لا يقتصر الدور الأميركي في لبنان على دوره الظاهر في الإشراف على تطبيق القرار 1701 عبر “اللجنة الخماسية”، الذي أعقب الحرب الاسرائيلية الأخيرة؛ بل يمتد إلى عمق الحياة السياسية والاقتصادية في هذا البلد الصغير ذي الموقع الجيوسياسي الحساس؛ فبينما ينص القرار الدولي على ضرورة بسط الدولة اللبنانية سلطتها الحصرية جنوب نهر الليطاني، تتولى الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في ضمان هذا التوجه، انطلاقًا من حرصها المعلن على استقرار الحدود الشمالية لحليفتها في المنطقة، إسرائيل.
يُترجم هذا الاهتمام الأميركي من خلال وجود واحدة من أكبر سفاراتها في الشرق الأوسط على الأراضي اللبنانية، مما يعكس حجم الانخراط السياسي والدبلوماسي في الشأن الداخلي اللبناني. لا ينفصل هذا الحضور عن أولويات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، والتي تضع تقليص النفوذ الإيراني على رأس أولوياتها، وهو ما يجعل من لبنان ساحة مفتوحة لصراع النفوذ؛ خاصة في ظلّ وجود حزب الله كلاعب إقليمي فاعل.
وعليه، تتنوّع أدوات السياسة الأميركية في لبنان بين دعم مؤسسات الدولة، وخصوصًا الجيش اللبناني، ومحاولات التأثير على الرأي العام اللبناني عبر أدوات اقتصادية وإعلامية، بهدف خلق بيئة محلية أكثر انسجامًا مع مقاربات واشنطن الإقليمية، وتهيئة المناخ لإنهاء الملف الإيراني من الخاصرة اللبنانية، دون إشعال مواجهة مباشرة.
تاريخ المساعدات الأمريكية إلى لبنان
منذ اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، شكّلت الولايات المتحدة أحد أبرز المانحين الدوليين للبنان، وفي مرحلة ما بعد الحرب، وتحديدًا عام 1993، أعادت واشنطن تفعيل برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي (IMET)، بهدف دعم قدرات الجيش اللبناني وتعزيز المؤسسات الأمنية الرسمية. وبعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري في 2005 وما تبعه من تحولات سياسية وأمنية، زادت الولايات المتحدة من دعمها للبنان، معتبرة ذلك جزءًا من استراتيجيتها لتعزيز دور الدولة اللبنانية في مواجهة التدخلات الإقليمية. وبعد الحرب الإسرائيلية في العام 2006، ازداد حجم المساعدات الأميركية للبنان، وقد توزعت بين الدعم العسكري، والتنمية الاقتصادية، والإغاثة الإنسانية، إضافة إلى برامج إصلاحية في قطاعات التعليم.
في نهاية عام 2024، أكدت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في لبنان، جولي ساوثفيلد، التزام بلادها المستمر تجاه لبنان، قائلة: “الرحلة مع شعب لبنان لم تنتهِ بعد، وما زال أمامنا الكثير في عام 2025. مع استمرار التضامن والشراكة الأميركية، سيستمر صمود لبنان، وتواصل USAID التزامها بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني في مساعيه لإعادة بناء وطنه واستعادة أحلامه، والتطلع نحو مستقبل مليء بالأمل المتجدد“.
فوفقًا لموقع foreignassistance.gov، بلغ حجم الدعم الأميركي للبنان في عام 2024 وحده نحو 220 مليون دولار، توزّع على قطاعات حيوية كالكهرباء والمياه والطاقة المتجددة، ومحطات التكرير، والتنمية الريفية والقطاع التعليمي، ناهيك عن الدعم العسكري المباشر للجيش اللبناني.
مع قرار التجميد، وجدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) نفسها أمام أزمة تمويل غير مسبوقة، انعكست بشكل مباشر على قدرتها في مواصلة برامج إنسانية كانت تشكل طوق نجاة لآلاف الأطفال والعائلات في لبنان
غير أن هذه الأجواء الإيجابية اصطدمت بواقع أكثر اضطرابًا؛ خاصة بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتجميد جزء كبير من المساعدات الأميركية إلى لبنان، وهو قرار ألقت تداعياته بظلال ثقيلة على أكثر من ألفي عائلة لبنانية؛ فضلًا عن آلاف العاملين في مشاريع مموّلة من الوكالة الأميركية، الذين تلقوا إشعارات بإلغاء عقودهم دون سابق إنذار؛ الأمر الذي ولّد حالة من القلق الواسع داخل المنظمات المحلية والدولية.
