على غرار ما حدث في السعودية والإمارات من فرض ضريبة القيمة المضافة ، اتخذت سلطنة عمان قراراها ببدء العمل بفرض ضريبة قيمة مضافة بمعدل 5% هذا العام، لكنها أرجأت القرار حتى 2019، لتخوفها من التأثير السلبي في إنفاق المستهلكين، وأيضاً بسبب القيود على الإنفاق الحكومي، وبحساب الإنفاق قيد التسوية، أو الأموال المرصودة التي لم تُصرف بعد، تراجع الإنفاق إلى 1.40 بليون ريال من بليوني ريال لأسباب من بينها انخفاض الإنفاق الاستثماري.
وكانت خطة موازنة عمان الأصلية للعام 2018 تتوقع إنفاق 12.5 بليون ريال هذا العام وإيرادات 9.5 بليون ريال، مع عجز ثلاثة بلايين ريال بافتراض متوسط لسعر النفط قدره 50 دولارًا للبرميل، وعلى الرغم من أن المركز المالي للسلطنة من بين الأضعف في دول الخليج الغنية المصدرة للنفط بحسب ‘‘رويترز‘‘، إلا أن هذه الأرقام قد تُطمئن المستثمرين رغم أنها كشفت أيضا عن أن عمان لم تحقق تقدما يذكر على صعيد زيادة الإيرادات غير النفطية وهو ما يجعل البلد منكشفا على أي تراجع في أسعار الخام.
وبحسب صحيفة “تايمز أوف عمان”، قدر صندوق النقد الدولي أن فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في عُمان، سيرفع إجمالي الناتج المحلي بنحو 1.7% أو ما يوازي نحو 1.3 مليار دولار.
كتب: معاوية العطار
ما ضريبة القيمة المضافة؟
تعرف ضريبة القيمة المضافة؛ بأنها ضريبة غير مباشرة، ونوع من أنواع ضريبة الاستهلاك، وتُفرض على معظم السلع والخدمات التي يتم شراؤها وبيعها؛ وفقا لفضائية “سي إن بي سي عربية”، حيث تفرض على السلعة في مختلف مراحل إنتاجها وتداولها خلال انتقالها من المنتج إلى المستهلك، ويدفع المكلف بها في كل مرحلة ضريبة على القيمة التي تضيفها تلك المرحلة للقيمة النهائية للسلعة أو الخدمة، وتنعكس الزيادة في النهاية على سعر بيع السلعة أو تأدية الخدمة للمستهلك النهائي، والذي يكون فعليا هو المتحمل لتلك الضريبة بشكل غير مباشر.
ضريبة القيمة المضافة التي أصبحت في الوقت الحاضر مصدرا رئيسيا للإيرادات في غالبية دول العالم، ظهرت للمرة الأولى سنة 1954 في فرنسا، بفضل نائب مدير مديرية الضريبة العامة موريس لوريه، الذي وضع قواعدها الرئيسية سنة 1953، فكان معدل الضريبة العادي 20% مع زيادات حتى 23% و25%، كما كانت تتضمن معدلات منخفضة بحدود 6 و10%، وقبل استخدامها كانت الضرائب غير المباشرة تفرض على سلع معينة (مثل السجائر، المشروبات الكحولية)، والضرائب على مبيعات التجزئة.
ومن بين الدول الـ184 الأعضاء في المنظمتين الدوليتين (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) فإن 118 عضوا أي بما يعادل (64%) منها تطبق نظام القيمة المضافة أو ضريبة المبيعات، وهذه تشمل جميع الدول الأوروبية وبعض دول الأمريكتين ومعظم الدول الآسيوية ونصف الدول في القارة الإفريقية، وجميع الدول التي كانت تشكل المعسكر الاشتراكي.
لكن يستثنى من القيمة المضافة بعض الحالات التي يحددها القانون والتي تختلف من بلد إلى آخر، كما تُعفى السلع التي يتم تصديرها من الضريبة على القيمة المضافة في البلد المصدر، بينما تخضع السلع المستوردة للضريبة في البلد المستورد.
إيجابيات القيمة المضافة
وفقا لوكالة “رويترز”، تتمثل التداعيات الإيجابية لضريبة القيمة المضافة، في توسيع الفجوة بين السعر الذي يدفعه المستهلك للسلعة والسعر الذي يستلمه البائع من بيعه لها، كما تفرض على المراحل المختلفة للإنتاج، حيث يتم تعويض الضرائب المفروضة على المدخلات من الضرائب المفروضة على المنتجات أو المخرجات.
