لم يكن الفيلسوف “كانط” عدوًا للجنس الآخر؛ فقد كان يستمتعُ بالحديث مع المثقّفات من النساء، ولم يكن يتطلب فيهن بأن يكنَّ عالمات؛ بل فقط أن يكنَّ على قدرٍ وحظٍ جيد من العقل السليم، وأن يتحلين بسلامة الفطرة وصفاء النفس، والقدرة على القيام بشؤون البيت والطهي، ولكن إذا أرادت امرأة أن تذكرهُ بنقدِ “العقل الخالص” أو مثلًا أن تحدثه عن الثورة الفرنسية ؛ فإنه كان ينصرفُ عنها!
وحدثَ بإحدى المرات بأنّ سيدة جليلة أرادت أن تتحدث معه في العلم؛ فرأت تجنبهُ الواضح للحديث معها، فقالت له: “إن النساء يستطعن أن يكنَّ عالمات مثلَ الرجال، وأنه توجد فعلًا نساء عالمات؛ فلم يكن منه إلا أن صاح فيها متهكمًا وقال لها : ثم ماذا أيضًا؟
استوقفتني تلك الحادثة كثيرًا كوني أيضًا امرأة وأهتم بالأدب؛ فقد أثارت فيّ مشاعر مختلطة بين إثبات وجهة نظري الشخصية المناقضة له، وبين إعادة صياغة للأدوار النسائية، وتقديم رؤية أكثر توازنًا وشمولية، لأنّه وعلى مر العصور؛ فقد شهدَ تصوير النساء في الأدب تحولات عميقة تعكسُ التغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية في الأدب الكلاسيكي، وغالبًا ما كانت النساء تُصوَّر كرموز للجمال والرغبة، أو كأدوار ثانوية تدور حولَ حياة الرجال.
كانط كان عليه أن يناقش تلكَ السيدة الجليلة نيابةً عن استهجانه لها بقول: ثمّ ماذا أيضًا؟
فكانت الشخصيات النسائية مثل هيلين الطروادية تعكسُ مفاهيم الفتنة والخيانة، بينما كانت النساء في المسرحيات الإغريقية مثل أنتيغون يمثلن القوة والتحدي، رغم أنهن غالبًا ما كن يُعاقَبن بسبب تصرفاتهن.
ومع تقدم الزمن إلى العصور الوسطى، استمرت هذه التوجهات حيث تمّ تصوير النساء في الأدب كأمهات وزوجات، مع التركيز على الفضائل التقليدية مثل الطاعة والعفة، ومع ذلك بدأت تظهر شخصيات نسائية أكثر تعقيدًا في الأدب القوطي والرومانسي؛ حيث تمثل النساء أحيانًا ككائنات خارقة أو كأبطال يتحدون الأعراف الاجتماعية.
في القرن التاسع عَشر، شهِد الأدب تحولاتٍ كبيرة مع ظهور الحركة النسوّية، بدأت الكاتبات مثلَ جورج إليوت وشارلوت برونتي في تقديم شخصيات نسائية معقّدة تتحدى القيود المفروضة عليهن، وهذا الاتجاه استمر في القرن العشرين؛ حيث بدأت الكاتبات مثل فرجينيا وولف وأليس ووكر في استكشافِ قضايا الهوية والحرية من منظورٍ نسائي.
اليوم، يعكس الأدب الحديث تنوع التجارب النسائية؛ حيث تُصوَّر النساء كشخصيات قوية ومستقلة تتحدى الأعراف التقليدية، وتواجِه قضايا معاصرة مثل التمييز والهوية الجنسية، ومن خلال هذه التحولات يظهر كيف أنّ الأدب ليسَ مُجرد انعكاس للواقع، بَل أداة للتغيير الاجتماعي والنقد الثقافي.
غونغور في رواية "ألفُ شمسٍ مُشرقة"
هي شخصّية محورية في رواية الكاتب خالد حسيني، وتعتبرُ تجسيدًا للتحديات والصراعات التي تواجه النساء في المجتمع الأفغاني، تتناول الرواية حياة امرأتين؛ مَريم وغونغور، وتعرِض كيفَ يتشابك مصيرهما في ظلّ الظروف القاسية التي تفرضها الحرب والتمييز الاجتماعي.
