استضافت مواطن كافيه في ندوة “تحديات الإصلاح والعقل العربي”، د. عمار علي حسن، الخبير الاجتماعي والسياسي. أدار الندوة، الكاتب والباحث سامح عسكر، ومنذ البداية سجل “عمار” اعتراضه على فكرة وجود ما يُسمى “العقل العربي”؛ إذ لا يؤمن بوجود تقسيمات عقلية مثل “عقل عربي” و”عقل هندي” وغيرهما؛ فالتفكير البشري واحد، والعقل الإنساني الذي أبدع الحضارة لم يفعل ذلك في بقعة واحدة؛ بل تبلورت معالم الحضارة في أماكن متعددة حول العالم.
وعند سؤاله عمّا إذا كان هذا الطرح يخدم العولمة، أوضح أن لكل عقل خصوصيته، ولا يوجد عقل يشابه الآخر بنسبة 100%، كما أن العقل العربي له مميزاته وعيوبه، لكن هذه السمات تعمل في إطار تكاملي مع العقول الأخرى.
وقال إن الأدب في الحضارة الغربية سبق الفلسفة، لأن الأدب ينقل الفعل والخيال البشري عبر تجارب مختلفة، مما يُهيئ الذهن لاستقبال الفلسفة وفهم التفكير العميق. ويعني هذا أن الأدب شرط أساسي للتفكير العميق في أي مجتمع، كما أنه يُشكل بوابة سهلة وفعالة لتقريب الفكر العميق إلى المجتمع دون تعقيدات الفلسفة.
وفيما يتعلق بالإصلاح، يرى الدكتور أن هناك مسارين: إذا كان الإصلاح يتطلب تجاوز المراحل التاريخية بسرعة، فهو يبدأ بالسياسة. أما الإصلاح التدريجي، فيبدأ بالدين، لأنه يحتاج إلى فترة زمنية طويلة تحترم قانون التغير الإنساني عبر الزمن.
كما أكد أن الناقد يجب أن يتحلى بالانفتاح والموضوعية والفهم، بينما يجب على من يُنتقد أن يتحلى بالتسامح وسعة الصدر وتقبل النقد. أما فيما يخص الفلسفة الإغريقية؛ فيشير إلى أن السعادة كانت قيمة أساسية فيها، ولا غنى عنها في أي مجتمع يسعى إلى الإصلاح. وفرّق الدكتور بين “التعليم” و”التعاليم”، موضحًا أن التعليم يعني تدريس العلوم دون وصاية أو قهر، بينما في السياق العربي، تسود التعاليم التي يفرضها المعلمون بأسلوب وصائي استبدادي، يتجاهل حرية التلاميذ وعقولهم وقدراتهم على الاستيعاب.
وصرّح بانتصاره لفكرة التأويل على الفهم الظاهري للنصوص، لأن التأويل يمنح النص قدرة على التفاعل مع الحياة المتجددة، ويخدم فكرة التعددية الدينية والسياسية وغيرها. لكنه في الوقت ذاته، يرفض التأويل المفرط الذي يُحمّل النصوص معاني لا تحتملها.
وفي حديثه عن حسن حنفي، أوضح أنه يقوم على ثلاثة مواقف رئيسية:
الأول، نقد التراث القديم وتقديمه بصورة عقلانية مع الحفاظ على أصالته.
الثاني، نقد التراث الغربي، لا سيما استعلاءه واستعماره، مع الاعتراف بمنجزاته ضمن سياق التطور البشري.
والثالث، تقديم النص الديني بصورة متلائمة مع الواقع، دون أن تتصادم معه. كما يرى أنه لا توجد وظائف عُليا وأخرى دُنيا، بل هناك تكامل وظيفي بين الناس في مختلف المستويات والرتب، مما يعني أن البشر يتكاملون فيما بينهم، ولا يتفاضلون في القيمة الإنسانية.أما الديمقراطية، فيؤكد أنها ليست مجرد آلية انتخابية؛ بل تحتاج إلى سياق اجتماعي يحميها وقيمٍ يقتنع بها الناس.
واختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة أن يجتمع علماء الأمة ومثقفوها في مؤتمرات علمية متخصصة لتجديد الخطاب الديني، مُشدّدًا على أن هذه المهمة لا يجب أن تُلقى على عاتق العامة؛ بل هي مسؤولية العلماء والمثقفين، لأنهم الأقدر على فهمها وتقديمها كمشروع تغييري حقيقي.