ما يعني أن البائعين مطالبون بفرض ضرائب على جميع مبيعاتهم، وفي الوقت ذاته بإمكانهم المطالبة بتعويض عن الضرائب التي فرضت عليهم في السلع التي استخدموها كمدخلات في عملية الإنتاج، الأمر الذي يعني أن الإيرادات أصبحت مضمونة وذلك من خلال تحصيلها أثناء عمليات الإنتاج جميعها، على العكس من الضرائب على مبيعات التجزئة.
ومن المميزات أن هذا النوع من الضرائب لا يشوّه قرارات الإنتاج كما هو الحال في الضريبة على الإيرادات النهائية، كما أنها ضريبة محايدة وذلك لأنها لا تحصر العبء الضريبي على مرحلة معينة من مراحل الإنتاج، كذلك تساعد على تشجيع الصادرات وذلك لأن هذه الضريبة عادة لا تفرض على الصادرات، كذلك العبء الضريبي الذي تتحمله السلع المحلية يكون مساويا أو مقاربا للعبء الضريبي الذي تتحمله الواردات.
السلبيات
تتمثل سلبيات ضريبة القيمة المضافة في خلق تمييز ضريبي لصالح الشركات المندمجة التي تنتج داخليا الجزء الأوفر من القيمة المضافة لمنتجاتها، فتقل بذلك فرص التعامل التجاري مع الشركات الأخرى التي قد لا تحصل إلا نادرا، وتقل بالتالي مبالغ الضريبة التي تُدفع مع كل عملية شراء، وتكون تكلفة المنتج النهائي أقل أيضا.
في حين أن الشركات غير المندمجة أو التي تُناول بعضا من أنشطتها لشركات أخرى، تتكلف ضرائب أكبر بسبب تعاملها التجاري مع شركات أكثر (موردون، وسطاء، نقل، …)، وهذا ينعكس سلبا على الكلفة النهائية للمنتج، والقدرة التنافسية لهذه الشركات.
كذلك، تُوصَف القيمة المضافة بأنها ضريبة عمياء وغير عادلة؛ نظرا لكونها لا تميز بين الفقراء والأغنياء، ولا تأخذ تفاوتات الدخل بين المستهلكين بعين الاعتبار، كما أنها تشكل عبئا كبيرا على أصحاب الدخل المحدود؛ إذ تمتص جزءًا مهما من مواردهم، مما يحد من قدرتهم الشرائية ويقلل فرصهم في الاستهلاك.
وتلجأ بعض الدول من أجل تصحيح هذا الوضع إلى فرض ضريبة مخفضة (مقارنة مع المعدل العادي) على السلع الضرورية التي تمثل النصيب الأوفر من استهلاك الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود.
وقد تُقدم الدولة في الوقت نفسه على فرض معدلات عالية من الضريبة على السلع الكمالية، أملا في الحد من استهلاك هذه السلع التي تستورد عادة من الخارج، أو فقط من أجل تعويض النقص في الجباية الناتج عن تخفيض الضريبة بالنسبة للسلع الضرورية.
صندوق النقد: الإصلاحات حتمية في سلطنة عمان
في 20 يونيو 2018 اختتم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي مشاورات المادة الرابعة مع سلطنة عمان، قائلا في بيان له نشر على موقعه الإلكتروني بتاريخ 11 يوليو 2018: “نظرا للانخفاض السائد في أسعار النفط، بلغ عجز المالية العامة والحساب الجاري أرقاماً ثنائية في عمان على مدار السنوات القليلة الماضية، مما أسفر عن زيادات كبيرة في الدين الحكومي والخارجي وانخفاض في هوامش الأمان الخارجي. وعلى هذه الخلفية، شرعت السلطات في تنفيذ إصلاحات لتعزيز مركز المالية العامة وإعطاء دفعة للنمو وتنويع النشاط الاقتصادي بقيادة القطاع الخاص”.
وأضاف الصندوق: “من المقدر أن النمو الاقتصادي غير النفطي حقق تحسنا متواضعا في 2017 مسجلاً 2% تقريبا مقارنة بنسبة 1.5% في 2016، حيث ساعد تحسن الثقة في أعقاب تعافي أسعار النفط على تعويض أثر الضبط المالي على النشاط الاقتصادي”.
وأضاف أيضا: “غير أن نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي الكلي أصبح سالباً (-0.3%) بسبب الانكماش الكبير في الناتج النفطي (-2.8%) والذي يرجع إلى تنفيذ اتفاقية “أوبك +”. ومن المتوقع أن تؤدي جهود الحكومة لتنويع النشاط الاقتصادي وما تنويه من استكمال مشروعات البنية التحتية الكبرى إلى تحقيق ارتفاع تدريجي في النمو غير النفطي يصل إلى 4% تقريبا على المدى المتوسط.