غونغور، فتاة صغيرة تنتمي لعائلة فقيرة وتعيش في كابول، خلال فترة مُضطربة من تاريخ أفغانستان، تُظهر الرواية كيف أنها نشأت في بيئة قاسية؛ حيث فقَدت والدتها في سنٍ مبكرة، مما ترك أثرًا عميقًا على حياتها، كما أنها تعكس تجربتها بالفقد والألم، لكنها أيضًا مثّلت مفاهيم الأمل والقوة.
من صفات غونغور التمتع بالقوة والصمود، ورغم الظروف الصعبة التي تمر بها؛ فهي تُظهر دائمًا قوة داخلية وصمودًا كبيرين، كما تظهر قدرتها على مواجهة التحديات، ِسواء أكانت متعلّقة بالأسرة أو المجتمع. كما تتميز بقدرتها على الحب والعطاء؛ فهي تسعى دائمًا لتقديم الدعم لمريم، الشخصية الرئيسة الأخرى في الرواية، وتتطور العلاقة بينهما من تنافس إلى صداقة عميقة.
تعكسُ غونغور رحلة البحث عن الهوية والكرامة؛ فنجدها تسعى لتحقيق أحلامها والتخلّص من القيود التي تفرضُها عليها التقاليد، ومع تقدّم الأحداث بالرواية نشهدُ كيف تتعرّض غونغور للعديد من التحديات، بما في ذلك الزواج القسري والعنف المنزلي، كل تلك التجارب تجعلها أكثرَ نضجًا وقوة؛ حيث تتعلم كيفية مواجهة الواقع المرير الذي تعيشه، كما أن العلاقة بينها وبين مريم تصبح محور الرواية؛ حيث تدعم كل منهما الأخرى في الأوقات الصعبة.
إنها تُمثّل المرأة الأفغانية بشكلٍ عام، وتجسِّد المعاناة والأمل في مواجهة الظلم من خلال قصتها، يُظهر خالد حسيني كيفَ يمكن للنساء أنْ يكنّ مصدر قوة وإلهام حتى في أحلكِ الظروف، هي ليست مجرد شخصية أدبية؛ بل رمز للأمل والصمود؛ فمن خلال رحلتها نقلَ “حُسيني” رسالة قوية عن أهمية التضامن بينَ النساء وقدرتهن على التغلب على الصعوبات، الرواية تُبرز كيف يمكن للأمل والشجاعة أن يضيئا الطريق حتّى في أقسى اللحظات.
الأعمال الأدبية والتحديات التي تواجهها النساء
تعكسُ الأعمال الأدبية التحديات الاجتماعية والثقافية التي تواجه النساء من خلال مجموعة متنوعة من الأساليب والموضوعات؛ فنجد كيف تُظهر الروايات شخصيات نسائية معقدة تعكس تجارب حقيقية، مما يساعد القُراء على فهم الصراعات اليومية التي تواجهها النساء في مجتمعاتهن.
فنجد كيف تتناول بعضها أيضًا قضايا مثل العنف الأسري، الزواج القسري، التمييز في العمل، وحقوق المرأة، مما يسلط الضوء على المعاناة التي تواجهها النساء؛ فتُظهر كيف تؤثر التقاليد والعادات المجتمعية على حياة النساء، وكيف يمكن أن تكون هذه العادات عائقًا أمام تحقيق أحلامهن، مثلما حصل مع إيما بوفاري في رواية للكاتب جوستاف فلوبير حملت عنوان “مدام بوفاري”، حين تعرضت للزواج التقليدي القسري الخالي من العاطفة مع طبيب ريفي، لنشهد معها على سرعة تحول هذا الزواج لملل وإحباط شديدين يحيطان بها ويخنقانها، ونتيجة ذلك تدخل إيما بعلاقات عاطفية خارج الزواج لتواجه بعدها مشاكل اجتماعية عديدة، لتتحول إيما لنموذج مأساوي بين النساء بسبب الزواج القسري.
