الأخ الأكبر
أرى أن هنالك عدة مغالطات تسكن العقل الجمعي عند الساكن “المواطن” العماني بسبب ضعف الوعي السياسي والممارسة السياسية، وتضليل الدعاية السياسية التي يقودها المكتب السلطاني بالتعاون مع وزير الدعاية السياسية عبدالعزيز الرواس وأذرعته العديدة المتنوعة أهمها عندما ينسب كل إنجاز للسلطان قابوس، وكل فشل وإخفاق وتردي لمن دونه. السطان قابوس هو المسؤول الأول عن كل إهانة يتلقاها الشعب العماني من المكتب السلطاني، المؤسسة التي قررت أن تلعب دور “الأخ الأكبر” في رواية 1984، المؤسسة التي تحدد كيف يجب أن يفكر الشعب وفيما يفكر، المؤسسة التي أعطت لنفسها الحق في تحديد خيارات الأفراد، وأكثر من ذلك بالتفكير عنهم كذلك!
تشخيص
انتقاد السلطان قابوس كقائد للبلد ومسؤول عن كل السلطات بشكل مطلق، بالاسم ليست شخصنة؛ بل جزء لا يتجزأ من تشخيص للأزمة التي تعاني منها عمان حاليا. ليس من المعقول إطلاقا أن يتم تجنب انتقاده بحجج واهية؛ وهو المسؤول الأول والأخير عن كل السلطات والقرارات المصيرية. ولهذا من سخريات القدر، في عمان الكل ينتقد الكل،والجميع يلقي اللوم على الجميع، إلا السلطان قابوسمنزه ومقدس من كل عيب ونقيصة،ولا تشار إليه إلا أصابع الثناء والتبجيل؛رغم أنه المالك والحاكملكل شيء على كل شيء. النتيجة، أصبحت القابوسية هي صك الوطنيةوطريق النجاح.
لماذا تتذمر!
هل تساءلت يوما، هل السلطان قابوس يقوم بمهام وظيفته الإدارية كرئيس البلد، ورئيس الوزراء ووزير عدة وزارات (السلطة التنفيذية)، ورئيس مجلس عمان (السلطة التشريعة)، ورئيس مجلس الأعلى للقضاء (السلطة القضائية)، ورئيس مجلس محافظي البنك المركزي… إلى آخره، بشكل جيد؟وإذا كانت الإجابة ب نعم، لماذا إذن تتذمر كل يوم دون أن توجه أي سؤال إلى المسؤول الرئيس في البلد باسم القانون والواقع!
مستقبل أبناؤك
ما دمت أيها العماني لا تضجر ولا تصرخ بأعلى صوت إلا إذا أصاب جيبك الضراء، فتأكد أن جيبك كل يوم سيزيد أنينه حتى يكاد يطغى على صوت صراخك. يا ليتك تفهم إن حماية جيبك مرهون بقول “لا”، بقول “كفاية” وأنت تشير بأصبعك إلى السلطان قابوس الذي يملك ويحكم كل صغيرة وكبيرة في عمان.لك الخيار أن تحب أو تكره السلطان قابوس كإنسان، أو كقائد؛ لكن في ذات الوقت يجب أن تتذكر أن هذا القائد عليه واجبات بتجاه الوطن واتجاهك كمواطن مثل ما له حقوق. وأولى الحقوق معرفة مستقبل بلدك وبلد أبناؤك وأحفادك، أن تسأل عن ثروات البلد الذي تملك حقا فيه أيضا، أن تسأل عن أي إخفاق حكومي
الدستور
هل تعلم أن مصير جيبك مرهون ب الإصلاح السياسي أولا، وأساسها الدستور التوافقي الذي سيكون خارطة طريق للبلد، الذي سيخلص البلد من مركزية منصب السلطان عن طريق فصل السلطات لأنها أُس الأزمة، وسيمنحك صوتا كإنسان وكمواطن لتساهم في صناعة حاضر ومستقبل البلد، بلدك وبلد أبناؤك وأحفادك.
فساد مبطن
كم امقت وأشفق على ذلك العماني الذي لا يقل خطره على البلد من اللصوص والفاسدين؛ عندما يقدس السلطان بيد، وينتقد الفساد باليد الأخرى.امقته لو كان منافقا،وأشفق عليه لو لم يكن منافقا. بيد أن هذا العماني هو ضحية عملية تغيب طويلة وممنهجة قد تكون أطول من عمره.
المواطن الشريف
عندما تقرأ تغريدات لساكن عماني، يقول فيها ما كنت تقوله وتردده منذ سنوات في الوقت الذي كان فيه يخونك ويصفك بالسلبي وبكل أنواع السب، تصيب وجهك حالة من الذهول؛بيد أن الصدمة الأكبر تحدث عندما تكتشف نفسه المواطن الشريف الإيجابي مستمر في تخوينك حتى الآن، فقط لأنه ما زال يعارض أفكار أخرى!
خيارت
أزعم أن هنالك عدة خيارات منطقية تجنبك دخول دائرة الفساد المبطن، وهي حسب الترتيب الآتي:انتقد السلطان قابوس كما تنتقد الآخرين، أو انتقد الآخرين ولا تنتقد السلطان قابوس ولكن لا تطبل له كذلك، أو لا تنتقد أحدا وكن مثالا حسنا للمواطن الصالح في مكان عملك.لكن أن تسلك طريق التطبيل فقط، أو الطريقين معا – نقد الآخرين والتطبيل لقابوس – أنت خطر على الوعي الجمعي وتساهم في استمار الأزمة بل وتغذيها.
آل سعيد
بعيدا عن الجدل الدائر حول مستقبل عمان الأنسب بين الدولة الملكية المطلقة والدستورية؛ أسرة آل سعيد تفقد شرعيتها بالحكم يوما بعد يوم بتخليها عن دورها في إدارة الدولة، واستسلامهم ورضوخهم وتسليهم رقاب المواطنين لمجموعة من الفاسدين.الغريب في الأمر جدا، كيف ترضى أسرة آل سعيد، الأسرة المالكة والحاكمة حسب النظام الأساسي، أن تُستبعد عن المشاركة في إدارة الدولة، ليكونوا تحت رحمة ذلك لوبي الذي تجاوز كل الخطوط على مستوى الفساد المالي والأخلاقي والإداري.
قابوس
وكأن لسان حاله يقول: أنا ومن بعدي الطوفان.