برزت الفئات الأكثر تضررًا في قطاعي التعليم والزراعة، إضافة إلى البرامج الدولية العاملة في لبنان؛ مثل اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي. وقد لاحظنا من خلال التواصل مع المسؤولين في بعض من هذه البرامج ارتباكًا واضحًا وتحفّظًا على الإدلاء بأية تصريحات تتجاوز ما نُشر في وسائل الإعلام، مما يعكس حالة من الترقب والحذر داخل هذه المؤسسات.
في القطاع الزراعي، شكّلت السنوات العشر الماضية مرحلة استثمار كثيف من جانب USAID، بلغت خلاله قيمة المساعدات أكثر من 80 مليون دولار؛ ما ساعد في تحسين دخل أكثر من 40 ألف أسرة ريفية، وتحفيز استثمارات خاصة تخطّت 40 مليون دولار، ومبيعات فاقت 170 مليون دولار، إضافة إلى دعم أكثر من 35 ألف مؤسسة في خدمات تطوير الأعمال، وبرامج أمن غذائي استفادت منها نحو 19 ألف أسرة. ويهدد تجميد هذه المشاريع بحرمان آلاف العائلات من مصادر دخلها الأساسية.
أما على صعيد التعليم؛ فقد أدّى توقف مشروع “كتابي” –أحد أبرز مشاريع الوكالة الأميركية بتمويل بلغ 97 مليون دولار– إلى إنهاء عقود قرابة 100 موظف. وفي الجامعات الخاصة، يواجه أكثر من 16 ألف طالب لبناني في مؤسسات مثل الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، والجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، وجامعة سيدة اللويزة، مصيرًا دراسيًا غامضًا بعد توقّف منحهم الدراسية بشكل مفاجئ. وقد أعرب عدد من هؤلاء الطلاب عن قلقهم من عدم قدرتهم على استكمال تعليمهم، إلا أنهم فضّلوا عدم الكشف عن هوياتهم خشية فقدان فرص تعليمية مستقبلية.
مع قرار التجميد، وجدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) نفسها أمام أزمة تمويل غير مسبوقة، انعكست بشكل مباشر على قدرتها في مواصلة برامج إنسانية كانت تشكل طوق نجاة لآلاف الأطفال والعائلات في لبنان، ووفق ما ورد في تقريرها في مطلع العام؛ فإن الخطورة لا تكمن فقط في تراجع التمويل؛ بل في توقيت القرار، الذي جاء متزامنًا مع واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخ لبنان؛ حيث تجاوزت معدلات الفقر والبطالة عتبة التحمل، وبات نحو 80% من الأسر بحاجة إلى دعم إنساني عاجل.
مواضيع ذات صلة
في سنة 2019، قدمت الولايات المتحدة 218 مليون دولار كمساعدات عسكرية، بما في ذلك 105 ملايين دولار في التمويل العسكري الأجنبي، و 3 ملايين دولار في برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي الخاص بحكومة الولايات المتحدة، و 110 ملايين دولار على شكل تمويل مفوّض من وزارة الدفاع علاوة على ذلك؛ فإن أكثر من 80٪ من ترسانة معدات الجيش اللبناني تأتي من الحكومة الأمريكية، تتراوح من البنادق وقاذفات القنابل إلى الدبابات والطائرات المسيّرة، في حين تم تدريب ما مجموعه أكثر من 32,000 جندي من الجيش اللبناني من قبل الولايات المتحدة.
فيما لم نحصل على معلومات حول تأثير تجميد المساعدات أو ايقافها على خطط ومشاريع برنامج الغذاء العالمي في لبنان.
الاستثناء الأمريكي للجيش اللبناني
تُعدّ الولايات المتحدة الشريك الرئيسي في قطاع الأمن للبنان، يليها الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حجبت مؤقتًا أكثر من 105 ملايين دولار من المساعدات الأمنية في عام 2019، إلا أنه تم استئناف التمويل، وما زال الجيش اللبناني يستفيد من المساعدات الكبيرة التي تقدمها الولايات المتحدة .
يرتكز هذا الدعم الأمريكي على تدريبات مشتركة متقدمة؛ أبرزها تمرين “Resolute Union”، الذي يُعد منصة رئيسية لتبادل الخبرات والتنسيق العملياتي. وتشير تقارير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إلى أن الولايات المتحدة تسعى من خلال هذا التعاون إلى بناء جيش لبناني “مستقل وموثوق”، يفرض توازنًا مع النفوذ المسلح لحزب الله، ويعزز من قدرة الدولة اللبنانية على ضبط الأمن والسيادة.
وبالتالي فإنّ استثناء الادارة الأمريكية للجيش اللبناني وتقديم حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليون دولار أمريكي، يطرح تساؤلات حول دوافع هذا القرار.