كما هناك بعض الأعمال الأدبية من التي تقّدم خلفيات تاريخية وثقافية تُظهر كيف تغيرت، أو استمرت التحديات التي تواجه النساء عبر الزمن؛ فتُظهر تأثير الحروب والاستعمار، أو الأزمات الاقتصادية على وضع النساء ومكانتهن في المجتمع، مثل رواية محبوبة للكاتبة توني موريسون التي قدمت لنا شخصية سيت هي، امرأة أفريقية أمريكية عاشت مرحلة ما بعد الحرب الأهلية الأمريكية بفترة صعبة على العبيد، تتحدث الرواية عن معاناتها بسبب ماضيها كونها جارية سابقة وهاربة، وعن كيف يتجسد لها شبح الماضي على هيئة ابنتها التي تسمى محبوبة، تصور الرواية براعة وصمود المرأة، وكيف يمكنها أن تتغلب على جميع الصراعات، مما يمكنني بأن أقول إن هذه الرواية ذاتها هي دراسة عميقة لتأثير الحرب والاستعمار على النساء بشكل خاص.
ونجد أيضًا كيف أنّ بعضها ممّن تُعطي صوتًا للنساء اللواتي غالبًا ما يُهملن أو يُستبعدن من السرد التاريخي، مما يساعد على توسيع الفهم حول تجاربهن، تسلط الضوء على قصص النساء من خلفيات متنوعة، مما يعكس تجارب متعددة ومعقدة، كما فعلت الكاتبة مازا منغستي في روايتها سيدة الظلال التي تحدثت فيها عن نساء أثيوبيات شاركن بالمقاومة ضد الغزو الإيطالي لأثيوبيا بثلاثينيات القرن العشرين؛ في فترة لم تحظ فيها النساء بالاعتراف الكافي على الرغم من دورهن المهم.
كما تُبرز العديد من الروايات رحلة التحول الشخصي للنساء؛ حيث يتغلبن على العقبات ويحققن الاستقلال والحرية؛ فتعكس قُدرة النساء على التغيير والتأثير في مجتمعاتهن، مما يُلهم الأجيالَ القادمة، مثلما حصل مع شخصية “جين” في رواية حملت اسم “جين آير” للكاتبة شارلوت برونتي ؛ فقد كانت جين فتاة يتيمة ضعيفة تعتمد على الآخرين، وتحولت إلى امراة ناضجة تتحكم في مصيرها وتختار شريك حياتها بنفسها. يعتبر الأدب وسيلة قوية للتعبير عن تجارب النساء والتحديات التي يواجهنها، من خلال تصوير الحياة اليومية، واستكشاف القضايا الاجتماعية، وتقديم أصوات جديدة.
كاتبات في الأدبِ النَسوي
نذكر الكاتبة البريطانية فرجينيا وولف (1882-1941)، والتي -حقيقةً- تُعتبر واحدة من أبرز الكاتبات في الأدب النسوي؛ فلها تأثير عميق على المشهد الأدبي، وهنا سأوضح بعض الجوانب الرئيسة التي تبرز تأثيرها؛ فهمي تمتلك أسلوب الكتابة التجريبي وأسلوب السرد غير التقليدي؛ مثل تيار الوعي، والذي يركز على الأفكار والمشاعر الداخلية للشخصيات بدلًا من الأحداث الخارجية، هذا الأسلوب منحَ القارئ رؤية أعمق للعالم الداخلي للنساء.
تناولت وولف في كتاباتها قضايا الهوية النسائية والأدوار التقليدية المفروضة على النساء؛ في روايتيها “السيدة دالاوي” و”إلى المنارة”، كشفت لنا وولف كيف تؤثر الضغوط الاجتماعية على حياة النساء، وأيضًا قدمت لنا تصورًا عميقًا للحياة الداخلية للشخصيات؛ ففي رواية السيدة دالاوي، سلطت الضوء على كيفية تفاعل الشخصيات في الزمن الماضي والحاضر، وأبرزت للقارئ أهمية اللحظات الصغيرة في تشكيل هوية الإنسان. بينما في رواية “إلى المنارة“، تكشف وولف لنا كيف يتفاعل الناس مع الزمن، وكيف تتأثر الحياة العائلية والفردية بالتغيرات الاجتماعية والنفسية.
