بعد الموقف الغربي المتخاذل من العدوان على غزة.. هل نتراجع عن قيمنا الحقوقية والنسوية؟
في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، استيقظ الحقوقي العربي ليجد نفسه في صدمة غير مسبوقة، نتيجة عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى؛ فالجهات الدولية التي كانت تنتفض عندما تواجه امرأة عربية قمعًا -أيّا كانت درجته- نتيجة لرغبتها في ممارسة حريتها في كشف جسدها، قد وقفت صامتة؛ بل مؤيدة لتقطيع آلاف الأجساد للنساء والأطفال والمدنيين في قطاع غزّة لأشلاء بلا رحمة، وهي نفسها الجهات التي كانت تطالب للطفل القاصر بحقه/حريته في اختيار جنسه، رأيناها تبرر حرمان أطفال غزّة من الحياة بالموت تحت أطنان الأسمنت والحجارة، نتيجة غارات قصف جيش الاحتلال لمنازلهم. ولولا استيعاب الشعوب الحرة لهول ما يجري على الأرض وفي الغرف المغلقة، ولولا صمود أهل غزة الذي رافقه انتفاضة عالمية للشعوب صاحبة الضمائر الحرّة، وتعريتهم لأكاذيب حكوماتهم، لقضي على أهل غزة والعالم صامت ويتفرج.
حقيقة؛ لم أتخيل في أسوأ كوابيسي أن تقول وزيرة أوروبية في رد على سؤال وجهه لها صحفي غربي حول مشروعية قتل أعداد ضخمة من الأطفال والنساء ضحايا العدوان الغاشم، بجواب: ” لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها؛ والباقي مجرّد تفاصيل”، ولا أن يجيب مسؤول آخر: “الضحايا المدنيون أضرار جانبية”، فجأة تهاوت كل الخطب والمؤتمرات، سقطت الأقنعة لتكشف لنا أننا يجب أن نعود للمربع الأول، وهو حق البشر في الحياة، حق البشر في المساواة في الحقوق، ورفض تفضيل بشري على آخر لعرقه أو لونه أو لون العلم الذي ينتمي إليه، أو النظام الذي يخضع تحت ظلّه.
تحدث الكثير عن انهيار منظومة حقوق الإنسان بعد حرب غزة، وذهب البعض لأبعد من ذلك، إلى رفض أي كلام في حقوق المرأة والطفل وحرية التعبير والديمقراطية؛ فقد كشف العدوان على أهل غزة فساد الأنظمة في دول غربية كثيرة، وتحكم الصهيونية العالمية في الميديا والسلطة، وتحريكها للسياسيين كما يحرك الماريونيست الدمى على خشبة المسرح.
والواقع أنه لولا قيم حقوق الإنسان، لما خرج الملايين في العالم إلى الشوارع مطالبين بحقهم في التعبير أولاً قبل المطالبة بحق الفلسطينيين في الوجود، هذه القيم هي التي دفعت الشباب للقراءة والمعرفة، فعمّت معركة وعي عالمية يقودها جيل جديد، فهم المعادلة ورفض أن يتخلى عن مبادئه، كما فعل سياسيو حكوماته، لولا قيم حقوق الإنسان لما انتفض العالم لمحاسبة مستشار أوباما السابق، الذي تعمد الإساءة بحقارة لبائع مصري يسعى لكسب رزقه بشرف؛ فرأيناه يساق إلى السجن بالأصفاد أمام العالم.
نعم، لقد اكتشفنا فساد بعض الأنظمة واستغلالها لقيم حقوق الإنسان لصالحها في تبرير هجماتها وحروبها، والاستيلاء على مقدرات الدول الأخرى، لكن هذا لا يعيب القيم نفسها التي يتم استخدامها هي ذاتها الآن من قبل الشعوب للتحرر من تلك الأنظمة الفاسدة، وكشف مخططاتها وإصلاح المسار الديمقراطي الذي تسيطر عليه الميديا والمال، والتي أنتجته ديمقراطية مشوهة تعتمد على الخداع والتجهيل. هؤلاء الأحرار الذين دفعوا أثمانًا باهظة فطردوا من أشغالهم، وتعرضوا للتهديد، وظلوا صامدين مدافعين عن حقهم؛ أولاً في حرية التعبير، وعن قيم حقوق الإنسان التي تربوا عليها.
