أصدر الفريق المعني بقضايا الاحتجاز (التعسفي) التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضي بيانا لحالة عضو مجلس الشورى طالب المعمري ، والذي تتهمه السلطات العمانية بتهم عدة بينها: النيل من مكانة الدولة، والاخلال بالنظام العامة وعرقلة المرور. والمعمري الذي يقضي مدة محكوميته هو أحد الأعضاء البارزين في المجلس ممثلا عن ولاية لوى، وقد نالت قضيته اهتماما كبيرا بين مواطنين وحقوقيين ومؤسسات مدنية إقليمية ودولية. وأوضح البيان أن السجن “الاحتجاز” بحق عضو المجلس الدكتور طالب المعمري يعتبر “تعسفيا” بحسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث طالب الفريق المعني بالقضية الحكومة العمانية باتخاذ كافة التدابير لمراجعة وضع المعمري آخذة في الاعتبار ظروف القضية وأهمية الإفراج الفوري عنه.
تنشر مواطن هذا التقرير مترجما للعربية، والذي تناول أهم فصول القضية وملاحظات الفريق الأممي الذي قام بمتابعتها خلال الفترة الماضية، وأهم توصياته في هذا الجانب.
ترجمة: عبدالله آدم
البيان المعتمد من قبل فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي في جلسته الواحدة والسبعين ، المنعقدة في الفترة ١٧-٢١ نوفمبر ٢٠١٤
رقم٥٣/٢٠١٤
– تم التواصل مع الحُكومة بتاريخ ٢٠ ديسمبر ٢٠١٣ بخصوص طالب أحمد المعمري.
– قامت الحكومة بالرد بتاريخ ٧ يناير ٢٠١٤، كما أنها كانت قد قدمت تفاصيلاً إضافيا بتاريخ ٢٥ نوفمبر ٢٠١٣ حول قضية د.المعمري رداً منها على مراسلات ذات صلة.
– الدولة ليست عضواً في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
١– أُنشئ فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي بموجب القرار 1991/42 الصادر عن لجنة حقوق الإنسان السابقة، وتم توضيح ولايته وتمديدها بموجب قرار اللجنة 1997/50.
مجلس حقوق الانسان اعتمد التعديل في قراره رقم 102/2006، وجرى تمديد الولاية لفترة ثلاث سنوات أخرى، بموجب القرار 15/18 المؤرخ 30 سبتمبر 2010. وجرى تمديد الولاية لفترة ثلاث سنوات أخرى بموجب القرار 7/24 المؤرخ 26 سبتمبر 2013. ووفقاً لآليات العمل المتبعة؛ فقد قام فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي بإخطار الحكومة بالمعلومات المذكورة أعلاه.
٢- يعتبر فريق العمل أن الحرمان من الحرية تعسفياً في الحالات الآتية:
أ- عندما يكون من المحال وبشكل واضح لا يقدم أي سند قانوني يُبرر الحرمان من الحرية (كأن يُبقى على الشخص في الاحتجاز بعد انقضاء الفترة المحكوم بها أو بعد صدور قانون عفو ينطبق عليه). [الفئة الأولى]
ب- الحرمان من الحرية بسبب ممارسة الشخص للحقوق المتعلقة بالحرية والمكفولة بموجب المواد ٧، ١٣، ١٤، ١٨، ١٩، ٢٠، ٢١ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. و وفقاً للمواد ١٢، ١٨، ١٩، ٢١، ٢٢، ٢٥، ٢٦، ٢٧ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وذلك بالنسبة للدول الأعضاء في العهد. [الفئة الثانية]
ج- في حال عدم مراعاة -بشكل كلي أو جزئي- المعايير الدولية المتعلقة بالحق في محاكمة عادلة، والمنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الانسان، والمواثيق الدولية الأخرى ذات الصِّلة، والمصادق عليها من قبل الدولة صاحبة الشأن. وعليه فإن الحرمان من الحرية في مثل هذه الظروف يعتبر تعسفياً. [الفئة الثالثة]
د- عندما يتم إخضاع طالب اللجوء أو المهاجر أو اللاجئ لحجز إداري مطول بدون تمكينه من المثول أمام جهة إدارية أو قضائية.[الفئة الرابعة]
ه- عندما ينطوي قرار الحرمان من الحرية على مخالفة صريحة للقانون الدولي؛ لأسباب تتعلق بالتمييز بسبب المولد، القومية، العرق، الأصل الاجتماعي، اللغة، الدين، الوضع الاقتصادي، السياسة أو أي آراء أخرى مثل: الجنس، الميول المثلية، أو الإعاقة أو أي حالة أخرى، والذي يهدف – قرار الحرمان- أو من الممكن أن ينتج عنه تجاهل المساواة في حقوق الانسان.[الفئة الخامسة]
الحيثيات
- (البيانات المقدمة من المصدر)
٣- تم الإبلاغ عن القضية الملخصة أدناه لدى فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي، وهي على النحو الآتي:
٤- د. طالب أحمد المعمري، وُلِدَ في ٢٤ مايو ١٩٧٢، وهو مواطنٌ عُماني، وقد عمل سابقاً أستاذاً للغة العربية وكان رئيساً لقسم اللغة العربية بجامعة صحار لمدة ١٢ سنة.
