في ما تواصلت الاحتفالات لأيام في عدد من المناطق والولايات العمانية بعد عودة السلطان قابوس بن سعيد للبلاد من رحلة علاجية في دولة ألمانيا استمرت لثمانية أشهر، يرى سياسيون وإعلاميون أنه بفضل عودة السلطان فإن عمان بات بإمكانها أن تمارس دورا دبلوماسيا لإعادة الأوضاع المحتدمة خليجيا إلى سياق الحوار والتفاوض مجنبة الأشقاء مزيدا من القتل والتدمير لاسيما مع استمرار التحالف العسكري العربي القائم على الضربات الجوية ضد اليمن “عاصفة الحزم”.
الشيزاوي: الوساطة العمانية غير مستبعدةيقول أحمد الشيزاوي – إعلامي-: إن عودة السلطان قبل اعلان شن حرب عاصفة الحزم بأيام قد تكون رسالة رمزية بأن هذا الإقليم من شبه الجزيرة العربية والذي كان بلا حاكم منذ سنة تقريبا يتمتع باستقرار ولا يعاني من فراغ قيادي والشخصيات تستخدم في الأزمات والطوارئ كرسائل رمزية .
وعند السؤال حول ما كان يشاع على شبكات التواصل الاجتماعي من أن غياب السلطان كان له أثر في التغييب الدبلوماسي، يقول الشيزاوي: “غياب السلطان أو حضوره، لا أعتقد أن له تأثير في تفاقم الأزمة اليمنية، فالسلطان والحكومة لم تسعيا لوضع مبادرات خارجية إلا نادرا، وما يحدث في اليمن ليس صراع حوثي مع شرعية هادي كما يصوره لنا الاعلام بسطحيته، وإنما هو صراع أممي بين معسكر الشرق والغرب، والقلق القادم يكمن في أن تطول مدة الأزمة والحرب وهي فرصة تاريخية لروسيا للدخول في اليمن وإيجاد سوق لبيع الأسلحة. كما أن الغرب وأمريكا غارقون في أزماتهم المالية وليس من صالحهم أن تتوقف الحرب بسرعة، علما بأن من سيشتري السلاح هم الخليجيون الأكثر دفعا للمال”. ويضيف: “الوساطة العمانية غير مستبعدة، فهي من الدول القلائل التي تملك علاقة مع الخصمين”.
المخيني: السلطنة لن تتدخل دبلوماسيا إلا إذا طلب منها ذلكأما الباحث أحمد المخيني، فيتحدث عن “مؤشرات ضعف في اللحمة السياسية لمجلس التعاون الخليجي أساسها عدم التوافق الفكري والايدولوجي، ويمكن تجاوزها “حسب رأيه” إن: تم التركيز في المرحلة المقبلة على المصالح المشتركة، والتوجه لتجاوز فجوة الإيديولوجيات، وفجوة الأجيال في قيادات المجلس، والتغلب على التدخلات الخارجية. حيث يشير إلى أن القلق في أننا ما زلنا في دول الخليج نتخذ قرارات مصيرية كأفراد وليس كمؤسسات.
وعن ظهور بوادر عمل عسكري خليجي لوقف الوضع المتفاقم في اليمن، وعن الحل الدبلوماسي، وهل يمكن العودة له لاحقا بوساطة عمانية؟، يقول المخيني: “أظن أن الحل الدبلوماسي قائم، ولكن الأطراف في اليمن لم تكن مستعدة، وحتى الآن فهي لا تزال غير مستعدة؛ فهناك احتقان داخلي شديد بين الفرقاء وتدخلات خارجية. والسلطنة عادتها ألا تتدخل إلا إذا طلب منها ذلك، والتجارب الدولية تعطينا مؤشرا أن الحرب والمناقشات ستستمر إلى أن يصل الأطراف إلى قناعة مضمونها هو أن لا مناص من الحل الدبلوماسي”.
وعن صناعة ثبات في الثقل السياسي المستقبلي العماني يقول المخيني: ” الثقل السياسي الخارجي مرتكز أساسا على الثقل السياسي الداخلي، فمتى ما استقر الأمن والاقتصاد، وتعاظمت قوة اللحمة الوطنية بإشراك جميع المؤسسات والأفراد، واستقرت سيادة القانون واستقلالية القضاء، وتمتع الجميع بحماية القانون وحقوقهم كبشر متساويين، فإن الثقل السياسي الداخلي في طريقه الصحيح إلى النضج والاستدامة، والطريق أمامنا طويلة بعد كما قال السلطان في خطابه أمام مجلس عمان قبل حوالي سنتين أو ثلاث سنوات، ويعضد الثقل السياسي الخارجي أيضا القوة الاقتصادية والاستراتيجية”.
المحرمي: إن الثبات في السياسة الداخلية للبلاد يتطلب أن تتحول هذه السياسة من قرار فردي إلى اختيار جماعيوحول السياسة العمانية في هذه الأوضاع، يقول الكاتب والباحث زكريا المحرمي: “في تصوري أن سياسة عمان مستقلة كثيرا عن سياسات دول الخليج الأخرى، ومن جهة أخرى فإن حضور السلطان وغيابه لم يغير في الموقف السياسي العُماني إزاء القضايا الدولية؛ لذلك لا أتوقع تغيرا في المشهد السياسي الخليجي، لكن الحرب التي ابتدأتها دول الخليج ضد المتمردين الحوثيين ربما تتطلب تدخل السلطان مباشرة؛ لتقريب وجهات النظر ووقف الحرب، وهذا التدخل نوعا وكما ستحدده تطورات الأحداث”.
ويضيف: “إن الثبات في السياسة الداخلية للبلاد يتطلب أن تتحول هذه السياسة من قرار فردي إلى اختيار جماعي، وذلك لن يتم في عمان إلا بعدة خطوات الأولى تتمثل بالارتقاء بالتعليم الأساسي، وتوفير التعليم العالي الجيد الثانية في تطوير آليات اختيار وانتخاب أعضاء مجلس الشورى والدولة والبلدي الثالثة بالشفافية الإعلامية، والحوار مع المجتمع ومؤسساته حول مبادئ السياسة الرابعة تتمثل في المشاركة السياسية في صورة نظام سلطنة دستورية، وبهذه الخطوات العملية ستتحول سياسات السلطان الحكيمة إلى دستور تسير عليه أجيال السلطنة”.
متابعة: علياء الجردانية