بلغت نسبة السيدات اللواتي فزن بالانتخابات النيابية البحرينية مؤخرا ٢٠٪ من إجمالي المقاعد التي يبلغ عددها 40 مقعدا، وهي المرة الأولى التي تشكل فيها النساء هذه النسبة، حيث فازت أولئك السيدات من أصل 330 مرشحا/ة في الانتخابات التي عُقدت الشهر الحالي (نوفمبر/ تشرين الثاني) في الوقت الذي تطالب فيه الحركة النسائية بتعديل العديد من القوانين المميزة ضد المرأة.
خلت البرامج الانتخابية لكل المرشحين/ات من أي خطط موجه للمرأة أو تستهدفها، أو أي إشارة للقوانين التي يودون العمل عليها لصالح المرأة، فقد ركزت أغلب البرامج على القضايا العامة كالبطالة وضريبة القيمة المضافة بالإضافة لقوانين التقاعد وغيرها.
فوز تاريخي
توجهت “مواطن” للنائبات الثمان بسؤال عن نظرتهن حول مشاركة النساء في البرلمان وإذا ما كانت أي من القوانين التي تعني المرأة ضمن أولوياتهن وسيعملن عليها خلال سنوات عملهن الأربع، فتجاهلت 3 نائبات هذه الدعوة هن مريم الصائغ، زينب عبد الأمير ومريم الضاعن، فيما ردت النائبات باسمة مبارك، جليلة السيد ولولوة الرميحي على الرسالة المرسلة دون الرد على الأسئلة، وحصلنا على الإجابات من نائبتين فقط.
فقد اعتبرت النائبة حنان الفردان فوز المرأة في انتخابات 2022 “إنجازا تاريخيا للمرأة البحرينية بفوزها بثمانية قاعد برلمانية وهو أكبر عدد تحصل عليه في تاريخ المملكة” والذي يعود في رأيها “للحراك النسائي الذي تقدمه النساء للمجتمع والايمان بقدرتها على الوصول لمراكز السلطة ومواقع اتخاذ القرار، كما ان خطة النهوض بالمرأة من قبل المجلس الأعلى للمرأة له جهود واضحة في تقدم المرأة في المشهد السياسي” حسب ما أخبرت “مواطن”.
وقالت النائبة ايمان شويطر، الممثلة لكتلة “تقدم” اليسارية في البرلمان في حديث لـ “مواطن”: “وصول 8 سيدات إلى مقاعد البرلمان له عدة دلالات، أولها ان المرأة اثبتت جدارتها وكفاءتها في كل المجالات واستطاعت أن تكوّن قناعة وثقة لدى الناس بها وبقوتها وقدرتها على التعاطي بإيجابية مع القضايا المعيشية والاقتصادية والخدمية التي يعيشها المجتمع البحريني، والتي يأمل الشارع في استرجاع ما تم التفريط فيه من حقوق، كما يتطلع لوجود الكفاءة المناسبة لحلحلة هذه الملفات”.
وأشارت شويطر إلى أن وصول النائبة زينب عبد الأمير من الدور الأول هو تأكيد على ذلك، والنائبة عبد الأمير هي السيدة الوحيدة التي أُعيد انتخابها من البرلمان السابق، والتي فازت من الجولة الأولى ضد منافسيها ومنافساتها.
وصول 8 سيدات إلى مقاعد البرلمان له عدة دلالات، أولها ان المرأة اثبتت جدارتها وكفاءتها في كل المجالات
إيمان شويطر Tweet
قوانين الجنسية وتجريم العنف
وعن أولوياتهما فيما يتعلق بالقضايا التي تخص المرأة بشكل مباشر، بينت الفردان أنه من ضمن أولوياتها “العمل على القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ومنها منح المرأة البحرينية حق منحها الجنسية لأبنائها، بالإضافة لتنفيذ قانون الحماية من العنف الأسري وكذلك انهاء الفجوة في التمييز في الأجور بين الجنسين في العمل وإعادة النظر في قانون التقاعد للنساء”.