٥- عقب الإصلاحات البرلمانية في عمان، والتي أُقرت في عام ٢٠١١، والتي بموجبها تم توسيع صلاحيات مجلس الشورى، وخلال أول انتخابات تم تنظيمها، أُنتخب د. المعمري عضواً في مجلس الشورى ولا يزال في منصبه.
٦- بَلغنا أن د. المعمري من الداعيين في مجلس الشورى ضد الأضرار البيئية والتلوث في ولايته لوى، وقد انتقد كذلك الحكومة فيما يتعلق بمسالة سيادة القانون ونظام الحكم.
٧- في أواخر ٢٠١٢، المصدر أُبلغ أن د. المعمري تم ضربُهُ و تهديده وكُبِّلت يداه بواسطة رجال الشرطة، وقد حدث ذلك أثناء تواجده في غرفة فندق كان يقيم فيه وقتئذ. وقد أبلغَ المصدر أن هذه التهديدات كانت ذات صلةٍ بِدورهِ في مجلس الشورى وانتقاداته العلنية للحكومة.
٨- وتم الإبلاغ أيضاً أنه في عام ٢٠١٢، قام الادعاء العام بالبدء بإجراءات التحقيق ضد د. طالب على خلفية قِيامهِ بوضع منشور على الفيسبوك ينتقد فيه أحد موظفي وزارة الإسكان. تقدم الادعاء العام بطلب إلى مجلس الشورى برفع الحصانة عن د.المعمري حتى يتسنى له اتهامه بارتكاب جنحة إهانة كرامة، إلا أن مجلس الشورى رفض رفع الحصانة.
٩- في ٢٢ أغسطس ٢٠١٣، قام عدد من سكان ولاية لوى بالتظاهر بشكل سلمي عند بوابة صُحار احتجاجاً على التلوث الذي تتسببُ به الصناعة البيتروكيماوية في المنطقة. وقد أبلغ شهود عيان أن د. المعمري حضر المظاهرة كوسيط بصفته عضواً في مجلس الشورى. وقيل أن عدداً كبيراً من رجال الأمن أطلقوا أعيرةً مُسيلةً للدموع، واستخدموا خراطيش المياه لتفريق الحشد، وقد نتج عن ذلك إصاباتٍ لعدد كبير من المتظاهرين بمن فيهم د. المعمري.
١٠- في ٢٣ أغسطس ٢٠١٣، د. المعمري اجتمع مع أعضاء مجلس الشورى و السلطات الأمنية لمُناقشة مسألة المُظاهرة ورد الأجهزة الأمنية عليها. ولدى انتهاء الاجتماع، عاد د. المعمري إلى بيت أخيه في الساعات الباكرة من يوم ٢٤ أغسطس ٢٠١٣، وهو المكان الذي كان يُقيم فيه وقتئذ. و لدى وصُولِهِ، كان المنزل مُحاطاً بعددٍ من سيارات الشرطة، وقد دخل عددٌ كبير منهم المنزل وقاموا باعتقال د. المعمري، الذي تم اتهامه بجريمة التجمهر في الأماكن العامة.
