انتشر مؤخرًا استخدام العديد من أدوية التخسيس والحقن، التي تعمل على قمع الشهية والفقدان السريع للوزن والماء المختزن في الجسم، كما انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي دعاية مكثفة تروج لاستخدام تلك الأنواع المختلفة من أدوية التخسيس، وكذلك الملينات ومساحيق الأعشاب، بالإضافة إلى حقن الأنسولين. كما بدأ بعض الأطباء في وصف حقن الأنسولين لحالات السمنة كوسائل سريعة لنزول الوزن والتأثير المباشر على الشهية، وفي الوقت نفسه ظهرت أضرار بالغة على بعض الحالات التي قامت باستخدام تلك الأدوية، كما فقد البعض الآخر حياته نتيجة تعرضهم لهبوط حاد في الدورة الدموية ناتج عن سوء استخدام تلك العقاقير.
وكانت المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية قد حذرت من استخدام العقاقير التي تسرع عملية التمثيل الغذائي وتؤدي إلى فقدان الوزن السريع، كما أكدت أن هذه الأدوية تعمل على الارتفاع الشديد في ضغط الدم، وهبوط مستوى السكر في الدم، كما أنها تعمل على سرعة ضربات القلب ومشاكل في الرئة؛ الأمر الذي يجعلها مليئة بالمخاطر، وقد تؤدي لمضاعفات خطيرة لأصحاب الأمراض المزمنة، وجميعها أجمعت على أن استشارة الطبيب المعالج أمر حتمي من أجل تحقيق أعلى درجات الاستفادة منها وتجنب المخاطر الصحية التي قد تنجم عن استخدامها.
موضة جديدة
يشير د. عشري عبد النبي، مدير إحدى الصيدليات في جدة، في حديثه لـ”مواطن” إلى أن استخدام حقن إنقاص الوزن أصبحت “موضة جديدة” ومنتشرة على نطاق واسع في الآونة الأخيرة، ولها فعالية كبيرة في مساعدة مريض السمنة للتحكم في شهيته؛ ما ينتج عنه خسارة في الوزن، ولكن استشارة الأطباء المتخصصين ضرورة؛ فهناك بعض الأعراض الجانبية التي قد يشعر بها مستخدمو حقن التخسيس؛ منها الشعور المستمر بالغثيان والدوار والإسهال، كما أن استخدامها محظور على المرأة الحامل أو المرضع، بالإضافة إلى مرضى السكرى لأنها قد تتسبب في هبوط حاد في مستويات السكر بالدم.
هناك الكثير من الأدوية المستخدمة للتخسيس، بعضها عقاقير كيماوية وبعضها مكملات غذائية طبيعية، وأضرار تلك الأدوية أكثر من فوائدها، لأن بعضها قد يؤدي إلى الإصابة بسرطان الغدة الدرقية والحصوات المرارية والكلوية والتهاب البنكرياس، كما أنه قد يسبب أفكارًا انتحارية واكتئابًا
وتتفق معه د. ياسمين عبد الحميد، صيدلانية بإحدى الشركات الطبية في دبي؛ في أن استخدام العلاجات الكيميائية بكافة أشكالها ولمدد طويلة قد يؤدى الى عواقب صحية جسيمة، لأنها تعتمد على مراكز في المخ تعطى الشعور بالشبع، ومن ثم يُحدث هذا التحكم في الشهية نقصًا في الوزن، لذلك لابد من الملاحظة المنتظمة لوظائف الكبد والكلى والبنكرياس، بالإضافة الى المتابعة المستمرة مع الطبيب المعالج، وذلك في حالة مرضى السمنة الذين هم في أمس الحاجة للجوء إلى مثل هذه العلاجات لإنقاص وزنهم، قبل الوقوع فريسة لأمراض أخرى، بينما الأفراد الذين يعانون من زيادات يسيرة في الوزن فلا بد وأن يعتمدوا على قدراتهم الشخصية في التحكم في شهيتهم لإنقاص أوزانهم بشكل صحى وسليم.
ارتفاع ضغط الدم وهبوط مستويات السكر
التقت “مواطن” ببعض الحالات التي خاضت تجربة حقن وعقاقير التخسيس وعاشت أضرارها. “ع. م”، 30 عامًا، تقول: “بعد الإنجاب زاد وزني 20 كيلو جرامًا تقريبًا، وكنت أفشل في كل أنواع الحميات الغذائية التي أحاول الالتزام بها، مما ألحق بي ضررًا نفسيًا نتيجة وزني الزائد؛ فنصحتني صديقة لي بتجربة حقن التخسيس التي جرّبتها وأنقصت وزنها عشرة كيلو جرامات. بدأت بالفعل في استخدامها وفقدت بعض الكيلوجرامات، كانت تلك الحُقن تغلق شهيتي تمامًا، لكن عانيت نتيجتها من زيادة ضربات قلبي مع صداع شديد، كُنت أتجاهل تلك الأعراض التي أخبرتني صديقتي أنني سأعتاد عليها بعد فترة، لكني استيقظت في يوم بألم شديد في رأسي وأذني، لم توقفه المسكنات التي تناولتها، ثم فوجئت بنزيف دموي شديد من أنفي، ذهبت للمستشفى بضغط دم قياسه 210/130 وأنا أقارب مرحلة النزيف في المخ، كما أخبرني الطبيب ونصحني بالتوقف الفوري عن تناول تلك العقاقير واتباع حمية غذائية متزنة بديلًا عنها.