كما وعدت النائبة شويطر بأن تكون ملفات المرأة حاضرة في جلسات البرلمان وعلى رأسها “دعم حملة جنسيتي حق لي ولأبنائي، عبر تعديل قانون الجنسية، وإلغاء المادة ٣٥٣ من قانون العقوبات التي تسمح للجاني الإفلات من العقاب بمجرد زواجه من الضحية، وكذلك التعديلات اللازمة على قانوني أحكام الأسرة والحماية من العنف الأسري”.
وأضافت: “هذه كلها ملفات مهمة ويعمل عليها الإتحاد النسائي وتحتاج أن تصل الى جلسات النواب وبالتأكيد سيتم تبنيها من قبل كتلة (تقدم) مع استقطاب وتحالف عدد من النواب المخلصين المؤمنين بعدالة هذه المطالب بضغط وتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني، حيث لم نشهد تعاونا ولا تنسيقا مع لجان المرأة والطفل او اللجان التشريعية في الفصل التشريعي السابق من أجل حلحلة هذه الملفات”.
بدأ الحراك النسائي في البحرين منذ خمسينات القرن الماضي، حيث تأسست “جمعية نهضة فتاة البحرين” عام 1955 كأوّل تجمع نسائي مرخص رسمياً ويعنى بشؤون المرأة في كل دول الخليج وليس البحرين فقط، واستطاع هذا الحراك على مدار السنوات أن يحقق تغيرات مجتمعية وتوعوية وقانونية عبر المطالبات المتعددة والمتكررة وتبني الاستراتيجيات المختلفة التي غيرت واقع التعليم والعمل والخدمات الصحية للمرأة، إلا أن هذا الواقع لا يزال بحاجة لتطوير وتعديل لبلوغ النساء المساواة الجندرية مع الرجال وإلغاء القوانين التي تجعل من حياتهن جحيما في أغلب الأحيان.
تؤكد ذلك الناشطة في شئون المرأة نوال عبد الله: “شكلت المسيرة المضيئة للحركة النسائية البحرينية عبر المراحل التاريخية المتعاقبة نموذجاً رائداً لتجربة نضالية متميزة في العمل النسائي على الصعيد الرسمي والأهلي، نحن لا شك نعتز ونفتخر بوجود قيادات نسائية بحرينية مؤهلة في مختلف الجوانب والمواقع”.
وكان الاتحاد النسائي البحريني قد تضرر من قانون العزل السياسي حيث تتسبب التأخيرات في تشكيل مجلس الإدارة، نتيجة لهذا القانون، في عواقب وخيمة على الجمعيات: إذا لم يتم انتخاب وتأكيد المجلس قبل انقضاء عامين عن تاريخ انتهاء المجلس السابق، تُعلّق وزارة العمل وصول الجمعية إلى حساباتها المصرفية ومواردها المالية، مما يجبرها على التوقف عن العمل. وجود مقاعد شاغرة يسمح أيضا لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية بتعيين أعضاء جدد موالين لها، حسب تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش.
ودعا الاتحاد لإلغاء المادة 43 من القانون رقم 36 لسنة 2018 التي تمنع كل من شاركت في إحدى الجمعيات السياسية المنحلة، من الانضمام لمجالس إدارات مؤسسات المجتمع المدني، مما أدى ويؤدي لحرمان هذه المؤسسات من الاستفادة من خبرات تلك الكوادر في إدارة شؤونها وتنفيذ برامجها، في بيان صادر بمناسبة يوم المرأة البحرينية الأخير.