١١- تم الإفراج عن د. المعمري بكفالة بتاريخ ١١ أكتوبر ٢٠١٣ الساعة ١١ صباحاً. وفي مساء ذلك اليوم تم استدعاؤه من قبل الشرطة، وتم على إثرها احتجازه مرةً أخرى، ومنذ ذلك الوقت و الدكتور المعمري محتجزاً في زنزانة انفرادية في مركز الاحتجاز التابع “لسجن الأمن الوطني بمسقط”، ولم يتم السماح للمحامي بلقاء موكله طوال فترة إجراءات (الاستئناف).
١٢- انعقدت أول جلسة أمام محكمة الاستئناف في ٣٠ أكتوبر ٢٠١٣. وبعد تأجيل القضية لعدد مِن الجلسات، أصدرت المحكمة حكمها في ١٦ ديسمبر ٢٠١٣ والقاضي بسجن د. المعمري لمدة ٤ سنوات. وجاء في تفاصيل الحكم، “أن المحكمة حكمت عليه بالسجن لمدة ٣ سنوات و ٥٠٠ ريالاً عمانياً غرامة “لمحاولته النَّيل من هيبة الدولة”، والسجن لمدة سنة “للإخلال بالنظام العام” و “عرقلة المرور”. وقد أبلغ المصدر أن الحكم غير قابل للطعن”.
١٣- أفاد المصدر أن احتجاز د. طالب قد يُعد تعسفياً وفقاً للفئة ١ والفئة ٢ من الفئات المعتبرة قانونياً بالنسبة للقضايا المعروضة أمام فريق العمل.
١٤- يقول المصدر أن “احتجاز د.المعمري جاء بدون أساس قانوني على اعتبار أٓنَّهُ يتمتع بحصانة تحول دون اتخاذ أي إجراءات جزائية في مواجهته، وذلك بصفته عضواً منتخباً في مجلس الشورى. ووفقاً للمادة ٣ من اللائحة الداخلية لمجلس الشورى التي تقضي بأنه فيما عدا حالة الجرم المشهود فإنه لا يَجُوز اتخاذ أي إجراءات جزائية ضد عضو مجلس الشورى أثناء دور الانعقاد السنوي إلا بإذن من المجلس، ويصدر الإذن من رئيس هذا المجلس في غير دور الانعقاد. وفي حالة د. المعمري فإن المصدر أفاد أنه لم يتم أخذ الإذن من المجلس، وكذلك لم يقرر رئيس المجلس رفع الحصانة عَنْهُ”.
١٥- يقول المصدر بأن حبس د. المعمري جاء بسبب ممارسته حقه في حرية التعبير و التجمع السلمي المكفول وفقاً للمواد ١٩، ٢٠ من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، والمواد ٢٤، ٣٢ من الميثاق العربي لحقوق الانسان، بالإضافة إلى النظام الأساسي للدولة. لقد قام د.المعمري بالتعبير عن آراءه علنياً أمام البرلمان “مجلس الشورى” وكان له دور في مظاهرات ٢٠١١، وفي عام ٢٠١٤ قام بتنظيم لاعتصام مشهور ضد التلوث المنبعث بسبب الصناعات البيتروكيماوية في المنطقة. وبذلك يقول المصدر أن حبس د. المعمري جاء نتيجةً لهذه النشاطات.
- (البيانات المقدمة من الحكومة)
١٦- في ٢٠ ديسمبر ٢٠١٣، قام فريق العمل بإبلاغ حكومة سلطنة عمان بالادعاءات التي تقدم بها المصدر، طالباً منها تزويد فريق العمل بتفاصيل الوضع الحالي للدكتور المعمري، وتوضيح المواد القانونية المبررة للاستمرار في اعتقاله ومدى موافقتها للقانون الدولي.
١٧- قامت حكومة سلطنة عمان بالرد بتاريخ ٧ يناير ٢٠١٤، كما أنها كانت قد قدمت تفاصيلاً إضافية بتأريخ ٢٥ نوفمبر ٢٠١٣ حول قضية د. المعمري رداً منها على مراسلات ذات صلة.
