ترجمة: محمد الفزاري
في الأسبوع الأول من شهر مايو، قدم عدد من أعضاء مجلس الشورى لوزير القوى العاملة مقترح قانون لإحلال العمانيين محل العمالة الوافدة التي تحتل الوظائف الخمس العليا في القطاع الخاص، بينها منصب الرئيس التنفيذي الذي يشغله عدد من مالكي الجنسية الهندية في البلاد. وتشير الأخبار إلى أن المقترح أثار انفعال قرابة ٧٠٠ ألف من الجالية الهندية، لأنه إذا تمت مصادقة المقترح فلن يؤثر فقط على ٧ آلاف هندي في عمان، بل سيُحدِث تداعيات أوسع حتى على المديرين والعمال الهنود في الخليج كله، في ظل ارتفاع وتأزم قضية البطالة بشكل كبير في الخليج كله. ويعزو كثيرون المقترح إلى ارتفاع نسب البطالة في السلطنة، حيث يصل عدد الباحثين عن عمل في عمان قرابة ١٤٥ ألف.
وتعاني موازنة الدولة من تعثر بسبب الانخفاض الكبير في عائدات النفط نتيجة الهبوط الحاد في أسعار النفط الخام العالمية. ومؤخرا في شهر فبراير، قدم مجلس الشورى أيضا مقترح قانون لتخفيض القوة العاملة الوافدة بنسبة ٦٪ ليصل إلى ٥٨٦٢٧٢، لعمل توازن في سوق العمل حيث إن عدد العمالة الوافدة يفوق عدد العمانيين العاملين في القطاع الخاص. وبلغ عدد العاملين في القطاع الخاص 1533679 شخصا من ضمنهم فقط 224698 عاملا عمانيا. وحسب إحصائيات وزارة القوى العاملة، بلغ عدد الوافدين العاملين في القطاع الخاص سنة ٢٠١٣ إلى 1308981 عاملا وافدا. وقبل هذا هذا المقترح، كان هناك تحرك لحل عمالة عمانية محل ١٠٠ ألف من العمالة الوافدة. وكانت الحكومة قد أطلقت مؤخرا أيضا برنامجا وطنيا لتأهيل ورفع كفاءة المديرين التنفيذيين بمشاركة المعهد الدولي لتطوير الإدارة بسويسرا IMD وشركة McKinsey. وشملت الدفعة الأولى ٣٠ من كبار المديرين تم اختيارهم من شركات القطاع الخاص.
ومع ذلك، فرض حصص للعمانيين في القطاع الخاص لا يمكن أن يأتي في وقت أسوأ من ذلك للهنود. حيث إن العديد من مديري العموم الهنود قد واجهوا مسبقا صعوبات في سلطنة عمان، بعد أن بدأت الحكومة باتخاذ اجراءات صارمة ضد الكسب غير المشروع في فبراير عام 2014؛ فقام أرباب العمل العمانيين بشكل سريع بإلقاء المسؤولية على الهنود. من ضمنهم محمد علي، رجل الأعمال والمدير العام السابق لشركة جلفار الهندسية، الشركة التي ساعد في تطويرها كان قد حكم عليه بالسجن لمدة ١٥ سنة بتهمة رشوة مسؤولين للحصول على عقود للشركة. وسجن محمد علي سبب صدمة كبيرة للمديرين التنفيذيين والمديرين الهنود حيث إنه كان رجل الأعمال الأكثر نجاحا في دول الخليج. ومن ذلك الوقت، ثمانية مديرين تنفيذيين ومدراء عموم هنود تم سجنهم.
ويقول المراقبون السياسيون إن الحكومة قد تبنت هذه التدابير لتهدئة المعتصمين الغاضبين الذين شاركوا في مسيرات ضخمة واحتجاجات واسعة لمكافحة الفساد في أعقاب الربيع العماني. وأعلنت الحكومة عن خلق 50 ألف وظيفة جديدة للعمانيين، وبدأت في دفع معونة للعاطلين، الباحثين عن عمل، كما بدأت في خطة عمل لإرسال أكثر من 50 ألف وافد غير شرعي إلى بلادهم. ويبقى مقترح القانون الأخير الذي يوصي بإحلال العمانيين محل الوافدين في الوظائف العليا، هو الأكثر صدمة.
وصرح مديرون هنود منزعجون بشكل غير معقول: “إنه اقتراح غريب جدا يطبق على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم مثل شركاتنا”. ويؤكد رجل أعمال هندي مالك لمجموعة شركات تجارية مختصة في الاتصالات والأثاث ومستلزمات الطبية – طلب عدم ذكر اسمه: لا نستطيع توظيف عمانيين في وظائف عليا في شركة أكون قد أسستها من الصفر، إننا محتاجون لموظفين أكفاء ومخلصين للعمل، ومن تجربتنا هو أن الموظفين العمانيين في كثير من الأحيان يتركون وظائفهم ولا يقومون بواجباتهم. وأضاف: أنا أخطط لنقل عملي إلى دبي أو مدن أخرى توفر بيئة أفضل للعمل والاستثمار.
ويذكر كومار PK، المدير التنفيذي لشركة JRG الدولية الموجودة في دبي: خلال فترة الركود الأخيرة، العديد من الشركات الخاصة في الخليج قامت بتعيين مديرين تنفيذيين ومديري عموم هنود ليحلوا محل الوافدين من الغرب ذوي الأجور العالية. “وهذا النهج ساعد الشركات على العودة إلى الربحية”. وأضاف: من وجهة نظري، إن إحلال طاقم محلي محل مديرين ذوي كفاءة لن يساعد الشركات. العزاء الوحيد للمديرين الهنود هو أن مقترح القانون الذي قدمه مجلس الشورى يلقى استجابة مخيبة من أطراف أخرى في المجتمع العماني، بما في ذلك النقابات والمستثمرين والاقتصاديين وجميعهم قالوا: يجب أن تطبق هذه الخطوة بحذر. وحري بالذكر أن عمان ليست وجهة خليجية مفضلة للوافدين، لا سيما فيما يتعلق بمستوى الأجور والمزايا الإضافية. لذا فإن مقترح مجلس الشورى هذا قد أزال كثيرا من البريق المتبقي عن السلطنة.