في مجتمعات تقوم على الانتماء العائلي والهوية القبلية مثل دول الخليج، تشكّل قضية الأطفال مجهولي النسب، إحدى القضايا المسكوت عنها، رغم خطورتها الاجتماعية والحقوقية. فهؤلاء الأطفال يُحرمون من الجنسية، ويعانون من غياب الاعتراف القانوني، مما يجعلهم عرضة للحرمان من التعليم، والرعاية الصحية، وحتى فرص العمل لاحقًا، ذلك فضلًا عن هشاشة وضعهم الاجتماعي وتعرضهم للتمييز والتنمر بشكل مستمر.
واقع قاس
في أحد أحياء مدينة الرياض الراقية، كان فيصل (اسم مستعار لشاب ثلاثيني) يعمل بجد في إحدى الشركات الكبرى، مهندسًا موهوبًا يحلم بأن يصنع لنفسه اسمًا في مجاله، لم يكن أحد يعرف قصته الحقيقية؛ فقد نشأ في دار لرعاية الأيتام ومجهولي النسب، وعاش حياته محاولًا إخفاء ماضيه كي لا يكون عقبة أمام مستقبله.
منذ صغره، أدرك أن المجتمع لا يرحم، وأن مجرد سؤاله عن اسم عائلته قد يكون كفيلًا بأن يقلب حياته رأسًا على عقب، لم يكن لديه أب أو أم ليحمل اسمهما، وكان عليه أن يواجه الأسئلة المحرجة في كل مناسبة: “من أي قبيلة أنت؟”، “أين أهلك؟”، “لماذا لا تحمل اسمًا معروفًا؟”.
في السعودية، يتم تسجيل الأطفال مجهولي النسب وفق إجراءات نظامية تنظمها الجهات الحكومية لضمان حقوقهم المدنية والاجتماعية، مع توفير الرعاية اللازمة لهم. ويخضع تسجيلهم لنظام الأحوال المدنية ولوائح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
تُمنح للطفل هوية مدنية تشمل اسمًا ثلاثيًا رباعيًّا مختارًا، ويتم تسجيله بكنية “عامّة” لا تشير إلى نسب معين، كما يُمنح رقم سجل مدني ويصدر له شهادة ميلاد من الأحوال المدنية، دون الإشارة إلى أنه مجهول النسب.
حين أحبّ فيصل زميلته في العمل وأراد الارتباط بها، واجه الصدمة الكبرى. عائلتها رفضته فور علمهم بحقيقته. “أنت شخص محترم، لكننا لا يمكن أن نزوج ابنتنا لشخص مجهول النسب”، هكذا قال له والدها بحزم، وكأن مجهولي النسب ليسوا سوى ظل بلا مستقبل.
لم يرد فيصل أن يكون ضحية، لكنه وجد نفسه محاصرًا في دوامة لا نهاية لها. لقد اجتهد، ونجح، وصنع لنفسه اسمًا، لكنه لم يستطع تجاوز تلك الحواجز الخفية التي بناها المجتمع حوله، اليوم، يعيش فيصل وحيدًا، يقاوم إحساس العزلة، لكنه ما زال يتساءل: هل يمكن للإنسان أن يكون بلا ماضٍ في مجتمع لا يعترف إلا بالأنساب؟
ورغم الجهود الحكومية لتقديم رعاية اجتماعية للأطفال مجهولي النسب، إلا أن وضعهم القانوني ما زال غامضًا، مما يعرّضهم لانتهاكات حقوقية متكررة، تتراوح بين التمييز في المعاملة، وعدم منحهم حقوقًا مساوية للمواطنين، وصولًا إلى تعرض بعضهم للاستغلال.
قضية مُلحة
تؤكد هدى المحمود، عضو جمعية الاجتماعيين بالبحرين، أن قضية الأطفال مجهولي النسب تُعد من أهم القضايا المفصلية التي تواجه الأفراد والأسر والمجتمعات في دول الخليج.
وتقول لـ”مواطن” إن الحكومات الخليجية حاولت معالجة هذه الإشكالية من خلال تبني سياسات احتضان هؤلاء الأطفال باعتبارهم ضحايا، ومنحهم كافة الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية، بالإضافة إلى توفير الحماية لهم من التنمر والاستغلال.
