1 – الديانة الزرادشتية (1500) ق.م
نشأت الديانة على يد زرادشت والتى سُميت العقيدة باسمه، المولود فى منطقة فارس عام 1500 ق.م على أرجح الأقوال، وكان مفكرا و باحثا عن الحقيقة ويحب التعبد بالجبال على خلاف أهله الذين كانوا يعبدون آلهة متعدة وعلى رأسهم الإله مثيرا كبير الآلهه، و بعد أن بلغ اربعين عاما (ثلاثون فى بعض الروايات) وفي أثناء وجوده للتعبد فوق جبل سابلان، ظهر له كبير الملائكة (فوهو مانو) وأخبره أنه اختير كنبي لله، واصطحبه فى معراج للسماء على ظهر جمل ذهبى مُجنح (يقال إنه ثور مُجنح أو حصان مُجنح) ليقابل الله الذى تسمى باسم (أهوورامازدا)، وصف زرادشت السماوات بأنها سبعة وتنتهى بشجرة سدرة المنتهى، وبعد عودة زرادشت ليدعو للدين الجديد لم يؤمن به إلا زوجته وابن عمه وخلال عشر سنوات لم يحقق أي تقدم فهاجر إلى مملكة قريبة منه واستطاع إقناع ملكها بالزرادشتية، فى أثناء الصراع بين فارس والطورانيين سكان آسيا الصغرى (تركيا حاليا) تم قتل زرادشت فى مدينة بلخ، وكان مقتله صدمة كبيرة وانتشرت بعدها فكرة عودته مرة اخرى وأنه سيأتى رجل من نسله بطريقة ما وسيكون (المهدى المنتظر).
عقيدة الزرادشتية
يؤمن الزرادشتيون بالإله الواحد وهو (اهورا مزدا) ولكن يؤمنون ايضا بوجود الشر المتمثل فى شخصية (اهرمان) والتى تمثل الشيطان فى العقائد الأخرى و الحياة تقوم على الصراع بين الاثنين ولهذا يرى البعض أن العقيدة توحيدية والآخرون يرونها عقيدة ثنائية الآلهة (مثنوية)، وتقوم الزرادشتية على ثلاث ركائز وتسمى بمثلث العقيدة وهي: الفكر الصالح والعمل الصالح والقول الصالح، كما يقدس الزرادشتيون أربعة عناصر: النار والهواء والماء والتراب، ولكن ليس صحيحا أنهم يعبدون النار إنما فقط يقدسونها كما يُقدس المسلمون على سبيل المثال الكعبة، ولا يدفنون موتاهم فى الأرض بل تترك على أبراج تسمى أبراج الصمت ليأكل منها الطيور إلا أن هذا الامر اختلف فى العصر الحديث فاصبحوا يضعون الموتى فى تابوت ويدفن فى الأرض، أما الزواج يتم بموافقة العروسين ووجود شاهدين ولاي عرف على وجه الدقة إذا كان يسمح بالطلاق أو تعدد الزوجات، كما يحتفل الزرادشتيون بعيد رأس السنة الفارسية فى الاعتدال الربيعي وهو عيد النيروز ويقال إنه ولد فيه زرادشت نفسه، و يعتبر هذا العيد فرصة للذهاب للمعابد والاحتفال.
يدخل الإنسان إلى الزرادشتية عن طريق النطق بالشهادتين وهي أشهد بأني مؤمن بإله الخير الغني وأشهد أني متبع لزرداشت رسوله الكريم، والصلاة الزرادشتية هي خمس صلوات وهي الفجر (أهم الصلوات) – الصبح- الظهر – العصر – صلاة الليل وتسبق الصلاة عملية الوضوء والتي تشمل غسل الوجه واليدين والارجل، ويدفع الزرادشتيون ثلث أموالهم كزكاة ولا يعرف عنهم بشكل واضح وجود صوم محدد أو حج وإن كانت لهم كعبات ومنها كعبة زرادشت ولكن لا يعرف على الوجه المؤكد كيفية العبادة فيه، لم يدون زرادشت كتابا مقدسا ولكن بعد وفاته تم تجميع كتاب مقدس يحوي أفكاره وتراتيل للعبادة تحت اسم (الافستا)، وتعتبر الزرادشتية أول من آمن بوجود الملائكة إذ إن فكرة وجود مساعدين لله بهذا الاسم لم يكن معروفا من قبل، حيث كان يستخدم مفهوم الإله الأكبر والآلهه الصغرى، وقد آمن الزرادشتيون بوجود جنة ونار ووجود صراط يعبر عليه المؤمنون إلى الجنة وحيث إن الجنة بها كل الملذات وأيضا حور من النساء وولدان مخلدين، والنار يتعذب فيها المذنب بالبرد الشديد وحيوانات متوحشة لعقابهم، وتطلق الشعوب المختلفة على الزرداشتيين اسم المكوس وهو يعني المشعوذ أو المنجم عابد النار وهذا كان صحيحا فى ديانات ما قبل الزرادشتية حيث كانت عبادة النار منتشرة فى بلاد فارس وتم تغيير اللفظ إلى المجوس وخاصة عند المسلمين ولكن الجميع كان يطلقه بالخطأ على الزرادشتيين أيضا رغم أنهم لا يعبدون النار كما ذكرنا.