وأشار الصندوق إلى أن البيانات الأولية عن تنفيذ الموازنة إلى حدوث تحسن كبير في مركز المالية العامة في العام الماضي، حيث أدى ارتفاع أسعار النفط وتقييد الإنفاق إلى تخفيض العجز الكلي إلى 12.8% من إجمالي الناتج المحلي. ومع ذلك، كان تنفيذ الموازنة صعبا، حيث وقعت بعض التجاوزات في الإنفاق والقصور في أداء الإيرادات الضريبية مقارنة بتقديرات الموازنة.
وفي نفس الوقت، من المقدر أن يكون عجز الحساب الجاري قد تحسن بنحو 3 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي.
وعليه تجري الحكومة مزيدا من الإصلاحات لزيادة الإيرادات غير النفطية، ومنها استحداث ضريبة القيمة المضافة وضريبة انتقائية على السلع، كما تنوي الاستمرار في تقييد الإنفاق. ومن شأن هذا أن يصل بالعجز إلى حوالي 4% من إجمالي الناتج المحلي في العامين القادمين.
وأظهرت أرقام رسمية انكماش عجز الموازنة العامة لسلطنة عمان بنحو ثلاثة أرباع في الشهرين الأولين من العام الحالي مع ارتفاع إيرادات التصدير بقوة بفضل زيادة في أسعار النفط، ومن شأن هذه الأرقام أن تُطمئن المستثمرين على الرغم أنها كشفت أيضاً عن أن عمان لم تحقق تقدماً يذكر على صعيد زيادة الإيرادات غير النفطية، وهو ما يجعل البلد منكشفاً على أي تراجع في أسعار الخام.
وهبط عجز الموازنة الحكومية في يناير وفبراير إلى 268.3 مليون ريال (697 مليون دولار) من 997.8 مليون ريال قبل عام، بحسب ما ذكرت وكالة الإحصاءات الحكومية التي استأنفت نشر بيانات الموازنة بعد توقف ستة أشهر. ولم تذكر أسباباً للتوقف ولا لقرارها استئناف النشر، لكن أظهرت أرقامًا أولية وغير كاملة نشرها البنك المركزي قبل بضعة أسابيع عجزاً ماليا قدره 610.6 مليون ريال في أول شهرين.
كما زادت الإيرادات الحكومية 17.2% إلى 1.13 بليون ريال، بينما صعد صافي الإيرادات النفطية 24.3% إلى 749.2 مليون ريال، في الوقت الذي بلغ فيه متوسط سعر خام برنت 67.48 دولار للبرميل في يناير وفبراير من العام الحالي ارتفاعاً من 55.72 دولار قبل عام. والسعر الحالي أقل بقليل من 75 دولاراً.
وذكرت وكالة “رويترز” أن مؤسسة “فيتش” خفضت تصنيف عُمان إلى BBB-، وهو أعلى بدرجة واحدة فقط من تصنيف عالي المخاطر، مع نظرة مستقبلية سلبية، في شهر ديسمبر 2017. وأشارت للعجز الكبير في الميزانية. وتصنف “ستاندرد آند بورز” بالفعل الدين العماني بأنه عالي المخاطر.
أول الإصلاحات.. إقرار مبدئي للضريبة الانتقائية
في 20 يونيو 2018 أقر مجلس الشورى في سلطنة عمان، قانون الضريبة الانتقائية على مجموعة من السلع التي تسبب أضرارا على صحة الإنسان، وقال المجلس في تغريدة له على موقع “تويتر”، إنه أقر قانون الضريبة الانتقائية، وأحال المشروع إلى مجلس الدولة للمصادقة عليه، حتى يصبح نافذا.
ما فعلته السلطنة سبقتها إليه السعودية والإمارات، فقد أعلنتا عن تطبيق الضريبة الانتقائية في يونيو وسبتمبر من عام 2017 على التوالي، بنسبة 50% على المشروبات الغازية، و100% على التبغ ومشروبات الطاقة، وكانت المملكة العربية السعودية، قـدرت أن تبلـغ الإيرادات مـن الضريبة على السلع الانتقائية فـي 2018 ما مقـداره 9 مليـارات ريال (2.4 مليار دولار).
كما أعلنت البحرين في نهاية العام الماضي تطبيق الضريبة الانتقائية على ذات السلع والنسب، في الأسواق المحلية، وتستند الضريبة، إلى قرار المجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الـ36، التي عقدت في العاصمة السعودية (الرياض) في 2015.
