لطالما وصم الرقص الشرقي -وفي مهده تحديدًا- بالفسق والفجور. وأنه طريقة سهلة وسريعة لجمع المال، لأي فتاة رخيصة قليلة التعليم، وكأنه صنو العمل بالدعارة. وللأمانة؛ فقد ساهم الإعلام العربي التقليدي عبر ما يزيد عن نصف قرن بتكريس هذه القناعة، ولا يمكن أن نبرأ كبريات الراقصات العربيات خلال نفس الفترة من المساهمة -غالبًا مجبرات- في تلك النظرة؛ فالراقصة العربية مهما علا شأنها فلن تأخذ دور البطلة أو حتى البطلة المساعدة؛ بل فتاة الليل اللعوب التي تعشق المسكرات وتعدد العلاقات، والإيقاع بالبطل اعتمادًا على إغوائها.
عكس الواقع في فترة بين الحربين، وحتى خمسينيات القرن الماضي، كانت إذا ظهرت بطلة صف أول، تسبق صورتها صورة البطل، تتحلى أحيانًا بالجمال والإغراء، لكن ليست ساقطة بالضرورة؛ بل امرأة قوية الشخصية تعرف ما تريد؛ تحِب و تحَب مثل سائر النساء، باختصار هي امرأة مألوفة، يمكن أن تأتي بأي شكل وليست قالبًا جاهزًا.
كتاب كوكو برلين الأشهر يوغا المهبل (pussy yoga) هو برنامج فريد للتعلم الذاتي، و ذلك لمساعدة النساء على أن يصبحن أكثر شبقًا وقوة وثقة. تم نشره لأول مرة في ألمانيا عام 2018، وأصبح من أكثر الكتب مبيعًا على الفور.
قد تكون المرة الوحيدة التي ظهرت كراقصة ذات شخصية عميقة ومركبة، هي في فيلم الراقصة والسياسي، حينها لم يُحضر المنتجون راقصة ممثلة، وهن كثيرات وقتها؛ بل ممثلة من الصف الأول (نبيلة عبيد)، غالبًا قد يجادل المنتجون أن الدور صعب يحتاج ممثلة محترفة، لكن مما لاشك فيه أنهم خشوا أن تجرح الصورة النمطية، والتي من المفروض أن كاتب الفيلم يحاول في طيات الفيلم فعلًا جرحها؛ فالجمهور سيشاهد نبيلة عبيد وليس راقصة، وهكذا سيقبل الفكرة ويتفاعل معها إيجابًا.
ازداد الانحدار بالصورة مع الألفية الجديدة؛ إذ اقتصر ظهور الراقصات في أفلام رديئة برقصات مبتذلة، وأتت محاولات تحسين الصورة دومًا بنتائج عكسية، كتحوير الاسم لفنانة استعراضية؛ واستخدام ردود هي عبارات مطاطة، من قبيل أنه فن راق ذو إحساس، طبعًا عبارة (فن راقٍ) تؤكد النظرة العامة، ولا تنفيها. هل سنجد يومًا رسامًا يقول: (الرسم فن راق)؟! طبعًا لا. كلمة “ذو إحساس” هنا مربط الفرس، بدت كلمة عامة غير مفهومة.
بالمقابل، وعلى العكس تمامًا، نجد أن الراقصات الشرقيات في الغرب يظهرن في البرامج التلفزيونية المحترمة، يقدمن النصائح؛ بل قد يقدن مجموعات علمية بحثية، ويقنم بإعداد دراسات وأطروحات، ويؤلفن الكتب، كالراقصة coco berlin، وهي راقصة ألمانية، رقصت لكبرى البراندات العالمية Hilton, L’Oréal & BMW.
تقول “كوكو” إنها درست الرقص الشرقي في مهده في القاهرة، وإنها -طيلة سنوات- تلقت دروسًا، وعينها على سر ألق وضياء تلك الراقصات الفاتنات، وإنها وجدت السر بعد دراسة الرقص المعاصر وحركة الجسد، وهذا ما تقوم بتدريسه وتقديمه: «السر» الذي تدعوه جوهر الرقص الشرقي، حين نعيد الاتصال بجسدنا إلى مستويات أعمق، ونرقص من الداخل إلى الخارج.
إن النساء اللواتي يتمتعن بحياة جنسية سعيدة، يعشن حياة أكثر رضىً، ويعبرن عن إبداعهن، وهن أكثر حسمًا، ولديهن دافع أكبر لتحقيق أهدافهن، وأقل عرضة للتلاعب بهن، ويتسمن بقدر أكبر من الرحمة والحب.
تدعى تقنية “كوكو” الفريدة تقنية تكامل قعر الحوض PELVIC FLOOR INTEGRATION ™. وقد استندت إلى إحدى أطروحات الماجستير في الهندسة، وطورت على يد مجموعة من الباحثين منذ 2006؛ حيث أعادوا دراسة آخر المكتشفات العلمية في قاع الحوض والغشاء الضامن والميكانيكا الحيوية، والعلاج النفسي الجسدي، إضافة للاعتماد على الطاوية واليوغا بهدف خلق وعي جديد بالجسد.
تبدأ التقنية من خلال تعميق الاتصال بين الجسد والعقل؛ فدون الحس العميق الدقيق بالشيء لا يمكن الشعور، وبالتالي تدريب واسترخاء قاع الحوض بالكامل. معظم النساء لديهن بقعة عمياء في الحوض، وهناك الكثير من المفاهيم غير الصحيحة حول ماهية قاع الحوض. في الواقع لا يمكننا تدريب ما لا يمكننا إدراكه في أجسامنا؛ إذ تركز التقنية على جلب بنى الحوض إلى وعيك، ومن هذا الإدراك المتزايد تتعلم تنشيط كل طبقة على حدة وتدريبها واسترخائها.