١٨- في ردها المؤرخ في ٢٥ نوفمبر ٢٠١٣، قدمت الحكومة المعلومات التالية:
١٩-“رصدت الأجهزة الأمنية أعمال تحريض من جهة المتهم الأساسي طالب بن محمد المعمري، تتضمن تهديداً و وعوداً و إثارة الشعور بالمرض بين أهالي ولاية لوى بصورة مؤذية لموقف الدولة وهيبتها”.
٢٠- يملُك -المعمري- تأثيراً كبيراً على شريحة واسعةٍ من أهالي ولاية لوى بِحُكْم كونه عضوا في مجلس الشورى، وقبل أربعة أيام من موعد التجمهر، قام علنيا بالتهديد باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ضد الجهات المختصّة، قائلاً أنه في حال فشلت في تنفيذ المطلب الشعبي فإن جميع أهالي لوى سيتجهون نحو ميناء صحار الصناعي في يوم الخميس ٢٢ أغسطس ٢٠١٣. والذي حدث فعلاً أن هذه التهديدات تمت على أرض الواقع عندما قام أكثر من ٦٠٠ بالتجمع عند دوار الحد، والذي يبعد حوالي كيلومتر من بوابة الميناء و ٦٠٠ متر من جسر الميناء.
٢١- فئة قليلة فقط تلك التي حافظت على الطبيعة السلمية لهذا الاعتصام هذا، فالاعتصام وعلى النقيض، أدّى إلى الإخلال بالنظام العام بصور شتى، ذلك أن المتظاهرين أكملوا مسيرتهم تجاه بوابة الميناء مما أدى إلى قطع الطرق وشَلّ حركة السير من وإلى الميناء. علاوة على ذلك، أن بعض المشاركين كانوا يحملون زجاجات حارقة وكانوا مغطيين لوجوههم. وعلى الرغم من أن الجهات الأمنية حاولت الوقوف في أماكنها وإيقاف المتظاهرين، إلا أن المتظاهرين وبقيادة المتهم طالب المعمري رفضوا الانصياع وأصرّوا على المواصلة. الأمر الذي أضطُر معه السلطات الأمنية على إطلاق أعيرة مسيلة للدموع، وعندما لم ينجح هذا الأمر، أُستخدمَت خراطيش المياه لتفريق المتظاهرين.
٢٢- لم تكن هناك نية للقبض على المتظاهرين بعد تفرقهم من موقع الحدث، إلا أنه وبعد أن أصر بعض المتظاهرين (المتهمين) على العودة لتنظيم صفوفهم، لم يكن أمام الجهات الأمنية من خيارٍ إلا إلقاء القبض عليهم بالجرم المشهود، وخصوصاً بعد أن تم الاعتداء على رجال الشرطة، و حرق إطارات على الطريق السريع.
٢٣- جهاز الأمن و الجهات القضائية تعاملت مع هذا الحادث وفقاً للإجراءات القانونية منذ اعتقال المتهم وحتى تقديمه للمحاكمة. كما أن وكيل الدفاع الخاص بالمتهم كان حاضراً خلال إجراءات التحقيق والمحاكمة ولم يقدم أي تحفظ يُذكر حيال شرعية الاعتقال أو أي أدعاء بخصوص أي تعسف أو إكراه تم ممارسته ضد موكله.
٢٤- الجريمة الموجهة إلى المتهم تتضمن أعمالاً إجرامية مضرة بالأمن الداخلي للدولة، وهذه الأعمال المثبتة والمتضمنة التجمع والشغب تُعد مخالفةً للنظام العام وتعطيلاً للسير في الطرق العامة، وهي مجرَّمة وفقاً لأحكام المواد ١٣٧ و ١٣٧ مكرراً من قانون الجزاء العُماني. إن أعمال التحريض الإجرامية المثبتة التي قام بها المتهم طالب بن محمد المعمري بُغيةَ تشويه سمعة الدولة و النيل من هيبتها مُجرَّمةً هي أيضاً وفقاً للمادة ١٣٥ من ذات القانون. ( ثمةَ نسخة من حكم الإدانة مرفقة مع رد الحكومة توضح التهم الموجهة ضد المتهمين، مع قائمة للأدلة الثبوتية ضدّهم).