ومن جهته يرى عبد الهادي السنافي أمين عام المنبر الديمقراطي الكويتي، أن قضية مجهولي النسب تُعدّ إحدى الإشكاليات الاجتماعية التي تواجهها المجتمعات في مختلف أنحاء العالم، والكويت ليست استثناءً.
يقول لـمواطن: “كما هو الحال في العديد من الدول، توجد في الكويت حالات فردية لمجهولي النسب، وهي ظاهرة ترتبط غالبًا بعوامل اجتماعية معقدة، منها العمالة الوافدة وظروف معينة أدت إلى نشوء هذه الفئة خارج إطار الزواج الشرعي”.
عداء مجتمعي
قصة ليان (اسم مستعار لفتاة عشرينية من الإمارات) ليست مختلفة كثيرًا، عندما كانت في العاشرة من عمرها، سألت والدتها بالتبني سؤالًا بريئًا: “أين أبي وأمي الحقيقيان؟”؛ كان السؤال كفيلًا بأن يحوّل حياة الفتاة إلى سلسلة من الحقائق الصادمة.
نشأت ليان في أسرة تبنّتها منذ كانت رضيعة، لكن الحقيقة لم تكن كما اعتقدت، لم تكن مجرد طفلة يتيمة؛ بل كانت ثمرة علاقة غير شرعية، وهو أمر في غاية الخطورة في مجتمعها الخليجي المحافظ، حين كبرت، أصبحت أكثر وعيًا بنظرات الناس، بالأسئلة غير المباشرة، بالرفض غير المعلن.
حاولت ليان أن تكون مثل أي فتاة أخرى، درست، تفوقت، وحققت أحلامها الصغيرة، لكنها لم تستطع تجاوز الحقيقة الكبرى: “أنا لا أنتمي”. أحبّت شابًا في الجامعة بصدق، لكنه عندما عرف قصتها ابتعد بصمت، لم يكن بحاجة لأن يشرح؛ فقد فهمت الرسالة جيدًا: لن يقبلها المجتمع.
اليوم، تعيش ليان حياة مزدوجة، تظهر للناس قوية ومتفائلة، لكنها تخفي في داخلها جرحًا عميقًا لا يندمل؛ في لحظات ضعفها، تتساءل: هل ستبقى دائمًا مجرد “خطأ” لا يغتفر في نظر المجتمع؟
وتنص القوانين في دولة الإمارات على احتضان هؤلاء الأطفال في دور الرعاية، ويتم منحهم جنسية الدولة في حالات استثنائية بقرار من رئيس الدولة، لكن هذا الأمر يظل محدودًا.
عاش “راشد” أيضًا حياة مريرة، يقول لنا: “كنت أعرف المصير، منذ ولادتنا تطلق علينا الدولة اسم “طفل الدولة”، عشت داخل إحدى دور الرعاية بالكويت بلا اسم، بلا نسب، بلا عائلة. حاولت لاحقًا الحصول على وظيفة؛ فاصطدم حلمي بواقع قاسٍ: “نحتاج إلى كفيل”، “يجب أن يكون لديك اسم عائلة”، “لا نعرف أصولك”.
رغم وجود قوانين في بعض الدول الخليجية تنظم وضع الأطفال مجهولي النسب، إلا أن هذه القوانين غالبًا ما تكون غير كافية أو غير مطبقة بشكل فعال، ما يترك هؤلاء الأطفال في حالة من الضياع القانوني.
بعد شهور من البحث واليأس، وجد نفسه في طريق آخر؛ حيث لم يكن أحد يسأل عن الاسم أو العائلة؛ بل فقط عن الولاء للشارع. انضم إلى مجموعة من الشباب الضائعين، وبدأت حياته تأخذ منحى خطرًا. دخل السجن لأول مرة بتهمة سرقة صغيرة، لكنه خرج منه محمّلًا بالغضب أكثر من الندم.