تأجيل ضريبة القيمة المضافة إلى يناير 2019
خمسة أشهر من اليوم تفصل حكومة سلطنة عمان عن فرض ضريبة القيمة المضافة، وذلك بإضافة 5% لكل السلع الموجودة في السوق العماني، بالإضافة إلى فرض الزيادة المقررة لكل الخدمات التي تقدمها بلدية مسقط وبلدية ظفار وبلدية صحار وباقي البلديات الإقليمية والتي تأجل فرضها من يونيو 2018 إلى بداية يناير 2019، هاتان الإضافتان قد سبقتها إضافات في النسب في بعض الخدمات الحكومية كمعاملات البيع والشراء والضرائب لبعض السلع الانتقائية.
وقالت صحيفة “الرؤية” العمانية، عن مصدر مسؤول ‘‘إن تطبيق ضريبة القيمة المضافة يتطلب الانتهاء من إصدار التشريعات اللازمة وتشمل صدور القانون الجديد متضمنا التعديلات المطلوبة وما يتبع ذلك من لوائح تنفيذية، مشيرا إلى التحضيرات الفنية من أنظمة حاسب آلي وغيرها، إضافة إلى تحضيرات تتعلق بالكادر البشري المتخصص الذي سيقوم على تطبيق هذه الضريبة وتأهيل الموظفين للعمل في تطبيق الضريبة الجديدة على السلطنة.
وبين أنه بجانب كل ذلك فإنَّ هناك تحضيرات أخرى ينبغي إنجازها من جانب أصحاب الأعمال أنفسهم للاستعداد بما يلزم لتطبيق الضريبة، مؤكدًا أن هذه الإجراءات التحضيرية المتكاملة تستهدف ضمان تطبيق سلس في 2019.
من جانبه، أكد مصطفى سلمان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في الشركة المتحدة للأوراق المالية، أن تأجيل سلطنة عمان لتطبيق ضريبة القيمة، سيكون له تأثير إيجابي على القطاع الخاص، الذي سيجهز نفسه بالاستفادة من تجارب الدول التي سبقت عمان في تطبيق الضريبة، مشيرا في مقابلة مع قناة “العربية” إلى أن الاتفاقية الخليجية، تنص على أنه في حال تطبيق دولتين لضريبة القيمة المضافة، فعلى الدول الأخرى أن تبدأ بالتطبيق خلال مدة سنة من تاريخ التطبيق في أول دولتين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقال إن سلطنة عمان “اختارت التأجيل لسنة بموجب الاتفاق” مؤكدا أن تطبيق الضريبة في ضوء إصلاح السلطنة لأسعار الوقود، سيكون له تأثير في رفع معدل التضخم في البلاد، وسيكون للتأجيل انعكاس إيجابي بهذا الإطار.
ضريبة القيمة المضافة ضرورة تمليها المتغيرات الاقتصادية
بدوره، قال الدكتور ناصر بن راشد المعولي الأكاديمي والباحث الاقتصادي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس “إن فرض ضريبة القيمة المضافة في دول الخليج أصبح ضرورة تمليها المتغيرات الاقتصادية في ظل انخفاض وتذبذب أسعار النفط.. وستشكل إضافة كبيرة إلى الإيرادات الحكومية غير النفطية. وفي المشاريع التنموية، لكن تطبيقها يتطلب إدارة مهنية عالية، وإيجاد توازن منطقي بين التأثيرات الاقتصادية لفرض الضريبة والآثار الاجتماعية التي قد تنتج عن فرضها”.
وبحسب جريدة “عمان”، أكد أن قرار السلطنة بتأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة للعام المقبل يعد قرارا صائبًا حيث إنه يتيح للسلطنة الاستفادة من تجارب الدول الخليجية الأخرى التي سبقتها في تطبيق ضريبة القيمة المضافة، كما يتيح تجهيز البنية الأساسية اللازمة للنظام الضريبي وتوفير الخبرات المختلفة في إدارة الضرائب وتحصيلها.
وأضاف أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة يحتاج إلى وجود جهاز ضريبي متطور وتقنية عالية وكوادر بشرية مؤهلة، كما يتطلب وجود نظام محاسبي متقدم لدى الشركات والمؤسسات الخاضعة للضريبة. مشددا على ضرورة الموازنة بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي عند تطبيقها وأنْ تسبقه دراسات معمقة حول تأثير فرض ضريبة القيمة المضافة على الاستثمار الأجنبي؛ حتى لا تؤثر على التنافسية في هذا المجال. كما أن إقرارها يجب أن يتوافق مع قرار إلغاء جميع الضرائب غير المباشرة كضريبة البلدية وضريبة المطاعم السياحية وغيرها من الضرائب؛ حتى لا يكون هناك ازدواج ضريبي يترتب عليه تفاقم الأسعار وبالتالي ينعكس سلبًا على مؤشرات الرفاه الاجتماعي والقدرة التنافسية للأسواق الخليجية.
