كيف ساهمت صناعة أشباه الموصلات في ميلاد الديمقراطيات الآسيوية الحديثة؟
قدمت شركة هواوي Huawei الصينية في أغسطس من العام الماضي، منتجها الأبرز في سلسلة الهواتف المحمولة Huawei Mate 60، والذي جاء صدوره بمثابة صدمة لكل المهتمين والمتابعين للتطورات التكنولوجية، وتحديدًا في الولايات المتحدة؛ حيث اهتمت المحطات الصحفية الشهيرة بتغطية هذا الحدث تحديدًا، لما أثاره من استغراب وتساؤلات؛ فالهاتف الجديد جاء مع شرائح ورقائق إلكترونية بحجم 7 نانو ميتر، وعلى الرغم من أنها شرائح من طراز حديث ومتطور جدًا، إلا أنه ليس الأحدث في العالم؛ فسلسلة هواتف Apple 15 تُصنع بتكنولوجيا الـ 3 نانو ميتر، وفي تقرير منشور بمجلة الفايننشال تايمز بتاريخ 6 من فبراير من هذا العام؛ تحدث صحفيون من المجلة مع باحثين مقربين من عملاق صناعة الرقائق الصيني SMIC، ونقلوا عنهم أن الشركة تستعد لإطلاق خط تصنيعي جديد لرقائق بتكنولوجيا 5 نانو ميتر من أجل هواتف Huawei الأحدث، ومن تصميم وحدة HiSilicon للشركة نفسها، وهو ما يعني أن الصين بدأت تتجه لتصنيع الرقائق الأحدث معتمدة على نفسها بالكامل، وهي ذاهبة تجاه إغلاق الهوة التي تفصلها عن التكنولوجية الأمريكية الأحدث التي تحتكرها شركتا TSMC التايوانية وASML الهولندية.
ويمكن تتبع بدايات تلك الهوة مع فرض الرئيس دونالد ترامب خلال أسابيعه الأخيرة في الإدارة الأمريكية إلى قائمة سوداء، تم فيها تحديد عشرات الشركات الصينية العاملة في مجالات الذكاء الصناعي والطائرات دون طيار والهواتف المحمولة مثل Huawei؛ وأخيرًا الشركات المتخصصة في صناعة الرقائق مثل SMIC، دخلت هذه القائمة قيد التنفيذ في العام 2020، وبررت الإدارة الأمريكية وقتها سبب ذلك الحظر بأن الشركات المدنية الصينية تعمل جنبًا إلى جنب مع الشركات العسكرية وقطاع الصناعات المسلحة في جيش الشعب الصيني، وعليه فالتقنيات الأمريكية تجد طريقها في النهاية إلى إلى داخل أحدث الأسلحة الصينية وأقواها تأثيرًا على مجريات العلاقات الدولية وموازين القوى، يشمل هذا الحظر بيع أي برمجيات أو تصميمات أو حتى إتاحة رؤوس أموال أمريكية للاستثمار في تلك الشركات، وأيضًا حظر بيع أو نقل تقنيات صناعة الرقائق الإلكترونية إلى الصين، وتحديدًا تلك التي تصنعها شركة TSMC التايوانية ومثيلاتها في اليابان أو كوريا.
كما ضعت شركة ASML الهولندية، في مارس من عام 2023، قيودًا مماثلة على توريداتها من ماكينات الـ Ultraviolet Lithography (DUV)، وهي الماكينات التي تستخدمها شركة TSMC التايوانية في تصنيع الشرائح الأحدث في العالم؛ فالشركة الهولندية تُعتبر هي الشركة الوحيدة في العالم التي تصنع تلك الماكينات المعقدة، ومع قرارها الرسمي النهائي الذي اتخذته بسبب الضغوط الدبلوماسية للولايات المتحدة، أصبحت الصين خارج مجال صناعة أشباه الموصلات الأحدث بالكامل، وهو ما يعطل إمكانياتها العسكرية ويخرجها تدريجيًا خارج المنافسة الاقتصادية مع أقطاب الصناعة العالميين؛ فالشرائح المسموح للصين امتلاكها بحسب قرارات الحظر الأمريكي، لا يجب أن تقل عن 10 نانو ميتر، وهو ما يجعل منتجاتها من الهواتف والأجهزة اللوحية والسيارات الكهربية متأخرة وغير قادرة على المنافسة، وهكذا نفهم لماذا شكل إنتاج الصين لشرائح 7 نانو ميتر، ثم الاتجاه ناحية الشرائح الأحدث 5 نانو ميتر، حدثًا محوريًا ومفاجأة للجميع.
