أفادت إحصائية نشرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لعام 2019؛ برقم مخيف لأطفال أنجبوا نتيجةً لـ زواج القاصرات (ما دون الثامنة عشرة عامًا) وللزواج المبكر، مما أثار جدلًا بين مؤيد ومعارض لهذه الظاهرة. حيث فُتحت القضية باستنكار من المحامي بسام علي، كتب: “حسب أحصائيّة المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لعام 2019؛ قرابة الألف طفل تم انجابه من قبل أمّهات ما بين (15-19) عام! يا إلهي؛ لماذا كتب عليهن الأمومة مبكّرًا؛ هل أصبحت الأحلامُ الطموحات مكلفةً للحد الذي ترغب فيه فتاةً أن تقيّد من سقف طموحاتها باستقبال طفل وهي لم تبلغ العقدين!”.
تنوعت تعليقات النشطاء في تويتر بشأن الإحصائية، إذ إن هناك فريقًا ندد بهذه الظاهرة وبأسبابها وتداعياتها، وفريقًا بدَا متسامحًا معها باعتبارها أمرًا عاديًا. في ذات الشأن، عبّر أحد المعلقين على تغريدة بسام قائلاً: “دعنا نسأل أسئلة أخرى أيضاً: هل توجد طموحات لهذه الفتيات؟ وسقف طموحات؟ هل يمتلكن أصلًا حق الإختيار والقرار؟ بين زواج وممارسات أخرى؟ هل يعي الآباء الجريمة هذه؟ هل الحكومة جديّة في محاربة هذه الجريمة؟”.
وفي سياق زواج القاصرات ، رغم أن المادة السابعة من قانون الأحوال الشخصية العماني تمنع هذا الزواج؛ حيث قالت: “تكمل أهلية الزواج بالعقل، وإتمام الثامنة عشرة من العمر”. إلا أن الجزئية (ج) من المادة العاشرة -من نفس القانون- التي نصت على أن: “لا يزوج من لم يكمل الثامنة عشرة من عمره إلا بإذن القاضي، وبعد التحقق من المصلحة”، أفقدت المادة الأولى جدواها وخلقت ثغرة قانونية حيث كانت بمثابة المنفذ لـ زواج القاصرات من خلالها “الإذن القضائي”. حيث تقول مغردة: “بالثغرة القانونية اللي تتيح للقاضي تزويج القاصر لو وجد مصلحة، هالثغرة خلت القانون ليس له وزن أبدًا”. وتضيف: “الحل الأول هو منع الزواج قبل سن 18 منعًا باتًا بدون استثناءات”.
علاوةً على ذلك، العديد من القاصرات وقعن ضحية المباركة الدينية، حيث أن لا يوجد في الدين نصّ يحدّد سنًّا للزواج، وكما أنه توجد أدلة بنصوص فقهية ووقائع تاريخية تؤيد هذه الظاهرة. إذ يستشهد مغردّ قائلاً: “الرسول صل الله عليه وسلم تزوج عائشة أم المؤمنين، البعض قال بعمر 6 سنين، والبعض قال بعمر 7 سنين، ودخل عليها وهي بعمر 9 سنين، سير المحاكم بارك الله فيك وشوف القضايا الأطفال يلي تتكلم عنهم الزواج ستر للبنت والولد ما دام على سنة الله ورسوله”. وكما قالت مغردة: “كلام غريب جدًا يا هذا. الاسلام يشجع الزواج المبكر، النبي عليه الصلاة والسلام عقد على السيدة عائشة وهي بنت 6 سنوات، بعض البنات تبرز أنوثتها في سن مبكرة، أنا أم ولو كان بيدي لزوجت بناتي بعد الثانوية إن أتى الزوج المناسب دينًا وخلقًا، نحن في زمن أصبحت التربية صعبة”.
على خلاف طرحهم استنكرت مغردة دور الدين حيث قالت: “أغلب القاصرات يتم تزويجهن بدون أوراق رسمية من المحكمة، بل بواسطة بعض الشيوخ، وبعد بلوغهن 18 يتم تسجيل الزواج رسميًا، والرقابة القانونية في سبات”، وحلًا لهذه المشكلة قالت: “الحل الثاني هو الرقابة ومعاقبة الشيوخ المخالفين، ووضع أرقام للتبليغ عن الزواجات التي تتم بهذه الطريقة”. وكما طالبت بتكثيف التحقيق في المستشفيات حيث قالت: “المستشفيات اللي تولد فيها القاصرات، ليش ما يبلغوا عن الموضوع، ويطلبوا التحقيق في الزواج نفسه، وكيف تم؟ الطواقم الصحية يفترض هم الأدرى بمخاطر الإنجاب في سن مبكر، ليش ما نشوف اهتمام منهم؟ هذا من غير معاناة الفتيات من نواحي أخرى وهن بهذا السن الصغير”.
ونظرًا لغياب الهيئات الموكلة بمراقبة هذا الشأن ردت عليها مغردة، حيث قالت: “تتوقعي عندهم صلاحية الإبلاغ عن هذي الحالات؟ وإبلاغ أي جهة بالضبط؟ وايش هي التبعات للحالات المخالفة؟ اللي يستخرجوا الأوراق الرسمية بعد الزواج بسنوات واضح أنهم ما محاسبين، وهذا سبب استمرار هذا الوضع”.
وعلى الصعيد الاجتماعي برر مغرد هذه الظاهرة، حيث قال: “لا أرى ضرر في الزواج المبكر إلا أنه تحصين المجتمع من الضرر الذي يخلفه العنوسة والطموح النرجسي، وهي السنة وطبيعة الأمومة للفتاة وكبت الرغبات والشهوات وتفعيل حس المسؤولية ببناء أسرة شابة يافعة تساهم في تكوين مجتمع محافظ وملتزم قائم على الرابطة الأسرية المتماسكة”. فيما قالت مغردة مستنكرة: “تصدّق بسّام شفت بنات أعمارهن 15 و17 سنة متزوجات وهن يذهبن للمدرسة، وبعضهن أجهضن، وبعضهن حوامل، المصيبة إن أصغر وحدة شفتها كانت فخورة أنها متزوجة، وأختها اللي أكبر منها ما متزوجة. يا بنتي أنتِ وأختك بعدكن أطفال في حسبة القانون، وأنا كنت مصدومة “. وتضيف مغردة أخرى: “تربية طفل وظيفة مرهقة لأربع وعشرين ساعة في سبعة أيام في الأسبوع، الغالب أن أم البنت أو أم الزوج هي من ستربي الطفل. لماذا الحياة لدينا محصورة في الإنجاب؟ و لماذا يزوج الرجل ابنته الصغيرة؟”.
ختاماً، إن هذه الظاهرة لطالما كانت من القضايا المشكك في وجودها في عُمان، نتيجة لغياب الإحصائيات والأرقام التي تتحدث عنها، وهذه مشكلة تعيق أي تطورات أو تحسينات مستقبلية في هذا الضوء يقول الأخصائي النفسي محمد اللواتي: “أحصائية رسمية لكل شخص يشكك في تواجد هذه القضية في مجتمعنا”. وعقبت عليه مغردة تقول: “للأسف ما أسوأ من القضية إلا المشككين و الداعمين لها”.