يوضح التعداد السكاني لعام 2010م، كثيرا من الجوانب المهمة التي تحتاج إلى مراجعة وتقييم، فبالإضافة إلى أعداد السكان العمانيين والوافدين، هناك جوانب أخرى كثيرة مهمة يتطرق إليها التعداد، مثل نوعية المساكن، والقوة العاملة، والأمية والتعليم، وخدمات المياه وجودتها، وغيرها من الجوانب، بالإضافة إلى المقارنة بين التعداد خلال 1993وحتى 2003 والتعداد الأخير 2010م، وفي هذا المقال نركز الحديث على بعض تلك الجوانب، وأهمها:
- التعداد السكاني للعمانيين: بلغ إجمالي التعداد السكاني لعام 2010م (عمانيين ووافدين) (إجمالي عدد السكان: 2,773,479)؛ حيث كانت نسبة الزيادة في عدد السكان عن تعداد 2003م هي 433 ألفا، وبنسبة 18.5% أي بمعدل سنوي (2,6%) وهو اقل من المعدل الطبيعي (3,0%)، وأوضح التعداد إلى أن تركز السكان في محافظتي الباطنة (عدد السكان في الباطنة: 620,960) أي (31,7%) من إجمالي السكان العمانيين، وتأتي بعدها مسقط بنسبة (20,8%) من إجمالي السكان العمانيين، بينما تمثل محافظات أخرى مثل الوسطى (1,0% من إجمالي السكان العمانيين)، رغم المساحة الشاسعة التي تمتلكها هذه المحافظة والثروات الكبيرة المتوفرة بها من نفط وغاز وثروة سمكية ومقومات سياحية وغيرها، كما أن محافظة مسندم تمثل نسبة قليلة جدا من عدد السكان العمانيين؛ حيث مثلت هذه المحافظة 1,1% فقط، كما أن نسبة سكان محافظة مسندم من إجمالي عدد السكان انخفض من 1,4% في تعداد 1993م إلى 1,1% في تعداد عام 2010م، وهي نسبة انخفاض عالية لو قورنت بأعداد السكان القليلة أصلا في تلك المحافظة.
- الوافدين والعمالة: بلغ تعداد السكان من الوافدين 816 ألفا، ولقد زادت نسبتهم عن تعداد 2003م، والتي كانت 24%، ووصلت إلى 29,6% من إجمالي عدد السكان، كما أن معظم هؤلاء الوافدين هم من الرجال (76,2%)، وهم يمثلون (59.3%) من إجمالي العمالة في البلاد في كلا القطاعين الخاص والعام، كما أن نسبة تعداد السكان الوافدين تفوق عدد السكان العمانيين في بعض المحافظات مثل الوسطى الذين يمثلون فيها (55%) من عدد السكان، علما أن نسبة الرجال منهم في الوسطى (97%)، بل أن الوافدين في بعض الولايات يزيد ثلاثة إلى أربعة أضعاف عن السكان العمانيين (هيما: 81%، مطرح: 68.4%، الدقم: 65.9%، شليم: 65%، الجازر63.5%)، كما أنهم يمثلون الأغلبية الكبيرة لبعض المهن، ويسيطرون وبشكل كبير على بعض الأنشطة الاقتصادية ويمثلون في بعضها أكثرية كبيرة واضحة (قطاع الزراعة والصيد يمثل الوافدون: 90.4%، الفنادق والمطاعم: 84.0%، تجارة الجملة والتجزئة: 68.4%، المنظمات والهيئات: 76.9%).
- التعليم والأمية: بلغت نسبة الأمية في تعداد 2010م (12,2%) حيث بلغ أعداد العمانيين الذين يحملون شهادة الماجستير 0.6%، والذين يحملون شهادة الدكتوراه 0.1%، بينما بلغ الذين يحملون شهادة الدبلوم بعد التعليم الأساسي 5%، أي أن إجمالي السكان العمانيين الذين لديهم شهادات الدبلوم فما فوق هم فقط 11.9%، كما أن نسبة الحاصلين على شهادات الدبلوم فما فوق هم اقل من 3% في بعض المحافظات مثل الوسطى (2,9%)، ونسبة الأمية فيها تفوق 30%. وإذا نظرنا إلى كل ولاية على حدة نجد أن نسبة الأمية قد تصل بين خُمس إلى ثلث السكان (محوت: 35,9%، المزيونة: 26.4%، هيما: 24.7، الدقم: 23.6%، وادي بني خالد: 22.1%، الجازر: 21.2%، خصب: 20.6%). كما أن نسبة السكان العمانيين الذين يستخدمون الحاسب الآلي منخفضة أيضا، ووصلت إلى 23.2% في بعض الولايات مثل المزيونة، وهي كانت منخفضة في ولايات أخرى أيضا (السنينة: 33.7%، الجازر: 33%، الدقم: 38.6%، محوت: 39.0%). ولو نظرنا إلى جانب أخر وهو نسبة استخدام الانترنت للعمانيين؛ لوجدناه منخفض أيضا في بعض الولايات (المزيونة2.5%، الجازر: 3.3%، محوت: 9.7%).