تقاطع هذا الحظر مع الموقف العدائي المتزايد للصين ضد تايوان، وهو ما دفع رئيسة تايوان أن تطالب الحلفاء الديموقراطيين بالوقوف معًا وتقوية شراكاتهم في كل المجالات لمقاومة الصين، وفي خطابها ذكّرت العالم الغربي أنه كيف ساعدت صناعة أشباه الموصلات على قيام ديموقراطيات واعدة في شرق آسيا، وكيف يمكن استخدام هذه الصناعة كسلاح في وجه ديكتاتورية الحزب الشيوعي الصيني وميوله التوسعية، لكن الحقيقة أن احتكار تلك الصناعة من قبل شركتين فقط؛ إحداهما في تايوان، يعني احتكار التكنولوجيا والسلطة من قِبل عدد محدود من القوى العالمية، وتقويض أية إمكانية لنشر تلك الصناعة عالميًا، وتحقيق مساهمة جماعية فيها عن طريق زيادة المنافسة والبحث العلمي والمشاركة، ومن ثم تعزيز ثقافة العقوبات الأمريكية التي تقوض أية احتمالية لنشوء أو استقرار الديموقراطية حول العالم، وتدفع إلى عالم تقوده الأحلاف والعداوات وسباق التسلُّح، وفي تلك الظروف؛ فإن الاختراق الذي تحققه الصين بمساعدة مهندسين وعلماء أمريكيين وآخرين من دول وجنسيات متنوعة؛ قد يساهم في تخفيض حدة النزاع عن طريق تفكيك الانفجار وشيك الحدوث بسبب تلك الصناعة، ودفعها إلى فضاءات جديدة تحقق نموًا اقتصاديًا عالميًا، ونشوء مراكز مالية جديدة تساعد على استقرار الديموقراطيات القائمة، أو تساعد في ميلاد أخرى، كما ساعدت القفزات التكنولوجية في ميلاد الأنظمة الديموقراطية في شرق آسيا من سنغافورة إلى ماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان.
نحاول في هذه الدراسة البحث عن تاريخ صناعة أشباه الموصلات، وكيف ساهمت تلك الصناعة في ميلاد الديموقراطيات الآسيوية تحديدًا، وكيف انتهت إلى وضعية الاحتكار الحالية، وما أهم أدوات تلك الصناعة، وكيف تُصنع تلك التكنولوجيا في الغرب، وما الطريق الذي تحاول الصين أن تسلكُه للالتفاف على العقوبات الأمريكية اليوم، وهل يمكن للاختراق الصيني أن يُساعد دولاً أخرى على الإضافة لتلك الصناعة، وتطوير تلك التكنولوجيا دون الخضوع لشروط النظام العالمي سياسيًا واقتصاديًا؛ ومن ثم بناء اقتصاد وطني حقيقي وديموقراطية قائمة بذاتها.
من وادي السيليكون إلى جزيرة السيليكون
في عام 2015، احتفلت شركة Fairchild بمرور 60 عامًا على تأسيسها، وجاء الاحتفال تحت عنوان “أول شركة بقيمة تريليون دولار”، وعلى الرغم من أن الشركة لم تتجاوز قيمتها حينئذ أكثر من 2.5 مليار دولار؛ إلا أن تلك الشركة تحديدًا هي من صنعت وادي السيليكون الذي نعرفه اليوم، بالأحرى؛ فعنصر السيليكون الموجود في اسم المنطقة جاء من بنات أفكار أحد مهندسيها الثمانية، وهو المهندس روبرت نويس، الذي قدم فكرته الثورية لتطوير الترانزستور Transistor؛ فقبل روبرت نويس كانت أجهزة الكمبيوتر ذات أحجام فائقة للغاية، ممتلئة بالأسلاك والوصلات المعدنية، وحتى اختراع الترانزستور وقتها لم يكن عمليًا كفاية كي يتم استبدال الوصلات المعقدة به؛ فرغم حجمه الكبير؛ إلا أنه كان يُصنع غالبًا من الماغنيسيوم الذي زاد ثمنه بشكلٍ كبير، وجعله غير واسع الانتشار، حتى قدم روبرت نويس فكرته وتصميمه الجديد للممول وأقنعه بأن عملية صناعة الترانزستور الجديد لن تكون مكلفة في عناصره، وأن التكلفة كلها سوف تذهب لمراحل التصنيع نفسها فقط. لتقدم الشركة أول دائرة الكترونية مدمجة مكونة من 4 ترانزستور يمكن تصنيعها بكميات كبيرة وتشغيلها مع دوائر أخرى بروابط بسيطة، واعتمادًا على هذا الاختراع، حققت الشركة مبيعات عالية، وقدمت أولى دوائرها المدمجة لبناء حاسوب أبولو.
