخ أحمد الحلبي حول ظاهرة تأجير الأرحام؛ حيث بيّن إصدار وزارة الأوقاف السورية في وقت سابق فتوى قطعية تضمنت بموجبها تحريمًا نهائيًا لتأجير الأرحام، باعتباره حرامًا شرعًا، ويرجع هذا التحريم لما تشكله هذه الظاهرة من تلاعب بالأنساب، يحمل معه امتهانًا للمرأة التي كرمها الله بالإسلام ورفع قدرها وشأنها ومكانتها ودورها.
أوضح الشيخ الحلبي أنّ ذلك الفعل الذي يتفشى في المجتمع السوري لا يعمل إلا على تخريبه والعبث به، لأنّه يقوم على بطلان وفق عقد بين طرفين لا يحضر فيه الدين ولا القانون؛ فيصير باطلًا شرعًا؛ بل يتعدى ذلك ليكون وزرًا وإثمًا دينيًا على كلّ مشترك به؛ من الزوج إلى الزوجة وصاحبة الرحم فالطبيب والمخبري وكل المرتبطين بالأمر.
قانونيًا
ظاهرة تأجير الأرحام في السماح بها أو رفضها ليست حكرًا على سوريا؛ فهي ممنوعة ومحظورة تمامًا في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، في حين أنّها تعتبر باطلة في دول مثل هولندا وبلجيكا والتشيك، وقانونية ضمن حدود إنسانية في بريطانيا، وقانونية بعد إثبات وجود مشاكل صحية في البرتغال، أما في روسيا وأوكرانيا فهي عملية قانونية بالمطلق.
وبالعودة إلى سوريا؛ فإنّ القانون السوري لم يضع أيّ مواد واضحة تتعلق بموضوع تأجير الأرحام، ما عدا نصًا قريبًا من الحالة العامة يذكره المحامي معاذ السالك خلال حديثه مع “مواطن”، وهو ما جاء في المادة 136 من قانون العقوبات: “إذا كان محل الالتزام مخالفًا للنظام العام أو الآداب، كان العقد باطلًا”.
ويبين المحامي من وجهة نظره أنّ موضوع التأجير ذلك خطير جدًا، ويحتاج دراسة قانونية مستفيضة وموسعة، لأنّه ينضوي على مخاطر جمّة، من أبرزها تساؤلات حول ماذا لو وُلِدَ الطفل مشوهًا بالكامل أو غير سليم؟ وماذا لو ماتت صاحبة الرحم خلال الحمل؟ أو مات المستأجر؟ فعلى من ستقع المسؤولية القانونية في الحضانة؟ وما المسؤولية الواقعة على الورثة؟ وغير ذلك من الإشكالات المعقدة التي لا تلائمها القوانين؛ حيث إنّها لا تحتوي تشريعات خاصة تنظمها.
I do not even know how I ended up here but I thought this post was great I do not know who you are but certainly youre going to a famous blogger if you are not already Cheers
I just wanted to drop by and say how much I appreciate your blog. Your writing style is both engaging and informative, making it a pleasure to read. Looking forward to your future posts!
Fantastic site A lot of helpful info here Im sending it to some buddies ans additionally sharing in delicious And naturally thanks on your sweat
Hello i think that i saw you visited my weblog so i came to Return the favore Im trying to find things to improve my web siteI suppose its ok to use some of your ideas
Just wish to say your article is as surprising The clearness in your post is just cool and i could assume youre an expert on this subject Fine with your permission allow me to grab your RSS feed to keep updated with forthcoming post Thanks a million and please keep up the enjoyable work
helloI really like your writing so a lot share we keep up a correspondence extra approximately your post on AOL I need an expert in this house to unravel my problem May be that is you Taking a look ahead to see you
I loved as much as you will receive carried out right here The sketch is tasteful your authored subject matter stylish nonetheless you command get got an edginess over that you wish be delivering the following unwell unquestionably come further formerly again as exactly the same nearly very often inside case you shield this hike
Hello i think that i saw you visited my weblog so i came to Return the favore Im trying to find things to improve my web siteI suppose its ok to use some of your ideas
Hi i think that i saw you visited my web site thus i came to Return the favore I am attempting to find things to improve my web siteI suppose its ok to use some of your ideas
Thank you for the good writeup It in fact was a amusement account it Look advanced to far added agreeable from you However how could we communicate
My brother suggested I might like this website He was totally right This post actually made my day You cannt imagine just how much time I had spent for this information Thanks
hiI like your writing so much share we be in contact more approximately your article on AOL I need a specialist in this area to resolve my problem Maybe that is you Looking ahead to see you
My brother suggested I might like this blog He was totally right This post actually made my day You can not imagine simply how much time I had spent for this info Thanks