كان لتصريح رئيس البنك المركزي، طاهر بن سالم العمري، تأثيرٌ كبير على الرأي العام العماني فتعددت الآراء وانقسمت في هذا السياق، فما بين المخالفين الذين وجهوا نقداً كبيراً له، والمتفقين معه الذين اعترفوا بأن الرأي كان متزناً وذا رؤية سليمة، وقد أتى هذا التصريح في الوقت الذي كانت مواقع التواصل الاجتماعي تشهد مطالبات كثيفة للنظر في مسألة تأجيل الأقساط على المتضررين بسبب جائحة كورونا، وقرارات اللجنة العليا حول البقاء في المنزل لأجل سلامة الجميع، وهذا بدوره أدى إلى اقتطاع مرتبات الموظفين في كثير من مؤسسات القطاع الخاص، ومطالبات البنوك بتسديد هذه الأقساط في المواعيد المحددة، وقد استجاب من بين جميع البنوك بنك عمان العربي فقد قام بتأجيل الأقساط على الجميع دون استثناء، بينما صرّح رئيس البنك المركزي قائلاً: “لا أتفق مع تأجيل القروض على الكل، لأن الكل غير متضرر، وأمرنا البنوك بالاستجابة لطلبات كل المتضررين ونتابع معها التنفيذ”. وهذا التصريح يؤكد على رأي البنك المركزي في مساعدة المتضررين فقط بتأجيل أقساطهم، وهذا لا يشمل الجميع.
اتجه المواطنون في اتجاهين، أما الذين اختلفوا مع التصريح فقد قال أحدهم عبر تغريدة في تويتر يشير فيها إلى أن على الحكومة أن تفعل شيئاً أكبر من مجرد تأجيل الأقساط، فقد قال: الإجراءات الحكومية في مواجهة الهزات الاقتصادية للأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ضعيفة جدا ، تأجيل إعفاءات ضريبية وورقية ليس هو الحل ، كان من الأجدر دعم مالي مباشر هو الحل تنزل في حسابات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأفراد المتضررين”، وقال آخر: “عجيب تصريح الاخ الرئيس التنفيذي للبنك المركزي بأنه لا يؤيد تأجيل أقساط القروض للمواطنين إذن لماذا المواطنين طالبوا وتكلموا كثيراً بحاجتهم لتأجيل هذه الاقساط ولكننا كلنا ثقة بحكومتنا بأن كلامك لن يكون هو الفصل في هذا الأمر”. وشارك الناشط مظاهر التاجر برأيه فقال: “خلاصة أجوبة الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني محاولة لإفهام وفرض قناعاته اللامُقنعة بعدم اقتناعه بتأجيل القروض والأقساط، بأجوبة مبهمة معوّمة مُقنّعة وليست مُقْنِعة، البنوك محصلة ظهر وسند ومحامٍ للدفاع عنها واللهُ غالب على أمـره”.
في الجانب الآخر، نشهد وجود موافقين لهذا التصريح، فقد قال الدكتور ناصر البدري الرئيس السابق لجمعية الكتاب والأدباء: “استمعت شخصيًا للتصريح وأراه متزنًا ويتوافق مع تداعيات الحدث الاستثنائي، معظم المنتقدين هم من أصحاب القروض الشخصية الذين لم يتضرروا مالياً وليست لديهم خبرة في إدارة هكذا أزمات إنما يحاولون، بعلم أو من غير علم، ممارسة الضغط الشعبي على الدولة لتحقيق مكاسب فردية!”، وقال الكاتب محمد سيف الرحبي موافقا: الرجل يتحدث عن مصلحة اقتصاد البلد الذي ينعكس استقراره على الجميع. والجوانب العاطفية ليس لها مكان في التفكير الموضوعي. وهم أهل خبرة في مجالاتهم ومحل الثقة السامية في إدارتهم لمرحلة متأزمة وتداعياتها مؤلمة اقتصاديا”. وعبّر الصحفي محمد البلوشي عن رأيه في من لهم أحقية المساندة من من البنوك ومن الحكومة عموماً، فقال: تأجيل أقساط القروض ينبغي أن يوجه للشركات التي تضررت من الإغلاق الحكومي للاقتصاد فتضرر نشاطها بهذا الإغلاق، فتضرر عمالها وموظفيها الذين خفضت أجورهم أو تم تسريحهم. هنا ينبغي مراعاة هذه الشركات أو الأفراد. أما الذين لم تخفض رواتبهم وأجورهم فلا ينبغي تأجيل اقساطهم”.
من جميع ما سبق نرى تنوعاً في الآراء حول ما صرّح به رئيس البنك المركزي، وما سوف يُنفذ فعلاً على أرض الواقع من مراعاة المتضررين دون غيرهم، ولكن هل سيكون هناك رأي آخر للحكومة حول هذا الأمر خلال الأيام القادمة وسط هذه المطالبات المتصاعدة من المواطنين، أم أن القرار الأخير سوف يسير في الطريق الذي خطّه البنك المركزي؟.