2- الصابئة المندائية 30 م
الصابئة تعنى التعميد بالماء وهو جزء رئيسي فى العقيدة وأما المندائية فتعني الموحدون العارفون لله فيكون المعنى المتعمدون الموحدون،مكان العبادة لهم يسمى بـ(المندى) ويؤمنون بعدد من الأنبياء المشتركة بينهم وبين الاأيان الإبراهيمية وهم آدم – شيث بن آدم – انوش بن شيث – النبي نوح – النبي سام بن نوح –النبي إدريس – النبي إبراهيم – النبي زكريا – وخاتم الانبياء لهم هو النبي يحيى بن زكريا (المعروف فى المصادر المسيحية باسم يوحنا المعمدان) ، ويعتبر(الكنزا ربا) هو الكتاب المقدس للطائفة ويحوي أفكارهم الدينية ويعيش أغلب الطائفة منذ القدم فى منطقة العراق وخاصة بجوار ضفاف الأنهار.
عقائد الصابئة المندائية
أركان الدين خمسة وهي: التوحيد بشهادة أن لا الله إلا الله – الصلاة – الصدقة – الصوم – التطهر، ويصلي الصابئة خمس صلوات في اليوم وهي: الفجر – الظهر – العصر – المغرب-العشاء منها ثلاثة مفروضة والصلاة فردية وليست جماعية، يسبق الصلاة عملية الوضوء وهي النية للوضوء ثم غسل اليدين ثم المضمضة واستنثار الأنف فغسل الوجه ثم الساعدين والمسح على الرأس والأذن وغسل الساقين والركبتين والقدمين وعلى أن تتم ثلاث مرات لكل جزء، كما لا يمس المندائيون كتابهم المقدس إلا على وضوء، ولا يجوز للمرأة فى فترة الحيض مس الكتاب المقدس أو الصلاة، وفى حالة نزول المني للرجل أو الجماع الزوجي يفرض عليه الاغتسال من الجنابة قبل الشروع في الصلاة أو قراءة الكنزا ربا، كما يبطل الوضوء ما يخرج من القبل والدبر من بول وغائظ ومذي ومني.
يتجه المصلي إلى الشمال كقبلة ويفضل أن يصلي على شيء يفصل بينه وبين الأرض كسجادة الصلاة عند المسلمين، ويوجد فى الصلاة وقوف وركوع فقط والركوع يكون بانحاء الرأس للأمام ووضع اليدين على الركبتين، كما يقدس الصابئة يوم الأحد ويكون هو يوم التعميد بالماء ويوم الزواج، ولا توجد معايير محددة للصدقة، ويعتبر الصوم فى الأصل هو صوم عن عمل الشر من قول وفعل ولكن لديهم صوم آخر فى أيام متفرقة تصل إلى 36 يوم يمنع فيها ذبح الحيوان أو أكل اللحوم، كما يعتبر التطهر من أهم أركان العقيدة حيث يغطس بالمياه المواليد الجدد كدليل على انتمائه للعقيدة كما في المسيحية وقبل الزواج أيضا، ويحرم الصابئة أكل الدم والميتة ولحم الخنزير وما ذبح لغير الله وشهادة الزور والزنا وشرب الخمر ويحرمون عادة الختان باعتبارها تغييرا لخلق الله ويمنعون الرهبنة ورفض الزواج ولا طلاق عندهم إلا للزنا، كما يؤمنون بوجود الملائكة وأنها مخلوقة من نور وأن هناك بعثا بعد الموت، ولابد أن يعبر الإنسان بجسر الصراط على النار ثم بميزان الأعمال للدخول للجنة أو النار، وكان يطلق على المسلمين الأوائل لفظ الصابئة نظرا لتشابة المعتقدات الإسلامية بالمندائية وذكرت الصائبة فى القرآن الكريم باعتبارهم من المؤمنيين بالله واليوم الآخر “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” – البقرة 62.