في لحظة صدق مع نفسه، وقف أمام المرآة وسأل: هل هذا ما كنت أحلم به؟ لم يكن الجواب صعبًا، لكنه كان يعرف أن المجتمع لن يمنحه فرصة ثانية بسهولة.
واليوم، يحاول راشد أن يبدأ من جديد، يعمل في وظيفة متواضعة، لكنه يدرك أن الماضي يطارده في كل خطوة. لا يريد أن يكون مجرد رقم آخر في إحصائيات المجهولين، لكنه يتساءل: هل يمكن لمن وُلد بلا هوية أن يصنع واحدة لنفسه؟
ورغم أن مجهولي النسب يتمتعون ببعض الحقوق في دولة الكويت، مثل الرعاية الصحية، إلا أن مسألة تجنيسهم تواجه عراقيل قانونية واجتماعية كبيرة.
وفي البحرين وقطر وعُمان، يتم منح هؤلاء الأطفال إقامة قانونية، لكن دون ضمانات واضحة للحصول على الجنسية، مما يجعل وضعهم غير مستقر.
أرقام صادمة
تعاني دول الخليج عمومًا من غياب إحصائيات رسمية دقيقة حول عدد الأطفال مجهولي النسب، لكن بعض التقارير الحقوقية والتقديرات غير الرسمية تشير إلى أرقام مقلقة:
في السعودية تقدّر أعداد الأطفال مجهولي النسب بعشرات الآلاف، وفقًا لتقارير غير رسمية، وتعد المملكة من أكثر الدول الخليجية التي تواجه هذه المشكلة، نظرًا لحجمها السكاني الكبير.
لا توجد أرقام محددة لأعداد مجهولي النسب في الإمارات، لكن يُعتقد أن العدد يتراوح بين مئات وآلاف الحالات؛ خصوصًا في ظل وجود جاليات أجنبية ضخمة قد تترك أبناءها مجهولي النسب لأسباب مختلفة.
وتتراوح التقديرات أن عددهم بدولة الكويت ما بين بين 2000 إلى 5000 طفل مجهول النسب، مع بقاء قضية تجنيسهم محل جدل قانوني مستمر.
وتعد البحرين، العدد أقل نسبيًا لكنه يظل قضية اجتماعية قائمة؛ حيث يواجه هؤلاء الأطفال صعوبات في الحصول على وضع قانوني واضح. أما في قطر وعُمان، ورغم عدم توفر إحصائيات واضحة، إلا أن هناك اعترافًا ضمنيًا بوجود المشكلة، مع محاولات لإيجاد حلول قانونية عبر منحهم إقامات دائمة، أو احتضانهم في مؤسسات الدولة.
مجهولو النسب بين التشرد والحرمان من الحقوق الأساسية
يواجه الأطفال مجهولو النسب في الخليج واقعًا صعبًا، نظرًا لغياب الاعتراف القانوني بهم، ما يحرمهم من أبسط حقوق الإنسان. وتشمل أبرز المشكلات التي يعانون منها؛ انعدام الهوية القانونية؛ إذ إن غالبية مجهولي النسب يواجهون صعوبات في استخراج وثائق رسمية، مثل شهادات الميلاد أو بطاقات الهوية، مما يعرّضهم لمشكلات قانونية طويلة الأمد.
إلى جانب ذلك تعتمد معظم دول الخليج نظام التجنيس القائم على النسب، وهو ما يجعل حصول مجهولي النسب على الجنسية أمرًا شبه مستحيل، إلا في حالات استثنائية وبتدخلات حكومية محدودة.
ورغم أن بعض الدول تتيح لمجهولي النسب التعليم في المدارس الحكومية، إلا أنهم يواجهون صعوبات في الانتقال إلى مراحل التعليم العالي بسبب غياب الوثائق الرسمية.
فضلًا عن ذلك، يعيش مجهولو النسب وصمة اجتماعية كبيرة في مجتمعات تعطي أهمية كبرى للهوية العائلية، مما يؤثر على فرصهم في الزواج، والتوظيف، والاندماج في المجتمع.
