قبل عدة سنوات، وصف السلطان العماني الراحل قابوس بن سعيد علاقة بلاده بالمملكة المتحدة بالقوية والمزدهرة على مختلف الأصعدة، موضحاً بأن ذلك يخدم التعاون المشترك بين البلدين في التجارة والاستفادة من الخبرات البريطانية في المجالات الاقتصادية والتقنية والعسكرية.
لكن هل هذه هي حقيقة العلاقة بين النظام السلطاني في عمان والمملكة المتحدة؟ أم أن السلطان لم يقدم توصيفاً حقيقياً لعلاقة نظامه بالمملكة المتحدة، المستعمر الأكبر في منطقة شبه الجزيرة العربية.
تولى السلطان قابوس بن سعيد الحكم في عمان بطريقةٍ غير تقليديةٍ كالعادة في أنظمة الحكم التقليدية، أي بعد وفاة والده ليحل محله، وإنما قاد انقلاباً مسلحاً ضد والده، يوصف بأنه كان انقلاباً أبيض، فيما يصفه أحد الضباط البريطانيين بأنه لم يكن انقلاباً أبيض وأريقت فيه الدماء.
بمساعدة الجيش البريطاني الذي رأى بأن تولي السلطان قابوس بن سعيد للحكم في عمان يمكن أن يكون أكثر ضماناً لتبعية عمان للإمبراطورية البريطانية.
حجم التدخل البريطاني وقدرته على تعيين الحاكم في عمان وخلعه يوضح حجم التدخل البريطاني ونفوذه في النظام السلطاني في عمان تاريخياً.
في مقالٍ نشرته صحيفة التايمز البريطانية مطلع العام 2020، يروي ضابطٌ بريطانيٌ سابقٌ عن مساعدته والقوات البريطانية في انقلاب السلطان قابوس بن سعيد على والده وتولي الحكم بعد عزله.
يسرد الضابط البريطاني قصة مشاركته في الانقلاب وتلقيه الأوامر من قيادته البريطانية وقيادته للجيش بتنفيذ الانقلاب وخلع السلطان في العام 1970، حيث يتحدث عن أن الانقلاب كان بريطانياً، فيما حاولت القوات البريطانية تجنب ظهوره كانقلابٍ بريطاني.
يقول الضابط في مقالة التايمز “انضم إلينا قسم آخر من كتيبة فوج الصحراء كله من العرب العمانيين، لتمويه ما كان يمكن أن يعتبر انقلابًا بريطانيًا”.
بعد اقتحام قصر السلطان ووقوع بعض القتلى والجرحى، سلم السلطان سعيد نفسه مضرجاً بجراحه، يحيط به الجيش البريطاني، وبالطبع كان الضابط البريطاني يقدم له ورقة التنازل الذي طلب منه أن يوقع عليها ويتنازل عن الحكم.
في تقريرٍ له على “Declassified” ، وترجمته “مواطن” ، يصف الصحفي البريطاني فيل ميلر التواجد العسكري البريطاني في سلطنة عمان حسب طلب حرية المعلومات أن الوفد العسكري البريطاني في خدمة الإعارة يعتبر أكبر وفدٍ تقدمه المملكة المتحدة لأي من حلفائها حول العالم.
تعير وزارة الدفاع البريطانية 285 جنديا لخمسة عشر جيشاً حول العالم، 91 جندياً منهم معارون لعُمان التي يحكم نظامها المستبد أحد ديكتاتوريي الخليج.
السلطان الراحل قابوس بن سعيد كان قد وقع على إنشاء قاعدتين عسكريتين بريطانيتين في الأراضي العمانية ومياهها الإقليمية.
يضيف ميلر بأن من مهام القوات المعارة تدريب القوات العمانية على مكافحة الشغب، الأمر الذي يوضح ضلوع المملكة المتحدة بطريقةٍ غير مباشرة في عمليات قمع مظاهرات الربيع العماني عام 2011.
إلى جانب ذلك يتواجد مستشارون من “M16” يُسهمون في مشورة السلطان بصورةٍ سريةٍ ويتحكمون بخيوط اللعبة من وراء الكواليس.
مطلع يونيو حزيران 2019، نشر الصحافي الاستقصائي البريطاني سليمان هيوز على صحيفة “Morning Star” في لندن مقالاً له تحت عنوان “ماذا كان يفعل ألان دنكان في عمان؟“.
هيوز تحدث عن عدم معرفة الحكومة البريطانية والصحافة نوع المهام التي قام بها وزير الخارجية البريطانية لأوروبا والأميركيتين، ألان دنكان، أو تحدث حولها مع السلطان العماني في زيارةٍ له استمرت أسبوعاً كاملاً، حيث يقول “طلبتُ وثائق حول رحلات دنكان إلى عمان بموجب حرية المعلومات. أظهرت طلباتي كيف أن وزارة الخارجية لا تعلم شيئا عما دار من مناقشة بين وزيرها ومضيفه خلال هذه الرحلة الباهظة الثمن الممولة من قبل عمان ولمدة أسبوع واحد”.
رحلة دانكان التي استمرت لأسبوعٍ كاملٍ وعلى نفقة الديكتاتور العماني في العاصمة مسقط وفي مظاهر باذخة تظهر لاحقاً تفاصيل أكثر عنها وعن طبيعتها، إلا أن علاقة دنكان بالنظام العماني الذي ليس ضمن نطاق اختصاصه في وزارة الخارجية البريطانية أعمق من ذلك.
زيارة دنكان العام 2019 ليست وحيدة، فهي أقرب للتقليدٍ السنوي، فيما يظهر رسمياً أنه كان مبعوث رئيس الوزراء ديفيد كاميرون لسلطنة عمان العام 2014.