3 – المانوية 216 م
تأسست الديانة على يد (ماني) والتى انتسبت الديانة إليه، وُلد ماني فى بابل العاصمة العراقية القديمة ، عام 216 م وكانت العراق تحت حكم الإمبراطورية الفارسية وتسودها الديانة الزرادشتية، كان ماني من أسرة يرجح أنها تنتمي إلى الصابئة المندائية ولكنه تًعرف بشكل كبير على المسيحية فى شبابه وكما أنه تأثر بالإرساليات التبشيرية للديانة البوذية التي كانت متواجدة فى نفس المنطقة.
أراد ماني جمع الأديان الصابئة والمسيحية والزرادشتية والبوذية في عقيدة واحدة ومن هنا نشاءت عقيدته، وحسب الروايات المانوية، عندما وصل إلى سن ال25 من عمره ظهر له أحد الملائكة (الملاك توما او التوأم او القرين على اختلاف المصادر) وأعلمه أنه اختير نبيا وأنه جاء ليتم الرسالات السابقة من قبله وأن بوذا وزرادشت والسيد المسيح كانوا رسلا من قبله ولكن اتباعهم حرفوا العقيدة وأنه جاء بالعقيدة الخاتمة ليصحح ما انحرف من العقائد السابقة، تعتبر المانوية النبي ماني، آخر الأنبياء والرسل وأن ذكره ورد فى الأديان السابقة وأنه هو البارقليط الذي ذكر فى الإنجيل وهي عبارة فسرها المسيحيون بأنها الروح القدس (تترجم باسم المعزى) بالنسبة لهم ولكن ماني قال إن المعزى هو شخص وأنه هو المعزى أو البارقليط.
لاقت الديانة قبولا فى البداية من حكام فارس ودعمها الملك شابور الفارسي ولكن بعد أن جعل ماني مركز العقيدة الروحي بمدينة بابل، خيف أن تكون العقيدة طريقة لفصل العراق عن الحكم الفارسي فجاء الملك بهرام الفارسي وقتله عام 276 م، كما تعرضت المانوية للاضطهاد من الزرادشتية ولقب أتباع ماني بالزنادقة أي المهرطقون والكفار بالفارسية، مع دخول بلاد فارس تحت دولة الإسلام اندمج المانوية فى الدولة وشاركوا فى حركة الترجمة لكونهم يعرفون السريانية ولكن في عهد الخليفة المهدي العباسي تم اضطهادهم للخوف من تأثيرهم على عقيدة الإسلام وأطلق عليهم أيضا اسم الزنادقة الفارسي ثم أصبح الاسم يطلق على كل من يخالف الإسلام بصفة عامة.
عقائد المانوية
تؤمن المانوية بوجود إلهين: أحدهما للخير والآخر للشر أي أنها عقيدة مثنوية، ويصلى المانويون أربع صلوات وهي: الظهر والعصر والمغرب وصلاة الليل (العشاء) وفي كل صلاة 12 سجدة، كما يسبق الصلاة الوضوء بالماء الجاري أو بالرمل إذا تعذر وجود الماء، لكن لا يُعرف تفاصيل الوضوء أو أركانه، يقدس المانويون سبع كتب لماني وعددا من الرسائل التي تؤسس لعقيدتهم، ويقسم ماني طبقات المؤمنين إلى طبقة أعلى من الرهبان غير المتزوجين والبعديين عن متع الحياة وطبقات أخرى أقل درجة، وصولا إلى الطبقة العوام أو السماعين ويشبة الأمر طبقة الكهنوت المسيحية، كما أن الصوم هو شهر يتوافق مع شهرأابريل إلى جانب صيام أيام من كل شهر، ويقدم المؤمن عشر ماله كزكاة وتسمى بالعشور،لدى المانوية جنة كثواب للمتقين ونار لعقاب المخطئين، كان للمانوية مبشرون وانتشرت في مناطق كثيرة من الهند لأوروبا ولكن بعد ألف عام من الدعوة اندثرت تماما.
