الحالة الحقوقية في الخليج العربي أحد مؤشرات تراجع الحرية وتصاعد انتهاكات حقوق الإنسان، وهي دليل متين على بطش السلطات وقمعها لأي معارض لها، ومدى انزعاجها كذلك من أي أنشطة فكرية تناقش الأوضاع السياسية أو حقوقية ترصد وتوثّق الانتهاكات وكذلك تطالب بالعدالة والمساواة وتوفير أساس حقوقي للمواطن الخليجي يضمن له حرية الرأي والتعبير والمعتقد وغير ذلك. في تقرير مواطن الشهري الموجز نتناول عددا من الحالات الحقوقية المختلفة في دول الخليج العربي.
البحرين
صحيفة الوسط
أصدرت السلطات البحرينية أمرا بإيقاف صحيفة “الوسط” عن العمل، وذلك بحجة أنها قامت بإهانة دولة عربية شقيقة، حسب ما تواردته صحف عالمية. وكانت الوسط التي تأسست في 2002، قد صدر سابقا أمر بإيقافها في أغسطس 2015، وكذلك في 2011 بداية الاحتجاجات في البحرين، الذي شهد اعتقال رئيس تحريرها والحكم عليه بالغرامة، ولكن التعليق كان لا يدوم أكثر من ثلاثة أيام في كلّ مرة. إلا أن الأمر هذه المرة يبدو مختلفا ومحسوما، حيث قامت الصحيفة يوم 25 يونيو 2017 بتسريح كافة موظفيها. وتعتبر الوسط قريبة من المعارضة الشيعية في البحرين.
كما أدانت منظمة هيومن رايتس ووتش الإغلاق واعتبرته انتهاكا لحق حرية التعبير والإعلام ومخالفا لقانون الصحافة في البحرين.
تعذيب ابتسام الصائغ
استدعت السلطات الأمنية البحرينية في 25 مايو 2017 الماضي الناشطة الحقوقية ابتسام الصائغ للتحقيق معها، ولكن الناشطة، وحسب إفادة لها لمنظمة العفو الدولية “أمنستي”، ذكرت أنه قد تم عصب عينيها فور وصولها، وضربها في وجهها وركلها في بطنها وأمرها بالوقوف لمدة سبع ساعات وتهديدها باغتصاب ابنتها وجلب زوجها لتعذيبه، كما تم التحرش جنسيا بها.
وأدانت “العفو” ما حدث للصائغ، وطالبت الحكومة في البحرين بوضع حد لسوء المعاملة التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان داخل البحرين.
الإمارات
أحمد منصور
أطلقت منظمة العفو الدولية، نداء جددت فيه مطالبتها السلطات الإماراتية بضرورة الإفراج عن الناشط الإماراتي أحمد منصور، الذي اعتقلته السلطات الإماراتية في مارس الماضي. وحثّت العفو النشطاء إلى دعم أحمد منصور والمطالبة بالإفراج عنه، حيث إنه معتقل بمعزل عن العالم الخارجي، وممنوع حتى من التواصل مع محاميه.
وكانت السلطات الإماراتية اعتقلت “منصور” بسبب ما وصفته أنه نشر للكراهية وأخبار كاذبة بقصد إساءة سمعة الدولة. وكان منصور قد شارك قبل اعتقاله في وثائقي أعددته قناة البي بي سي، عن وسائل المراقبة التي تتبعها حكومات الخليج العربي ضد الناشطين، بالتعاون مع حكومات وشركات أوربية.
الكويت
صقر الحشّاش
حكمت محكمة كويتية يوم 19 يونيو 2017، بالسجن غيابيا على النشاط الكويتي المعارض صقر الحشّاش لمدة 15 عاما بسبب تغريدة اتهم فيها بالإساءة لنزاهة القضاء. وهذه المرة الثالثة التي يتم الحكم فيها على الحشاش منذ 2014، حيث حكم عليه في 2015 بالسجن 10 سنوات بسبب اتهامه بنشر رسومات على تويتر توضح كيفية صناعة قنبلة حارقة، في وقت كانت الكويت تشهد فيه عددا من المظاهرات، وأدانته محكمة كويتية بالتحريض لشن هجمات ضد رجال الأمن، ولا زال الحشّاش ينتظر الحكم النهائي في هذه القضية من المحكمة العليا. وفي 2014، حكمت محكمة كويتية بالسجن على الحشّاش بالسجن 20 شهرا بسبب تغريدات له في تويتر وجدت فيها السلطات الكويتية إهانة للذات الأميرية حسب وصفها.