- خدمات ونوعية المياه: نسبة السكان الذين يستخدمون مياه من الشبكات الحكومية في تعداد 2010م هم 57%، وتبلغ نسبة الأسر التي تستخدم مياه معبأة للشرب 32.3%، ولكنها تنخفض في بعض المحافظات إلى اقل من 15% (الداخلية: 11.7%، الظاهرة: 12,6، الباطنة: 14,1%)، بينما تبلغ الأسر التي تستخدم مياه آمنة للشرب 67%؛ ولكنها تصل في بعض المحافظات إلى نسب منخفضة جدا (الوسطى: 30%)، وقد تصل في بعض الولايات إلى اقل من 20% (دماء والطائيين: 9.3%، السنينة: 9.7%، ادم: 11,8، الجازر: 17,3%).
ومن خلال الأرقام والبيانات أعلاه، نود الإشارة إلى الآتي:
أن النمو السكاني للعمانيين بطئ (2.6%)، بينما هو مرتفع بين الوافدين، وعمان تحتاج الى كوادر وطنية ناشئة نظرا لاتساع رقعة البلاد وتنوع ثرواتها، مما يتطلب تشجيع التزايد المطرد في أعداد السكان، بتشجيع زيادة أفراد الأسرة وتشجيع الزواج المبكر (وفق السن القانوني) ودعمه؛ مما سيوفر كوادر وطنية أكثر من أجل البناء والتطوير، كما أن تركيز السكان في محافظات معينة (الباطنة 31,7%، مسقط: 20,8%)، بينما هناك محافظات أخرى ( الوسطى: 1,0%، مسندم:1,1%)، تملك إمكانات هائلة من الثروات الطبيعية والمقومات السياحية؛ لكنها تعاني نقصا في أعداد السكان العمانيين، مما أدى إلى سيطرة العمالة الوافدة على الأنشطة الاقتصادية فيها (مثل صيد الأسماك في الوسطى)، وأدى إلى خلل في التركيبة السكانية لصالح الوافدين على حساب السكان العمانيين، مما يتطلب تشجيع تزايد أعداد الشباب من المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية للعمل والعيش في المحافظات المنخفضة الكثافة السكانية وتوفير الخدمات الأساسية كالسكن وغيره، وتوفير الدعم اللازم للعمل في الأنشطة المربحة والتي تكثر فيها العمالة الوافدة، وتأمين وسائل الاستقرار في تلك المواقع.
كما أن نسبة الأمية في تعداد 2010م هي 12,2%، ومع ذلك فان محافظة كالوسطى مثلا ترتفع فيها نسبة الأمية لتصل إلى أكثر من 30%، كما أن بعض الولايات تزيد بها نسب الأمية عن ثلث عدد السكان (محوت: 35%)، هذا بالإضافة إلى أمية استخدام الحاسب الآلي والانترنت، حيث تزيد في الولايات عدد الأسر التي لا تستخدم الحاسب الآلي عن 75%، كما أن الأسر التي لا تستخدم الانترنت قد تصل إلى 97.5%، مما يعني أننا نحتاج إلى تركيز الجهود نحو تقليل نسب الأمية في المحافظات والولايات التي تزيد فيها هذه النسبة، بالإضافة إلى توفير خدمات الحاسب الآلي والانترنت عبر توصيل وتقوية خدمات الحاسب الآلي والانترنت، وتخفيض قيمة استخدامها، وتشجيع المجتمع على الاستخدام الايجابي لها.
هذا بالإضافة إلى أن نسبة الذين يملكون شهادات دبلوم فما فوق هي 11,9% فقط، والذين لديهم شهادات الماجستير والدكتوراه هم 0.7% فقط، مما يتطلب بذلا مزيدا من الجهد في مجال زيادة أعداد مخرجات التعليم العالي وخاصة الشهادات العليا (الماجستير والدكتوراه)، وإلا فان إحلال كوادر وطنية في العمل سيكون صعبا دون وجود الشباب المؤهل للعمل.
كما أنه لا تزال هناك نسب عالية من الأسر تستخدم مياه للمنازل من غير الشبكات الحكومية (43%)، كما أنه توجد أسر كثيرة تستخدم مياه غير آمنة للشرب (33 بعض الولايات%)، وقد تصل في إلى أكثر من 90%. مما يتطلب توفير الخدمات الأساسية مثل المياه وغيرها إلى جميع الأسر العمانية في كل مكان دون التركيز على محافظات وولايات بعينها، وذلك حفاظا على صحة وسلامة الأسر.
تقرير السكان والتنمية في سلطنة عمان
المركزالوطني للإحصاء والمعلومات