يواجه عدد من مواطني منطقة المسفاة بولاية بوشر مشاكل صحية ومضايقات جراء استمرار شركة إسمنت عمان في إنتاجها الصناعي في منطقة ليست بعيدة عنهم. ويشير المواطنين إلى أن المشكلات الناتجة عن تصاعد الدخان والأبخرة ومختلف الملوثات إضافة للضوضاء المستمرة يجعل من الحياة صعبة في هذه المنطقة. في الثمانينات، نشأت شركة إسمنت عمان بجانب منطقة المسفاة بولاية بوشر ، وهي شركة متخصصة في صناعة وتسويق الإسمنت. ويشير متابعون إلى أن هذه المشكلة ليست الأولى في السلطنة فهناك تضرر لعدد من الساكنين القريبين من منطقة الرسيل الصناعية بمسقط والأزمة المستمرة لسكان قرية غضفان بولاية لوى من الممارسات الصناعية القريبة منهم من يفرض تحديا أمام قدرة المؤسسات التخطيطية في الموازنة بين التنمية الصناعية والالتفات للمسؤولية الاجتماعية والصحية المترتبة عليها. تستطلع مواطن آراء عدد من المواطنين المتضررين من منشآت إسمنت عمان من خلال هذا التقرير.
مواطنو قرية المسفاة: منشآت صناعية تؤرق صحتنا وتثير مخاوفنا
ويشير أحد المواطنين إلى أن شركة إسمنت عمان تسببت بأضرار بكل ما هو محيط بها بل ما هو أبعد من ذلك. حيث إنها تعمل على تحويل الصخور إلى إسمنت مستخدمة التفجيرات، والكسارات، وآليات النقل العملاقة. ومن ثم تعمل على فرز العناصر غير المرغوب بها وإطلاقها بالهواء من مداخن مرتفعة جدا، ناهيك عن الأتربة وغبار الطواحين وإزعاج آلات التصنيع التي لا تتوقف ليل نهار. ويوضح: تلقينا منشور صجر عن “وزارة البلديات والبيئة” سابقا يفيد بأن الشركة تسبب أضرارا جسيمة بالبيئة، وأن المناطق القريبة من الشركة في حدود 3كم تعتبر مناطق ملوثة وغير صالحة للسكن وتضر كل ما هو حي. في حين أشار مواطنون إلى أن المشكلة بدأت منذ المرحلة الأولية لتواجد الشركة، فقد بدأت معاناة الأهالي من الغبار والذي يخرج بعد تفاعلات كيميائية تحدث في مراحل تسخين مادة الكلنكر الذي هو المادة الأساسية لتصنيع الإسمنت، ناهيك عن القلويات السامة المتطايرة في الهواء ليل نهار. وأوضحوا: هناك من هم مصابون بالربو ومنهم من ابتلي بأمراض خبيثة، ناهيك عن الأمراض الجلدية المتنوعة، إضافة إلى ذلك، فإن المنطقة تمر بها خطوط الضغط الكهربائي العالي، الذي أثبت في بعض الدول أنه متسبب في الأمراض الخبيثة.
ويقول المواطن خالد بن سيف الرحبي: ظهرت كذلك مشاكل بيئية كالتلوث البيئي جراء الأتربة التي يقذفها المصنع في الهواء دون رقابة من قبل المختصين بوزارة البيئة والشؤون المناخية. بالإضافة إلى أن جميع المواطنين يقومون بترميم منازلهم وذلك بسبب التفجيرات التي يجريها المصنع والتي تسبب تشققا للمنازل.
مجلس الوزراء اتخذ قرارا بنقل سكان المنطقة إلى العوابي لكن الحواجز الطبيعية أثرت في القرار
وحول الجهود الحكومية لمعالجة هذه الأزمة، أشار أحد المواطنين إلى تقديمهم لأكثر من شكوى للمؤسسات الحكومية إضافة لنداءات المساعدة عبر البرامج الإعلامية الحكومية. وقال:
الشركة ترد بأنها ساعية وجادة في تقليص الغبار المنبعث وأنفقت الملايين للحد من التلوث، ولكن المواطن ما زال يرى الغبار يغيّم على المنطقة، ولقد كان مجلس الوزراء قد اتخذ قرارا بنقل المواطنين إلى منطقة أكثر أمناً واستقرارا وهي منطقة العوابي التي تبعد عن الشركة ٣كم لولا الحاجز الطبيعي بينهما (جبل). وأشار إلى، أنه تم إعطاء المواطن وعودا مغرية كتحويل أراضيهم إلى أرض صناعية تكون ملكا لهم، الأمر الذي أثر في بعضهم رغم انعدام ما يثبت ذلك. وبالرغم من مطالبتهم بالإثبات.
