في معركة غير متكافئة تقف المرأة السعودية في وجه مدفع تداعيات التغيرات المناخية وظواهر الطقس التي تلقي بظلالها على كافة مناحي الحياة، ترفع هذه التغيرات من حجم الضغوط على النساء، خاصة العاملات منهن، وربما يتسبب ذلك في المنع من تحقيق الاستقلال المادي وتراجع في بعض مكتسبات النساء الاجتماعية.
كيف يؤثر التغير المناخي على حياة النساء في البيئات الحارة؟
شروط مثل الستر وتطويل الملابس في مناخ حار صيفًا، وبارد شتاءً كمناخ الخليج العربي، عامل سلبي ومؤثر يتسبب بضيق تنفس وثقل حركة وزيادة بالتعرق، ما يؤدي إلى تعكير الأمزجة وارتفاع الضغط والإجهاد على القلب والرئتين والعضلات للمرأة.
تزيد العباءة من صعوبة تحمل النساء للتغيرات المناخية
تقول روابي عبدالله لمواطن، وهي ربة منزل سعودية، تقيم في منطقة عسير، إنها تعيش في منطقة يتميز مُناخها بدرجة رطوبة عالية، وهذا بلا شك يؤثر سلبًا على مزاجها، وتؤكد أن النساء العاملات في المنطقة أكثر تضررًا بسبب ارتدائهن العباءات أثناء العمل.
التغيرات المناخية تفسد المكياج والشعر والمزاج
يعاني السعوديون سنويا من آثار هطول الأمطار الغزيرة، ما يؤدي إلى غلق الطرق وتعطيل الدراسة والعمل، وتعثر الخروج من البيت والعودة إليه، بالإضافة إلى تلف بعض أنواع الملابس أو مظاهر التزيين للنساء. وهو ما يمثل تكلفة اقتصادية مضافة لما يقع عليها مع الرجال من تكاليف أعطال السيارات.
يخلق اضطرار بقاء السعوديون في منازلهم بسبب كثافة المطر وغلق الطرقات. حالة من المزاج السلبي بسبب تقييد الحركة، وهو ما ينعكس سلبًا على نفسية السعوديين، ويرفع من نسب المشاكل الأسرية.
يؤكد سالم الخالدي، مستشار أسري سعودي، خلال حديثه لمواطن، أن المخاوف وحالة القلق التي تشعر بها المرأة عند حدوث الأعاصير الشديدة والسيول، وغير ذلك من عوامل تغيرات المناخ، يؤثر سلبا على سلوكها، وهو ما يؤثر بدوره على استقرار الأسرة.
وكانت وحدة أبحاث الطاقة، وهي منصة متخصصة في نشر التقارير البحثية المتعلقة بالتغير المناخي، نشرت تقريرًا يؤكد زيادة حالات الإصابة بالأمراض النفسية في منطقة الخليج، ومن بينها السعودية، تأثرًا بعوامل التغير المناخي، بعد أن انتشرت أمراض الرئة والصدر إثر هجوم العواصف المحملة بالأتربة على الخليج.
“المرأة السعودية كأم تتحمل مسؤولية البيت ومتطلباته، لذلك؛ فأي مؤثر خارجي كالتغير المناخي وتبعات عوامله المختلفة المتنوعة بين ارتفاع درجة الحرارة، وارتفاع نسبة الرطوبة، وسقوط الأمطار والثلوج غير المتوقعة، لابد وأن يؤثر على سير الحياة في بيتها؛ فتكون عرضة للضغط والمشاكل الحياتية العادية وغير العادية، وإن كانت بعض النساء يقدرن على تخطي هذه الصعوبات، لكن الأخريات لا يستطعن، ويصبحن عرضة للأمراض النفسية والعضوية أيضًا، ومنها الأمراض المناعية التي تجمع الاثنين معًا”، بهذا الرأي، بدأت الدكتورة منى الوهيبي، أستاذة جامعية، وعضو الجمعية السعودية للعلوم التطبيقية، حديثها لمواطن.
تضيف الوهيبي أنها تسمع دائما أحاديث من صديقاتها وأقاربها، عما أحدثته عوامل التغير المناخي على أحوالهم الصحية وحالاتهم المزاجية، وتستطرد مؤكدة: “يمكن أن تؤثر التغيرات المناخية فسيولوجيا، مما يتسبب في تغير الحالة المزاجية”.