وضعهم القانوني: بين التعقيد والتجاهل الرسمي
رغم وجود قوانين في بعض الدول الخليجية تنظم وضع الأطفال مجهولي النسب، إلا أن هذه القوانين غالبًا ما تكون غير كافية أو غير مطبقة بشكل فعال، ما يترك هؤلاء الأطفال في حالة من الضياع القانوني.
يقول عبد الهادي السنافي في حديثه معنا؛ إنه رغم التحديات التي تواجه مجهولي النسب؛ فإن الحكومة الكويتية قامت على مدى عقود بعدة إجراءات تهدف إلى تحسين أوضاعهم الاجتماعية، وتوفير حياة كريمة لهم. فقد أتاحت لهم فرصة الحصول على التعليم المجاني، مما ساهم في تأهيلهم أكاديميًا ومهنيًا، ولم يقتصر الأمر على التعليم الأساسي؛ بل شمل أيضًا فرص التعليم العالي لتمكينهم من الاندماج الفاعل في المجتمع. كما يحصل مجهولو النسب على الرعاية الصحية المجانية، شأنهم شأن بقية المواطنين والمقيمين، لضمان حصولهم على الخدمات الطبية اللازمة وتحقيق مستوى معيشي لائق.
رغم الاعتراف بوجود مشكلة الأطفال مجهولي النسب في دول الخليج، إلا أن الحلول المتاحة ما زالت قاصرة عن ضمان حقوقهم بشكل عادل.
وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، تم سن قوانين تسهّل لمجهولي النسب دخول سوق العمل، كما يتم تقديم إعانات اجتماعية تساعدهم في مواجهة أعباء الحياة وتحقيق الاستقرار. أما فيما يخص منح الجنسية؛ فقد كانت الدولة تمنحها في بعض الحالات لمن يستوفون الشروط المحددة، إلا أن القانون الجديد للجنسية حرم هذه الفئة من هذا الحق، بعدما استغل البعض هذا القانون للتلاعب والاستفادة منه بطرق غير مشروعة. ومع ذلك؛ فإن منع الاستغلال لا يعني حرمان المستحقين من حقوقهم، وهنا لا بد من التوازن بين حماية الدولة من التلاعب، وضمان حقوق الفئات التي تنطبق عليها الشروط.
وعلى الجانب الاجتماعي، لعبت بعض الأسر الكويتية دورًا كبيرًا في احتضان مجهولي النسب، وتوفير بيئة أسرية حاضنة لهم، مما ساهم في اندماجهم مع أبناء المجتمع؛ سواء أكان بدافع إنساني أو ديني، مما يعكس قيم العطاء والتكافل الاجتماعي التي يتميز بها الشعب الكويتي.
ورغم هذه الجهود، ما زالت هناك تحديات تواجه مجهولي النسب، أبرزها الوصمة الاجتماعية التي تلاحقهم، والتمييز الذي قد يعانون منه في بعض الجوانب الحياتية، إلى جانب بعض الصعوبات القانونية التي تحول دون حصولهم على حقوق معينة. إن قضية مجهولي النسب في الكويت تتطلب مزيدًا من الوعي والتفهم من قبل المجتمع، واستمرار الجهود الحكومية لضمان اندماجهم الكامل، مع وضع تشريعات متوازنة تحقق العدالة وتحمي المجتمع من أي استغلال.
في حديثها معنا، تشير هدى المحمود، إلى أن قانون الأسر البديلة الذي يسمح باحتضان الأطفال مجهولي النسب لم يحقق نجاحًا كبيرًا بسبب تحديات قانونية ودينية واجتماعية، موضحة أن بعض الأسر وجدت حلولًا جزئية لهذه المشكلة عبر إرضاع الأطفال المحتضنين ليصبحوا إخوة لأبنائهم بالرضاعة، لكن تظل قضية النسب والإرث معضلة بلا حل، مما يؤدي إلى استمرار التمييز ضد هؤلاء الأطفال.
كذلك تؤكد أن المجتمع ما زال غير قادر على تقبل مجهولي النسب بشكل كامل؛ خاصة فيما يتعلق بالزواج؛ حيث يرفض العديد من العائلات تزويج أبنائهم أو بناتهم من مجهولي النسب، حتى وإن كانوا صالحين وناجحين. ومع ذلك، أشارت إلى أن هناك أسرًا استطاعت تجاوز هذه العقبات، واحتضنت هؤلاء الأطفال وخصصت لهم جزءًا من الميراث كهبة نظرًا لاستثنائهم قانونيًا من الإرث.