كتبت وولف عن تجارب النساء بصدق وعمق، مما جعل صوتهن مسموعًا في الأدب؛ ففي كتابها “غرفة تخص المرء وحده”، تناولت أهمية الاستقلال المالي والفكري للنساء كشرط أساسي للإبداع، والنقد الاجتماعي والثقافي، وعالجت قضايا تتعلق بالإبداع والمكانة الاجتماعية للنساء. وواحدة من النقاط المحورية بهذا الكتاب هي أن وولف رأت بأن النساء بحاجة لدخل مالي ثابت وغرفة خاصة، تتيح لها التفكير بحرية والكتابة، وهو ما لم يكن متاحًا في الماضي. هذا الكتاب بمثابة عمل مليء بالتأملات الفلسفية والاجتماعية، مما يمنحه برأيي تأثيرًا كبيرًا على الأدب النسوي حتى يومنا هذا.
هي تعتبر واحدة من الرواد الذين أسسوا الأدب النسوي الحديث. ألهمت العديد من الكاتبات اللاحقات مثل سيلفيا بلاث وتوني موريسون؛ حيث اتبعن نهجها في معالجة القضايا النسائية.
استخدمت كتاباتها كوسيلة لنقد المجتمع الذكوري الذي يهمش النساء؛ فكانت تُعبر عن قلقها بشأنِ كيفية تأثير الأعراف الاجتماعية على حرية المرأة وإبداعها. ساهمت بتطوير أفكار جديدة حولَ الفن والأدب؛ حيث اعتبرت أنّ الكتابة ليست مجرد حرفة؛ بل هي تعبير عن الذات وتجربة إنسانية عميقة.
تأثير وولف على الحركة النسوية
فرجينيا وولف ليست مجرد كاتبة؛ بل هي رمز للتغيير والتجديد في الأدب النسوي، من خلال أسلوبها الفريد وأفكارها الجريئة، تركت بصمة لا تُمحى على المشهدِ الأدبي، وأثرت في الأجيال اللاحقة من الكاتبات والقراء على حد سواء.
ساهمت الحركة النسوية في تغيير تمثيل المرأة في الأدب وتعزيز الأصوات النسائية؛ حيث لعبت دورًا محوريًا في تغيير تمثيل المرأة في الأدب، وتعزيز الأصوات النسائية عبر عدة مجالات، كإعادة تقييم الأدب الكلاسيكي؛ فقد قامت الحركة النسوية بإعادة النظر في النصوص الأدبية الكلاسيكية؛ حيث تمّ تسليطُ الضوء على الصور النمطية والسلبية للنساء، وأدى هذا إلى نقد الأعمال الأدبية التي كانت تروج لأفكار تقليدية عن الأدوار الجندرية.
وتشجيع الكتابة النسائية؛ حيث ساعدت في تشجيع النساء على كتابة تجاربهن ومشاعرهن، مما أدى إلى ظهور عدد كبير من الكاتبات اللاتي عبرن عن قضاياهن الشخصية والاجتماعية، أضاف ذلك تنوعًا كبيرًا للأدب. وساهمت بتأسيس منصات جديدة؛ مثل مجلات ومنصات أدبية خاصة بالنساء، مما وفّر مساحة للكاتبات للتعبير عن أنفسهن ومشاركة أعمالهن، مثل “The Women’s Review of Books”.
الحركة النسوية لم تساهم فقط في تعزيزِ الأصوات النسائية في الأدب؛ بل أيضًا في تغيير الطريقة التي يتمُ بها تمثيلُ النساء بشكلٍ جذري، وهذا التحول أثرى الأدب وجعله أكثر تنوعًا وشمولية، مما ساعد على خلق فهم أعمق لتجارب النساء في مختلف السياقات الثقافية والاجتماعية.
وبتغيير الصور النمطية؛ فقد عملت الحركة على تغيير الصور النمطية السائدة حول النساء في الأدب، من خلال تقديم شخصيات نسائية معقدة وقوية، تتجاوز الأدوار التقليدية، حتى إنها ركزت على أهمية التجربة النسائية كموضوعٍ أدبي، مما أدى إلى ظهور روايات وقصص تعكسُ تحديات النساء وآمالهن وصراعاتهن.