وفي نهاية الستينيات، قامت الشركة الممولة لـ Fairchild بالتخلص من أغلب المدراء في قسم صناعة أشباه الموصلات، ليخرجوا من الشركة ويؤسسوا أهم الشركات التي نعرفها اليوم في وادي السيلكون، وأهمها على الإطلاق؛ شركة إنتل Intel، التي أسسها روبرت نويس وجوردن مور عام 1968، وفي السبعينيات قدمت شركة إنتل أول معالج بيانات Processor على الإطلاق، لتتصاعد المنافسة بين كل الشركات العاملة في وادي السيلكون، وكي تتمكن الشركة من المنافسة؛ فهي بحاجة شديدة إلى التقليل من النفقات وزيادة الإيرادات، وهنا وجدت شركات التكنولوجيا نفسها في حاجة إلى نقل مرحلة من مراحل إنتاج الرقائق الإلكترونية خارج الولايات المتحدة نفسها، واستغلال رخص الأيدي العاملة المدربة خارج القارة لتوفير تلك النفقات، وتحديدًا في المرحلة الثالثة من عملية التصنيع، وهي مرحلة التجميع والاختبار.
لتبدأ عملية الاستعانة بالمصادر الخارجية، أو ما يعرف بـ “Outsourcing”؛ فمنذ الستينيات اتجهت شركات التقنية الناشئة لإخراج المشاريع التي تعمل عليها إلى دول أخرى، تقوم بإضافة الخطوات الأخيرة المكلفة في عملية الصناعة، مثل تجميع كل المكونات في حالة منتجات السيلكون، أو كتابة الأكواد البرمجية واختبارها في حالة منتجات الإنترنت، وبداية من العام 1980 بدأت مرحلة جديدة؛ فقد ظهر نمطان من الشركات العاملة في مجال صناعة أشباه الموصلات؛ الأولى هي الشركات المنتجة للأجهزة المدمجة IDMs، وهي التي تقوم بمهمات البحث والتصميم وتصنيع أشباه الموصلات؛ وخصوصًا الشريحة التي تحتوي جميع قطع المايكرو تشيب Microchip، وتعرف بالويفر Wafer، وكانت أغلب هذه الشركات العاملة في اليابان تحديدًا، وهي التي دخلت في منافسة مفتوحة مع الشركات الأمريكية، لكن أغلبها تعرض للإفلاس أو الحظر الأمريكي في منتصف التسعينات مع الأزمة المالية اليابانية.
ساعدت القفزات التكنولوجية في ميلاد الأنظمة الديموقراطية في شرق آسيا من سنغافورة إلى ماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان.
أما النوع الثاني من الشركات، وهي تقريبًا كل الشركات الأمريكية والمعروفة باسم “Fabless”؛ أي الشركات بلا معامل تصنيع، وهذه الشركات تقوم بالمهمات عالية التقنية؛ مثل البحث والتصميم، ثم تقوم بإرسال المنتجات للتصنيع في شرق آسيا، وتحديدًا تايوان وماليزيا وكوريا الجنوبية؛ ففي دول شرق آسيا تتواجد معامل التصنيع”Fabs” التي تقوم بمهمات عالية التكاليف والاستهلاك للطاقة ورأس المال، ومع تصنيع شرائح الويفر Wafer؛ تصبح دورة الإنتاج شبه مكتملة وجاهزة للمرحلة الأخيرة، وهي الاختبار في الولايات المتحدة، ومن ثم بيع هذه المنتجات للعملاء.
وفي تسعينيات القرن العشرين؛ وصلت هذه العملية ذروتها عندما اعتمدت الشركات الأمريكية أكثر فأكثر على مورد خدمات التصنيع في تايوان؛ تحديدًا شركة TSMC، وبدأت في نقل مهمات أكثر تعقيدًا من مجرد التجميع أو حتى صناعة الويفر، ولكن أيضًا التصميم والبحث، وهي المهمات التي تقع في قمة العملية الإنتاجية، وأقصى ما وصلت إليه عمليات البحث والابتكار التي كانت خصيصة أمريكية طوال النصف الثاني من القرن العشرين.
شمس الديموقراطية تشرق على جزيرة السيليكون
تحتاج صناعة أشباه الموصلات إلى قدرات فريدة من نوعها؛ فهي أولًا تحتاج إلى يد عاملة ذات تعليم فائق، وثانيها تحتاج إلى قدرات مالية لتوفير الطاقة والاستثمار في البحث والتطوير، لكن ما لم يتوقعه أحد هو نتائج توطين تلك الصناعة على المستقبل، وهنا علينا أن نفكر في التجربة التايوانية، وتحديدًا في تفاصيلها التي لا يهتم بها المعلقون على حروب أشباه الموصلات.