4 – الايزيدية
تعتبر الديانة الايزيدية من الديانات الغامضة فى منطقة الشرق الأوسط فبالرغم من أنها تاريخيا أقدم من الزرداشتية إلا أنها تشكلت عبر العصور وتأثرت بالأديان الإبراهيمية والزرداشتية وما تلاها من أديان ومذاهب ويرجع هذا إلى أنها عقيدة شفهية لم تدون إلا مؤخرا مما اوجد هناك مجالا للتغيير والتبديل بها على مر العصور، وهي ديانة غير تبشيرية ولم يتبناها أحد من السلطة أو الدول القديمة ولهذا تعرضت لاضطهاد كبير من مختلف الأديان والمذاهب ويعد آخر تشكل للعقيدة قد تم في العصور الإسلامية على يد عدي بن مسفر والذي يعد من الشخصيات المقربة للايزيدية وفي مرتبة الولي أو النبي للطائفة وكما أن قبره المبني على شكل قباب مخروطية فى مدينة لالش هو المزار الأهم للديانة، كما يسكن أتباع العقيدة الايزيدية فى الموصل وهذا دفع باسمها إلى العلن مع دخول تنظيم الدولة الإسلامية المسمى إعلاميا بـ(داعش) للمنطقة فتناول الإعلام مأساة الايزيديين وعرف الناس ربما لأول مرة عن وجود هذه العقيدة.
عقيدة الايزيدية
يؤمن الايزيدية بوجود إله واحد ولا يؤمنون بوجود شياطين أو عفاريت ولكن يؤمنون بوجود ملائكة عددهم سبعة وعلى رأسهم طاووس ملك وهو أهم الملائكة، وبرواية تشبة الديانات الإبراهمية وخاصة أمر الله بالسجود لآدم ولكن القصة يناولها الايزيدي بطريقة مختلفة حيث يرى الايزيدي أن الله قد اختبر الملائكة بالسجود فلما رفض ابليس (يسمى طاووس ملكا فى الازيدية) قربه منه لانه لم يسجد لغير الله (لاحظ الخلاف فى التصور للقصة بين الديانات الإبراهمية والايزيدية)، كما يؤمن الايزيدية بالتناسخ وأن الروح بعد الموت تدخل فى جسد آخر، وينقسم الايزيديون إلى طبقات ويحرم على الإنسان الايزيدي الزواج من غير طبقته، ويصلي الايزيديون خمس صلوات وهي: الفجر والشروق والظهر والعصر والمغرب وكلها تتجه إلى الشمس فيما عدا الظهر فيتجهون إلى معبد لالش (وهو المعبد المقدس لهم)، يقوم الايزيدون بالوضوء قبل كل صلاة ويصلون حافيي القدمين ويرتل المصلي أدعية يكون غالبا لها إيقاع موسيقي أقرب إلى السجع.، كما يحتفل الايزيدون بعدد من الأعياد ومنها عيد الميلاد ويقع في 25 ديسمبر وهو يوافق عيد ميلاد عدي بن مسفر، وليلة المحيي وهي ليلة النصف من شعبان وتسمى أحيانا بليلة القدر، أماعيد القربان وفيه تقدم الأضحية ويوافق الحج عندهم ويكون غالبا فى أول أيام عيد الاضحى الإسلامي وقبل العيد يصوم الايزيدون عددا من الأيام من الفجر للمغرب ويمتنعون عن الطعام والشراب،نظرا للتشابه الواضح بين تعاليم الإسلام والايزيدية فإن كثيرا من المفكرين والعلماء المسلمين كانوا يعتقدون أن الايزيدية هي مذهب إسلامي وأن أهله مرتدون فى حين أن العقيدة سابقة حتى على الزرادشتية ولكن يرجح أن كثيرا من التعاليم الدينية اختلطت به وخاصة أن الكتب الدينية المكتوبة لهم ، ظهرت فى العصر الأموي وعلى يد أهم شخصية دينية كما ذكرنا عدي بن مسفر.