شهد شهر أغسطس منع فليمي Barbie وفيلم Talk to me من العرض في الكويت، وكان السبب المعلن عن منع الأول أنه يخدش الآداب العامة، ويحرض على مخالفة النظام العام والعادات والتقاليد، ويدعو إلى أفكار دخيلة؛ بينما لم يبرر منع الأخير، وسط تكهنات بالمنع لوجود ممثل متحول جنسيًا ضمن فريق عمل الفيلم، على الرغم عدم ذكر المثليين أو العابرين جنسيًا في أي من مشاهده، كما لم يمنع أي من الفيلمين في السعودية أو الإمارات.
وتشترط الكويت الحصول على إجازة مسبقة قبل عرض أي فيلم، عن طريق لجنة رقابية تابعة لوزارة الإعلام، ويحق للوزارة وقف عرض أي فيلم به مشاهد تخل بالنظام، والآداب العامة والوحدة الوطنية، طبقاً لقرار 934 لسنة 2022 بشأن تنظيم تراخيص الأنشطة الإعلامية والسياحية.
ودمية باربي من ابتكار سيدة الأعمال الأمريكية روث هاندلر في 1959، ومن اسم ابنتها بربرا، استوحت منها اسم باربي، وصممت الدمية الوردية بمعايير جسدية صارمة، لتعكس الصورة المثالية للفتاة الأمريكية بشكلها النحيف.
وصرح لافي السبيعي، رئيس مجلس تصنيف الأفلام في الكويت، إن المجلس عادة ما يطلب حذف مشاهد الأفلام التي تعتبر أنها تنتهك ثقافة بلاده. لكن عندما تروج لسلوك تعتقد الدولة أنه غير مقبول ، يتم حظرهم تماماً.
وعلقت كل من ABC News وThe New York Times بأنه على عكس الأفلام الأخرى التي تم حظرها في الشرق الأوسط، لا يعرض فيلم”باربي” أي مشاهد أو تلميحات للعلاقات المثلية أو حقوق الـميم عين.
وأشارت The New York Times إلى احتمالية حظر “باربي” بسبب وجود ممثلين ضمن فريق العمل من مجتمع الميم عين، كالممثلة كيت ماكينون وهي مثلية الجنس، وهاري نايف العابرة جنسياً.
بينما ألمحت ABC News إلى أن السبب قد يكون بسبب رسالة الفيلم وأفكاره حول المساواة والتنوع الاجتماعي وسياسة الدمج والشمول. خاصة مع تركيز الفيلم على الدمى، والتي لا تحمل أي أعضاء جنسية، وعدم احتواء مشاهده على أي نشاط جنسي صريح، حسب الصحيفة الأمريكية.
وجاءت التكهنات حول منع الفيلم الأسترالي Talk to me من العرض في الكويت، بسبب تواجد ممثل من العابرين جنسياً في الفيلم، كما سحب العام الماضي من صالات العرض Death on the Nile عقب حالة من إثارة الجدل بسبب جنسية بطلة الفليم الإسرائيلية غال غادوت، ومنع أيضًا فيلم Doctor Strange على خلفية ارتداء إحدى الشخصيات شارة ترمز للمثلية طوال 45 دقيقة من زمن الفيلم، ما يحول دون حذف مشاهد ظهور الشارة وعرض الفيلم، طبقاً لصحيفة القبس الكويتية.
منع عرض الأفلام، ما الجدوى؟
وتقول لمواطن الكاتبة الكويتية، شيخة البهاويد “في ظل التكنولوجيا والمنصات الرقمية حالياً، لا يعد المنع من عرض فيلم في السينما ذا قيمة؛ بل على العكس؛ فإنه إعلان مجاني لمشاهدة العمل على المنصات الرقمية، لكن ما يعبر عنه المنع هو فكرة الرقابة على خيارات الأشخاص من قبل الدولة، التي قد تبدأ بحجب عمل فني وتتطور لمستويات أخرى”.
وتتفق الكاتبة الصحفية أسيل عبدالحميد أمين، مع شيخة البهاويد، حول عدم جدوى المنع، واصفة ما يحدث في الكويت بأنه: “لا يعدو إلا كونه فرضاً للرأي الواحد وإثبات سلطة، ووجود الخطر من هذا الفيلم، الذي تعتقد بوجوده هذه القوى المؤدلجة، والمسيطرة على رقابة المرئي والمسموع، خطر وهمي في ظل كل الوسائل البديلة والمتاحة، نحن في عصر لا تجدي معه ثقافة المنع ولا فرض رقابة مؤدلجة”.
وتضيف: “أما عن وجود رجل مثلي وآخر عابر الجنس، فهويتهما غير واضحة، ومقاطع الحوار بينهما، يسهل قطعها كما هو معتاد بدلاً من منع الفيلم بأكمله، ولكن ليس هذا ما يثير حفيظتهم بالدرجة القصوى؛ بل يتضح أنه الفكر النسوي الذي يدور حوله الفيلم”. وتكمل: “مؤسف أنهم يجيزون مشاهد القتل والتدمير والتعنيف ويمنعون أفكاراً تعزز من ذات المرأة”.
