تبعد قرية عرسال عن بيروت 122 كيلو مترا شمال غرب البقاع اللبناني ولبنان، وهي على الحدود الموازية لسوريا لمسافة تزيد عن 50 كيلو مترا، تقابلها في الاتجاه الاخر من سوريا، ريف دمشق والنبك والقلمون والقصير وحمص، ويتوافد عليها اعداد هائلة من اللاجئين السوريين، وخاصة مع اشتداد المعارك في الضفة الاخرى من سوريا، بين الثوار والنظام، ومنطقة البقاع هي سهل كبير منبسط يمتد لمسافات طويلة من جنوب لبنان الى شمالها، ويرتفع عن مستوى سطح البحر بما يقارب الالفين متر، وتنخفض درجات الحرارة فيه لتصل الى اقل من 10 تحت الصفر، ويعيش اللاجئين السوريين، في هذه المناطق الحدودية وغيرها، مثل بيروت وطرابلس وعكار في شمال لبنان، ومدن وارياف حياة صعبة للغاية، ورغم اعلان وزير السياحة العمل اللبناني عن وجود مليوني لاجئ سوري في لبنان، الا انه لا الحكومة اللبنانية، ولا اي حكومة من العالم العربي والاسلامي والدولي، ولا منظمات اغاثية دولية، يوجد لها اثر واضح في لبنان، حيث يقوم اتحاد الجمعيات الاغاثية لمساعدة الاشعب السوري بلبنان (الاغاثية)، بالدور المحوري، في تنظيم دخول اللاجئين وتسجيلهم وتوفير المستلزمات الاساسية لهم لحين استقرارهم، ومع ذلك فان الجهد الذي يبذله الاتحاد، نقطة في بحر سيل اللاجئين الهادر، واحتياجاتهم الانسانية الاساسية، من توفير سكن امن وغذاء وعلاج وغاز وتدفئة والخدمات التعليمية والتوعوية وغيرها.
ورغم الامكانات الهائلة التي تمتلكها الدول العربية والاسلامية، على مستوى الافراد والتجار والشركات والمؤسسات التطوعية والخيرية والدول، الا ان تأثير ذلك على واقع اللاجئين السوريين، لا يكاد يذكر، فعدد الخيام محدود جدا، وهناك الاف الاسر التي تنام في الطرقات والاماكن المهجورة، دون مأوى او غذاء او دواء، وهناك الاسر التي تلتقط غذائها من صناديق القمامة، وهناك العديد من المصابين، ومنهم المصابين بحروق بغازات سامة، يرقدون في مراكز الايواء دون علاج لشهور، ، وهناك الاطفال الذين لا يجدون فصول التعليم، وهناك النساء المعنفات ( المغتصبات)، الذين لم يجدن ما يلتفت الى حالتهن النفسية.
ولقد انجزت المبادرة الاهلية العمانية للإغاثة، وبمجهودات اهلية، انشاء اكبر مخيم للاجئين السوريين بلبنان، حيث بدأ انشاء 250 خيمة في قرية عرسال بالبقاع، مجهزة بالكامل بالتدفئة والغذاء لمدة ثلاثة اشهر، وبها مركز صحي ومصلى، كما تم افتتاح اول مركز صحي للاجئين السورين ببيروت والذي هو من اعمال المبادرة ايضا، كما تم توزيع المبالغ النقدية والغاز والغذاء على العديد من اللاجئين السوريين في مواقع شتى من لبنان، والمبادرة مستمرة في توفير الاعاشة للاجئين في المخيم بعرسال، وتشغيل المركز الصحي ببيروت، وهي بصدد انشاء مركز صحي نفسي للمعنفات، كما انها بصدد انشاء مراكز ايواء ومخيمات اخرى للاجئين بلبنان، اذا ما توفرت الامكانات المادية والدعم من اهل الخير.
واجبنا كمسلمين في كل مكان، ان نقف موقف انساني، مع الشعب السوري، الذي فقد ابسط حقوقه الانسانية، واصابة ما اصابة من بلاء، فدمرت مدنه بالكامل، وقتل بأبشع انواع الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة، وعذب اعداد كبيرة منه، باشنع وسائل التعذيب، وفي هذا الوقت الحرج والازمة الطاحنة لهذا الشعب الابي الصامد، يتطلب منا بذل كل جهد ممكن، لإيواء وكفالة اسرة، او علاج مريض، او دعم مشفى او مدرسة او مركز اجتماعي، وهؤلاء الاخوة الاعزاء في امس الحاجة الى الدعاء من قلوبكم النقية، والى مد اياديكم السخية، في هذه المحنة التي تشهد، نكران العالم اجمع لحقوق هذا الشعب الباسل الصبور، وحقه في العيش بكرامة وحرية، ومد يد العون اليه.