٢٥- قدمت المحكمة الابتدائية حكمها والذي أدانت بموجبه كل المتهمين بكل التهم الموجهة ضدّهم. طعن المدانون في الحكم أمام محكمة الاستئناف وتم الإفراج عنهم لحين صدور الحكم عن طريق الدائرة الجزائية بالمحكمة الاستئنافية بمسقط.
٢٦- وفيما يتعلق بالتلوث الذي تتسبب به الصناعات في الميناء، فقد وجدت أنه في عام ٢٠١١ تقدم الأهالي بشكوى لدى الادعاء العام ضد الشركات المتسببة بالتلوث، وعندما قام الادعاء العام بغلق الشكوى لعدم كفاية الأدلة؛ قام الأهالي بالطعن في قرار الادعاء العام لدى محكمة الاستئناف بصحار والتي أيدت قرار الادعاء العام بغلق الشكوى على اعتبار أنه متوافق مع الواقع والقانون.
وعلى الرغم من ذلك، بدأت الجهات الحكومية في البحث عن حلول مُرضية وذلك بنقل السكان إلى مناطق بعيدة عن منطقة الميناء وهذا الحل باقي على إتمامه إجراءات بسيطة. وعليه فإن التجمع والشغب الذي حرَّض عليه المتهم الرئيسي، طالب المعمري، لم يكن دافعه إبتداء مسألة التلوث بل عائد إلى طموحه الشخصي، وبالتحديد، لأنه له القدرة قانونا بالتواصل مع الجهات الرسمية المعنية من خلال الاجتماعات وجهاً لوجه، القنوات الرسمية، أو من خلال مجلس الشورى (البرلمان) الذي هو عضو فيه.
٢٧- وفي ردها الآخر المؤرخ في ٧ يناير ٢٠١٤، فإن حكومة سلطنة عمان أشارت إلى بعض المبادئ العامة في القانون المحلي، وذلك على النحو التالي:
٢٨- “لا يمكن أن يتم القبض على أحد إلا في حال ارتكابه على جرم معاقب وفقاً للقانون أن يتم القبض إلا انه / انها يرتكب جريمة يعاقب وفقا للقانون العُماني، ثم أن هذه العقوبات لا يجوز تنفيذها إلا بناء على حكم صادر من المحكمة المختصة. إن النظام الأساسي للدولة يضمن الحق في محاكمة عادلة لكل شخص، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، بعض المتهمين المحكوم عليهم بأحكام نهائية بعد استنفادهم لجميع وسائل الطعن المقررة قانوناً (الابتدائي، الاستئناف، المحكمة العليا)، الأمر الذي يسلط الضوء على نزاهة النظام القضائي، وأن الأفعال التي ارتكبها المتهم مُجرَّمة قانوناً، ولا يُمكن بأي حال من الأحوال التدخل في الدعوى أو الشؤون القضائية إلا بحكم القانون؛ ذلك أم المادة ٦١ من النظام الأساسي للدولة تشير بأن لا سلطان على القضاء في قضائهم لغير القانون، كما أن هذا ما أشارت له المادة ٢٧٩ من قانون الإجراءات الجزائية: في حال صدور حكم في موضوع دعوى مدنية، فإنه يمكن الطعن بالاستئناف في ذلك الحكم فقط بالوسائل المقررة قانوناً”.
- (ملاحظات إضافية من المصدر)
٢٩- وفقا للفقرة ١٥ من آليات العمل المنقحة لفريق العمل، فإنه تم إطلاع المصدر على رد الحكومة، والذي قدم تعقيبا بتاريخ ١١ مارس ٢٠١٤، كالتالي:
٣٠- أشار المصدر إلى أن الحكومة العمانية لم تنازع في حقيقة أن اعتقال د. المعمري تم بَعْد المظاهرات المطالبة بمطالبات شرعية. وفي ردّها أيضاً فإن الحكومة اعتبرت د.المعمري كان قائداً للمظاهرات، في حين أن الحقيقة بحسب المصدر أنه كان يلعب دور وسيط بين أهالي لوى والسلطات.
٣١- الحكومة أكدت أن التظاهرات لم تكن سلمية واعترفت باستخدامها للقوة ضد المتظاهرين، والتي تضمنت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، المصدر لاحظ أن الحكومة تناقض نفسها بادعائها أن قوات الأمن لم تكن تهدف إلى اعتقال المتظاهرين في حين، غير أنها تلقت أمراً باعتقال المتظاهرين بالقبض عليهم في حالة تلبس.