والحكم الأخير في القضية الجديدة ضد الحشّاش ليس نهائيا، حيث يمكنه استئناف الحكم. كما تشير “مواطن” إلى أنّ السلطات الأمنية في الكويت لديها دائرة بإسم مكافحة الجرائم الإلكترونية، مهمتها التتبع اليومي لكافة الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت بصورة عامّة، وتقديم بلاغات ضد أي ناشط تفسر هذه الدائرة أنه نشر تغريدة أو منشورا أو مقالا ضد القانون!
قطر
نجيب النعيمي
قامت السلطات القطرية بتجديد منع سفر المحامي الحقوقي نجيب النعيمي، الذي كانت قد أصدرته في السابع من يناير هذا العام، وألغته محكمة استئناف قطرية في 30 مايو لاحقا، إلا أن النعيمي تفاجأ في 26 يونيو 2017 يأن قرار منع السفر بحقه قد تمّ تجديده، وأنّه ممنوع من السفر. وحسب مصادر لمركز الخليج لحقوق الإنسان، فإن النائب العام القطري، علي المرّي، وضع اسم النعيمي في قائمة الممنوعين من السفر دون إبداء أو توضيح الأسباب. كما أدان مركز الخليج هذا المنع وطالب السلطات القطرية برفع حظر السفر عن محامي حقوق الإنسان البارز الدكتور نجيب النعيمي.
نجيب النعيمي، محامي ووزير العدل الأسبق، وكان عضوا في لجنة الدفاع عن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بعد سقوط العراق في يد الاحتلال الأمريكي وسجنه، كما أنّه كان المحامي الذي ترافع ودافع عن الشاعر محمد العجمي “ولد الذيب” الذي كانت محكمة قطرية ابتدائية حكمت عليه بالسجن المؤبد، والذي تم خفضه إلى 15 سنة من الاستئناف، قبل أن يتم إطلاق سراح العجمي لاحقا في 2016 بعد 5 سنوات سجن بعفو أميري. وكان قد سجن العجمي بسبب قصيدة كتبها ممتدحا الربيع العربي.
أزمة حصار قطر
أدانت منظمة العفو الدولية “أمنستي” الحصار أو المقاطعة التي فرضتها السعودية، الإمارات والبحرين، بالإضافة لمصر، على قطر، إثر الأزمة السياسية الأخيرة بينهما، ووصفت أمنستي المقاطعة بأنها تمثل ضربة لحرية التعبير حسب رأيها، كما أنها التقت بعدد من العوائل التي تضررت من قرار المقاطعة والإجراءات الأمنية المصاحبة لها التي تمثلت في فصل الكثير من العائلات عن بعضها البعض بسبب أن أحد الوالدين يحمل جنسية قطرية أو جنسية من الدول الثلاث. كما اتجهت الدول الثلاث إلى التصعيد وذلك بتجريم أي تعاطف مع قطر أو محاولة النظر إلى الأزمة بغير التوجه الذي تريده الدول الثلاث. ورغم أن الدول الثلاث تراجعت لاحقا عن عدد من الإجراءات التي تسببت إلى تشرّد الأسر، إلا أنّ الدول نفسها شهدت حالات استدعاءات واعتقالات واسعة لمغرّدين وناشطين كان لهم رأي مغاير للأزمة الحالية عن الرأي الذي تبنته الدول الثلاث.
وحذّر نائب مدير برنامج القضايا العالمية لمنظمة العفو الدولية، جيمس لينش، قائلا: يجب على الدول الثلاث أن تضمن أن لا تؤدي أعمالها إلى انتهاكات لحقوق الإنسان”.
السعودية
لجين الهذلول
أوقفت السلطات السعودية الناشطة الحقوقية السعودية لجين الهذلول يوم الرابع من يونيو 2017 واعتقلتها لمدة 4 أيّام قبل أن تطلق سراحها في السابع من يونيو، دون أن يتمّ توجيه أيّة تهمة إليها. وكانت الهذلول عائدة من أبوظبي حيث تقيم للدراسة حين تمّ اعتقالها، فيما اعتقدته منظمات حقوقية من ضمنها العفو الدولية “أمنستي” أنه بسبب نشاطها السلمي المستمر ومطالبتها بحقوق المرأة في السعودية مثل حق قيادة السيارة وإلغاء قانون الولاية أو القوانين التي تزيد من قبضة الرجل على حياة المرأة، وغيرها من القوانين. كما أنها تقدمت للترشح في الانتخابات البلدية لعام 2015 ولكن طلبها تمّ رفضه.
