عقب إعلان مجلس التعاون الخليجي السابع عشر من مارس الماضي عن مبادرة لاستضافة مؤتمر للمشاورات بين الأطراف اليمنية، بتوجيهها دعواتٍ رسيمة لمختلف الأطراف والقوى الفاعلة في الشأن اليمني، والذي تخلفت عنه جماعة الحوثيين، أصدر الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي في السابع من أبريل، إعلانًا دستوريًا استنادًا للمبادرة الخليجية للمرحلة الانتقالية في اليمن والدستور اليمني، يفضي بنقل صلاحيات سلطته لمجلس قيادةٍ رئاسي تناط به عملية إدارة البلاد والدفع نحو إحلال سلامٍ شامل وإنهاء الصراع والاقتتال في اليمن.
قرار الإعلان شمل تشكيل هيئةٍ للتشاور والتصالح تتألف من خمسين شخصًا من مختلف القوى الوطنية ضمن الشرعية، تناط بها مهام مساعدة مجلس القيادة الرئاسي في توحيد صفوف قوى الحكومة الشرعية والتشاور مع الأطراف الأخرى في النزاع لإحلال السلام وإنهاء الاقتتال كما جاء في نص القرار.
في هذا الصدد، وفي سياق توضيح دور مجلس القيادة الرئاسي وهيئة التشاور والتصالح في عملية إنهاء الصراع الدائر في اليمن وإحلال السلام والاطلاع على مستجدات التغيرات في المؤسسة الشرعية، عقدت مواطن هذا الحوار الهاتفي مع عضو هيئة التشاور والتصالح، السياسي اليمني فهد مفتاح دهشوش.
فهد دهشوش، عضو هيئة التشاور والتصالح، وعضو مجلس الشورى اليمني، وأمين عام محافظة حجة شمال اليمن، وعضو اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي، وشيخ مشايخ قبائل حجور شمال اليمن، وهي إحدى أهم القبائل التي خاضت صراعات عديدة مع الحوثيين طوال العقدين الماضيين، كان آخرها معارك مديرية كشر داخل عمق مناطق سيطرة الحوثيين التي استمرت لما يزيد عن الشهرين مطلع العام 2019م.
• أملي مثل أمل بقية اليمنيين في البدء بتصحيح الواقع المؤلم الذي نعيشه وإفراز واقع أفضل للخروج بوطننا للسلام والنصر.
• هذه هي أبرز الصعوبات التي تواجهنا، الحوثي وأدواته، وكذلك تحريكه للكثير من القوى المختطفة في الداخل لصالح أجندته.
• مسألة انقطاع المرتبات هي مساعدة للحوثي على أبناء الشعب؛ حيث إن انقطاع الرواتب يزيد من سلطة الحوثيين على المواطنين باحتكاره مصادر العيش في الداخل.
• هناك الإعداد والترتيب لخطوات ستخفف من هذه الأعباء المعيشية للمواطنين، ومن ضمنها خطوة تسليم المرتبات.
• نتمنى أن يتحقق السلام دون اللجوء لمثل هذه الخطوات العسكرية، لكننا للأسف نعلم أن هذه الميليشيات في طول تاريخها لا تأتي للسلام إلا مكرهة.
• على قوى الداخل العاقلة والوطنية أن يسارعوا في الضغط على الحوثي للاستجابة لدعوات السلام الصادقة.
حاوره: فاروق محافظ
نص الحوار:
– شهد الشارع اليمني تفاعلًا إيجابيًا إلى حدٍ ما مع قرار نقل صلاحيات الرئيس هادي لمجلس رئاسي والدفع لتوحيد القوى الفاعلة على الأرض، وأنتم في المؤتمر الشعبي العام وفي هيئة التشاور والتصالح، ما الفرص التي يمكن أن تتيحها هذه الخطوة أمام الحكومة الشرعية؟ وما التحديات التي قد تواجهها من وجهة نظركم؟
أولًا نرى بأن هذه خطوة إيجابية كبيرة وتغيير لواقع كنا نرى بأنه يسير في الاتجاه الخطأ، وهو عاجز عن إحداث التغييرات الإيجابية المطلوبة لاستعادة الدولة والعملية الديمقراطية وتحقيق السلام في الوطن. نحن نرحب بهذه الخطوة وكلنا أمل أن تحقق التطلعات الإيجابية المرجوة منها، وخاصة أن هذه التغييرات شملت قيادات وطنية كبيرة ومشهودًا لها بالوطنية والخبرة وحسن الإدارة.