المساعدات في سبيل تحقيق الأجندات الخارجية
تعتبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) من أبرز الجهات الفاعلة في لبنان، نظرًا لحجم برامجها وتنوّع أنشطتها في مجالات حيوية تشمل التعليم، الصحة، البنى التحتية، والزراعة. ومع ذلك، يثير دور الوكالة تساؤلات جدّية تتعلّق بطبيعة ارتباطها بالسياسات الأميركية، لأنها تعتمد بشكل مباشر على تمويلات يُقرّها الكونغرس الأميركي؛ ما يجعل أنشطتها في الخارج، بشكل أو بآخر، انعكاسًا للسياسات والمواقف الرسمية للولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، كثيرًا ما تُتهم الوكالة بأنها تربط دعمها للمنظمات غير الحكومية بمعايير تتجاوز العمل الإنساني الصرف؛ خصوصًا في مناطق كلبنان والشرق الأوسطً؛ حيث تتداخل الجوانب الإغاثية مع مصالح جيوسياسية معقدة.
وقد أعربت جهات حقوقية ومراكز أبحاث مستقلة عن مخاوف من استخدام المساعدات الإنسانية في تعزيز روايات سياسية تخدم مصالح الدولة المانحة، وهو ما يضع مبادئ العمل الإنساني على المحك. كما أن ربط أي شكل من أشكال المساعدة بمحاور دعوية دينية أو أيديولوجية سياسية، يُعد من الموضوعات الأكثر إثارة للجدل، لما يمثله من احتمال استغلال احتياجات الفئات المهمشة لتمرير أجندات لا تعبّر عن خياراتها الحرة.
هذا ما توافق عليه باحثة العلوم السياسية الفرنسية Solen Lietaret بجامعة السوربون بباريس؛ حيث قالت: “لفهم الدور الأميركي في الخارج، لا يمكن تجاهل أبعاد السياسة الداخلية للولايات المتحدة نفسها؛ فعلى سبيل المثال، يتوجب النظر إلى تأثير اللوبي الصهيوني، وخصوصًا لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (AIPAC)، لفهم الكثير من السياسات الأميركية تجاه دول المنطقة.
وتضيف “ليتارت” في مقابلة خاصة مع “مواطن”: “عندما نتناول المساعدات الخارجية الأميركية، نجد أن الخطاب الرسمي غالبًا ما يتحدث عن دعم حقوق الإنسان وتمكين المرأة، لكن الواقع يكشف أن تلك المساعدات نادرًا ما تكون “محايدة” أو “خالية من المصالح”.
وتؤكد “ليتارت” لـ “مواطن” أنّه “في منطقة الشرق الأوسط تحديدًا، تُوظّف المساعدات كأداة استراتيجية لخدمة أولويات السياسة الخارجية الأميركية، وفي مقدمتها ضمان أمن واستقرار إسرائيل. ولهذا تحظى دول عديدة بنصيب كبير من الدعم الأميركي، ليس فقط لأسباب تنمويةً؛ بل لأن أي انهيار للاستقرار في دولة مجاورة لإسرائيل قد يحوّلها إلى منصة لصراع أيديولوجي أو عسكري ضد الكيان الإسرائيلي، وهو ما تسعى واشنطن إلى تجنبه من خلال سياسات الدعم المشروط التي تنتهجها”.
شروط الدعم: مواجهة حزب الله؟
منذ انهيار الاقتصاد اللبناني عام 2019، كانت المساعدات الأميركية –لا سيما العسكرية والإنسانية، ولاسيما تلك المخصصة للجيش اللبناني– شريان حياة أساسي له، بالإضافة إلى العديد من القطاعات الأخرى، ومع ذلك، يستمر النقاش حول حقيقة الأهداف الكامنة وراء استمرار المساعدات؛ فعلى الرغم من التصريحات الرسمية التي تُشدد على أهمية “تعزيز سيادة الدولة اللبنانية” و”حصر السلاح بيد الجيش”، إلا أن مراقبين يرون أن هذه المساعدات قد تكون مشروطة ضمنيًا بتقليص نفوذ حزب الله.
وحسب ما ينقله موقع السفارة الأميركية في بيروت؛ فإن الدعم المقدم للبنان يعكس “حرص الولايات المتحدة على تنمية دولة ذات سيادة، مستقرة، مزدهرة وديمقراطية”. لكن في المقابل، يدرك عدد كبير من اللبنانيين أن البعد الجيوسياسي، وخصوصًا مواجهة حزب الله، هو المحرك الأبرز لهذه السياسات.
استطلاع للرأي أجراه البـارومتر العربي عام 2018-2019 أظهر أن 47% من اللبنانيين يرون أن الدافع الحقيقي للمساعدات الغربية هو كسب النفوذ السياسي، مقابل 18% فقط اعتقدوا أن الهدف هو تعزيز التنمية الاقتصادية، و12% اعتقدوا أنه تحسين لحياة المواطنين أو تحقيق الاستقرار الداخلي.
