وحيدون في بلدان الإغتراب بعيداً عن الأهل والوطن ودونما أي راعٍ لهم، يقف الطلاب اليمنيون على شفا الموت جوعاً في بلدان الدراسة بعد انقطاع رواتبهم لعامٍ كامل.
في أكثر من ثلاثةٍ وأربعين دولةً يتواجد الطلاب اليمنيون المبتعثون للدراسة في تخصصاتٍ مختلفة بعد حصولهم على المنح الدراسية التي تقدمها الحكومة ضمن برامج الإبتعاث والتبادل الثقافي للطلبة المتفوقين في الثانوية العامة والجامعات.
حكومة الشرعية المقيمة في الخارج والتي تسيطر على البنك المركزي اليمني منذ نقله للعاصمة المؤقتة عدن في العام 2017م، تتخلف عن دفع رواتب الموظفين القابعين في مناطق سيطرة الحوثيين، الأمر الذي سبب أكبر أزمةٍ إنسانيةٍ في اليمن بعد انقطاع مصادر دخل غالبية اليمنيين الذين يعتمدون اعتماداً رئيسياً على الرواتب والمساعدات الحكومية في تحمل نفقات المعيشة.
الطلاب المبتعثون في الخارج هم الآخرون تنعكس المعاناة المحلية في تخلف الحكومة الشرعية عن الوفاء بالتزاماتها وأداء مسؤولياتها بحق موظفي القطاع العام عليهم، حيث يعاني الطلاب منذ العام 2012م بعد أحداث الربيع العربي وانتقال الحكم في اليمن للرئيس هادي من مشكلة تأخير مستحقاتهم لأشهر دون أي اهتمامٍ حكومي لمعالجة هذه المشكلات.
منذ بدء الحملة العسكرية السعودية في اليمن، تتخلف الحكومة الشرعية عن دفع رواتب الطلاب المبتعثين، حيث يعيش الطلاب دون أي مساعداتٍ حكومية منذ أكثر من تسعة أشهر مضت في مختلف الدول المبتعثين إليها، الأمر الذي أعاق الكثير منهم عن التحصيل.
اعتداءاتٌ على الطلاب
تكررت الاحتجاجات الطلابية في الخارج أمام السفارات والممثليات اليمنية والتي تصدى لها بعض السفراء باستدعاء الشرطة واعتقال الطلاب في السجن بتوصية من السفراء.
السفير اليمني في روسيا استدعى الشرطة الروسية في أكثر من واقعةٍ تحت دعوى وجود حالات شغب من قبل خارجين عن القانون، فيما فرقت الشرطة الروسية اعتصاماً للطلاب اليمنيين أمام مبنى سفارتهم في موسكو باستخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع بعد طلب السفير.
أحد الطلاب في تصريحه لـ “مواطن” معلقاً على الحادثة ” تعمل سفارات البلدان المختلفة على حماية مواطنيها وتسهيل العقبات أمامهم في بلدان الإغتراب وتقديم الحماية اللازمة لهم، إلا أننا نكتشف مدى بؤسنا وقذارة حكومتنا الفاسدة التي تمعن في إذلال مواطنيها في الخارج وتستدعي قوةً أجنبيةً للنيل من مواطنيها.. لم أعد أريد أن أكون يمنياً”
فسادٌ دبلوماسي وتعليمي
انتشرت على وسائل التواصل الإجتماعي مناشدات فتاةٍ يمنية في القاهرة بعد حصولها على منحةٍ لجمهورية مصر العربية كأحد أوائل الجمهورية في الثانوية العامة، و نشر ناشطون كشف المنح التي اعتمدتها السفارة اليمنية في القاهرة، ليتضح استبعاد الفتاة وشغل أغلب المنح بأسماء أبناء موظفين ونافذين كبار في وزارة الخارجية والتعليم العالي والسفارة اليمنية في مصر.
السفير اليمني في القاهرة، صهر الرئيس هادي، كان المسؤول عن استبعاد الفتاة بعد حصولها على المنحة، فيما بقي دون أي مساءلةٍ بعد تحول الحادثة لقضية رأي عام، ولكن كعادة الحكومة الشرعية، لم تعر ذلك أي انتباه.
الفساد في السفارات لم يقف عند هذا الحد، حيث يتهم طلابٌ المسؤولين في سفارات الكثير من البلدان باختلاس مستحقاتهم تحت حجج ودعاوى مخالفات، رغم أنه سبق وقد تم صرفها وتوريدها لحساب السفارة، فيما استبعدت السفارة اليمنية في موسكو أسماء الكثير من الطلاب اليمنيين من كشف المستحقات بدعوى انتهاء فترة الدراسة، إلا أن ذلك أيضاً لم يكن صحيحاً، حيث وقعت السفارة في فضيحةٍ أخرى لعدم وجود مترجمين متمكنين أساءوا ترجمة إرساليات الجامعات الروسية إليهم بعد استفسارهم عن أوضاع الطلاب.
بالإضافة إلى ما سبق، نشرت الكثير من الوثائق التي تتضمن تعيينات منحٍ لأبناء وأقرباء وزير الدفاع في حكومة الشرعية ومسؤولين آخرين، فيما يحرم الطلاب الفقراء المتوقين من الحصول على فرصٍ كهذه رغم أحقيتهم القانونية.
على الجانب الأخر، الشيخ القبلي حسين حازب، الذي يشغل منصب وزارة التعليم العالي في حكومة الحوثيين في صنعاء، قام باختيار ابنائه وأقربائه ضمن منحٍ قدمتها الصين حسب وثائق تداولتها مواقع إخبارية، فيما لا تقدم حكومة الحوثيين في صنعاء أي مساعداتٍ للطلاب منذ دخولها صنعاء سبتمبر أيلول 2014م.
” الإبداع في هذا البلد المختنق بشعارات الثورات، أعتبره أمراً غير ذي فائدة، فالمعيار الوحيد للنجاح تحت هذه الحكومات الفاسدة هو ابن من أنت ومن ظهرك” سميرة، طالبة جامعية يمنية، تصف الإحباط الذي تعيشه وأقرانها من الشباب أمام المحسوبية والوساطات في شغل المنح الدراسية والوظيفة العامة.
على طريق الإنتحار يأساً
سجلت حوادث انتحار الكثير من الطلاب اليمنيين في الهند وبلدان أخرى وصولهم لطريقٍ مسدودٍ مع لوبيات الفساد المالي والإداري في ممثليات الجمهورية اليمنية في الخارج وتراكم الديون عليهم وتراجع مستوى تحصيلهم الدراسي جراء الضغط المعيشي الذي يعيشونه مع انقطاع مستحقاتهم واضطرار بعض الطلاب المحظوظين للعمل بأجور ٍ متدينة للوفاء بالتزاماتهم المعيشية.
” يبدو أن الحكومة الشرعية تجد في ذلك خلاصها من أبناء العامة المتفوقين وتفرغها لحل مشاكلها والتخطيط لمستقبل أبناء المسؤولين والنافذين وأقاربهم وأتباع جماعة الإخوان الإرهابية التي تسيطر على الحكومة” يختتم طالبٌ مبتعثٌ في الهند حديثه لمواطن مفضلاً حجب هويته.