٣٢- المصدر أشار أن د.المعمري لم يتم القبض عليه وقت المظاهرة وإنما بعد أكثر من ٢٤ ساعة من وقت المظاهرة وذلك في حملة مداهمة ليلية لمنزل عائلته. وعلى الرغم من ذلك فإن الحكومة قامت بالإجراءات المتبعة في حالة التلبس.
٣٣- بالإضافة إلى ذلك، و وفقاً للمصدر، فإن د. المعمري و كعضو في البرلمان فإنه يجب أن لا تتخذ في مواجهته أي إجراءات جزائية إلا بعد أن تطرح عنه الحصانة. وقد ذكر المصدر بأن الحصانة يمكن أن تُسقط بقرار من بقرار من رئيس البرلمان “مجلس الشورى” وهو الأمر الذي لم يحدث حتى هذا التاريخ. وبالإمكان أن تسقط الحصانة بصورة فورية في حالة إلقاء القبض على العضو في مسرح الجريمة. لقد تم اعتقال د.المعمري في منزله بعد يوم من المظاهرات؛ لذلك لا يمكن الاستناد على حالة التلبس. وعليه فإن د.المعمري لا يزال يتمتع بالحصانة البرلمانية.
٣٤- أكد المصدر أن الحكومة في ردها اعترفت أيضاً أن د.المعمري أُعتقل “لإضراره بمكانة الدولة” وفقاً للمادة ١٣٥ من قانون الجزاء العُماني، وبحسب رأيه، فإن هذه التهمة وضعت بصورة فضفاضة بحيث تستطيع الحكومة استخدامها لكبت أي رأي مخالف أو أي تحرك سياسي حتى وإن كان سلمياً. لقد أفاد المصدر بأن المظاهرات لم تكن ذات طبيعة سياسية، بل أنها كانت تتعلق بصحة عدد كبير من الناس وهم أهالي ولاية لوى. ويقول المصدر أن سكان لوى لم يطالبوا بإصلاحات سياسية وإنما فقط طالبوا بحقهم في العيش في بيئة صحية. وبفعلهم هذا، هم لم يهينوا السلطات أو حتى طالبوا بتغيير سياسي ولكنهم فقط طالبوا السلطات بإيجاد حل لتقليل التلوث في المنطقة.
٣٥- إن الحكومة تقر ضمنياً بشرعية مطالبات المتظاهرين؛ وذلك بإعلانها صراحة أنها تقوم باتخاذ الإجراءات بنقل سكان لوى إلى منطقة أخرى لإبعادهم عن التلوث، بطلب من أهالي المنطقة. الحكومة ذكرت بشكل محدد أن أهالي لوى قاموا بِبَعْض الإجراءات في عام ٢٠١١، وعلى إثرها تم وعدهم بالقيام بإجراءات لم تنفذ حتى اليوم.
٣٦- بحسب رأي المصدر، أن فشل الحكومة بتقديم ردود حول الادعاءات الموجهة ضدها يحمل قبولاً ضمنياً لهذه الادعاءات، وأشار المصدر بشكل محدد إلى إغفال الحكومة التعليق على مسألة تطبيق المادة ١٣٥ المثيرة للجدل من قانون الجزاء العُماني ومدى توافقها مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. وفقاً للمصدر فإن هذه المادة مُخالِفَةً للحق في حرية التعبير و التجمع السلمي المكفول بمقتضى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إن التفسير الفضفاض المحتمل لهذه المادة أدّى إلى خروفان مُمنهجة للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي.
- المناقشة
٣٩- د. المعمري كان من الداعين في مجلس الشورى ضد الأضرار البيئية و التلوث في ولايته لوى، وقد انتقد كذلك الحكومة فيما يتعلق بمسالة سيادة القانون ونظام الحكم.