كما طالب الاتحاد في البيان ذاته سن قوانين جديدة وتعديل التشريعات السارية المتعلقة بحماية المرأة من العنف بجميع أشكاله، ومساءلة مرتكبي الانتهاكات، وإدخال تعديلات على قوانين العمل بحيث تتضمن تدابير لحماية المرأة العاملة في القطاعين العام والخاص، بما يتوافق مع أحكام اتفاقيات منظمة العمل الدولية، ضرورة إعادة النظر في قانون التقاعد الجديد بحيث يتم الحفاظ على المزايا التأمينية التي كان يتمتع بها المتقاعدون – وبخاصة النساء منهم – بحسب القانون السابق، وتحقيق المزيد من المزايا لهم، منح المرأة البحرينية المتزوجة من غير بحريني الحق في إعطاء جنسيتها لأبنائها أسوة بالرجل وذلك من خلال تعديل المادة رقم 4 من قانون الجنسية البحريني.
ومن بين الأمور التي طالب بها الإتحاد هي إعادة النظر في معظم مواد قانون أحكام الاسرة إذ كانت تعتريه منذ صدوره وفي التطبيق نواقص وعيوب من حيث الشكل والموضوع بحيث يتفق التعديل مع أفضل الاجتهادات الفقهية التي تحقق المصلحة الفضلى للطفل والأسرة، وبما ينسجم مع الدستور والاتفاقيات والمواثيق الدولية .
وبينت عبدالله خلال حديث لـ”مواطن” إلى إنها تنظر للتجربة البرلمانية الحالية وبالتحديد وصول ثمان سيدات للبرلمان البحريني: “القضية الأساسية هنا ليست في ارتفاع نسبة النساء أو الرجال، بل القضية الجوهرية تكمن في الصلاحيات المحدودة لأعضاء البرلمان (نساءً ورجالا) للأسف، فملامح التجارب السابقة للبرلمان واضحة للعيان فلا تشريع، لا استجواب، ولا محاسبة، كما أن هناك ملفات أساسية عالقة كملف حق المرأة البحرينية المتزوجة من غير البحريني في منح جنسيتها لأبنائها، وقانون العزل السياسي وملف المعتقلين السياسيين ومعاناة عائلاتهم، ملف البطالة والفقر والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين وغيرها “.
وتساءلت: “هل سيتمكن البرلمان الحالي من تمرير كل أو جزء من تلك الملفات أو القضايا العالقة؟”
طالب الاتحاد النسائي البحريني في يوم المرأة العالمي الأخير بتعديل “عدد من القوانين التمييزية التي تتعارض مع الهدف الخامس من أهداف التنمية المُستدامة” حسب بيان له، “وعلى رأسها قانون الجنسية البحريني الذي من خلاله لا تتمتع النساء في البحرين قانونياً من التمكن بنقل الجنسية لأطفالهن حين يكون الأب غير بحرينيّ، مما شكل معضلة كبيرة للعديد من العائلات من حيثُ عدم الاستقرار والتشتت في بلد يعتبر الاسرة هي المكون الأساسي للمجتمع، ولكننا نطمح إلى تعديل المادة 4 في قانون الجنسية البحريني لسنة 1963، لأنه من المهم أن يتمتع ابن البحرينية المولود لأبٍ غير بحريني بكافة حقوق وواجبات المواطنة، و يتمكن من ممارسة حقه بمباشرة حقوقه السياسية والاجتماعية. ويلتزم بالواجبات الدستورية والقانونية. ويستفيد المتفوقون منهم أكاديمياً من البعثات أو المنح الدراسية، كما يحق لهم الاستفادة من الخدمات”.
يذكر آن مجلس الشورى أيضا سجل ارتفاعا في عدد عضواته السيدات، وهو الغرفة التشريعية الثانية ضمن المجلس الوطني الذي يعينه الملك، حيث بلغن 10 عضوات من أصل 40، بما نسبته 25٪ وهي المرة الأولى التي يبلغ فيها عدد النساء في هذا المجال هذه النسبة منذ تأسيسه في 2002، كما بلغ عدد السيدات الوزيرات في الحكومة البحرينية 4 سيدات، وهي أكثر حكومة منذ تأسيس البحرين في 1971 تضم نساء.