في خطوةٍ جديدة تعودت الصحافة العمانية عليها وتؤكد على خيبة المساعي الدولية في دفع النظام العماني للقيام بإصلاحاتٍ سياسية ومدنية تلبي طموحات الشعب العماني وتسهم في حفظ ثروات البلاد ومكافحة الفساد، تستمر السلطات العمانية في تعميق الهوة بين المواطن العماني وحقه في الوصول للمعلومة، فيما تستمر السلطات الأمنية في أداء دور عرّاب المحتوى الإعلامي في الداخل.
في لقاءٍ جمع فيه مجلس الشورى مجموعةً من وسائل الإعلام المحلية مطلع نوفمبر لغرض التعريف باختصاصات المجلس وصلاحياته في ظل قانون مجلس عمان الجديد وأبرز أعمال المجلس في الفترة الماضية، أفاد صحفيون وإعلاميون عمانيون يعملون في وسائل إعلام محلية بقيام السلطات بتوجيههم للإحجام عن نشر أخبار مجلس عمان وفرضها رقابة على المحتوى الإعلامي في قضايا محلية.
لا مجال لحرية الصحافة
في تقريرها السنوي لمؤشر حرية الصحافة، أشارت مراسلون بلا حدود لفرض السلطات العمانية رقابةً قاسية على الخطاب الإعلامي وتشكيلها للخطاب الإعلامي العام لوسائل الإعلام المختلفة، حكومية وخاصة، فيما أتت عمان في المركز 133 من أصل 180 دولة يشملها المؤشر.
وبالنسبة لدار الحرية فقد استمرت في تصنيف عمان كدولة غير حرة في مؤشرها للديمقراطية في نسخة العام 2021، وأشار المؤشر إلى أن النظام العماني يدير البلاد بطريقة استبدادية، فيما تواجه حرية الصحافة فيها وضعًا صعبًا -على حد تعبير المؤشر-.
أما في مؤشر المشاركة السياسية في الخليج، فقد ذكر المؤشر إلى أن عمان سجلت تراجعاً في مقياس الرأي والتعبير للعام الحالي 2021 عن الوضع الذي كانت عليه في العام السابق 2020.
الجلسة التي جمعت أعضاء مجلس الشورى بالمؤسسات الإعلامية كان هدفها -حسب ما تم توضيحه للصحفيين الحاضرين- هو لإطلاع المؤسسات الإعلامية على أبرز أعمال المجلس وجهوده في التعاطي مع القضايا الوطنية، والمحاولة لفتح مساحة للحوار البناء والهادف مع ممثلي وسائل الإعلام، وتحقيق شراكة مع المؤسسات الإعلامية المختلفة وفق أسس تواكب المرحلة تسهم في إيصال الرسالة الإعلامية الواضحة عن دور المجلس وجهوده في التعامل مع القضايا الوطنية وفق اختصاصاته وصلاحياته.
وحسب مصادر خاصة لـ”مواطن“، في الجلسة التي جمعتهم بأعضاء مجلس الشورى، أكد إعلاميون وصحفيون عمانيون بأن هناك توجيهات تصل من دائرة المنشآت الخاصة في وزارة الإعلام للمؤسسات الإعلامية الخاصة؛ منها إذاعات وصحف ورقية وإلكترونية، بعدم نشر بعض الأخبار -أو تناولها أو التعاطي معها- تلك التي تخص بعض القضايا المحلية، ومن بينها بعض أخبار مجلس الشورى.
قد شهد الاجتماع شكاوى وامتعاضَ كثيرٍ من الإعلاميين من الرقابة الأمنية على قطاع الصحافة ومنعهم من تغطية قضايا رأي عام وقضايا محلية، فيما تقوم السلطات على تحديد القضايا المتعلقة بأخبار مجلس الشورى وطريقة تعاطيهم معها، من بينها التنبيه بعدم تداول بيان عاجل ألقاه أحد أعضاء مجلس الشورى في وقت سابق. كما أشار البعض إلى أن هناك توجيها أيضًا بعدم نشر الأخبار والبيانات الصادرة من مجلس الشورى إلا في حال نشرها في وكالة الأنباء العمانية.
بعض أعضاء مجلس الشورى الحاضرين في الجلسة التي جمعتهم بالصحفيين والإعلاميين، استهجن هذا الفعل الذي تمارسه السلطة عبر وزارة الإعلام وأعربوا عن انزعاجهم بهذا التصرف الصادر من الوزارة. وقد ندد ممثل ولاية صحار ورئيس اللجنة التشريعية والقانونية بالمجلس، د. محمد الزدجالي، قائلًا: “الإعلام هو السلطة الرابعة ويعول عليه بأن يكون في مواجهة السلطات الثلاث، السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، من أجل تصويب المسارات الخاطئة، وكما يعرف الجميع بأن الإعلام في كثير من الدول أسهم في تنحي مسؤولين عن مناصبهم بل وسقوط حكومات، ونحن لن نصل إلى هذا المستوى، بل نتمنى أن يكون هناك إعلام يقوم بمراقبة أداء السلطات الثلاث وخاصة السلطة التنفيذية، كما أن تضييق الخناق على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ليس في صالح الدولة، لأن تضييق الخناق يعد نوعا من التكميم وتكميم الأفواه سيؤدي إلى الانفجار”.
وأضاف: “الارتجال في اتخاذ الإجراءات ضد الإعلاميين هو ليس في صالح الوطن، نحن دولة مؤسسات ونعمل وفق الإطار القانوني، والترهيب الذي يمارس مؤخرًا على بعض الإعلاميين والقنوات الإعلامية غير مرغوب فيه، ونحن نحتكم جميعًا إلى القانون وأي شخص يتجاوز القانون فهو مساءل ويتحمل نتيجة خطئه وتجاوزه للقوانين”.
هذا ويجدر الإشارة إلى أن قانون مجلس عمان الجديد يمنع وسائل الإعلام من حضور جلسات الاستجواب، كما يحظر على الأعضاء في المجلس نقل وقائع الجلسة أو تسريبها، الأمر الذي يعرض العضو لتبعية سقوط العضوية عنه إذا ما قام بتسريب وقائع الجلسة لمخالفته القانون. وقد نصت المادة السادسة والسبعون من القانون الجديد على أن جلسة الاستجواب سرية، ولا يحضرها سوى رئيس المجلس ونائبيه والأمين العام والأعضاء، فيما لا يجوز نقل وقائعها لوسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي.
غياب مبدأ الشفافية
قانون مجلس عمان الجديد، والذي لاقى انتقاداتٍ واسعة مطلع العام الحالي من أعضاء بالمجلس أشاروا إلى أن القانون يمثل تراجعاً في دور المجلس وصلاحياته القانونية، في حين تقوم القوانين الجديدة بإغلاق الباب أمام تعزيز مبدأ الشفافية وحق المواطن العماني في الوصول للسلطة.
علاوةً على ذلك قانون مجلس عمان الجديد وفق النظام الأساسي الجديد الذي أصدره السلطان هيثم بن طارق مطلع العام 2021 يسلب الوجود البرلماني صفته الدستورية بعد حذف المواد التي تنص على المجلس من النظام الأساسي للحكم وتحديدها في قانون مجلس عمان الجديد وتحولها من وصف دور المجلس بالرقابي لدور المتابعة حسب وصف نائب رئيس مجلس الشورى، يعقوب الحارثي، في معرض تعليقه على القانون الجديد.