أثار فيلم باربي حالة من الجدل الواسع، ولم تتفق آراء النقاد حوله، البعض رآه من أروع الأفلام التي يمكن إنتاجها سينمائياً، والبعض رأه لطيفاً، والبعض الآخر يعتقد أنه مزعج في مستوى أفكاره، بينما هناك فريق لم ير فيه أكثر من فيلم تجاري.
كما نشرت الكاتبة والحقوقية ابتهال الخطيب تغريدة ساخرة بأن أقرب دور عرض لفيلم باربي أن كنت تعيش في الكويت، موجودة في السعودية.
كيف تشاهد فيلم باربي إذا كنت تعيش في الكويت: ثلاث دور عرض سينمائية قريبة تعرض الفيلم في السعودية 😁 pic.twitter.com/6i8sbjrky2
— ابتهال الخطيب (@Ebtehal_A) August 10, 2023
بينما علقت السياسية والأكاديمية الكويتية سلوى سعيد عبر تويتر: “عندما تعجز الحكومة عن تقديم أي إنجاز يذكر للشعب، تلجأ للعب أدوار فنكوشية، كحماية المجتمع من خطر الدمية الوردية”.
عندما تعجز الحكومة عن تقديم اي انجاز يذكر للشعب تلجأ للعب أدوار فنكوشية كحماية المجتمع من خطر الدمية الوردية...
— Salwa Saeed 🇰🇼 (@Salwa_S_Sa) August 13, 2023
تجسيداً للتعاون الحكومي البرلماني..
#باربي #البديل_الاستراتيجي
أما الناقدة ليلى أحمد فتقول لمواطن: “سلطة الحجب الرقابية للأفلام وللكتب؛ فكرة تعود لأيام نشأة الرقابة والوصاية على الشعب، من الستينيات بالنسبة للكويت”، وتعتبر أن المنع يعود إلى عقلية أيام الكهف، وتكمل: “وبالرغم من منع الحكومة فيلم باربي، فلن أحتاج للسفر الى السعودية او الإمارات، لحضور الفيلم في صالات العرض المتاحة هناك؛ بل شاهدته كاملًا بدون تقطيع عبر الإنترنت؛ في بيتي الكائن بالكويت”.
ويفسر الناقد فهد الهندال، ظاهرة حجب الأفلام أو منع الكتب وشتى وسائل الرقابة، على أنها محاولة تخلّص السلطة من أي مسؤولية محتملة، وعدم الرغبة في تحمّل عواقب قد تكون ذات تأثير سلبي عليها لا على المجتمع.
ويميل الهندال، إلى أن يكون الوعي الذاتي هو مقياس تقييم الفرد للعمل بين جودته ورداءته، بين تميّزه وعاديته، وهو ما لن يتحقق إلا بفضل الانفتاح على الآخر، واستلهام التجارب المفيدة في حياتنا وترك ما هو غير مفيد.
ويعتقد أن الحجب والمنع وسيلتان تعبران عن ضعف الوعي أو عدم الثقة في الهوية الأساسية للفرد، وعدم الاعتماد على التفكير المبدع في حماية المجتمع من الأفكار الجديدة، عبر أخذ المفيد وترك غير النافع.
ويساهم المنع في الترويج للشيء الممنوع، ويؤدي لترك القنوات الرسمية وما هو بمحلها، والذهاب لمحركات البحث، وقد يكتشف أن ما تم منعه لا يستحق كل هذه الضجة التي خلقتها له سياسة المنع والحجب، كما حدث مع الكثير من الكتب والأفلام والأعمال التي حجبت أو منعت، وقد اكتسبت تسويقاً وترويجاً مباشراً من ذلك. حسبما أكد الهندال لمواطن.
باربي، أفكار نسوية خطرة
أثار فيلم باربي حالة من الجدل الواسع منذ الإعلان عنه، وعالميًا لم تتفق آراء النقاد حوله، البعض رآه من أروع الأفلام التي يمكن إنتاجها سينمائياً، والبعض رأه لطيفاً، والبعض الآخر يعتقد أنه مزعج في مستوى أفكاره، بينما هناك فريق لم ير فيه أكثر من فيلم تجاري بحملة دعائية كبيرة، وحملات ملابس وردية أثناء حضور الفيلم من الفتيات حول العالم.
ودمية باربي من ابتكار سيدة الأعمال الأمريكية روث هاندلر في 1959، ومن اسم ابنتها بربرا، استوحت منها اسم باربي، وصممت الدمية الوردية بمعايير جسدية صارمة، لتعكس الصورة المثالية للفتاة الأمريكية بشكلها النحيف.
وأضافت عبر تويتر الباحثة والطبيبة الكويتية إقبال الزريقي أن البعض يبدي رأيه في الفيلم، دون أن يراه، وأن الفيلم يحرص على التفكير القوي والمستقل للجنسين.