رغم أن الشأن العماني ليس من اختصاص دنكان في المنصب الذي يشغله في وزارة الخارجية أنذاك، إلا أنه قام بزياراتٍ مختلفة سبقت زياراته العام 2019، حيث كان يزور السلطنة مطلع كل عام.. لكن لماذا؟
يتحدث هيوز في مقاله عن ذلك “خلت وثائق الحكومة البريطانية بمن التقى أو بما قيل، لكن يبدو أن وزارة الخارجية قد شعرت أنها مستبعدة عوضا عن أنها المعنية”.
سيتضح لاحقاً أن حديثه حول شعور وزارة الخارجية بأنها مستبعدة وليست معنيةً بشأن زيارات دنكان السنوية أمرٌ واقعي، لكن من هو المعني الحقيقي بذلك؟
في العشرين من إبريل/ نيسان 2021، نشر الصحفي فيل ميلر تحقيقاً استقصائياً آخر، ترجمته ” مواطن “، حول زيارات دنكان وقيادات في الجيش وجهاز “MI6” السنوية لسلطنة عمان. التحقيق الجديد يكمل خيوط قصة النفوذ البريطاني في السلطنة وتؤكد شكوك سليمان هيوز حول تجاوز الشأن البريطاني في عمان لصلاحيات وزارة الخارجية البريطانية.
على مدى أسبوع تنطلق مجموعةٌ من النخبة البريطانية على متن طائرة السلطان الخاصة للعاصمة العمانية مسقط، يقضون إجازةً فارهة، ويعيشون أجواء رأس السنة في قصور السلطان العماني حتى وقتٍ متأخرٍ قبل أن تبدأ اجتماعات منتصف الليل التي تستمر لساعاتٍ طويلة.
بعد نشر ألان دنكان لمذكراته التي كشفت عن هذه الزيارات التي كان يقدم توضيحه عنها لوزارة الخارجية بأنها كانت سفريات ضيافةٍ لدى الحكومة العمانية أو للمشاركة في ندواتٍ إستراتيجيةٍ في عمان، إلا أن مذكراته المنشورة مؤخراً تذكر خلاف ذلك، وتكشف بجلاء عن الدور البريطاني وطبيعة العلاقة البريطانية العمانية.
على غرار المجلس الخاص في المملكة المتحدة الذي يقدم النصح للملكة ويمتلك قدرة الوصول لمواد استخباراتية وأداء واسع الصلاحيات، يبدو أن السلطان العماني يدير البلاد بالطريقة ذاتها، ولكن بالاستعانة بمجلسٍ أجنبي.
مجلسٌ يضم بين أعضائه سبعة رؤساء سابقين وحاليين في الجيش البريطاني وجهاز “M16″، وزير خارجية، أعضاء برلمان، الحاكم السابق لبنك إنجلترا وأحد أقرب مساعدي الملكة إليزابيث ومستشار الأميرين وليام وهاري.
يُسمي ألان دنكان المجلس بـ”مجلس الملكة الخاص في عمان” ويعتبر السير إريك بينيت البعيد عن وسائل الإعلام بمثابة الأب الروحي لهذا المجلس وصاحب النصائح والمشاورات من وراء الستار.
يتحدث دنكان أيضاً عن تضمن الاتفاقية الشاملة بين عمان والمملكة المتحدة، غير مكشوفة البنود، العام 2019 بأنها تحتوي أيضاً على جانبٍ يتعلق بضمان الدفاع، وهي خطةٌ سبق وقدمتها رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر العام 1983، فيما يشير فيل ميلر لرسالة وزارة الدفاع للقوات البريطانية المعارة في عمان مرفوعة السرية تعود للعام 1981.
تقول الرسالة إن ولاء القوات البريطانية المعارة “لسلطان عمان يجب ألا يبدو أبدًا موضع شك”. كما تأمرهم بحماية النظام الملكي الخليجي “من التهديدات الخارجية والداخلية”.
يبدو أن هذا يوضح استمرار النظام في سياساته القمعية للمعارضين، كما قالت الرسالة “حماية النظام الملكي في عمان من التهديدات الخارجية والداخلية” بالتأكيد الداخلية.
Muwatin Media Network
Beyond Red Lines
United Kingdom – London
Muwatin Media Network
Beyond the Red Lines
United Kingdom – London
Contact us:
Executive Director and Editor-in-Chief:
Mohammed Al Fazari
All rights reserved to Muwatin Media Network ©
شبكة مواطن الإعلامية
ما بعد الخطوط الحمراء
المملكة المتحدة – لندن
للـتواصل معـنا: [email protected]
المدير التنفيذي ورئيس التحرير: د. محمد الفزاري [email protected]
لتصلك نشرتنا الشهرية إلى بريدك الإلكتروني
شبكة مواطن الإعلامية
ما بعد الخطوط الحمراء
المملكة المتحدة – لندن
للـتواصل معـنا: [email protected]
المدير التنفيذي ورئيس التحرير: د. محمد الفزاري [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لشبكة مواطن الإعلامية©
الله يعينك لماذا يا عزيزي تنتقم من وطنك لماذا لا تعتز به لماذا تكتب عنه ما لم يكتبه غيرك هل أنت راضي كل الرضا عما تفعله أما فكرت في الرجوع عن الانتقام نحن دولة ضعيفة مقارنة بغيرها في هذا العصر فنحتاج دولة أقوى تحمينا وتحمي نفطنا وثرواتنا .رجوعك مطلبي فخذه برحابة صدرك ورجاحة عقلك .