أما “م. م”، 25 عامًا فتروي تجربتها لـ”مواطن” فتقول: “لم أقو أبدًا على الاستمرار في أي حمية غذائية نتيجة ولعي الشديد بالطعام؛ ما جعلني طيلة الوقت أعاني من زيادة في الوزن، لجأت لطبيب وصف لي دواء يعمل على تقليل مستويات السكر في الدم، لم أجر أي تحاليل قبل البدء في استخدام هذا الدواء؛ ما سبب لي الإحساس بدوار كلما تناولته، حين أخبرت الطبيب فوجئنا بنتائج التحاليل تظهر هبوطًا حادًا في مستوى السكري في الدم؛ ما قد يؤدي لغيبوبة سكر لولا لطف الله بي؛ فتوقفت تمامًا عن تلك الأدوية؛ فالهدف من إنقاص الوزن هو اكتساب الصحة لا خسارتها.
يشير د. إسلام العيوطي، أخصائي تغذية؛ في حديثه لـ”مواطن” إلى لجوء البعض إلى تناول أدوية إنقاص الوزن بجانب النظام الغذائي، وذلك لتحفيز عملية الأيض أو حرق الدهون لديهم بشكل أسرع، وهو ما يسبب مخاطر عديدة؛ خاصة عند تناول هذه الأدوية دون استشارة الطبيب، مثل ارتفاع ضغط الدم بشكل حاد؛ ما قد يؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية والإسهال وفقدان كم كبير من السوائل الموجودة بالجسم، مما يؤدي إلى الإصابة بالجفاف، كما يؤدي الإفراط في تناول أدوية التخسيس إلى تلف الكلى والكبد وقد يؤدي إلى الوفاة، ولتجنب تلك الأضرار والعيش بصحة جيدة مع وزن مثالي لجسمك، يجب اتباع نصائح لفقدان الوزن بصورة طبيعية، كاتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية من كربوهيدرات وبروتينات ودهون نافعة، وأطعمة ذات ألياف عالية لازمة لصحة الجسم، وأيضًا ممارسة التمارين الرياضية بشكل دائم، مما يزيد عمليات الحرق دون اللجوء لأدوية إنقاص الوزن، وشرب الكثير من الماء والسوائل مما يمنع حدوث الجفاف في الجسم، كما يساعد على الشعور بالشبع لفترة أطول، والعديد من الفوائد الأخرى التي قد تجنبنا استخدام تلك الأدوية.
وأضاف العيوطي: “هناك الكثير من الأدوية المستخدمة للتخسيس، بعضها عقاقير كيماوية وبعضها مكملات غذائية طبيعية، وأضرار تلك الأدوية أكثر من فوائدها، لأن بعضها قد يؤدي إلى الإصابة بسرطان الغدة الدرقية والحصوات المرارية والكلوية والتهاب البنكرياس، كما أنه قد يسبب أفكارًا انتحارية واكتئابًا، ويمنع امتصاص الفيتامينات التي تذوب في الدهون، وتختلف أضرار أدوية التخسيس حسب نوعها والمادة الفعالة المكونة لها، قد لا يؤدي تناول دواء لإنقاص الوزن إلى فقدان الوزن في حد ذاته، لكن استخدام حبوب الحمية يمكن أن يساعد الشخص الذي يعاني من زيادة الوزن في البقاء على نظام غذائي، لأن جميع هذه الأدوية تعمل على فقد الشهية.
هوس بناء العضلات
“ب.م”، أخت ضحية من ضحايا تلك العقاقير، تحكي قصته لمواطن قائلة: “فقدت أخي بسبب عقاقير التخسيس وهوس بناء العضلات، لم يعان أخي من السمنة، كان وزنه زائدًا كيلوجرامات قليلة، لكنه كان يريد أن يصل إلى جسد “مثالي” تظهر فيه عضلات البطن والذراعين، وكان هو وأصحابه يتنافسون في ذلك؛ فبدأ يتناول عقاقير مختلفة، بعضها يعمل على التخلص من دهون الجسم، وبعضها يعمل على التخلص من الماء الزائد، ثم اتجه إلي الحقن التي تعمل على النفخ السريع للعضلات وكل هذه العقاقير كانت تحت إشراف مدرب الجيم، وكان يمارس مجهودًا بدنيًا كبيرًا في الجيم، ولا يأكل سوى قليل من البيض المسلوق وبعض الشوفان باللبن، وفي يوم ما حدثت المأساة التي لا أتمني أبدًا أن يعيشها أحد، كان أخي كعادته يمارس تمريناته في النادي الرياضي فسقط على الأرض وسط أصحابه فاقدًا الوعي، حاول أصحابه إفاقته ولكنهم فشلوا؛ فنقلوه إلى المستشفى وهناك أخبرهم الطبيب أنه قد مات إثر هبوط حاد في الدورة الدموية. لا أستطيع أن أصف كمّ الألم والحسرة في قلب أبي وأمي منذ خمس سنوات وحتى الآن، أخي شاب لم يكمل عامه الخامس والعشرين؛ فقد حياته بسبب هذه العقاقير وسوء استخدامها، وكل هذه الأدوية مازالت موجودة في الأسواق ويتم تداولها أيضًا في الجيم.