قرار وزارة التجارة ومخططات وزارة الإسكان زادت من تفاقم المشكلة
وقالت الشيماء الرئيسية- عضو المجلس البلدي بولاية بوشر – ردا على الشكاوى التي تصدرت تويتر قبل مدة: زحف المنشآت الصناعية بالمنطقة بدأ مع قرار لوزارة التجارة والصناعة في عام 2007م ويقضي بتحويل الأراضي بالمنطقة من أراض سكنية إلى صناعية مع إبقاء الأهالي في انتظار قرار من وزارة الإسكان تزامنا مع منع الأهالي من التمديد والبناء وعدم تمكن بلدية مسقط حينها من إيقاف منح إباحات البناء للأراضي الصناعية لوجود ملكيات مسبقة.
وكانت وزارة الإسكان في إعطاء ملكيات وتصاريح بإنشاء ورش صناعية في المنطقة (مع وجود المواطنين فيها)، ويشير الرحبي إلى أن المنطقة قاربت فعليا على الاكتظاظ بالوافدين الذين يثيرون مخاوف السكان، وأصبحت الشركات ملاصقة للمنازل. وحول خطوات المواطنين اتجاه حل المشكلة، يقول: أول شكوى تقدمنا بها كانت في عام ٢٠٠٠ لوزارة البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه (سابقا) آنذاك وقابلنا الوزير، وكان قرار الوزارة يقضي بمراقبة القضية وما حدث أن الوزارة كانت في كل مرة تعلم مواعيد حملات التفتيش التي يقوم بها المسؤولون فتقوم باتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان عدم وجود ملوثات في المنطقة المحيطة. وأشار أحد المواطنين إلى قيام مجموعة منهم بتقديم شكوى في محكمة القضاء الإداري ضد وزارة الإسكان و بلدية بوشر لمنحهم تصاريح بناء منشآت صناعية في منطقة سكنية ما زالت مأهولة بالسكان، مطالبين بإثبات آلية النقل الحقيقية. وأوضح أنه، كان من ضمن مرافعات وزارة الاسكان: تقرير به آلية النقل وهذا ما كانوا يبحثون عنه، اتضح من خلاله أن آلية النقل مجرد “خدعة” لإقناعهم بمشروع النقل فقط. وقام هؤلاء المواطنون بعرض هذا التقرير على سعادة الوالي وأعضاء مجلس الشورى وأعضاء المجلس البلدي، الذين أبدوا استغرابهم من هذا القرار، بحكم أن بعضهم كان من ضمن اللجنة المكلفة بمشروع نقل المنطقة إلى صناعية وترحيل المواطنين.
المواطنون يطالبون بإثبات رسمي معتمد والمجلس البلدي يطالب بتكثيف الرقابة
أما عن الحلول فيقترح المواطنون، تشكيل لجنة تضم عددا من الأهالي ممن يتم اختيارهم من قبل أهالي المنطقة ككل، وتقديم الحلول التي تناسب كل الأطراف. حيث أشاروا إلى، أنهم ما زالوا يطالبون بإثبات رسمي معتمد، يضمن لهم حق الوعود التي نطقت بها اللجنة حول المنطقة.
في حين قال الرحبي: صدر قرار وزارة الإسكان بتحويل المنطقة إلى منطقة صناعية ونحن بعد ذلك لم نطالب إلا بإيقاف العمران الصناعي إلى حين نقل المواطنين من المنطقة، والتعجيل بإجراءات النقل والتعويض لهم، ولكن للأسف دون جدوى فالمنطقة تحولت إلى منطقة صناعية والسكان ما زالوا فيها.
وكانت وزارة البيئة والشؤون المناخية قد أوضحت عبر حسابها على تويتر إلى أنها تابعت عددا من الشكاوى حول هذا الأمر وقام ممثلون بالوزارة بزيارة ميدانية خلال الأيام الماضية للتحقق من أسباب المشكلة والإجراءات المتخذة وتم اتخاذ الترتيبات والقرارات التي تمنع تكرارها، في حين طالبت الرئيسية – عضوة المجلس البلدي- بضرورة تكثيف الرقابة على المنشآت بالمنطقة لحين عملية نقل الأهالي منها حفاظا على سلامتهم.
متابعة: سارى البلوشية
التعليقات 1