أنا أتحدث هنا كمواطن يمني أولًا وأخيرًا، وليس كقيادي في المؤتمر الشعبي العام، وأملي مثل أمل بقية اليمنيين في البدء بتصحيح الواقع المؤلم الذي نعيشه، وإفراز واقع أفضل للخروج بوطننا للنصر والسلام. بالتأكيد هناك الكثير من الصعوبات التي قد تواجه أي عملٍ وطني، وعلى رأس هذه الصعوبات، هو رفض الطرف الآخر لمد يد السلام والحوار، وآخرها دعوة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي لهم للانخراط في المشاورات اليمنية، حيث تم توجيه الدعوة لهم رسميًا للحوار، وكانت فرصةً سانحة لا ينبغي تفويتها لصنع السلام وإنهاء الصراع، لكن ذلك هو عهدنا بهذا الفصيل الذي تمرد وانقلب على الدولة، وحول أبناء شعبنا لأسرى مختطفين يحركهم لصالح أجندته الخارجية التي لا تخدم مصالح الوطن ومكتسباته، ولا تهدف إلا للإضرار به وبجيرانه في المنطقة وجعل المنطقة على صفيح ساخن.
هذه هي أبرز الصعوبات التي تواجهنا، الحوثي وأدواته، وكذلك تحريكه للكثير من القوى المختطفة في الداخل لصالح أجندته تلك.
هنالك صعوبات أخرى أيضًا، أملنا في الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي في مساعدتنا على تجاوزها، وهي صعوبات اقتصادية وتنموية ومادية وعسكرية تحتاجها الشرعية لتحقيق السلام وإجبار الحوثي عليه، ولتصحيح ولملمة الشتات وجهود التحرير المبعثرة باتجاهها الصحيح لتصبح أكثر فعالية لوقف عنجهية الحوثي وعبثه وتعسفه بأبناء شعبنا، والتي ستسرع رضوخ الحوثي والتعجيل بتحقيق السلام للوطن.
– بالنسبة للشأن الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، هل يضع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية في الحسبان مسألة تحسين الأوضاع المعيشية في مختلف المناطق اليمنية وإيجاد حل لمشكل انقطاع رواتب الموظفين؟
نعم. يضع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة وقيادات الشرعية مسألة تحسين الوضع المعيشي وصرف المرتبات ضمن الأولويات، وأنا أتحدث عن هذا الأمر من موقع المطلع؛ ففخامة الأخ رئيس مجلس القيادة الرئاسي ونوابه أعضاء مجلس القيادة الرئاسي مهتمون بذلك؛ فقد سمعنا من فخامته حين الحديث معهم حول ذلك أنهم يحملون نفس الهم، وسيتم قريبًا الإعداد والترتيب لخطوات ستخفف من هذه الأعباء، ومن ضمنها خطوة تسليم المرتبات.
نحن تحدثنا معهم وسمعنا منهم بكل وضوح وصراحة؛ فمسألة انقطاع المرتبات هي مساعدة للحوثي على أبناء الشعب؛ حيث أن انقطاع الرواتب يزيد من سلطة الحوثيين على المواطنين باحتكاره مصادر العيش في الداخل.
يمارس الحوثي سياسة التجويع والإذلال، ويجعل من مسألة انقطاع المرتبات وتردي الوضع المعيشي سيفًا مسلطًا على رقاب المواطنين، وجعل التحرك في خدمة أجندته هو السبيل الوحيد للعيش.
هناك تفاهمات مع القيادة الجديدة بشأن المرتبات، وستكون هناك خطوات فاعلة ومفرحة إن شاء الله؛ لكن لا تزال هناك الكثير من العوائق الداخلية المتعلقة بانتقال المواطنين وأماكن الصرف وكشوفات الموظفين، وجهود أخرى يحاول فيها البعض إفشال هذه الخطوة بسذاجة، لكن إن شاء الله ستتم بحسب ما لمسنا وعرفنا من نيات وتوجهات لدى القيادة الجديدة، وسوف تتحسن مع مرور المزيد من الوقت وتطبيق المزيد من الإصلاحات.
– أنتم كأعضاء في هيئة التشاور والتصالح التي نص عليها القرار الجمهوري، كيف تصفون المهام أو تحددون وظائف هيئة التشاور والتصالح، وهل ستنشئ قوانين أو لوائح داخلية تنضم هذه المهام وتجعلها أكثر وضوحًا؟
كما هو موضح في القرار بالإعلان، هذه الهيئة هي هيئة مساعدة لمجلس القيادة الرئاسي ومساعدته في لمِّ وتوحيد صفوف القوى الشرعية أولا، وأيضًا التفاهم مع كل العقلاء بالداخل، من الحريصين على تحقيق السلام الذي لا زال حتى اللحظة يرفضه الحوثي، لكننا سنحرص على بقاء الباب مفتوحًا لأي صحوة ضمير- ( نستبعدها) – ولكنا مستعدون لبذل الجهود لتحقيق السلام إذا أحسنت النوايا من قبل الطرف الآخر الرافض للتفاهم، والذي نأمل أن يترك عنجهيته وغروره وطموحاته التوسعية والشريرة تجاه الشعب اليمني والمنطقة.