وأوضح الباحث الاقتصادي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومدير مركز البحوث الإنسانية بجامعة السلطان قابوس العديدَ من الجوانب المتعلقة بالقيمة المضافة، مشيرا إلى أن انعكاسات فرض أي ضريبة – بغض النظر عن نوعها- تختلف بالطبع من دولة إلى أخرى ومن وقت إلى آخر باختلاف التكوين الاقتصادي للدولة، كما تختلف التأثيرات باختلاف مراحل النمو الذي وصلت إليه الدولة، ومدى كفاءة سياستها المالية وقدرتها على التأثير في المجريات الاقتصادية المختلفة، كما تعتمد التأثيرات على مدى وجود برامج دعم مخصصة للفئات التي قد تتأثر بأي نوع من الضرائب.
المواطن العماني المتضرر
استعرض الكاتب خلفان الطوقي في مقال له بصحيفة “رؤية” العمانية، وتيرة الرسوم والضرائب غير المباشرة السابقة والمستقبلية بهدف معرفة مزايا وعيوب فرض رسوم وضرائب إضافية على الاقتصاد الكلي لسلطنة عمان، مشيرا إلى أن المزايا تتلخص في زيادة إيرادات الدولة، والتوافق مع نصائح صندوق النقد الدولي التي تدعو دائما إلى إيجاد موارد تضمن ديمومة الدولة بغض النظر عن ظروف الدولة والآثار السلبية التي قد تحصل، ورفع التصنيف الائتماني لدى المؤسسات المقرضة والداعمة خاصة المؤسسات والبنوك الدولية.
أمّا بالنسبة لعيوب هذه الضرائب ورفع الرسوم فأهمها: تحويل البيئة الاستثمارية في السلطنة إلى أرض طاردة ليس للمستثمرين الخارجين الحاليين فحسب بل لأصحاب رؤوس الأعمال من العمانيين، واتجاه رؤوس الأموال المحلية والأجنبية إلى بيئات استثمارية أكثر جذبا، وتوقف المستثمرين المرتقبين إلى القدوم إلى السلطنة والاستثمار فيها، وقلة المعاملات التجارية من بيع وشراء بسبب ارتفاع رسوم المعاملات الحكومية، والتي قد تشجع الناس على التحايل وإيجاد طرق ملتوية لتفادي دفع هذه الرسوم وبالتالي قلة الدخل الحكومي بدلا من زيادته، أضف إلى ذلك ارتفاع نسبة التضخم في الأسعار، مما يعني ضعف القيمة الشرائية للمواطن والمقيم، هذا كله سيضعف النشاط الاقتصادي مما يتسبب في إغلاق الكثير من المؤسسات التجارية بجميع فئاتها ومن كافة النشاطات، مما يعني زيادة البطالة ونسبة الباحثين عن عمل، وستزيد نسبة إخلاء الشقق والمكاتب التجارية وعدم قدرة المستأجرين أو السكان من دفع المستحقات الشهرية، مما سيسبب أرقا وصداعا في المحاكم والجهات الأمنية والقضائية الأخرى، هذا جزء من الظواهر التي تسمى بالانكماش الاقتصادي وعواقبه كثيرة ومؤلمة من كافة النواحي الاجتماعية والأمنية.
ورأى خلفان الطوقي أن زيادة الضرائب والرسوم ستسهم في إغلاق الكثير من المؤسسات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.
وطرح بديلين أحدهما في شكله يظهر أنّه “سهل” وفيه سيكون المواطن – وإن لم يعلن عن ذلك صراحة- شريكا غير مباشر في دفع الرسوم وآثاره ستكون مؤلمة، والبديل الثاني يعتبر طويل المدى ومستدامًا ويفتح آفاقا واسعة للانعاش الاقتصادي والتوظيف ورفع نسب النمو وإيرادات الدولة وتطور المستوى المعيشي للمواطن والمقيم وغيرها الكثير من الآثار الإيجابية، فأي البدائل سوف تختار الحكومة؟ لن يستطيع الإجابة عن هذا السؤال أحد عدا الجهات المسؤولة عن “الملف الاقتصادي” لننتظر ونرى.