وساهمت في رفع الوعي حول قضايا مثل العنف ضد النساء، والتمييز الجندري، والحقوق الإنجابية، مما أثرى الأدب بمناقشات عميقة حول هذه القضايا. كما شجعت على تضمين أصواتٍ نسائية من خلفياتٍ ثقافية متنوعة، مما زادَ من غنى الأدب وفتحِ الأبواب أمام قصصٍ لم تكن مسموعة من قبل.
لذا يمكن القول بأنّ الحركة النسوية لم تساهم فقط في تعزيزِ الأصوات النسائية في الأدب؛ بل أيضًا في تغيير الطريقة التي يتمُ بها تمثيلُ النساء بشكلٍ جذري، وهذا التحول أثرى الأدب وجعله أكثر تنوعًا وشمولية، مما ساعد على خلق فهم أعمق لتجارب النساء في مختلف السياقات الثقافية والاجتماعية.
كما أن تمثيل المرأة بشكلٍ عادل ومتوازن في الأدب له أهمية كبيرة، ويمكن أن يكون للأدب دور فعال وكأنه أداة للتغيير الاجتماعي يساهم في تعزيز هويتهن وتمكينهن من استكشاف تجاربهن ومشاعرهن، يمكن أن يساعد هذا النساء على رؤية أنفسهن في قصص تعكس واقعهن.
يمثل الأدب منصة لمواجهة الصور النمطية السلبية عن النساء، مما يساعد على تغيير المفاهيم غير الصحيحة حول أدوارهن في المجتمع، كما يعزز تمثيل المرأة التنوع الثقافي، ويقدم وجهات نظر متعددة حول قضايا مثل الجندر، العائلة، والحقوق، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر شمولية. وهو يسهم بشكل عادل في فتح نقاشات حول قضايا مثل التمييز، العنف، والحقوق الإنجابية، مما يساعد على زيادة الوعي الاجتماعي؛ فيشجع الفتيات على الطموح وتحقيق أحلامهن.
وهنا يطرح السؤال نفسه: هل يمكن للأدب أن يكون أداة للتغيير الاجتماعي؟
نقول بأنه، ومن خلال تناول قضايا اجتماعية حساسة، يُمكن للأدب أن يرفعَ الوعي حول المشكلات التي تواجه النساء، مثل العنف الأسري والتمييز في مكان العمل، ويمكنه أيضًا أن يُسهم في تغيير المواقف تجاهَ النساء من خلال تقديم شخصيات نسائية قوية ومعقدة، مما يعزز الفهم والتعاطف.
كما يمكن أن تلهم الروايات والقصص الأدبية الحركات الاجتماعية، وتدفع الناس للمشاركة في قضايا العدالة والمساواة؛ فالأدب يوفّر منصة للحوار بين الثقافات المختلفة، مما يساعد على فهم القضايا النسائية من زوايا متعددة، وذلك من خلال تقديم نماذج نسائية ناجحة ومؤثرة، تشجّع غيرها من النساء على السعي لتحقيق أهدافهن وتجاوز العقبات.
وختامًا، سأقول بأنّ تمثيل المرأة بشكلٍ عادل ومتوازن في الأدب، ليسَ مجرد مسألة جمالية؛ بل هو ضرورة اجتماعية وثقافية، و أداة قوية للمساهمة بالتغيير الاجتماعي من خلال رفعِ الوعي وتغيير المواقف وتحفيزِ الحوار حولَ القضايا المهمة التي تؤثّر على حياة النساء والمجتمع ككُل، وبأنّ الأدب عبر الثقافات لم يكن يُبرز المرأة على أنها فقط ضحية للظروف؛ بل على أنها صانعة للتاريخ وملهمة، وبمثابة قوة إبداعية مستمرة، من خلال الروايات؛ سواء التي صدرت في الشرق أم الغرب، لذا سيظلُ صوتُ المرأة حاضرًا بوضوح يقودُ الإنسانية نحو فهمٍ أعمق للذاتِ والعالم، ويؤكّد على أنّ رحلتها لا تنفصل عن رحلة البشرية جمعاء، وبأن كانط كان عليه أن يناقش تلكَ السيدة الجليلة نيابةً عن استهجانه لها بقول: ثمّ ماذا أيضًا؟
- الآراء الواردة في هذا المقال تُعبّر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة مواقف وآراء “مواطن”.