– ورد في نص قرار الإعلان تكليف الهيئة “بالعمل على توحيد وجمع القوى الوطنية بما يعزز جهود مجلس القيادة الرئاسي وتهيئة الظروف المناسبة لوقف الاقتتال والصراعات بين كافة القوى والتوصل لسلام يحقق الأمن والاستقرار في كافة أنحاء الجمهورية”. ضمن هذه الجهود الملقاة على عاتق الهيئة في السعي لوقف الاقتتال والصراعات والتوصل للسلام، هل الهيئة معنية فقط بالتشاور مع القوى التي تعترف بالحكومة الشرعية؟ أم أنها أيضًا مكلفة بالتشاور مع بقية أطراف النزاع كالحوثيين؟
إن الهيئة كما أشرت سابقًا معنية أولًا بترتيب الوضع الداخلي بين القوى الجمهورية الديمقراطية المؤمنة بحرية وحق شعبنا في اختيار حكامه، وكذلك كما أشرت سابقًا سنسعى للسلام بالتشاور مع مجلس القيادة الرئاسي حول تنظيم وتوقيت عملية التفاهم مع الطرف الآخر في هدفها ووقتها المناسبين؛ وهو الأمر الذي يفرضه علينا الطرف الآخر الممتنع عن الانخراط في التفاهم والسلام.
– رفض الحوثيون عدة مبادرات سابقة للسلام، ما الذي تغير أو قد يتغير الآن بعد انتقال السلطة لمجلس رئاسي، وهل ترون أن الحوثي سيقبل الانخراط في عملية سلام والتوقف عن طموحاته في الانفراد بالسلطة؟
بالتأكيد رفض الحوثيون وتنكروا للكثير من الجهود والمبادرات المحلية والإقليمية والدولية للسلام، وآخرها مبادرة مجلس التعاون الخليجي في عقد المؤتمر التشاوري الذي ضم مختلف الأطياف اليمنية، وهو أمرٌ متوقع لمن يعرف الحوثي ونحن نعرفه وكل اليمنيين.
لن يقبل الحوثيون بالسلام والجلوس على طاولة الحوار إلا بالضغط وكسر عنجهيتهم العسكرية وطموحاتهم الشريرة، وأن يرغموا على التخلي عن منطق القوة والخضوع لمنطق السلام والتعايش. ونتمنى أن يحدث ذلك دون اللجوء لمثل هذه الخطوات العسكرية، لكن نحن نعلم أن هذه المليشيات للأسف في طول تاريخها لا تأتي للسلام إلا مكرهة، آملين أن تكون هذه المرة استثناءً في تاريخ الجماعة الإجرامي وسيجد اليمنيين مستعدين للسلام ومرحبين بذلك. أما إصرارهم على ما هم عليه فهو لا يترك خيارًا للقوى الوطنية إلا الدفاع والتصعيد العسكري كحلٍ وحيد لإرغامهم على السلام وإنهاء معاناة اليمنيين.
– ما تقييمكم لإمكانية توحيد التشكيلات العسكرية لقوى الحكومة الشرعية المختلفة التوجهات والأفكار؟
جمع مجلس القيادة الرئاسي مختلف القيادات التي تمتلك الوحدات العسكرية الوطنية التي لها سيطرة عملية وتأثير على الأرض، وهو أمرٌ إيجابي وجيّد يخدم توحيد جهودها لتحرير الوطن وتوحيد صفوف القوات الشرعية، والتنسيق فيما بينها لتكون في إطار خطة شاملة تثمر توحد الجهود وتقليل الخسائر.
– ما الخيارات المطروحة أمامكم حتى اللحظة في مساعي وقف الاقتتال والصراع؟
خياراتنا الأولى هي مد يد السلام بنيات صادقة، والذي لا نتوقع أن الحوثي سيستجيب لها، ولكنها خطوة لابد منها للتاريخ و إبراء للذمة أمام الله وأمام شعبنا وكل محبٍ وداعٍ للسلام، وعلى عاتق الداخل وقواه الوطنية العاقلة أن يسارعوا في الضغط على الحوثي للاستجابة لدعوات السلام الصادقة. نكرر؛ نحن نأمل ذلك رغم أننا نعرف أن الحوثي ليس بصدد أي سلام، ولن يرضخ له إلا عسكريًا، فذلك ما نعرفه عنه، ونقول لعل وعسى، وندعو أن لا يفوتوا هذه الفرصة الكبيرة لصالح شعبنا ووطننا ولصالحهم، والتي قد لا تتكرر، ونحن وكل القوى الوطنية والأشقاء في مجلس التعاون صادقون فيها.