يسوون مقابلات يقولون رايهم في الفيلم وهم اصلاً مو شايفينه! وحدة بالكويت تقول أؤيد منع الفيلم لاني ما احب البنت تكون شخصيتها مايعة 😂! الفيلم اصلاً يحرض على التفكير المستقل والقوي للجنسين! #BarbieMovie pic.twitter.com/QIYJPOUk18
— Iqbal Al-Zirqi (@AlZirqi) August 13, 2023
واعتبرت الناقدة وصحفية الديلي ميل سارة فاين، في تقرير نشر على الـ BBC. أنه فيلم مناهض للرجال بعمق، وهو امتداد لكل تلك النسوية، التي ترسم أي شكل من أشكال الذكورة، على أنها سامة ومفترسة.
وأضافت فاين: “كل شخصية ذكورية ظهرت في الفيلم؛ إما أن تكون حمقاء أو متعصبة أو حزينة، أو مثيرة للشفقة”. وتستطرد: “إذا تم عكس الأدوار، وصنع مخرج رجل فيلماً كانت جميع النساء فيه شخصيات هستيرية وعصبية فسيتم استنكاره”. وتختم حديثها، بأنه فيلم مسيء ومتحيز جنسياً.
لم تكن الكويت وحدها من حظرت عرض الفيلم، لبنان أيضاً منعت عرضه، كما تم منعه في فيتنام لإظهاره خريطة لمنطقة متنازع عليها بين كل من فيتنام والصين.
بينما رأت الصحفية الكويتية أسيل عبد الحميد، أن الفيلم يوجه رسائل عدة للفتيات في سن الطفولة والمراهقة، تغير مفاهيم رسختها أميرات عالم ديزني في عقود سابقة، وتقوم على تعزيز ذات المرأة وتعدد أدوارها في المجتمع مثل الرجل تماماً، إلى جانب دور الإنجاب والأمومة المتمثل في باربي الحامل، الحاضرة طوال الفيلم في الخلفية إلى جانب النسخ الأخرى منها.
وتضيف لمواطن: “حرص الفيلم على ذكر أنها أوقفت عن الإنتاج فعلياً، لأن فكرة الحمل والإنجاب والأمومة ليست أفكاراً مناسبة للطفلات والمراهقات، تنقّل باربي ما بين عالمها (الوردي) والعالم الحقيقي وما يشوبه من صراع، هو حالة يعيشها الإنسان بمختلف مراحله السنية، استحضرها الفيلم لانتشال وعي الطفلات والمراهقات تحديداً إلى الواقع المفتوحة أبوابه على (ألوان الحياة) كلها.
وتختم: “لعبة تبادل الأدوار ما بين الرجل والمرأة في العالمين جيدة ومباشرة، وسلسلة لفهم الطفلات والمراهقات، والتي تؤول في نهاية الفيلم إلى فض الصراع ما بين المرأة والرجل وتعزيز ذات كل منهما ودوره المشترك في الحياة”.
وغردت شيخة البهاويد عبر حساب تويتر الخاص بها، واصفة باربي، بأتفه فيلم شاهدته في العشر سنوات الماضية.
فيلم باربي أتفه فلم شفته في العشر سنوات الماضية
— شيخة البهاويد (@shaikha_bahawed) August 12, 2023
وهو ما تتفق معه الناقدة الفنية ليلى أحمد، فترى أن الفيلم تافه ولا يستحق كل هذه الضجة؛ وتتسائل “من سيتأثر بما يطرحه فيلم أو كتاب، طالما أن البيئة والمدارس محافظة؟”، وتعتبر الضجة المثارة حول الفيلم في الكويت، سياسية للتغطية على أمور فساد ونهب من المال العام.
وتكمل: “المضحك أن الحكومة تقول عن فيلم باربي إنه يهدم الأخلاق، لا أدري من وضعها وصية علينا كشعب! أليس الأجدر بها محاسبة رجال السياسة ،من وزراء ونواب وتجار، على انعدام أخلاقهم تجاه الوطن والشعب؟”.
وتضيف أن “هناك حالة من محاولات خلق صراعات وهمية من أجل التغطية على عملية هدم الدستور، الذي عاشت الكويت في ظل ديمقراطيته منذ العام 1962، ومن سنة التسعين وبعد تحرير الكويت، يتم تقويض الدستور بإصدار قوانين معادية للدستور، ومن جهة أخرى تحدث حالات نهب منظم لمقدرات البلاد، وكبت حريات التعبير”.
لم تكن الكويت وحدها من حظرت عرض الفيلم، لبنان أيضاً منعت عرضه، كما تم منع الفيلم في فيتنام لإظهاره خريطة لمنطقة متنازع عليها بين كل من فيتنام والصين، من جهة أخرى الفيلم لم يمنع في دول كالسعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وأصبحت حالة الجدل تنشط في منطقة الشرق الأوسط عامة، لا الكويت وحدها، مع كل فيلم جديد في هوليوود حول صراعات قيمية وأخلاقية وثقافية، وأخبار عن منع عرض في دور السينما أو حذف مشاهد من الرقابة، كلها أمور تصب في خانة ملايين المشاهدات الإلكترونية، لهذه الأفلام.
Thanks for sharing. I read many of your blog posts, cool, your blog is very good. https://www.binance.com/vi/register?ref=WTOZ531Y