من فوائد المنهج الجديد زيادة التجسير بين اليقظة الذهنية والحركة الجسدية، ومساعدة الجهاز العصبي على تكوين روابط جديدة. يعزز هذا التجديد من تحقيق صورتك الذاتية، ويمكن أن يخلصك من العادات القديمة المقيدة في طريقة تحركك وتفكيرك وشعورك، ويساعدك في الاسترخاء العميق أثناء ممارسة الرياضة. عمليًا يمكنك تنفيذ معظم التمارين بسهولة في حياتك اليومية؛ إذ لا يقتصر الأمر على تدريب قاع الحوض فحسب؛ بل يساعدك أيضًا في الاسترخاء عن قصد، واستعادة نشاطك والبقاء على اتصال مع نفسك طوال الأيام الأكثر صعوبة.
تساعد التمارينُ المهبلَ على العمل بشكل طبيعي أثناء ممارسة الجنس، وتعطيه قوة وحساسية عاليتين، وتوفر دورانًا دمويًا جيدًا واتصالًا عصبيًا أفضل بالدماغ، وهو أمر ضروري لممارسة الجنس بشكل جيد وبلوغ هزات الجماع. ومن نافلة القول؛ إن النساء اللواتي يتمتعن بحياة جنسية سعيدة، يعشن حياة أكثر رضىً، ويعبرن عن إبداعهن، وهن أكثر حسمًا، ولديهن دافع أكبر لتحقيق أهدافهن، وأقل عرضة للتلاعب بهن، ويتسمن بقدر أكبر من الرحمة والحب.
تجد “كوكو” أن الفائدة لا تطال الحياة العاطفية فقط؛ بل تتعداها إلى أشياء أخرى؛ إذ يصبح جسدنا بالكامل متماسكًا بشكل طبيعي، ويصبح وضعنا مستقيمًا من الداخل، وتصبح حركاتنا أكثر فعالية ورشاقة. ستلاحظين ذلك على الفور في الألعاب الرياضية والتسوق وصعود السلالم، وحتى قدرة أكبر على التعامل مع الحياة الصعبة والتجارب المؤلمة.
لعلّ السمت لكل أعمال “كوكو” هو حب النفس أو الذات، من خلال الوصول للجسد؛ فالجسد عندها هو وطننا الأول؛ بل كنزنا الذي يجدر بنا الاهتمام به، وفهمه بشكل صريح ومباشر؛ فمع مجموعة كبيرة من الإرشادات والتمارين التي تغير الحياة؛ سواء أكانت التنفس، أو التمتع بالتدليك الذاتي، أو الحركة على الأرض أو الرقص، سنقوم بتنشيط تدفق الجسم بالكامل وصقل الحواس والتجارب الجنسانية. نتعلم بشكل حدسي أن نشعر بجسدنا بشكل مكثف، -والأهم من ذلك- أن نستمتع به من خلال الاحتفاء به دومًا. سيكشف حب الذات العميق والشامل ذواتنا الجديدة؛ حسّ قوي وثقة بالنفس أكثر، ثم قناعة بجسدنا والقبول به دون قيد أو شرط.
في ردها على تمرين أرنولد كيجل (Arnold Kegel). وهو طبيب نساء أمريكي راحل، اشتهر بتمرين كيجل .”Kegel exercises”، تقول “كوكو”: “التمارين التي تقوم فيها بضغط أو تحريك أشياء حول المهبل، لا تدرب المهبل بشكل مباشر، ولكن فقط العضلات الموجودة في المنطقة المجاورة مباشرة للمهبل، وهذه العضلات هي فقط الطبقة الأولى من قاع الحوض، وبذلك نكون أغفلنا الطبقة الثالثة وهي الأهم؛ بل على العكس قد يؤدي التدريب باستخدام الأثقال إلى نتائج عكسية، ليس أقلها التشنج المهبلي والألم خلال العلاقة الحميمة، سيما أنه -أي تمرين كيجل- يمكن أن يجبر عظام الحوض على أخذ وضعيات صلبة ومزعجة بشكل غير طبيعي”.
تقول صحيفة الديلي ميل: الأمر الأكثر إبهارًا في عمل “كوكو” هو نهجها الشامل والصريح، المتحد مع أحدث الأبحاث العلمية. من الواضح أنها الآن هي العنوان لأبحاث قعر الحوض. أخيرًا، لكوكو العديد من الكتب، وهي من الأكثر مبيعًا ورواجًا، ولقاءات تلفزيونية؛ خاصة التلفزيون الألماني والهندي.
كتابها الأشهر يوغا المهبل (pussy yoga) هو برنامج فريد للتعلم الذاتي، و ذلك لمساعدة النساء على أن يصبحن أكثر شبقًا وقوة وثقة. تم نشره لأول مرة في ألمانيا عام 2018، وأصبح من أكثر الكتب مبيعًا على الفور، مع مراجعات رائعة من قبل المتخصصين في مجال الصحة والمجلات مثل Cosmopolitan, Emotion, Joli.
فعلى مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، ساهم عملها في نقل هذه الخبرات و الإرشادات لأكثر من سبعة ملايين امرأة في جميع أنحاء العالم، ويتم تدريسها في ست وعشرين دولة، لكن لا توجد أي ذكر لها باللغة العربية! علمًا بأن الرقص هو المنتج الشرقي الوحيد، ربما نسيت الشاورما! ذات الرواج العالمي.
- الآراء الواردة في هذا المقال تُعبّر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة مواقف وآراء “مواطن”.