ترى المحمود أن المشكلة الأساسية لا تكمن في الحكومات التي قدمت الرعاية والدعم؛ بل في المجتمع الذي لا يساعد هؤلاء الأطفال على تجاوز وضعهم، مؤكدة أن عدم تقبل المجتمع لهم يزيد من معاناتهم ويحد من قدرتهم على التكيف.
وتقارن “المحمود” الوضع في الخليج مع الدول الغربية التي لا تواجه مشكلة في التبني، ما يسهل اندماج الأطفال مجهولي النسب في المجتمع بشكل كامل. وأضافت: “في دول الخليج، ليست المشكلة في القوانين وحدها؛ بل في التحديات الشرعية والاجتماعية التي تمنع نسب هؤلاء الأطفال للأسر التي تحتضنهم، مما يجعل اندماجهم مرهونًا بتقبل المجتمع لهم”.
يواجه الأطفال مجهولو النسب في الخليج عدة انتهاكات حقوقية تجعلهم من أكثر الفئات ضعفًا في المجتمع، ومن بين أبرز هذه الانتهاكات، التأخر في منح الأوراق الرسمية، مما يجعلهم في وضع قانوني هش لسنوات طويلة.
ويعاني هؤلاء التمييز في الخدمات الصحية والتعليمية؛ حيث يحصل بعضهم على خدمات دون المستوى مقارنة بالمواطنين، كما يواجهون التعرض للاستغلال في العمل؛ خصوصًا عندما يكبرون ويخرجون من دور الرعاية دون أي ضمانات قانونية أو اجتماعية.
كيف تعاملت الحكومات الخليجية مع الأزمة؟
رغم أن بعض الحكومات الخليجية بدأت في اتخاذ خطوات لمعالجة أزمة الأطفال مجهولي النسب، إلا أن هذه الجهود ما زالت محدودة، منها مثلًا، إنشاء دور رعاية حكومية توفر لهم المأوى والتعليم الأساسي، لكن دون حلول دائمة لمشكلاتهم القانونية، وإتاحة التعليم المجاني في بعض الدول مثل السعودية والإمارات، وإن كان لا يشمل جميع المراحل التعليمية، ومنح بعض الحالات جنسية الدولة كما حدث في الإمارات مؤخرًا، لكن هذه الحالات تظل استثنائية ونادرة، وتشجيع التبني وفق الشريعة الإسلامية كبديل لتوفير بيئة أسرية مستقرة لهم.
وتقول هدى المحمود في حديثها مع “مواطن” إن دول الخليج سنت تشريعات وقوانين لحفظ الحقوق القانونية للأطفال مجهولي النسب، بما في ذلك منحهم جنسية الدولة التي ينتمون إليها في حال التأكد من عدم وجود والدين لهم، وتوفير مرشدين اجتماعيين يساعدونهم على التكيف مع المجتمع. وأضافت: “بعض هؤلاء الأطفال ينجحون في حياتهم رغم التحديات، بينما يعاني البعض الآخر من مشكلات نفسية؛ مثل الإدمان والاكتئاب بسبب عدم امتلاكهم هوية أسرية واضحة في مجتمعات تقليدية تعطي أهمية كبيرة للنسب والعائلة”.
ختامًا.. رغم الاعتراف بوجود مشكلة الأطفال مجهولي النسب في دول الخليج، إلا أن الحلول المتاحة ما زالت قاصرة عن ضمان حقوقهم بشكل عادل. إن معالجة هذه القضية تتطلب إرادة سياسية واضحة لإقرار قوانين تضمن حصولهم على الهوية والجنسية، وإعادة دمجهم في المجتمع دون تمييز. فتركهم في حالة ضياع قانوني واجتماعي، لا يهدد مستقبلهم فحسب؛ بل يشكل خطرًا على استقرار المجتمعات الخليجية على المدى الطويل.