اعتمدت الدولة التايوانية خلال النصف الثاني من القرن العشرين خطة واضحة وطموحة للغاية لدعم التعليم، وتحديدًا خلال مراحله الأولى؛ ففي العام 1961 تلقت مدارس التعليم الابتدائي حتى الثانوي ما يزيد عن 80% من المخصصات الموجهة للدعم، في إطار تجهيز قوة عاملة متوسطة من أجل خطة التنمية الصناعية الشاملة في تايوان، بينما على الجانب الآخر تُركت المرحلة الجامعية دون أي دعم يُذكر؛ ما دفع العديد من الطلبة الباحثين عن مراحل تعليمية أعلى للسفر للخارج والحصول على شهادات عليا وخبرات؛ بل وحتى الاستقرار بالخارج، ومع الوقت أصيبت تايوان بفقدان لمواردها البشرية الأكثر كفاءة فيما يعرف بظاهرة الـ “Brain Drain”.
وبداية من العام 1987 أخذت الحكومة في تغيير سياستها بدعم العاملين في الخارج وتحفيزهم ماديًا ومعنويًا للعودة إلى بلدهم الأم، وتقديم خبراتهم في الصناعات التكنولوجية التي تخصصوا بها، لتُطلق عليهم لقب الرواد “astronauts”، وهم الذين ذهبوا للخارج وحصّلوا تعليمًا وخبرة عالية ثم عادوا مرة أخرى لتأسيس شركات في مجال التخصص، وبقدر كبير من الدعم، أصبح 20% من كبار مديري الشركات في تايوان هم من الرواد العائدين، وأصبح واحد من أهم هذه المشروعات الحكومية المدعومة لجذب العاملين في الخارج هو مشروع “Hinschu Science park”، وهو بؤرة للصناعات التكنولوجية، والتي أنشئت لتصبح نسخة من وادي السيلكون في كاليفورنيا، ليصل عدد الشركات العاملة في هذا المنتزه من العام 2000 إلى 289 شركة، منها 113 شركة أسسها مهاجرون عادوا إلى بلدهم الأم مرة أخرى.
إحدى أهم الشركات التي أسست في وادي هينشو للعلوم هي شركة TSMC (شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات)؛ ففي العام 1986 دُعي المهندس ورجل الأعمال موريس تشانغ لتأسيس شركة لصناعة أشباه الموصلات، وبدعم حكومي طموح ومغامر وغير محدود، بدأ تشانغ في البحث عن شركات من أجل دعم المشروع الوليد، لينجح تشانج في الحصول على الدعم من شركة Philips؛ سواء أكان من ناحية التمويل أو نقل التقنيات التي امتلكتها الشركة، في مقابل 27.5 من أسهم TSMC، وجزء آخر من التمويل جاء بشكل مباشر من الشعب التايواني والعائلات الثرية التي حرصت الحكومة على الحصول على دعمهم من أجل تأسيس الشركة.
مر ما يقارب الأربعة عقود لتصبح شركة TSMC هي الشركة الأولى في العالم في صناعة أشباه الموصلات، لتصدّر منتجات بقيمة 184 مليار دولار في العام، وهو ما يقارب 25% من الناتج القومي التايواني، وفي سوق صناعة الرقائق، تصنع تايوان ما يعتبر 60% من مجمل الإنتاج العالمي من الرقائق، و90% من الرقائق الأكثر تقدمًا، والتي تدخل في أهم الأجهزة الكهربية المدنية والعسكرية المستخدمة اليوم.
لا ينظر المحللون عادةً للأسباب البنيوية، ولا حتى النتائج المرتبطة بتوطين صناعة ما، على الوجود الاجتماعي والتوجهات السياسية المستقبلية لدولة من الدول، وفي حالتنا هنا فتوطين صناعة أشباه الموصلات في تايوان تسببت في تغييرات عميقة؛ ليس في تايوان وحدها؛ بل في دول جنوب وشرق آسيا مثل: فيتنام، كوريا الجنوبية، سنغافورة، ماليزيا، إندونيسيا وتايلاند. ولفهم التحولات في البُنى الاجتماعية والسياسية في تلك المنطقة؛ فيمكن الانطلاق من تايوان بشكل نموذجي.
بنهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 خاضت الصين حربًا أهلية طاحنة، انتهت بانتصار الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونج وانسحاب الحزب القومي إلى تايوان، والتي أصبحت أرضًا صينية مرة أخرى بعد هزيمة اليابان، ومع خروج الحزب إلى تايوان، خرجت معه أهم العائلات الثرية والطبقة الوسطى المتحالفة، ولإبقاء تايوان الصامدة في وجه التحدي الشيوعي القادم من الصين؛ التزمت تايوان بحكم عسكري صارم استمر من العام 1949 حتى عام 1987، قام خلاله الحزب القومي بقمع المعارضين وإعدامهم والتخلص من كل التحديات داخل تايوان، وخلال عقد الستينيات بدأ برامج للتحديث وإدخال للصناعات الثقيلة والمتوسطة، واهتم بشكل أساسي بالصناعات التكنولوجية؛ فألغى الضرائب وقدم حوافز مالية ضخمة للمستثمرين والمُصنّعين الأمريكيين تحديدًا، لتُكلل جهوده بإنشاء شركة TSMC، وفي نهاية الثمانينيات تأسس الحزب الديموقراطي التقدمي لينتزع السلطة ويُلغي الحكم العسكري، وتتحول تايوان تحولات ديموقراطية هائلة، حتى أصبحت في العام 2020 في المرتبة الحادية عشرة على قائمة الدول الأكثر ديموقراطية في العالم.