كلما أخذت درجة الحرارة في الارتفاع، يتسبب ذلك في جفاف الشعر وتعرضه للتقصف، حتى لو كانت المرأة متواجدة بالمنزل دون التعرض لأشعة الشمس المباشرة
وإن كان ارتفاع درجة الحرارة في المملكة سوف يتسبب في تغير هرمونات جسم المرأة حسبما ذكرت الدكتورة منى الوهيبي؛ فإنه يؤثر على صحة شعر النساء أيضًا. ويضيف الدكتور خالد منتصر، طبيب أمراض جلدية وإعلامي مصري خلال حديثه لمواطن، أنه كلما أخذت درجة الحرارة في الارتفاع يتسبب ذلك في جفاف الشعر وتعرضه للتقصف، حتى لو كانت المرأة متواجدة بالمنزل دون التعرض لأشعة الشمس المباشرة.
ويضيف منتصر: “ارتفاع درجة الحرارة المتواصل يتسبب في احتفاظ الشعر بنسبة رطوبة أقل من التي تحتاج إليها فروة الرأس مما ينتج عن ذلك هشاشة الشعر”.
وينصح أخيرا، النساء المقيمات في المناطق شديدة الاحترار، باستعمال الشامبو المنعم والمنتجات التي تمنح الشعر نسبة رطوبة مناسبة؛ خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة في نهار اليوم، مع الحرص على عدم تعريض فروة الرأس للتعرق الشديد، أو الرطوبة الشديدة، وهي إحدى عوامل التغير المناخي في الخليج، فإن الرطوبة العالية تتسبب في امتصاص الشعر لبخار الماء الموجود في الهواء الذي يؤثر سلبًا على كثافة الشعر.
التغير المناخي والدورة الشهرية
يمتد تأثير الاحترار المناخي على طول فترة الحيض. حسب ما جاء في موقع onlymyhealth، وكلما ارتفعت درجة حرارة الطقس، كلما أدى ذلك إلى مضاعفات أثناء الحيض، تتمثل في التوتر والقلق وظهور الحبوب.
بالإضافة إلى ممارسة الرياضة في مناطق الاحترار، تتسبب في طول مدة الحيض؛ حيث يمكن أن تزيد؛ من يوم إلى يومين عن الفترة الاعتيادية، إضافة إلى الشعور بالاكتئاب وفقد القدرة على القيام بالمهام الاعتيادية.
يمكن المحافظة على انتظام الدورة الشهرية، من خلال اتباع بعض النصائح الطبية لتجنب التأثير السلبي للاحترار الشديد خلال فصل الصيف، وتبدأ بالمداومة على شرب المياه بكميات كبيرة للتخلص من الجفاف، كما يجب الابتعاد عن تناول الأطعمة المالحة التي تتسبب في احتباس المياه والانتفاخ، الحرص على عدم تناول الأطعمة الدهنية في الأيام الحارة وشديدة الحرارة لعدم عرقلة انتظام الدورة الشهرية.
مع مراعاة ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة وتجنب التمارين الصعبة والعنيفة، حتى لا تتسبب في تدفق الدورة بغزارة، والحرص على ارتداء الملابس القطنية لامتصاص العرق، والحفاظ على النظافة الشخصية.
المشاركة في التصدي حق أصيل للنساء
لمواجهة مثل هذه التحديات المناخية، فصنع القرار المناخي أمرًا لابد وأن يكون للمرأة السعودية صوت واضح فيه، من أجل تعزيز دور النساء في المملكة، واستغلال جهودهم لمكافحة التغير المناخي، وترى الدكتورة ميمونة الخليل مديرة المرصد الوطني للمرأة بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، خلال جلسة حوارية نظمتها الأمم المتحدة في المملكة، أن المرأة السعودية استطاعت أن تحصل على تقدم ملحوظ في الحقوق في ظل القيادة الحالية، مما ساعدها على المشاركة في التصدي للتغير المناخي، مؤكدة أنه يجب تعزيز حقوق السعوديات بشكل أكبر ليتمكنّ من معالجة الوقوف أمام قضية المناخ ويضعن حلولاً للتصدي لها.
ولن تستطع إزالة هذه الأحجار الجارحة من طريقها والمشاركة في تقديم الحلول المناخية، إلا بإتاحة مزيد من الفرص، التي تسمح لها بمزيد من التمكين اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وأن يكون لها دور واضح في صناعة القرار وصناعة المستقبل. ما يجعل الأمر برمته جزءا من حقوق النساء في السعودية، وتحسن أوضاعها.