وفي هذا السياق، صرّحت الولايات المتحدة عبر بعثتها لدى الأمم المتحدة أنها خصّصت منذ عام 2006 أكثر من 500 مليون دولار عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية (MEPI) لمواجهة نفوذ حزب الله، من خلال دعم أكثر من 700 شخصية ومؤسسة لبنانية، بهدف “خلق بدائل للتطرف في أوساط الشباب”. وتشير تقارير إلى أن هذا المبلغ يُضاف إليه 780 مليون دولار أخرى كمساهمات غير مباشرة في الحملات الانتخابية؛ ما يرفع إجمالي التمويل إلى أكثر من 1.2 مليار دولار خلال 18 عامًا.
وفيما يشبه سياسة “الانتقاء الحذر”، تخضع طلبات المتقدمين إلى برامج USAID لـعملية تدقيق صارمة تُعرف بـ”فحص التوظيف الإرهابي” (Terrorist Recruitment Vetting)؛ حيث تُراجع الوكالة خلفيات المرشحين للتأكد من أنهم لا يُظهرون تعاطفًا مع حزب الله أو أي جهة مصنّفة إرهابية. وفي إحدى الحالات، ورد أن مسؤولًا في USAID طلب تقييم موقف مرشحة شابة أبدت تعاطفًا مع حزب الله، لتحديد ما إذا كان ينبغي استبعادها من البرنامج.
الفائدة الأساسية من استمرار الدعم المحدود للجيش اللبناني –مقارنةً بالدعم المفتوح الذي تقدمه أمريكا لإسرائيل هو إبقاء القوة العسكرية الرسمية اللبنانية قادرة على ضبط الحدود دون منحها إمكانات كاملة قد تؤدي إلى توازن معادٍ للمصلحة الإسرائيلية.
دفعت هذه الإجراءات العديد من المنظمات الإنسانية المحلية لرفض الحصول على أي دعم من الوكالة الأمريكية، نظرًا لتحالفها العميق وحمايتها لمصالح إسرائيل، وبتصريح خاص لمواطن من مدير أهم المؤسسات اللبنانية العاملة في المجال الإنساني منذ الحرب الأهلية، والذي رفض الإفصاح عن هويته، محاولة لحماية المؤسسة من مخاطر تقليل الدعم أو قطعه: فإن “رفض المساعدات الأمريكية مرتبط بشكل مباشر بالموقف من القضية الفلسطينية، وهو الأمر الذي لا يمكن التخلّي عنه وخصوصًا بعد حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني”.
موقف حزب الله من الدعم الأمريكي
يرى حزب الله أن الدعم الأمريكي للبنان يُمثل محاولة لفرض الهيمنة الغربية على القرار السيادي اللبناني؛ فحسب بعض النواب فقد كانت الولايات المتحدة تقدم مساعدات عسكرية للجيش اللبناني، وصلت إلى 150 مليون دولار عام 2016، ولكن بعد فوز حزب الله وحلفائه في الانتخابات البرلمانية التي مهدت لتشكيل حكومة سعد الحريري، قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في موازنة عام 2019 تقليص هذه المساعدات بشكل ملحوظ، لتقتصر على 50 مليون دولار فقط، وهو ما فُسر من قبل البعض على أنه إشارة واضحة إلى تراجع الالتزام الأمريكي بدعم لبنان بسبب نفوذ حزب الله داخل الحكومة.
في الفترة الراهنة، تُكرر الولايات المتحدة دعوتها على لسان مسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع وعبر مبعوثتها المباشرة إلى لبنان مورغان أورتاغوس، إلى حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتدعو إلى تقليص نفوذ حزب الله كجزء من أية استراتيجية لإعادة الاستقرار لتضع علاقة الجيش مع حزب الله تحت المجهر، وسط توازن دقيق تحكمه الحسابات الداخلية والضغوط الخارجية.
يبدو جليًا أن تجميد واشنطن دعمها لعدد من الدول، واستمرارها في تمويل الجيش اللبناني، مستندة إلى مبدأ الرئيس ترامب، بأن كل دولار تدفعه أميركا يجب أن يعود عليها بالفائدة. فإن الفائدة الأساسية من استمرار هذا الدعم المحدود للجيش اللبناني –مقارنةً بالدعم المفتوح الذي تقدمه لإسرائيل لمواجهة حزب الله–، تكمن في إبقاء القوة العسكرية الرسمية اللبنانية قادرة على ضبط الحدود دون منحها إمكانات كاملة قد تؤدي إلى توازن معادٍ للمصلحة الإسرائيلية. بهذا الأسلوب، تضمن الولايات المتحدة تقييد الجيش اللبناني عسكريًا بعدم تسليحه بما يضمن حماية حليفها الاستراتيجي الأهم في المنطقة.