توطين صناعة أشباه الموصلات في تايوان تسببت في تغييرات عميقة؛ ليس في تايوان وحدها؛ بل في دول جنوب وشرق آسيا مثل: فيتنام، كوريا الجنوبية، سنغافورة، ماليزيا، إندونيسيا وتايلاند.
تتشابه تجربة تايوان كثيرًا مع تجارب الدول الشرق آسيوية، والتي اعتمدت برامج تحديث وتوطين للصناعات التكنولوجية، قادت تلك البرامج تحولات ديموقراطية فيها، ودفع هذا التحول عددًا من الباحثين لصياغة نظريات تدرس علاقة صناعة أشباه الموصلات بالديموقراطية، أو ما يُعرف باسم “نظرية التحديث Modernization Theory”؛ ففي كتاب بعنوان “الديموقراطية وإعادة التوزيع”، يقدم الباحث الأمريكي تشارلز بويكس نظريته الأهم في السياسات المقارنة والتحديث في دول العالم الثالث، ويخلص منها بثلاث ملاحظات؛ فزيادة معدلات التطوير تؤدي إلى زيادة معدلات الدخل القومي؛ ما يؤثر مباشرةً وبشكل سببي Causation في تطوير النظام السياسي القائم، أو حتى استبداله بنُظم أكثر ديموقراطية، وكلما تحسن الدخل القومي GDP per Capita زاد استقرار النظام الديموقراطي وأصبح أكثر كفاءة.
لكن تعرضت تلك النظرية للنقد من قبل الاقتصادي الأمريكي Kamer Daron Acemoglu صاحب الكتاب الشهير “لماذا تفشل الأمم؟”؛ فهو ينتقد نظرية التحديث لأنها لا تعتمد على بيانات تفصيلية عن “معدلات اللامساواة income inequality”، ويقترح معيارًا مُعدلًا على نظرية التحديث بخصوص مستويات الدخل والتوزيع العادل لها؛ فهو يقول إنه كلما زادت معدلات اللامساواة أو نقصت بشكل ضخم؛ كلما قلت إمكانات التحول الديموقراطي، وبين نظرية التحديث ومُلحقاتها؛ تظهر الملحوظة الأهم في الأنظمة السياسية الحديثة اليوم؛ فمُنطلق التحديث لا يأتي على شكل رغبة أخلاقية أو إلزام من ضمير النخب الحاكمة، ولكنه الضغط الذي تخلقه المجتمعات على تلك النخب الحاكمة، وتُلزمها بمبدأ التوزيع العادل للثروات والدخل المُرتفع للأيدي العاملة الماهرة، والذي من دونه تجد تلك النخب نفسها مُعرضة للخطر؛ سواء أكان على شكل احتجاج عنيف، أو بوسائل أخرى مثل الفساد أو التهرب الضريبي أو نزيف العقول، كما تعرضت له تايوان في بدايات الخمسينيات.
رحلة داخل مصنع العجائب في تايوان
لن نُبالغ إذا قلنا إن صناعة أشباه الموصلات اليوم هي الصناعة الأعقد والأهم على الإطلاق، وبتوصيف الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ فإن صناعة أشباه الموصلات “صناعة حرجة، وأية اضطرابات في سلاسل توريدها يمكنها أن تعرض حياة الأمريكيين للخطر”، وتُعتبر أهميتها في اليابان وكوريا الجنوبية من نفس أهمية زراعة الأرز، لكن كيف تقوم شركة TSMC بتصنيع تلك الشرائح؟
في العام 1969 أطلقت مهمة أبوللو للقمر حاملةً عشرات الآلاف من الترانزستور، لتزن قرابة الـ 70 رطلاً، بينما يحتوي هاتف الآيفون الواحد اليوم ما لا يقل عن 16 مليار ترانزستور، وبوزن لا يزيد عن 3 أرطال، هذا التطور والتعقيد الرهيب في صناعة أشباه الموصلات يحتاج لمُعدات استثنائية وطرق إنتاج مركبة جدًا، بعضها ما زال ساريًا حتى اليوم، هو شيء لا يُفصح عنه حتى للدارسين المتخصصين، لكن ما الذي نعرفه؟
تعتبر الوحدة البنائية الأولى لكل الشرائح الإلكترونية هي الترانزستور، وهو بوابة منطقية يقوم بدور المفتاح الكهربائي، يمكن فتحه لتمر من خلاله إشارة كهربية صغيرة جدًا، أما في حالة إغلاقه لا تمر منه أية إشارة، ويعطي الرمز الثنائي 0، ويأتي حجم هذا المفتاح أقل من حجم وحدة الميتوكوندريا في الخلية البشرية الواحدة، تحتوي الوحدة الواحدة للشريحة الإلكترونية لمعالج كمبيوتر على 44 ألف ترانزستور، ليُشكل البنية التحتية من تلك الوحدة، وتوجد عليها 17 طبقة أخرى من الموصلات المعدنية الضئيلة جدًا interconnects، تقوم تلك الموصلات بربط كل ترانزستور بآخر في منطقة قريبة أو بعيدة عنه؛ ما يحقق في النهاية اتصالاً بين كل الوحدات البنائية يمكن أن تمر من خلالها الإشارات.