أما نحن العرب؛ فعلينا أن ندافع اليوم عن هذه القيم أكثر من أي وقت مضى، من أجلنا نحن، من أجل قيمتنا الحضارية التي يجب أن نحتفل بها ونرفعها، يجب أن نكون ندًا حضاريًا رغمًا عن كل من يرانا أقل منه، أو يرى دماءنا رخيصة، يجب أن ندافع عن حق كل إنسان بالحياة، حتى وإن لم تربطنا به روابط الدم أو العرق أو الدين، ولنتذكر الملايين التي دافعت عن أطفال غزة في العالم، ونعرف أن همنا واحد، الوقوف أمام سياسيين لا يزال الاستعمار يجري في عروقهم، يرون أنفسهم أعلى وأهم، ويصنفون البشر حسب الأهمية من وجهة نظرهم.
الحركة النسوية هي حركة حقوقية لا تنفصل عن كل الحركات الحقوقية الأخرى، وهي تهدف إلى تحرير الإنسان والمساواة بين البشر، وعدم التمييز بين بشري وآخر على أساس الجنس واللون والعرق والدين
John Doe Tweet
أين النسوية من كل هذا؟ لم تكن النسوية يومًا بعيدة عن حركات تحرر الشعوب من الاستعمار، والنسوية العربية بالتحديد كانت دائمًا جزءً لا يتجزأ من الحركات الثورية الوطنية، لم تكن حركة غربية كما يدعي البعض، ولم تهدف لتغريب النساء، ولمعرفة تاريخ الحركات النسوية في العالم العربي والدول النامية، أنصح بقراءة كتاب “النسوية والقومية في العالم الثالث” للكاتبة كوماري جاياواردينا، التي ترفض في كتابها مزاعم التقليديين بأن النسوية نتاج للرأسمالية، وتؤكد أن النسوية جزء من الصراعات الثورية من أجل التحرر الوطني من الاستعمار وتوابعه.
تتحدث الكاتبة عن الحركة النسوية في مصر كنموذج من نماذج الحركات النسوية في الدول النامية، وعلى الرغم من أن الرجال من أدباء ومفكرين كانوا أول من نادى بتحرر المرأة في مصر؛ إلا أن هذا لا يعود لأي خلل في تركيبة المرأة؛ بل لأن حظها من التعليم والتجربة والسفر كان قليلاً، وما أن سمحت لها الفرصة بالتعليم حتى بدأت لحركات النسوية بالظهور وعلا صوتها مع الحركة الوطنية التي قادها سعد زغلول، وازداد نشاطها بعد نفيه، وكانت المظاهرات التي اندلعت في عام 1919 بداية التنظيم النسوي واندماجه مع الحركة الوطنية. شملت هذه المظاهرات نساء من كل الطبقات الاجتماعية والمهن، وهجم بعضهن على مراكز احتجاز الثوار المصريين، وسقطت منهن شهيدات وجريحات.
الحركة النسوية هي حركة حقوقية لا تنفصل عن كل الحركات الحقوقية الأخرى، وهي تهدف إلى تحرير الإنسان والمساواة بين البشر، وعدم التمييز بين بشري وآخر على أساس الجنس واللون والعرق والدين. واليوم، وبعد أن رأينا كل هذا التمييز، نرى أننا بحاجة لكل صوت حقوقي يصرخ في وجه التمييز وانعدام المساواة وتصنيف البشر حسب العرق، وكل صوت نسوي يغض النظر عن هذه الحقائق هو صوت جاهل سطحي يظن أن النسوية هي معركة بين الرجل والمرأة، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة والعدالة.
- الآراء الواردة في هذا المقال تُعبّر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة مواقف وآراء “مواطن”.
الحركة التسوية مخالفة للدين الإسلامي.. وتسعى لتجريف الدين من كل شي يخص المرأة في القرآن الكريم والسنة النبوية..عودوا إلى شرع الله أيتها المسلمات العربيات.. ولا تقلدن الاوربيات التعيسات التي ينتهي فيها المطاف في دار المعجزة بعد أن حاربت الرجل والزوج والاب.. وسعت وراء العمل والمادة فقط