أساليب آمنة لإنقاص الوزن
يؤكد الأطباء والأخصائيون على أهمية توخي الحذر قبل اتخاذ قرار استخدام مثل هذه العقاقير، التي قد تعرض حياة مستخدميها للخطر، إذا لم يتبعوا الأساليب والقواعد العلمية السليمة، وهو ما أشارت له بسمة عبد النبي، أخصائية تغذية، في حديثها لـ”مواطن”، من أن السمنة هي مرض العصر، وقد يلجأ أغلب مصابي السمنة إلى الحلول السريعة لإنقاص أوزانهم، وأسرع الحلول التي يلجأون إليها هي أدوية إنقاص الوزن، وهناك أنواع مختلفة منها؛ فمنها الآمن وغير الآمن، وعادة ما يتم وصف الأدوية المعتمدة للأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة جسم (BMI) أعلى من 30%؛ خاصة إذا كانوا يعانون من أمراض أخرى مثل مرض السكري من النوع الثاني أو ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل المفاصل أو توقف التنفس أثناء النوم، والتي يمكن تخفيفها غالبًا عن طريق فقدان الوزن، مع الأخذ في الاعتبار أن استجابة الجسم تختلف من مريض إلى آخر.
لا يفضل استخدام حقن وأدوية إنقاص الوزن، ولكن يمكن اللجوء إليها كعامل محفز لإنقاص الوزن في المرحلة الأولى من العلاج، بجانب النظام الغذائي وممارسة الرياضة ويجب مراعاة نوع الدواء والتأكد من إجازته من منظمة الصحة العالمية WHO، ومنظمة الغذاء والدواء الأميركية FAO، مع مراعاة النوع والجرعة المناسبة التي يوصي بها الطبيب وأخصائي التغذية
تستطرد “عبد النبي” قائلة: “إذا ساعدك أحد الأدوية على خسارة 5٪ من وزنك في غضون بضعة أشهر دون آثار جانبية؛ فمن المحتمل أن ترغب في الاستمرار في استخدامه، لكن الأدوية أو العلاجات الكيميائية ليست بديلًا عن تغييرات نمط الحياة وممارسة الرياضة. وأشارت إلى أن الآليات التي تعمل بها أدوية إنقاص الوزن هي تقليل الشهية؛ ما يجعل المرء يشعر بالشبع أسرع؛ فيأكل طعامًا به سعرات حرارية أقل، بالإضافة إلى تقليل امتصاص العناصر الغذائية مثل الدهون، مما يجعل المرء يحرق المزيد من السعرات الحرارية، كما أن هناك بعض الأدوية تعمل على مستقبلات في المخ تتحكم في الشهية وتنقصها.
كما تنبه “عبد النبي” إلى وجود بعض علاجات السمنة مجهولة المصدر، وليس لها أي أساس علمي، وقد يكون لبعضها عواقب صحية خطرة؛ فقد تحتوي المادة الفعالة على “سيبوترامين” -والتي لا يُشار لها في مكونات المنتج- ولها أضرار جسيمة على من يتناولها دون المتابعة مع الطبيب.
ولا يفضل استخدام حقن وأدوية إنقاص الوزن، ولكن يمكن اللجوء إليها كعامل محفز لإنقاص الوزن في المرحلة الأولى من العلاج، بجانب النظام الغذائي وممارسة الرياضة، ويجب مراعاة نوع الدواء والتأكد من إجازته من منظمة الصحة العالمية WHO، ومنظمة الغذاء والدواء الأميركية FAO، مع مراعاة النوع والجرعة المناسبة التي يوصي بها الطبيب وأخصائي التغذية، ويفضل الاعتماد على الأساليب الطبيعية المساعدة في إنقاص الوزن مثل اتباع الأنظمة الغذائية الصحية وممارسة الرياضة وتنظيم مواعيد الوجبات.
ورأت د. ولاء صابر، أخصائي تغذية، أن مصابي السمنة في الآونة الأخيرة يلجؤون إلى حل سريع؛ هو استخدام أدوية إنقاص الوزن دون اللجوء إلى ممارسة الرياضة واتّباع نظام غذائي مناسب، ومع شيوع حقن التنحيف يلجأون إليها كأنها الحل السحري، لأنها تعطي نتائج سريعة دون الاهتمام بمخاطرها، والتي يمكن أن تؤدي إلى فشل كلوي أو خلل في هرمون الغدة الدرقية أو اكتئاب، ولذلك نصحت بتغيير العادات الغذائية غير الصحيحة، وممارسة الرياضة، وسوف يتم إنقاص الوزن بصورة صحيحة وتجنب المخاطر باكتساب عادات صحية جديدة تؤثر على الصحة والمجتمع بشكل عام.