تحتوي تلك الطبقات على مواد عازلة تمنع ملامسة الوصلات لبعضها البعض فتتشوش الإشارة، ولا تتم العملية الحسابية في النهاية بشكل سليم، ولبناء تلك الطبقات والوصلات الدقيقة لمعالج حاسوبي واحد، تمر الشرائح على 940 خطوة بشكل تكراري، بغرض بناء 80 طبقة؛ ما يستمر في النهاية لمدة ثلاثة أشهر من العمل.
داخل منطقة تتسع لعدد من ملاعب كرة القدم يُطلق عليها Clean Room؛ تُجرى عمليات طباعة الوصلات والطبقات العازلة، اعتمادًا على مئات الآلات التي يتراوح سعرها بين المليون دولار حتى المائة والأربعين مليون دولار (Ultraviolet Lithography)؛ لتقوم تلك الماكينات بعمل مهمة واحدة لكل طبقة على حدة، وتنتقل شريحة الـ wafer من تلك الماكينة إلى ماكينة أخرى داخل حاوية تُعرف باسم “Front Opening Universal Pod FOUP”، وكل حاوية يوجد بها 25 ويفر، وكل ويفر يحتوي على 230 رقاقة إلكترونية تقوم بوظيفة معالج للبيانات Processor، وتنتقل الحاويات FOUB من ماكينة إلى ماكينة أخرى عن طريق روبوتات متحركة ومعلقة في سقف المصنع، لتستمر عملية النقل بين الماكينات والطباعة والمعالجة لأكثر من 900 مرة، ولطبقة بعد طبقة، وفي ماكينة تلو الأخرى لمدة ثلاثة شهور متواصلة، حتى نحصل على شريحة المعالج بشكل يمكن به استخدامه فيما بعد.
تنقسم الماكينات إلى ستة أنواع، منها (Mask Layer، Adding Material، Removing Material، Modifying Material، Cleaning، Inspecting)، تقوم هذه الماكينات بشكل مُختصر بعمل عمليات أشبه بالطباعة على المعادن؛ فهي أولًا تستعمل قالبًا تقوم بطباعته من خلال ماكينة Photolithography، وهي الماكينة الأهم في الصناعة كلها، ثم تضيف ماكينات أخرى مواد كيميائية على القالب المطبوع على قطعة السيليكون، وفي المرحلة الثالثة تقوم ماكينات البلازما بإطلاق فوتونات من أجل تقشير المواد المضافة والقالب، لتبقى الوصلات المعدنية الضئيلة الحجم كرابط بين الترانزستور FinFET، لتمر في النهاية بمراحل التعديل وإضافة وترقيع الثقوب الناتجة من أخطاء العملية كلها؛ سواء أكانت الطباعة أو إضافة العناصر وإزالتها، لتصل إلى المحطات الأخيرة، وهي التنظيف والتفتيش على الجودة؛ حيث إن العملية المركبة والحساسة للغاية لها معدل خطأ ضئيل جدًا لا يتجاوز الـ 1% خلال الـ 940 خطوة.
ماكينة الطباعة دُرة تاج التكنولوجيا
لا توجد آلة متقدمة اليوم وشديدة التعقيد، وحولها قدر كبير من السرية مثل ماكينة الطباعة Photolithography Ultraviolet؛ فلا تُنتج تلك الماكينة إلا شركة واحدة في العالم، وهي شركة ASML (Advanced Semiconductor Material Lithography) الهولندية، وهي الشركة الأوروبية الأكبر على الإطلاق؛ ما يجعلها شركة مُحتكرة للبنية التحتية لصناعة أشباه الموصلات؛ فهي التي تقرر لمن تُصنع وتصدر آلاتها، ومن تلتزم بقرارات العقوبات الأمريكية ضد العملاء المُستبعدين من قوائم التوريد؛ فلا تقوم بتوريد أي شيء.
