ازدادت نسب العاملين الوافدين في القطاع الخاص خلال السنوات القليلة الماضية حسب احصائيات حكومية ودراسات تحذيرية حول هذا الشأن، وتشير دراسات إلى أن العمالة الوافدة في هذا القطاع تشكل ما نسبته 89.1 % ( بحسب المركز الوطني للإحصاء)، وفي المقابل ما يقارب 44.3 % هم من العمانيين العاملين في القطاع الخاص.
أجور متدنية للعمانيين في القطاع الخاصيقول مسلم المهري أن القطاع الخاص يميل إلى عدم توفير مميزات أو حوافز في الراتب مثلا للعمانيين العاملين بالشركات في القطاع الخاص؛ فمثلا يحصل خريجي شهادة الدبلوم العام على ما يقارب 400 إلى 450 ريال عماني، وهذا الراتب غير كاف للمواطن العماني في ظل متطلبات الحياة المعيشية – حسب رأيه-. ويضيف: ” يركز القطاع الخاص على الإنتاجية بشكل أكبر من الموارد البشرية ذاتها، وكل ذلك يعتمد على عدد ساعات العمل وصعوبة التكيف مع بيئة العمل المختلفة”.
وتقول أمل الحارثية “سبق وأن عمل الشاب العماني في محطات البترول، ولم يستمر فيها بسبب ضعف الراتب، والوظيفة كانت غير لائقة خصوصا لأصحاب الدبلوم العام، ومعظم الشباب توجههم ورغبتهم نحو الوظيفة الحكومية. أنا أرى أن الشاب لا يقبل بأي وظيفة؛ ولهذا نرى أن أعداد كبيرة من الشباب هم عاطلين عن العمل خصوصا في السنوات الأخيرة، حيث يوجد خريجين من الدبلوم العالي والبكالوريوس لا يقبلون بوظيفة أقل من مستواهم التعليمي”.
ينتهي وجود العمالة الوافدة بانتهاء المشاريع
وعن الخطط الجادة لإحالة العمالة الوافدة واستبدالها بالعمالة العمانية؛ تقول ليلى السلامية: “في ظل زيادة عدد المشاريع التنموية الاستراتيجية للبنية التحتية للدولة، تطلب ذلك استقطاب حوالي مليون عامل تقريبا ينتهي وجودهم بانتهاء المشاريع، وكل ذلك يعتمد على نوعية العمالة المستقطبة وخبراتهم ونوعية الوظائف، وهل الوظائف تتناسب مع مخرجات التعليم ومع الخريجين ومؤهلاتهم، وهل العمالة تخدم فقط وظائف الخدمات العامة أم التخصصية أيضا؟”.
حميد الحسني يقول: “إن الوافدين لا يملكون مؤهل جامعي، ولكن يملكون القدرة والمهارات العالية في النصب والاحتيال واختلاس الأموال؛ لهذا يتم توظيفهم في المراكز القيادية بالشركات، والقرار ليس بيد أصحاب الأعمال إنما من يمثل أصحاب الأعمال وعلى رأسهم مجالس الإدارة”. ويضيف: “نلاحظ الكثير من الشركات التي يتم فيها الاستغناء عن الكوادر العمانية بها -خاصة العاملة في مجال المحاسبة- واستبدالهم بالوافدين، وبعضها ينعدم بها وجود المواطن في هذا المجال اصلا، وان وجد فللأسف يكون دوره “كالبرواز” كمدراء الموارد البشرية الذي هم مجرد واجهة وضعت لوزارة القوى العاملة، فالقرار هنا سيكون بيد الوافد والوزارة تدرك ذلك. كما أن وهناك شركات مساهمة عامة بشراكة الحكومة تتلاعب بها العمالة الوافدة وتدني نسبة التعمين في مهن يحذر تشغيل الوافد بها ولكن هي من خالفت وعملت على عكس التيار الذي سعت إليه الحكومة، والوزارة تدرك ذلك فأين دور الرقابة؟.