٤٠- وفقاً لرد الحكومة، فإن د.المعمري تم اعتقاله لارتكابه أعمال تتضمن إضراراً بمكانة الدولة وفقاً للمادة ١٣٧ من قانون الجزاء العُماني. وهو القانون الذي يعاقب كل من كل من اشترك في تجمهر مؤلف من عشرة اشخاص على الاقل، بقصد الاخلال بالنظام العام…..إذا لم يتفرق المتظاهرون بعد تلقيهم أمراً بذلك من المسؤول الرسمي. إن القانون يتيح إمكانية تفسيره بصورة فضفاضة والتي تؤدي، كما هو حاصل في هذه القضية، إلى إنتهاك الحق في التجمع السلمي وتشكيل الجمعيات. إنه وبموجب هذا القانون تم اعتقال العديد من المتظاهرين وذلك لممارستهم حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي. إن الحكومة لا تنكر مطالبات سكان لوى بحقهم في العيش في بيئة صحية.
٤١- على الرغم أن الحكومة أدعت بأن المظاهرة لم تكن سلمية، إلا أنها لم تقدم في ردها ما يُعضّد هذا الإدعاء. في الحقيقة أنها لم تُشر إلى أي دليل أن د. المعمري، الذي حضر المظاهرة بوصفه عضوا في البرلمان، بأنه كان منخرطاً في أعمال عنفٍ أثناء المظاهرة.
٤٢- الحكومة لا تنكر الإدعاء بأن د. المعمري تم اعتقاله على الزغم من الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها، والتي لم تسقط عنه. علاوة على ذلك، تم اعتقال د.المعمري في بيته بعد يوم من المظاهرات. وعليه، فإن حالة التلبس، والتي من شأنها إسقاط الحصانة بصورة فورية، لا تنطبق في هذه القضية. إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، فإن السلطات تعاملت مع القضية وكما لو كانت في حالة تلبس كنوع من التحايل لاسقاط الحضانة ومعاقبة د. المعمري لدعمه لأهالي لوى في حقهم في العيش في بيئة صحية.
٤٣- في هذه القضية، تم إدانة د.المعمري بالتجمهر في الأماكن العامة وحكم عليه بثلاث سنين في السجن لإخلاله بالنظام العام، والسجن لسنة واحدة لإعاقة حركة المرور. وعليه فإن مجموعة العمل تخلُص إلى أن د.المعمري تم حرمانه من حريته لممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير و التجمع السلمي، والمكفولة وفقاً للمواد ١٩، ٢٠ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
٤٤- وعليه، فإن حرمان د.طالب من حريته يقع تحت الفئة ٢ من الفئات المشار إليها من قبل فريق العمل والمطبقة على القضايا المقدمة لدى الفريق.
٤٥- الحكومة لم تنقضُ الادعاء المتعلق بعدم سماحها لمحامي د.طالب بمقابلة موكله طوال فترة إجراءات الاستئناف، إن فريق العمل يعتبر هذا الأمر عدم مراعاة للمعايير الدولية المتعلقة بالحق في محاكمة عادلة، وبالتحديد المادة ١٠ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعليه فإنها تُعلن أن هذا الاحتجاز تعسفي. كما أن حرمان د.طالب من حريته يقع تحت الفئة ٣ من الفئات المشار إليها من قبل فريق العمل والمطبقة على القضايا المقدمة لدى الفريق.
- (رأي فريق العمل)
٤٦- بناء على ما تم الإشارة إليه أعلاه، فإن فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي يصدر الرأي الآتي:
حرمان د.المعمري من حريته يعتبر تعسفياً، لمعارضته أحكام المواد ١٠، ١٩، ٢٠ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهذا الاحتجاز التعسفي يقع تحت كل من الفئة ٢ والفئة ٣ من الفئات المشار إليها من قبل فريق العمل والمطبقة على القضايا المقدمة لدى الفريق.
٤٧- وبناء على هذا الرأي المقرر، فإن فريق العمل يطلب من حكومة سلطنة عمان اتخاذ الإجراءات الضرورية لمعالجة وضع د. المعمري، وجعله متوافقاً مع المعايير والمبادىء المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
٤٨- إن فريق العمل يعتقد، أخذا في الاعتبار ظروف القضية، أن المعالجة المناسبة هي الإفراج الفوري عن د.المعمري ومنحه حق نافذ في الحصول على تعويض.
تم اعتماده في ٢١ نوفمبر ٢٠١٤