يحتوي هاتف الآيفون الواحد اليوم ما لا يقل عن 16 مليار ترانزستور، وبوزن لا يزيد عن 3 أرطال، هذا التطور والتعقيد الرهيب في صناعة أشباه الموصلات يحتاج لمُعدات استثنائية وطرق إنتاج مركبة جدًا، بعضها ما زال ساريًا حتى اليوم، هو شيء لا يُفصح عنه حتى للدارسين المتخصصين، لكن ما الذي نعرفه؟
تستخدم ماكينة الطباعة الأشعة فوق البنفسجية بأطوال موجية محددة، يتم تركيبها من خلال عدسات ومناظير تقوم بتكثيف الضوء أو تشتيته مثل الكاميرا بالضبط، ليقوم الضوء الساقط على العدسة بترك أثره على شريط الفيلم، لكن هذه الماكينة هي التي تنتج شعاع الليزر وبكثافة عالية ودقة تصل إلي حجم 5 و 7 نانوميتر فقط، ليتم تسليطه على قرص الويفر Waver، وعليه طبقة حساسة للضوء light-sensitive material (photoresist)، وفوقها المخطط المراد طباعته Photomask، وعند تسليط الضوء تذوب المادة الحساسة، وتتبقى العناصر المختفية، وهي الوصلات والترانزستور، وتعتبر تلك الطريقة في الطباعة هي الطريقة الأكثر توفيرًا على الإطلاق في مقابل عدد كبير من البدائل الميكانيكية والمغناطيسية التي يمكنها أن تقوم بنفس الوظيفة، لكنها غير عملية بالنسبة للإنتاج الكبير Mass production، وتلك الآلة أيضًا هي المسؤول الأول عن التطورات الحادثة في كل أشباه الموصلات والرقاقات الإلكترونية الموجودة اليوم، وخصوصًا في تقنية الطباعة Extreme Ultraviolet Lithography(EUV)، التي تقوم بإنتاج الشرائح الأحدث التي تستخدمها Apple وNvidia و Google، وتدخل في صناعة أحد أنواع الأسلحة والطائرات الحربية ومنظومات الباتريوت الرائدة في الدفاع الجوي.
في العام 2023، ألغت الحكومة الهولندية شهادة تصدير، تقوم بموجبها شركة ASML بتصدير ماكينات EUV الأحداث من طراز NXT:2050i and NXT:2100i إلى الصين، والتي كانت تعتمد عليها الصين في تصنيع أجيال حديثة للرقائق من حجم 7و5 نانو ميتر، تعتمد عليها شركات الذكاء الصناعي العاملة لديها، لكن الخطوة جاءت نتيجة للقرار الأمريكي في أكتوبر بحظر التعامل والتصدير للصين، إذًا فكيف يمكن للصين أن تحل هذه المشكلة؟
خطوة للأمام خارج الهيمنة الأمريكية
إضافة الشركات الصينية على القائمة السوداء عام 2020، وحظر الشركات الأمريكية والأوروبية واليابانية من التوريد للصين؛ ترافق معه خطوة أخرى من أجل إعادة توطين تكنولوجيا صناعة أشباه الموصلات على الأراضي الأمريكية مجددًا؛ ففي العام 2022 أقر الرئيس الأمريكي جو بايدن وثيقة “CHIPS”، والتي بموجبها يوفر الكونجرس تمويلات ومحفزات بقيمة 39 مليار دولار تُصرف كلها لصالح الشركات الكبيرة (TSMC، Samsung، Intel)، من أجل بناء معامل جديدة لها في الولايات الأمريكية، تستهدف الوصول بالإنتاج الأمريكي لأشباه الموصلات الأكثر تقدمًا بنحو 28% من مجمل الإنتاج العالمي بحلول عام 2032، في المقابل ماذا تملك الصين؟
في تقرير منشور بمجلة Financial Times تتحدث فيه مع اثنين من المتخصصين في صناعة أشباه الموصلات الصينية، وتحدثا عن أن صناعة شركة Huawei لهاتفها الجديد ذي الـ 7 نانوميتر جاء نتيجة اعتمادها على تقنيات DUV (Deep Ultraviolet) التي ابتاعتها سابقًا من هولندا وخزنتها؛ ما يعني أنها تستطيع اختراق العقوبات مؤقتًا وتصنيع شرائح حديثة، وإن كلفها ذلك 50% زيادة في السعر لكل شريحة بالمقارنة بما تنتجه شركة TSMC من شرائح.