منح الفرصة للشاب العماني في هذا القطاعنصرى الجابرية تقول:” إن تم منح الموظف العماني في القطاع الخاص التدريب والتأهيل المناسب ومن ثم الثقة والتشجيع مع زيادة في الراتب، فسوف يشكل الموظف العماني النسبة الأكبر في القطاع الخاص لأن الشاب العماني طموح، كل ما هو مطلوب منح الفرص”. وتضيف” هناك من الوافدين من يعمل على تقليص وجود الشباب العمانيين بمضايقتهم، ويعمل على التعمد في التقليل من شأنهم والتحكم فيهم ونقل صورة سيئة لمدير المؤسسة، وهنا لا يستطيع الشاب الاستمرار في العمل خصوصا إن كان الوافد هو المسؤول عن المؤسسة”.
الدكتور طارق النعيمي: قطاع خاص مزعوم يمتص أموال الدولة بلا عوائدالدكتور طارق النعيمي – من قسم علم الاجتماع بجامعة السلطان قابوس– يناقش استفحال هذه الظاهرة ويقول:” إن العمالة العمانية في القطاع الخاص عددها قليل نسبيا، والسبب هو ضعف اﻷجور، بينما نجد أن العمالة الوافدة تقبل بأدنى اﻷجور، والسؤال هنا: من المسؤول عن زيادة العمالة الوافدة في ذات الوقت الذي يفر فيه العمانيون من الالتحاق بالقطاع الخاص المزعوم؟. والإجابة الفورية قد تحمل المسئولية للعمانيين، و قد تكون الإجابة هو القطاع الخاص و لكن هذا انصاف للحقائق و ليست الحقيقة الكاملة. إن الحقيقة الكبرى و الجوهرية تكمن في فلسفة الدولة الاقتصادية، والتي منها انبثقت السياسة الاقتصادية الخاطئة الكاذبة في أهدافها”.
حيث يشير النعيمي إلى أن فلسفة الدولة الاقتصادية قد قامت على فكرة طرحتها المؤسسات العالمية، وجوهرها أن القطاع الخاص شريك في التنمية، ومن ثم لهثت الدولة وراء القطاع الخاص المزعوم، وخصوصا قطاع المقاولات والبناء و الخدمات، وألقت في جيبه الثروة الوطنية التي تراكمت بعد 2006، وبينما كان القطاع الخاص ينال العقود الحكومية بملايين الريالات وبأسعار خيالية؛ كان يستغل الدولة و يبرر المغالاة في العقود بأنها من أجل دعمه في توظيف العمانيين، وفي الحقيقة والواقع الميداني كان يضطهد العمانيين، ويعطيهم أدنى اﻷجور، ويوظف القلة منهم ذرا للرماد في العيون؛ بينما الغالبية من العمالة هم من الوافدين الذين يقبلون العمل برواتب متدنية، ولا يستطيعون رفع رؤوسهم أو أصواتهم لنيل حقوقهم، وهذا بالضبط ما كان يريده القطاع الخاص.
ويضيف : استبان فشل و تفاهة فلسفة الدولة الاقتصادية، وأنها أهلكت العمانيين يوم أن تم الاعلان عن المئة ألف وظيفة؛ فترك معظم العمانيين عملهم في القطاع الخاص والتحقوا بالوظائف الحكومية سعيا وراء اﻷجر والحقوق، ولذا و بينما كانت الدولة تدفع بالثروة إلى جيب القطاع الخاص، كان هو لا يدفع الاستحقاق الوطني بتوظيف العمانيين باﻷجور المجزية و كان يستعيض بدلا عنهم بالوافدين حتى انتهى اﻷمر بزيادة مريعة في أعداد الوافدين نلاحظها اﻵن و بتناقص أعداد العمانيين الذين ينهش في انسانيتهم العمل في القطاع الخاص و الذي يمتلك اصوله قلة من رجال اﻷعمال العمانيين، والبقية من اصوله بيد رجال الأعمال “المتعولمين”.
وحول الحلول لهذه الظاهرة، يشير مسلم المهري إلى أهمية: توفير مميزات وحوافز للعمانيين، وتنمية وتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية، وزيادة رواتب العمانيين في القطاع الخاص، وتفريغ العمانيين العاملين بالقطاع الخاص في حالة رغبتهم في مواصلة الدارسة الجامعية وما فوق ذلك، ودعم العمانيين نحو إنشاء مؤسسات وشركات خاصة لهم
متابعة: علياء الجرادنية