كما تفسد السياسة الدين إذا امتزجت به وأخذته بعيداً عن مقاصده وجوهره، فكذلك تفعل السياسة مع الفن عندما تخرجه عن جوهره الأصيل كمرآة للمجتمع ناقدة للواقع السيء ومعززة لإيجابياته ورافعة لسقف آماله وطموحاته، بحيث يصبح هذا الفن المسيس مجرد أحد الوسائل السياسية التي تستخدم لنشر البربوجاندا لمحاربة الخصوم السياسيين ليفقد الفن مضمونه وموضوعيته.
في شهر رمضان المنصرم وصل الصراع السياسي القطري الخليجي (السعودية – الإمارات – البحرين) ذروته ليتم الإعلان عن مقاطعة صارمة لدولة قطر من الدول الثلاث بشكل أشبه بالحصار. ولأن رمضان شهر الذروة الفنية التلفزيونية تأثر الفن بالمناخ السياسي الساخن وبدأت مشاكسات فنية بين الطرفين. ومن ضمن تلك المشاكسات كانت إحدى حلقات المسلسل السعودي الشهير “سيلفي” بعنوان (الموذي).
وبغض النظر عن الشكل الدرامي الهزيل الذي بدت فيه الحلقة حيث أنها صورت وأخرجت على عجل كما يبدو. بيد أن الحلقة والقائمين على مسلسل سيلفي أثبتوا من حيث لا يدرون بإدخالهم الفن في براثن ومستنقع السياسة ما أظهرته وأكدته الأزمة الخليجية قبل ذلك. وأعني هنا بالضبط عن دور الشعوب في اختيار كل تلك القرارات التي جاءت نتيجة للخلافات السياسية. وقبل ذلك دورها أصلاً في طبيعة الخلاف ذاته على الرغم من أن الشعوب هي المتضرر الأول من هذا الصراع الذي يبدو أقرب للخلاف القبلي والتنافس الجيوسياسي.
حيث أكدت الحلقة على نظرة الأسر الحاكمة في الخليج للدول التي يحكمونها أنها ليست أكثر من مزارع خاصة والمواطنين مجرد ساكنين أقرب لواقع الخرفان. هل أستطيع أن أقول أن الشعوب لمست وتأكدت بنفسها مقدار حجمها في هذه المزارع الملكية الخليجية الخاصة في هذه الأزمة؟! وأرى أن هذا من أهم الدروس المستفادة على المستوى الشعبي حيث تأكد المواطن أنه ليس أكثر من ساكن ليست له حسابات من قرارات ملاك المزارع. حيث لم يختر قراره ولم يساهم حتى في صناعته رغم أنه المتضرر الأكبر كما أسلفت لاسيما عندما نعلم أن كل القرارات تم اتخاذها بشكل فردي قائمة على أهواء وأمزجة المالكين.
وما يؤكد هذا القول في طبيعة نظرة أصحاب المزارع للساكنين في مزارعهم هي القرارات الغبية المستبدة التي تنتهك كل الحقوق الإنسانية لاسيما تلك التي تتعلق بالتضامن مع دولة قطر.
رسالة:
ما حجم مساهمتك انت أيها الساكن الخليجي في قرارات حكومتك في الخلاف الخليجي وأزمة الحصار التي ترتبت عليه؟!