إضافة الشركات الصينية على القائمة السوداء عام 2020، وحظر الشركات الأمريكية والأوروبية واليابانية من التوريد للصين؛ ترافق معه خطوة أخرى من أجل إعادة توطين تكنولوجيا صناعة أشباه الموصلات على الأراضي الأمريكية مجددًا
إلا أنه في تقرير منشور في مجلة جنوب الصين الصباحية، وقد نقلته عنها مجلة Bloomberg، وتمت الإشارة إلى أن الصين في الحقيقة تطور تقنية جديدة تمامًا، قدمتها شركة Huawei كبراءة اختراع خاصة بها، وتعاون كل العاملين في مجال صناعة أشباه الموصلات الصينيين على تنفيذها، تُعرف هذه التقنية باسم SAQP (Self-aligned quadruple patterning)، وهي تقنية تُستخدم فيها ماكينات Photoliography قديمة ومُعدلة من ناحية تركيبية أكثر من مخطط طباعة Photomask؛ حيث ينتج في النهاية طباعة عدد أكبر من الوصلات والترانزستور بشكل مكثف دون الحاجة لماكينات الطباعة الخاصة بشركة TSMC، أو ما يُعرف بالطباعة المكثفة Extreme ultraviolet (EUV)، وعلى الرغم أن التكنولوجيا قديمة وسبق تجربتها من قبل شركات أمريكية مثل Intel؛ إلا أنها معقدة للغاية ولم تستطع تلك الشركات اعتمادها في الإنتاج الواسع مثل الماكينات الأحدث، وما لاحظه المراقبون، أن الشركة الصينية Naura Technology Group المختصة بصناعة ماكينات الطباعة بدأت في تجهيز فريق بحث من مُهندسين أمريكيين وأوروبيين، عمل بعضهم سابقًا في شركات رائدة في تلك الصناعة خارج الصين؛ ما يعني أن الصين تُطور اليوم مشروعًا سريًا لكسر الاحتكار الأمريكي، ومواجهة العقوبات المفروضة على الصين، لكنها لا تستطيع الإعلان عنه الآن حتى لا تتعرض أية شركات أو مؤسسات وسيطة تتعامل معها إلى العقوبات نفسها، بحسب مجلة بلومبيرج.
بنهاية العام 2023 تقدمت الشركات الصينية العاملة في مجال صناعة أشباه الموصلات بعدد 7900 براءة اختراع في تطوير تلك الماكينات، وابتكار سبل جديدة لتصبح الصين مكتفية ذاتيًا من الصناعة والبحث والتطوير، وحصلت على مئات المليارات من الدولارات من خلال الدعم المُقدم لها من الحزب الشيوعي الصيني، لتصبح قادرة على الابتكار والإنتاج، وصولًا للبيع ومنافسة الولايات المتحدة، دون إمكانية إخضاعها مرة أخرى للعقوبات والهيمنة الأمريكية.
يبدو أن الصين اليوم تبحث عن بدائل وتقدم كل الدعم والجهود الممكنة لتطوير تكنولوجيتها، حتى لا تتخلف في مجالات أشباه الموصلات والذكاء الصناعي الذي يعتمد على تلك الصناعة بشكلٍ كبير، ويُنتظر منه الكثير في المستقبل، هذه الجهود يمكنها أن تفيد الجميع في الحقيقة، ليس في الصين وحدها، وليس فقط في ميدان الصناعة والاقتصاد العالمي كما هو متوقع، لكن الأكيد أنه يمكن أن تنزع صفة الاحتكار وتعزز المنافسة وتلغي سُلطة الهيمنة الأمريكية، التي تُقدم التكنولوجيا مرفقة بسياسات وتحالفات عالمية خاصة بها، دون أية اعتبارات وطنية أو خصوصيات لهذا البلد أو ذاك.
الاختراق المنتظر أن تحققه الصين يعني أن الصناعة سوف تصبح حرة وأقرب للمشاع قريبًا، ويمكن لجميع بلاد العالم اقتناؤها وتطويرها والاستفادة منها اقتصاديًا، وبالتأكيد سوف تأتي التحولات الاقتصادية مُرفقة بأفكار التحديث والديموقراطية كما أثمرت في تايوان ودول شرق آسيا جميعًا بداية من الثمانينات؛ في النهاية تبدو هناك بارقة أمل للجميع، وإمكانات للنمو والديموقراطية، يمكن أن يحققها صراع الأقطاب العمالقة المتنافسين حاليًا.
There is definately a lot to find out about this subject. I like all the points you made
Hi there to all, for the reason
This was beautiful Admin. Thank you for your reflections.
I truly appreciate your technique of writing a blog. I added it to my bookmark site list and will
You’re so awesome! I don’t believe I have read a single thing like that before. So great to find someone with some original thoughts on this topic. Really.. thank you for starting this up. This website is something that is needed on the internet, someone with a little originality!
Great information shared.. really enjoyed reading this post thank you author for sharing this post .. appreciated
I was recommended this website by my cousin I am not sure whether this post is written by him as nobody else know such detailed about my difficulty You are wonderful Thanks