وكانت لجين قد اعتقلت سابقا في 2014 إثر محاولتها عبور الحدود السعودية إلى الإمارات، وذلك من ضمن حركتها الاحتجاجية ضد عدم السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، واستمرت 72 يوما في المعتقل حتى تم الإفراج عنها لاحقا دون توجيه أيّة تهمة ضدّها.
القسط تدعو السلطة الأمنية السعودية الجديدة إلى إثبات حسن النوايا
بادرت منظمة القسط لحقوق الإنسان -مقرها لندن ومهتمة بالقضايا الحقوقية السعودية- بطرح مبادرة “حقوقية -سياسية” تدعو فيه السلطات السعودية الجديدة لاتخاذ خطوات جادة للإصلاح والتصالح مع الشارع السعودي. هنا نص البيان:
“عهد جديد وخطوات مستحقة
يتطلع السعوديون والحريصون على حقوق الإنسان إلى تغيرات جذرية في ملف حقوق الإنسان في السعودية، واعتبروا أن التغير في الحكم هو فرصة مواتية لاتخاذ خطوات إصلاحية جادة تلبي جزء من تطلعات المجتمع، وتحل شيئًا من معاناته، وتسمح له بأن يشق طريقه نحو التقدم والتطور وبناء وطنه، وذلك بعد عشرات السنوات التي ساد فيها الصوت الواحد، ومُنع فيها التعبير عن الرأي، وغُيبت فيها مشاركة المجتمع المدني، وازدادت الأحكام القاسية، وفُرضت قيود لا أساس لها على حركة المرأة، وظل مرتكبي التعذيب يفلتون من العقاب، وتزايدت شكاوى الشعب السعودي من عدد من الانتهاكات المباشرة، والآثار الأخرى التي تهدد المجتمع بسبب غياب مؤسسات المجتمع المدني وغياب حرية الرأي، فشاعت الطائفية والكراهية والتطرف وازداد الفقر والبطالة والجريمة، كما زاد الفساد وضمن أصحابه الإفلات من الرقابة المجتمعية، كل ذلك كان يتنامى عام بعد عام في وجود بيئة قمعية تسمح بكل هذه الانتهاكات وبتبعاتها الاجتماعية والثقافية والدينية، وجاء العهد الجديد والتغيير في رأس الحكم، وإقالة وزير الداخلية السابق المسؤول عن عدد من الانتهاكات، ليتطلع المجتمع السعودي والحريصون على حقوق الإنسان في العالم إلى حلول صادقة وجريئة لتجعل التغيير السياسي منعكسًا ايجابيا على الشارع وليس العكس.
وكمساهمة في دفع السلطات السعودية الجديدة لاتخاذ خطوات جادة للإصلاح، والتصالح مع الشارع السعودي الذي عانى كثيرًا، والذي يجب أن تنتهي معاناته وأن ينعم بحقوقه، وكمساهمة للتوضيح لكل من تهمهم حقوق الإنسان، فإن القسط تضع خطوات لازمة يجب اتخاذها بشكل فوري لإنقاذ البلاد، وتدارك مزيد من التردي في الشأن السعودي، ولتدارك البلاد قبل الانفلات الذي قد يكون نتيجة لتزايد القمع و الاستمرار في تجاهل حقوق الشعب ومطالبه المشروعة، وبهذا فإن القسط تدعو السلطات السعودية إلى إثبات حسن النوايا، والشروع فورًا في اتخاذ الخطوات التالية، وتدعو المجتمع السعودي إلى التمسك بحقوقه المشروعة وعدم الجنوح للاستسلام أو للطرق الغير مشروعة التي قد يدفع لها اليأس والإحباط من سلوك السلطات، وتدعوا القسط كل المؤمنين بحقوق الإنسان إلى دعم هذه الخطوات والدعوة لها، ونذكر أن أمن واستقرار السعودية ينعكس ايجابيًا على المنطقة والعالم، والاستمرار في القمع والاضطهاد والاستمرار في السياسات السعودية التأزيمية ستكون عواقبها وخيمة لا سمح الله.”